"ولاد إيزة" سيتكوم خرافي يجتر لغة البادية كوسيلة للسخرية
أعمال رمضانية تأخذ صفة الفكاهة وهي بعيدة عن الكوميديا الحقيقية.
الأربعاء 2025/03/19

كوميديا عاجزة عن الإضحاك
حقق سيتكوم "ولاد إيزة" نسب مشاهدات عالية، لكنه رغم ذلك لم يقدم كوميديا فنية حقيقية بل على ما يبدو قدم سخرية من لغة أهل الريف المغربي، وحركات ومواقف كوميدية مكررة لم تقدم بدورها طرحا فنيا جديدا، وهو ما راهن عليه صناعها في التسويق والإقبال الشعبي.
الرباط - يفتقر سيتكوم “ولاد إيزة” بجزئيه الأول والثاني إلى روح الكوميديا الفنية، رغم محاولات صناعه المستمرة لتقديم مواقف هزلية مضحكة، وبرغم ما حققه العمل من نسب مشاهدة عالية تؤكد ثقافة ترند القطيع، لكن هذا النجاح لا يعكس جودة كوميدية، بل هو مجرد تسلية عابرة تعتمد على الفضول أو الترويج، بينما إذا نظرنا من منظور النظريات الكوميدية، ينهار السيتكوم المغربي تحت وطأة الأداء المبالغ فيه والحبكات السطحية التي تفتقر إلى الإبداع، مثل المشهد الذي تحلم فيه إيزة بحياة مثالية ثم تستيقظ على صراخ عائلتها، كمشهد عشوائي لا يترك أثرا فكاهيا، وهذا الغياب للرؤية الكوميدية يجعل السيتكوم خارج نطاق الفكاهة الحقيقية التي تتطلب ذكاء وتخطيطا.
ويخفق "ولاد إيزة" في الجزء الثاني في تطبيق رؤية ترى الكوميديا كتصوير لعيوب بشرية مضحكة وغير مؤذية، إذ نشاهد شخصية إيزة بعيوب كثيرة مثل البخل والمكر، بينما يعكس علي ومراد الجشع والسذاجة، وعربية ونهال الغيرة والطمع، لكن هذه العيوب لا تعالج بطريقة تثير الضحك، فتتحول إلى مبالغات كرتونية تفتقر إلى الواقعية الإنسانية التي دعا إليها أرسطو مثلا، فعندما تتظاهر إيزة بالإغماء إثر حدوث مفاجأة غريبة من عربية ثم تقرر استغلال الفكرة لاحقا، كان من الممكن أن يكون هذا الموقف مضحكا لو تم تقديمه كعيب طبيعي يكشف عن ضعفها، لكنه يظهر كاستعراض مصطنع، وهذا الانفصال عن التوازن الأرسطي يحول الفكاهة المحتملة إلى أفعال سطحية باهتة.
◙ أرملة قوية كرست حياتها لتربية ابنها علي بعد وفاة زوجها، قبل أن تتغير الأحداث مع عودة ابنها الثاني من فرنسا
ويتراجع الجزء الثاني عن استغلال النظرية الكوميدية التي تربط الضحك بالجمود الميكانيكي، أي السلوك المتكرر في سياق غير متوقع، فمثلا تكرر إيزة خداع أبنائها بشكل آلي، سواء بأخذ أموالهم أو استغلالهم في مشاريعها، لكن هذا التكرار لا يولد فكاهة، وإنما نمطا متوقعا يفقد عنصر المفاجأة، وعندما يرتدي علي ومراد أزياء احتفالية لجذب الناس بينما تجمع إيزة المال، كان من الممكن أن يكون التناقض بين المظهر والجشع مضحكا لو أُضيف له تطور غير متوقع مثلا، لكنه ينتهي كمشهد رتيب يعتمد على التكرار الممل، وهذا الفشل في تحويل الجمود إلى كوميديا يجعل السيتكوم أقرب إلى استعراض ميكانيكي خال من الحياة بدلا من فكاهة ديناميكية.
ولم ينجح السيتكوم في تحقيق النظرية التي ترى الضحك تنفيسا عن التوترات النفسية من خلال مواقف محرجة أو محظورة، إذ تحتوي القصة على مواقف قد تبدو محرجة، مثل خداع علي ومراد لإيزة بقصة اختطاف، أو غيرة عربية من شخصية جديدة تدخل حياة العائلة، لكن هذه المواقف لا تقدم الراحة المطلوبة لأنها تعرض بشكل سطحي ومبالغ فيه، وعندما تقنع إيزة شخصا خطيرا بأنها قريبته مستغلة ضعفه النفسي، كان من الممكن أن يكون هذا تنفيسا مضحكا عن الخوف العائلي، لكن الحل السريع والمبالغ فيه يجعله غير منطقي وفارغا، وتترك المواقف المشاهد في حالة إحباط أو استياء.
وتتحول محاولات كوميديا الموقف في الجزء الثاني إلى فوضى عشوائية، في حين تعتمد كوميديا الموقف على سوء الفهم والمفاجآت، ونجد أمثلة مثل خداع عربية ببيع شيء خفية عن إيزة، أو محاولة علي ومراد ابتزاز والدتهما بقصة مختلقة لكن التنفيذ يفتقر إلى الذكاء أو التسلسل المنطقي اللازم لجعل هذه المواقف مضحكة، وعندما تبدأ عربية ونهال مشروعا منزليا ويتدخل الجميع ثم يفشلون، كان من الممكن أن يكون هذا الموقف كوميديا لو تم بناؤه كسلسلة من سوء الفهم المترابط، لكنه ينتهي كفوضى بلا هدف أو نهاية ممتعة، وهذا التحول إلى العشوائية يجعل السيتكوم أقرب إلى الهزل الفج من الكوميديا الموقفية المتقنة التي تتطلب حبكة محكمة.
وينهار أي نجاح جماهيري محتمل لـ”ولاد إيزة” أمام معايير الكوميديا الحقيقية التي تتطلب أكثر من مجرد جذب المشاهدين، فقد يتابع الجمهور السيتكوم لأسباب خارجة عن الفكاهة مثل الترويج والفضول أو الفراغ الترفيهي، لكن هذا لا يعني أنه يقدم كوميديا ناجحة، وعندما تستغل إيزة أبناءها في مشاريعها أو تتحايل على الآخرين، فهي تكرر نماذج من المواقف دون تطور يضيف قيمة كوميدية.
ومقارنة بالأعمال الكوميدية الناجحة التي تبني فكاهتها على ذكاء الحبكة وتفاعل الشخصيات، يظل “ولاد إيزة” مجرد استعراض سطحي يعتمد على معالجة ضعيفة للهزل، مؤكدا أن النجاح الجماهيري لا يعادل النجاح الكوميدي بأي حال.
وفي رمضان 2024، أثار الجزء الأول من المسلسل المغربي الكوميدي “ولاد إيزة” جدلا كبيرا وصل إلى حد المطالبة بوقف بثه وتقديم اعتذار رسمي، بسبب ما اعتبرته النقابات التعليمية إساءة وتحقيرا لرجال ونساء التعليم. يروي المسلسل قصة إيزة الأرملة القوية التي كرست حياتها لتربية ابنها علي بعد وفاة زوجها، قبل أن تتغير الأحداث مع عودة ابنها الثاني مراد وزوجته من فرنسا. وحقق المسلسل، الذي تشارك فيه دنيا بوطازوت وسكينة درابيل وفتاح الغرباوي وأحمد الشرقي، نجاحا لافتا، حيث تجاوزت الحلقة الأولى نصف مليون مشاهدة على يوتيوب، محتلا المركز الثالث في قائمة الترند المغربي.
◙ مقارنة بالكوميديا الناجحة التي تبنى على ذكاء الحبكة وتفاعل الشخصيات يظل "ولاد إيزة" مجرد استعراض سطحي
لكن هذا النجاح لم يخلُ من انتقادات حادة، إذ أشعلت الحلقة الأولى غضبا واسعا بين النقابات التعليمية التي رأت في تصوير شخصية الأستاذ علي إهانة للمهنة، ووجهت رسالة احتجاج إلى رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا)، طالبت فيها بوقف العرض وتقديم اعتذار، معتبرة أن المسلسل يقدم صورة “مقرفة” للأستاذ تحط من كرامته ومكانته الاجتماعية. واتهمت النقابة القناة الأولى بـ”الغرق في التفاهة” ومحاولة الانتقام من رجال التعليم، محمّلة إياها مسؤولية تشويه صورتهم بدلا من مناقشة أزمة التعليم وسياسات التخريب المرتبطة بتوصيات المؤسسات المالية الدولية.
ومن جانبها طالبت النقابة الوطنية للتعليم، المنضوية تحت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عبر رسالة احتجاج من كاتبها العام يونس فراشين، باعتذار رسمي من القناة، منتقدة تقديم المعلم في صورة نمطية سلبية تجعله مادة للفكاهة الرخيصة بدلا من تصويره كقدوة. واعتبرت أن ذلك يمثل استهدافا ممنهجا للمدرسة العمومية ويقلل من تضحيات الشغيلة التعليمية. كما انضم التنسيق الوطني لقطاع التعليم إلى هذه المطالب، داعيا “الهاكا” إلى التدخل الفوري واتخاذ إجراءات ضد القناة، واصفا الصورة المقدمة عن الأستاذ بـ”المهينة والتحقيرية”، ومعتبرا إياها جزءا من استمرار التنكيل برجال ونساء التعليم.
وردّ وزير الشباب والثقافة والتواصل مهدي بنسعيد على الجدل الذي أثارته السلسلة الكوميدية “ولاد إيزة” التي بُثت على القناة الأولى خلال الموسم الرمضاني السابق، بعد أن اتهمها رجال ونساء التعليم بـ”التقليل من شأنهم والإساءة إليهم عمدا”. وأوضح بنسعيد، في جواب كتابي ردا على سؤال تقدّم به المستشار البرلماني خالد السطي من الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أن “شخصيات الأعمال الدرامية تنبع من خيال كاتب السيناريو ولا تعكس الواقع بأي شكل”، مؤكدا أن “الإبداع الفكاهي يتمتع بمساحة من الحرية تتيح للكاتب والمؤلف التحليق في عوالم الشخصيات، وتشكيلها بما يتناسب مع النص الكوميدي لضمان قبولها لدى الجمهور، كما هو الحال مع شخصية علي، معلم محو الأمية في السلسلة”.
وأضاف الوزير أن “هذه الشخصية خيالية تماما ولا ترتبط بواقع رجال ونساء التعليم، ولا تسعى بأي حال إلى تشويه صورة الأسرة التعليمية”، مشيرا إلى أن “كل عمل تلفزيوني يخضع لمراجعة لجان مختصة قبل الإنتاج وبعده”.
وأكد بنسعيد أن “وسائل الإعلام الوطنية، بما فيها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، تحرص من خلال أعمالها على احترام كرامة الإنسان، خاصة المواطن المغربي والمهن التي يمارسها، دون الانتقاص منها، بل تعمل على الدفاع عنها وتسليط الضوء على قضاياها وتكريم من يمتهنونها عبر برامجها وأخبارها وأعمالها الدرامية، وفقا لميثاقها الأخلاقي”.

عبدالرحيم الشافعي
ناقد سينمائي مغربي
أعمال رمضانية تأخذ صفة الفكاهة وهي بعيدة عن الكوميديا الحقيقية.
الأربعاء 2025/03/19

كوميديا عاجزة عن الإضحاك
حقق سيتكوم "ولاد إيزة" نسب مشاهدات عالية، لكنه رغم ذلك لم يقدم كوميديا فنية حقيقية بل على ما يبدو قدم سخرية من لغة أهل الريف المغربي، وحركات ومواقف كوميدية مكررة لم تقدم بدورها طرحا فنيا جديدا، وهو ما راهن عليه صناعها في التسويق والإقبال الشعبي.
الرباط - يفتقر سيتكوم “ولاد إيزة” بجزئيه الأول والثاني إلى روح الكوميديا الفنية، رغم محاولات صناعه المستمرة لتقديم مواقف هزلية مضحكة، وبرغم ما حققه العمل من نسب مشاهدة عالية تؤكد ثقافة ترند القطيع، لكن هذا النجاح لا يعكس جودة كوميدية، بل هو مجرد تسلية عابرة تعتمد على الفضول أو الترويج، بينما إذا نظرنا من منظور النظريات الكوميدية، ينهار السيتكوم المغربي تحت وطأة الأداء المبالغ فيه والحبكات السطحية التي تفتقر إلى الإبداع، مثل المشهد الذي تحلم فيه إيزة بحياة مثالية ثم تستيقظ على صراخ عائلتها، كمشهد عشوائي لا يترك أثرا فكاهيا، وهذا الغياب للرؤية الكوميدية يجعل السيتكوم خارج نطاق الفكاهة الحقيقية التي تتطلب ذكاء وتخطيطا.
ويخفق "ولاد إيزة" في الجزء الثاني في تطبيق رؤية ترى الكوميديا كتصوير لعيوب بشرية مضحكة وغير مؤذية، إذ نشاهد شخصية إيزة بعيوب كثيرة مثل البخل والمكر، بينما يعكس علي ومراد الجشع والسذاجة، وعربية ونهال الغيرة والطمع، لكن هذه العيوب لا تعالج بطريقة تثير الضحك، فتتحول إلى مبالغات كرتونية تفتقر إلى الواقعية الإنسانية التي دعا إليها أرسطو مثلا، فعندما تتظاهر إيزة بالإغماء إثر حدوث مفاجأة غريبة من عربية ثم تقرر استغلال الفكرة لاحقا، كان من الممكن أن يكون هذا الموقف مضحكا لو تم تقديمه كعيب طبيعي يكشف عن ضعفها، لكنه يظهر كاستعراض مصطنع، وهذا الانفصال عن التوازن الأرسطي يحول الفكاهة المحتملة إلى أفعال سطحية باهتة.

ويتراجع الجزء الثاني عن استغلال النظرية الكوميدية التي تربط الضحك بالجمود الميكانيكي، أي السلوك المتكرر في سياق غير متوقع، فمثلا تكرر إيزة خداع أبنائها بشكل آلي، سواء بأخذ أموالهم أو استغلالهم في مشاريعها، لكن هذا التكرار لا يولد فكاهة، وإنما نمطا متوقعا يفقد عنصر المفاجأة، وعندما يرتدي علي ومراد أزياء احتفالية لجذب الناس بينما تجمع إيزة المال، كان من الممكن أن يكون التناقض بين المظهر والجشع مضحكا لو أُضيف له تطور غير متوقع مثلا، لكنه ينتهي كمشهد رتيب يعتمد على التكرار الممل، وهذا الفشل في تحويل الجمود إلى كوميديا يجعل السيتكوم أقرب إلى استعراض ميكانيكي خال من الحياة بدلا من فكاهة ديناميكية.
ولم ينجح السيتكوم في تحقيق النظرية التي ترى الضحك تنفيسا عن التوترات النفسية من خلال مواقف محرجة أو محظورة، إذ تحتوي القصة على مواقف قد تبدو محرجة، مثل خداع علي ومراد لإيزة بقصة اختطاف، أو غيرة عربية من شخصية جديدة تدخل حياة العائلة، لكن هذه المواقف لا تقدم الراحة المطلوبة لأنها تعرض بشكل سطحي ومبالغ فيه، وعندما تقنع إيزة شخصا خطيرا بأنها قريبته مستغلة ضعفه النفسي، كان من الممكن أن يكون هذا تنفيسا مضحكا عن الخوف العائلي، لكن الحل السريع والمبالغ فيه يجعله غير منطقي وفارغا، وتترك المواقف المشاهد في حالة إحباط أو استياء.
وتتحول محاولات كوميديا الموقف في الجزء الثاني إلى فوضى عشوائية، في حين تعتمد كوميديا الموقف على سوء الفهم والمفاجآت، ونجد أمثلة مثل خداع عربية ببيع شيء خفية عن إيزة، أو محاولة علي ومراد ابتزاز والدتهما بقصة مختلقة لكن التنفيذ يفتقر إلى الذكاء أو التسلسل المنطقي اللازم لجعل هذه المواقف مضحكة، وعندما تبدأ عربية ونهال مشروعا منزليا ويتدخل الجميع ثم يفشلون، كان من الممكن أن يكون هذا الموقف كوميديا لو تم بناؤه كسلسلة من سوء الفهم المترابط، لكنه ينتهي كفوضى بلا هدف أو نهاية ممتعة، وهذا التحول إلى العشوائية يجعل السيتكوم أقرب إلى الهزل الفج من الكوميديا الموقفية المتقنة التي تتطلب حبكة محكمة.
وينهار أي نجاح جماهيري محتمل لـ”ولاد إيزة” أمام معايير الكوميديا الحقيقية التي تتطلب أكثر من مجرد جذب المشاهدين، فقد يتابع الجمهور السيتكوم لأسباب خارجة عن الفكاهة مثل الترويج والفضول أو الفراغ الترفيهي، لكن هذا لا يعني أنه يقدم كوميديا ناجحة، وعندما تستغل إيزة أبناءها في مشاريعها أو تتحايل على الآخرين، فهي تكرر نماذج من المواقف دون تطور يضيف قيمة كوميدية.
ومقارنة بالأعمال الكوميدية الناجحة التي تبني فكاهتها على ذكاء الحبكة وتفاعل الشخصيات، يظل “ولاد إيزة” مجرد استعراض سطحي يعتمد على معالجة ضعيفة للهزل، مؤكدا أن النجاح الجماهيري لا يعادل النجاح الكوميدي بأي حال.
وفي رمضان 2024، أثار الجزء الأول من المسلسل المغربي الكوميدي “ولاد إيزة” جدلا كبيرا وصل إلى حد المطالبة بوقف بثه وتقديم اعتذار رسمي، بسبب ما اعتبرته النقابات التعليمية إساءة وتحقيرا لرجال ونساء التعليم. يروي المسلسل قصة إيزة الأرملة القوية التي كرست حياتها لتربية ابنها علي بعد وفاة زوجها، قبل أن تتغير الأحداث مع عودة ابنها الثاني مراد وزوجته من فرنسا. وحقق المسلسل، الذي تشارك فيه دنيا بوطازوت وسكينة درابيل وفتاح الغرباوي وأحمد الشرقي، نجاحا لافتا، حيث تجاوزت الحلقة الأولى نصف مليون مشاهدة على يوتيوب، محتلا المركز الثالث في قائمة الترند المغربي.

لكن هذا النجاح لم يخلُ من انتقادات حادة، إذ أشعلت الحلقة الأولى غضبا واسعا بين النقابات التعليمية التي رأت في تصوير شخصية الأستاذ علي إهانة للمهنة، ووجهت رسالة احتجاج إلى رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا)، طالبت فيها بوقف العرض وتقديم اعتذار، معتبرة أن المسلسل يقدم صورة “مقرفة” للأستاذ تحط من كرامته ومكانته الاجتماعية. واتهمت النقابة القناة الأولى بـ”الغرق في التفاهة” ومحاولة الانتقام من رجال التعليم، محمّلة إياها مسؤولية تشويه صورتهم بدلا من مناقشة أزمة التعليم وسياسات التخريب المرتبطة بتوصيات المؤسسات المالية الدولية.
ومن جانبها طالبت النقابة الوطنية للتعليم، المنضوية تحت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عبر رسالة احتجاج من كاتبها العام يونس فراشين، باعتذار رسمي من القناة، منتقدة تقديم المعلم في صورة نمطية سلبية تجعله مادة للفكاهة الرخيصة بدلا من تصويره كقدوة. واعتبرت أن ذلك يمثل استهدافا ممنهجا للمدرسة العمومية ويقلل من تضحيات الشغيلة التعليمية. كما انضم التنسيق الوطني لقطاع التعليم إلى هذه المطالب، داعيا “الهاكا” إلى التدخل الفوري واتخاذ إجراءات ضد القناة، واصفا الصورة المقدمة عن الأستاذ بـ”المهينة والتحقيرية”، ومعتبرا إياها جزءا من استمرار التنكيل برجال ونساء التعليم.
وردّ وزير الشباب والثقافة والتواصل مهدي بنسعيد على الجدل الذي أثارته السلسلة الكوميدية “ولاد إيزة” التي بُثت على القناة الأولى خلال الموسم الرمضاني السابق، بعد أن اتهمها رجال ونساء التعليم بـ”التقليل من شأنهم والإساءة إليهم عمدا”. وأوضح بنسعيد، في جواب كتابي ردا على سؤال تقدّم به المستشار البرلماني خالد السطي من الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أن “شخصيات الأعمال الدرامية تنبع من خيال كاتب السيناريو ولا تعكس الواقع بأي شكل”، مؤكدا أن “الإبداع الفكاهي يتمتع بمساحة من الحرية تتيح للكاتب والمؤلف التحليق في عوالم الشخصيات، وتشكيلها بما يتناسب مع النص الكوميدي لضمان قبولها لدى الجمهور، كما هو الحال مع شخصية علي، معلم محو الأمية في السلسلة”.
وأضاف الوزير أن “هذه الشخصية خيالية تماما ولا ترتبط بواقع رجال ونساء التعليم، ولا تسعى بأي حال إلى تشويه صورة الأسرة التعليمية”، مشيرا إلى أن “كل عمل تلفزيوني يخضع لمراجعة لجان مختصة قبل الإنتاج وبعده”.
وأكد بنسعيد أن “وسائل الإعلام الوطنية، بما فيها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، تحرص من خلال أعمالها على احترام كرامة الإنسان، خاصة المواطن المغربي والمهن التي يمارسها، دون الانتقاص منها، بل تعمل على الدفاع عنها وتسليط الضوء على قضاياها وتكريم من يمتهنونها عبر برامجها وأخبارها وأعمالها الدرامية، وفقا لميثاقها الأخلاقي”.

عبدالرحيم الشافعي
ناقد سينمائي مغربي