تعرفوا معنا .. على مواقع قديمة و أثرية ذات تأثيرات صوتية مذهلة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعرفوا معنا .. على مواقع قديمة و أثرية ذات تأثيرات صوتية مذهلة

    بنى القدماء هياكل معمارية رائعة في جميع أنحاء العالم، بعضها استعمل كأماكن للأداء الغنائي أو الفني أو الفعاليات الحضارية، ومواقع العبادة، والكثير من المباني المذهلة الأخرى. وبالطبع يمكن أن تكون هذه الهياكل رائعة من الناحية المرئية، ولكن في كثير من الأحيان، هناك ما هو أكثر من مجرد المظهر. فضمن مجال علمي معروف باسم علم الآثار الصوتية، أظهر المهندسون وعلماء الآثار أن العديد من المواقع القديمة لها أيضًا بعض التأثيرات الرائعة حقًا على الصعيد الصوتي كذلك، وهنا إليكم 5 أمثلة ستذهلكم غرابتها بالتأكيد.
    1. مسرح إبيداوروس اليوناني

    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	٢٠٢٢٠٦٠٨_١٤٠٨٢٦.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	29.9 كيلوبايت  الهوية:	25793
    من خلال دراسة صوتيات هذه الهياكل، يمكننا تعلم أشياء جديدة عن التجارب التي مر بها الناس حينها، منذ مئات أو حتى آلاف السنين في الماضي. ومن أشهر الأمثلة على ذلك المسرح الذي بني في مدينة إبيداوروس اليونانية القديمة في القرن الرابع قبل الميلاد. وهو موقع يتكون من منصة دائرية بها صفوف من الدرجات التي ترتفع بعيدًا عن المركز ملتفة حول مسرح يتسع لحوالي 15.000 متفرج.

    على الرغم من كون المسرح مفتوح تمامًا وفي الهواء الطلق، إلا أنه يشتهر اليوم بامتلاكه تقنيات صوتية ممتازة. بطريقة ما، تمكن هذا الهيكل من إزالة الأصوات منخفضة المستوى مثل صوت همهمة المتفرجين أو صوت الرياح بينما حافظ على الأصوات البشرية الصادرة من مركز المسرح بوضوح. يعتقد العلماء أن الكثير من هذه الميزات يتعلق بتصميم الدرجات وطريقة تفاعلها مع الموجات الصوتية.

    عندما تصادف الموجة الصوتية سطحًا ما، غالبًا ما تنتشر في اتجاهات مختلفة لأنها تنعكس عن السطح وتمر في عملية تسمى الحيود أو الانحراف. قد يرتد جزء من الموجة عن السطح ويصطدم بجزء آخر من نفس الموجة، ويلغي نفسه في اتجاه معين. ولكن في اتجاهات أخرى، قد تصطف الموجات الصوتية المنعكسة بطريقة تعزز بعضها البعض، وبالتالي يضخم الصدى الصوت في اتجاهات معينة. تعتمد الطريقة التي يتم بها ذلك بالضبط على الشكل الهندسي للعقبات التي تواجه الصوت.

    في حالة مسرح إبيداوروس اليوناني، تميل الأصوات بين 100 و500 هرتز إلى التداخل مع بعضها البعض لأنها ترتد عن المدرجات وتلغي بعضها بعضًا. لكن الأصوات ذات النغمة الأعلى من 500 هرتز تعزز نفسها عندما تلتقي. وبطبيعة الحال، الكثير من ضجيج الخلفية، مثل الهمسات، والكلام، والرياح، تميل إلى أن تكون منخفضة التردد إلى حد ما، في حين أن أصوات فناني الأداء ستكون أعلى.

    لا يزال معدل 500 هيرتز مرتفعًا جدًا بالنسبة لصوت الإنسان، لكن العلماء يعتقدون أن النغمات العالية لأصوات المؤدين كانت ستؤدي نفس الغرض، وأن أدمغة الناس ستملأ النغمات المفقودة. ولا نعرف جيدًا كيف فهم الإغريق الآليات الفيزيائية التي جعلت من هذا المسرح ناجحًا هندسيًا. ولكن حتى لو كان هذا التأثير مجرد صدفة سعيدة، يعتقد الباحثون أنه ربما يكون قد ألهم لاحقًا المسارح اليونانية والرومانية، التي تم بناؤها بتصميمات مماثلة.

    2. معبد تشيتشن إيتزا

    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	٢٠٢٢٠٦٠٨_١٤٠٨٣٨.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	41.1 كيلوبايت  الهوية:	25794
    لا يؤدي الحيود دائمًا إلى تضخيم الأصوات أو كتمها. ففي بعض الحالات، يمكن أن يشوه الأصوات لجعلها تبدو وكأنها شيء آخر تمامًا. يمكنك سماع مثال على ذلك في أطلال المايا القديمة وعلى وجه التحديد عند معبد تشيتشن إيتز. فمثل المسرح في مدينة إبيداوروس، يحتوي هذا البناء على صفوف من درجات متباعدة بشكل متساوٍ تعلو إلى القمة من جوانبها الأربعة. ومن المعروف أنك إذا وقفت بالقرب من أسفل الهرم وصفقت بيديك، فإن الصوت سيرتد على وجه واحد من الهرم ويعود إليك. لكن هذا الصدى لا يشبه التصفيق، بل يبدو وكأنه زقزقة متموجة التردد.

    أدرك مهندس الصوتيات الذي درس التأثير لأول مرة في أواخر التسعينيات، (ديفيد لوبمان)، أن الأمر يتعلق بطريقة انحراف الصوت عن الدرجات. وفي عام 2004، استخدم الباحثون في بلجيكا المحاكاة الحاسوبية لإظهار ما يجري بالضبط. من خلال محاكاة صوت التصفيق الذي يتردد صداه من الهرم، وجدوا أنه، تمامًا مثل مسرح إبيداوروس، تعكس الدرجات ترددات أعلى من الترددات المنخفضة. هذا لا يفسر الصوت الغريب الصادر حقًا، ولكن للقصة كفاية.

    نظرًا لأن التصفيق يأتي من شخص أقرب إلى قاعدة الهرم من القمة، فإن الصوت ينعكس على الدرجات السفلية في وقت أقرب مما ينعكس على العلوية. نتيجة لذلك، يتمدد صدى الصوت قليلاً، لذلك يبدو أطول من التصفيق الأصلي، لكن طبقات الصوت تتغير من حيث التركيب أيضًا. السبب الدقيق لذلك ينطوي على الكثير من الرياضيات، ولكن في النهاية، بفضل هندسة الهرم، تنحرف الموجات الصوتية بحيث تسمع النغمات الأعلى ترددًا أولاً، تليها الموجات الأضعف.

    أحد التفاصيل التي جعلت هذا الصدى مثيرًا للفضول بشكل خاص هو حقيقة أنه يبدو مشابهًا بشكل ملحوظ لنداء الكيتزال، وهو طائر أخضر لامع ذو ريش طويل كان مقدسًا لدى شعب المايا. حتى أن الباحثين اكتشفوا أن هناك ترددات محددة في صوت التصفيق تنحرف بالطريقة الصحيحة للترددات في صوت الكتزال. بدمج ذلك الاكتشاف مع الأدلة الثقافية، جادل بعض الباحثين بأن الهرم صُمم عن قصد لتقليد صوت هذا الطائر المقدس، ولكن حتى الآن، لا يزال ذلك الادعاء موضع نقاش.

    3. ستونهينج

    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	٢٠٢٢٠٦٠٨_١٤٠٨٥٣.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	30.0 كيلوبايت  الهوية:	25795
    كذلك هناك النصب التذكاري الشهير من عصور ما قبل التاريخ في إنجلترا ستونهنج، والذي اشتهر لأسباب عديدة، لكن ربما ليس بسبب تأثيره الصوتي. ومع ذلك، هناك شيء غير عادي يحدث داخل ستونهنج. عرف الباحثون ذلك من خلال استكشاف صوتيات هيكل خرساني مبني لمحاكاة ستونهنج في ولاية واشنطن. مع استكمال باقي الأحجار التي كانت مفقودة من الهيكل المتبقي في إنجلترا، وجدوا أنه داخل الهيكل، على الرغم من وضوح أصواتهم، إلا أنهم لا يستطيعون تحديد من أين أتى بالضبط، فبدا أن الأصوات تأتي من كل مكان دفعة واحدة.

    باستخدام المحاكاة الحاسوبية، اكتشف نفس الباحثين أن ستونهنج الأصلي كان سيخلق تقريبًا ما يسمى بالحقل الناشر. وهو ما يحدث عندما تصل الكثير من أصوات الصدى المنخفضة إلى المستمع في نفس الوقت تقريبًا، مما يجعل من الصعب معرفة مصدر الصوت الأصلي. إذا قمت بإصدار صوت داخل حلقة من الصخور عادةً، فسوف يضرب كل تلك الصخور ويرتد مرة واحدة مثل صدى عادي. لذا فإن الموجة الصوتية تخرج وتعود، وعندما تضرب أذنك، يمكن لعقلك أن يحدد الاتجاه الذي أتت منه. لكن الحال يختلف مع الحلقة الخارجية من الصخور، إذ كان موقع ستونهنج الأصلي يحتوي على العديد من الصخور الأخرى مرتبة في أنماط مختلفة.

    تُظهر المحاكاة أن الموجات الصوتية الصادرة من الداخل كانت ستنعكس عن الصخور الداخلية أولاً قبل أن تصل إلى الحلقة الخارجية، لذلك يبدو أن الأصداء قد أتت من عدة أماكن في وقت واحد. وهذا على الأرجح سبب سماع الباحثين في النسخة المطابقة من الموقع لأصوات بعضهم البعض قادمة من جميع الاتجاهات. وكما هو الحال مع الأمثلة الأخرى، من الصعب معرفة ما إذا كان هذا تصميمًا متعمدًا لغرض صوتي محدد، ولكنه يخبرنا بشيء عما قد اختبره زوار ستونهنج الحقيقين منذ ثلاثة آلاف عام.

    4. دهليز لانزون

    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	٢٠٢٢٠٦٠٨_١٤١٢٥٣.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	66.2 كيلوبايت  الهوية:	25796إحدى ممرات دهليز لانزون.
    في نفس الوقت تقريبًا، فيما يعرف الآن ببيرو، كانت الحضارات القديمة تستخدم ظاهرة مختلفة تمامًا للتلاعب بالصوت. ففي أعالي جبال الأنديز، تنتشر في إحدى التلال المعروفة باسم Chavín de Huántar الآثار القديمة لشعب الشاڨين Chavín، الذين عاشوا هناك منذ 1200 عام قبل الميلاد. في الجزء العلوي، يوجد معبد تحته متاهة من الأنفاق تشكل جزءًا من المجمع الذي أقام فيه الشاڨين طقوس عبادتهم.

    في أحد الأنفاق، المعروف باسم دهليز لانزون، اكتشف علماء الآثار عددًا من أصداف المحار التي تسمى بوتوتو. كان من الواضح أنها استخدمت كأدوات للعزف، وقد تم نحتها مثل الأبواق، كما أظهرت المنحوتات القديمة بالقرب من المعرض كهنة يعزفون عليها. لذلك، بدافع الفضول، قام الباحثون في جامعة ستانفورد بالعزف باستخدام أصداف البوتوتو في المختبر و وجدوا أن القشرة تنتج نغمات محددة بوضوح في حوالي 300 هرتز.

    لاستكشاف كيفية انتقال هذا الصوت وغيره من الأصوات داخل دهليز لانزون، استخدم نفس فريق الباحثين مكبر صوت لتشغيل نغمات مختلفة من داخل الأنفاق. من هناك، ينتقل الصوت عبر مجاري الهواء المنحوتة في الهيكل والتي ننفتح على ساحة. من بين جميع النغمات، وجد الباحثون أن الأصوات ذات النغمة 300 هرتز، التردد الطبيعي لأصداف البوتوتو، خرجت بصوت أعلى بمقدار مرتين إلى أربع مرات من الأصوات الأخرى! وذلك لأنه، بالنسبة للبوتوتو، كانت الممرات تعمل عمل الدليل الموجي.

    دليل الموجات الصوتية هو ممرات مصممة خصيصًا يمكنها تضخيم أصوات معينة. على وجه التحديد، إذا كانت المسافة التي تقطعها الموجة داخل الممر أو النفق أو الأنبوب من مضاعفات المسافة من ذروة الموجة الصوتية إلى قرارها، ولنفترض أنها ضعفي أو 20 ضعف الطول الموجي، فإن تلك الموجة ستقوّي نفسها عندما ترتد عن الجدران.

    هذا يعني أن الصوت المرتد يرسم مسارًا مشابهًا للموجة الأصلية. نتيجة لذلك، ستكون بعض الأصوات أعلى من غيرها عندما تخرج من الطرف الآخر. إنها نفس الآلية التي تساعد الآلات الموسيقية في تعزيز وتوجيه الصوت من طرف إلى طرف أخر(كالبوق). ومن خلال العمل كدليل موجي، أصبحت مجاري الهواء من الدهليز امتدادًا للبوتوتو نفسه، مما يحول المعبد بأكمله إلى نوع من الآلات الموسيقية التي توجه الأصوات بشكل مثالي إلى الساحة الموجودة خارجه.

    أكدت الدراسات اللاحقة أن القنوات كانت مثالية إلى حد كبير لتضخيم أصوات الأصداف، مما يشير بقوة إلى أن القنوات يمكن أن تكون قد بُنيت بهذه الطريقة لهذا الغرض بالذات. لا أحد يعرف بالضبط الدور الذي لعبه هذا الصوت في الموقع، لكن الباحثين توقعوا أن البوتوتو استخدم لإيصال الصوت إلى المصلين في الساحة من داخل الدهليز.
    5. حجرة الوحي

    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	٢٠٢٢٠٦٠٨_١٤١٣٥٨.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	34.5 كيلوبايت  الهوية:	25797حجرة الوحي مالطا.
    مثال آخر رائع على الهياكل التي بُنيت لتضخيم الصوت هو Hypogeum of Hal Saflieni، وهو معبد تحت الأرض في جزيرة مالطا. تم بناء الهيبوجيوم عن طريق نحت أرض من الحجر الجيري لإنشاء غرف مصممة بشكل معقد تحت السطح. في إحدى تلك الغرف، المعروفة باسم حجرة الوحي، تُحدث الأصوات البشرية أصداءً تستمر حتى سبع أو ثماني ثوان. جزء من السبب في ذلك هو أن الأسقف المنحنية للغرفة، بالإضافة إلى جدار واحد منحني، تعكس الأصوات البشرية عبر الفضاء بشكل جيد حقًا.

    ولكن بالنسبة لترددات معينة، فإن الهيكل لا يعكس الصوت بكفاءة فحسب، بل إن المسافات بين الجدران تشكل ما يسمى بالموجة الواقفة أو المستقرة أو الراكدة. يتم إنشاء هذا النوع من الموجات عندما يكون التباعد بين سطحين مناسبًا تمامًا، بحيث عندما يعكس سطح واحد صوتًا، ينتقل عبر الهواء ويصطدم بالجدار الآخر عند ذروة الموجة. نظرًا لأنه ينعكس مرة أخرى، فإنه يصطف مع الموجة الواردة، مما يضخم الصوت ويحافظ على الصدى لوقت أطول.

    وفقًا لدراسة أجريت عام 2014 على حجرة الوحي، فإن الموجات الصوتية المحددة التي تتوافق مع تباعد الجدارين لإنشاء تلك الموجة الواقفة لها ترددات 70 و114 هرتز. وقد لا تكون هذه الترددات عشوائية تمامًا، حيث أشار مؤلفو الدراسة إلى أنه عُثر على ترددات مماثلة يتردد صداها في مواقع أخرى تعود إلى العصر الحجري في أوروبا.

    لا نعرف بالضبط لماذا بنى العديد من القدامى حجرات يتردد صداها عند هذه الترددات الدقيقة. لكننا نعلم أن هذه هي النغمات التي يمكن لأصوات الذكور الوصول إليها أثناء الترنيم. وقد أظهرت الأبحاث أيضًا أن أدمغتنا قد يكون لها استجابة محددة عند سماعها. إذ أجريت دراسة في أوائل عام 2008 قام بها باحثون في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس بقياس نشاط الدماغ لدى 30 مشاركًا بالغًا أثناء الاستماع إلى ترددات مختلفة موجودة في الهياكل القديمة الشبيهة بالكهوف. وعند حوالي 110 هرتز، وجد الباحثون أن مناطق الدماغ المسؤولة عن معالجة اللغة أصبحت أقل نشاطًا، بينما أصبحت المناطق المسؤولة عن المعالجة العاطفية أكثر نشاطًا.

    تجدر الإشارة إلى أن هذه دراسات تمت على عينات صغيرة ولم يتم تكرار دراسة 2014 الأصلية لحجرة الوحي. ورغم أنه هناك الكثير من الأسباب التي تدعو إلى توخي الحذر بشأن تفسير هذه النتائج، يشير المؤلفون إلى أن الثقافات المبكرة ربما تكون قد بنت أماكن خاصة لاستحضار إحساس معين، وقد يكون صدى حجرة الوحي وبعض المواقع القديمة الأخرى قد انتقل بالناس لحالة أكثر روحانية.

    من الصعب بالطبع معرفة كيفية تفسير أي من هذه النتائج بالضبط. لكن الفكرة والقدرة على استخدام الصوت كطريقة لاكتساب نظرة خاطفة على حياة الأشخاص الذين عاشوا قبلنا بفترة طويلة واختبار شعورهم لا تزال جديدة إلى حد ما، وتوضح لنا مواقع مثل هذه أنها على الأقل طريقة رائعة لاستكشاف الماضي وأسراره، فربما ما زال يخفانا الكثير.
    التعديل الأخير تم بواسطة Ali Abbass; الساعة 06-08-2022, 02:24 PM.
يعمل...
X