"تونس مسارح العالم" تنطلق بإطلالة على النضال النسوي في مواجهة القيود

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "تونس مسارح العالم" تنطلق بإطلالة على النضال النسوي في مواجهة القيود

    "تونس مسارح العالم" تنطلق بإطلالة على النضال النسوي في مواجهة القيود


    مناسبة تفتح أبواب النقاش حول قضايا إنسانية معاصرة في زمن أصبح فيه المسرح مساحة للمقاومة والتعبير والحرية.
    السبت 2025/03/22
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    أسطورة "الهسبيريدس" الإغريقية بتصور مغربي – إسباني

    تونس - تستمر فعاليات الدورة الثالثة من تظاهرة “تونس مسارح العالم” التي ينظمها المسرح الوطني التونسي، احتفاء باليوم العالمي للمسرح، حتى 27 مارس الجاري. وقد انطلقت فعاليات التظاهرة، التي أصبحت تعد منصة للحوار الفني والإبداع المسرحي، ليل الخميس بمسرحية مشتركة بين المغرب وإسبانيا بعنوان “حديقة الهسبيريدس” من إخراج الإسبانية أليسيا سوتو. ويأتي هذا العمل ضمن تعاون ثقافي مغربي – إسباني، حيث تم تقديمه في إسبانيا والبرتغال والمغرب قبل أن يصل إلى تونس في إطار تظاهرة "تونس مسارح العالم."

    ويُبرز هذا التعاون أن قضايا المرأة تتجاوز الحدود الجغرافية حيث تؤكد أن النضال النسوي في مواجهة القيود المجتمعية هو تجربة إنسانية مشتركة لا تقتصر على ثقافة أو بلد معين بل هي صدى عالمي يعكس واقع المرأة في مختلف أنحاء العالم. واستلهم العرض عنوانه من الأسطورة الإغريقية “الهسبيريدس” التي تحكي عن حوريات يحرسن بستانا مليئا بأشجار التفاح الذهبي، الذي يمثل رمزا للحماية والأنوثة والخلود.

    و”الهسبيريدس” يعرفن أيضا بـ"بنات المساء" أو "حارسات التفاح" بحسب الأساطير الإغريقية، وهن حوريات أوكلت إليهن الإلهة هيرا حراسة حديقة التفاح الذهبي الشهيرة بحديقة بنات المساء الواقعة على الحافة الغربية من العالم والتي أهدتها إياها الأرض غايا بمناسبة زواجها من زيوس. وفي المسرحية يتحوّل هذا البُعد الأسطوري إلى استعارة تعكس العالم الداخلي للنساء حيث تتنقل الشخصيات بين الفضاءات الخاصة والعامة سعيا للحماية والتحرر.

    وقدّم العمل المسرحي تجربة حسّية وتأملية أبهرت الجمهور وأبحرت به في متاهات الذات النسائية حيث تتشابك المشاعر بين الألم والفرح وبين القيود والتحرر وبين القمع والمقاومة. وقد أعادت المخرجة أليسيا سوتو برؤية فنية مبتكرة صياغة هذه الحكاية فصارت “الحديقة” فضاء داخليا لكل امرأة تحفظ فيه أحلامها وخيباتها وتسعى لإيجاد مسارها نحو النور.

    وعلى خشبة المسرح تحوّلت الأجساد إلى لغة بصرية تروي معاناة النساء، حيث تمازجت اللوحات الكوريغرافية بين السكون والاضطراب، مُجسّدة الصراع بين الرغبة في التحرر والقيود المفروضة عليهن. وتميّز العرض برؤية بصرية وموسيقية متكاملة، حيث لعبت العناصر السينوغرافية المؤثثة للعرض، من إضاءة ومؤثرات موسيقية وأزياء، دورا محوريا في إبراز الحالات النفسية للشخصيات.


    ◙ العمل يأتي ضمن تعاون ثقافي مغربي - إسباني، حيث تم تقديمه في إسبانيا والبرتغال والمغرب قبل أن يصل إلى تونس في إطار تظاهرة "تونس مسارح العالم"


    وقد عبّرت الإضاءة الخافتة عن القيود والعزلة بينما كانت الإضاءة الساطعة رمزا للحرية والانعتاق. كما استخدمت السينوغرافيا الأقمشة الملونة والأضواء المتحركة لتعزيز البعد البصري للمسرحية. أما الموسيقى فقد جمعت بين التقاليد المغربية والإيقاعات الغربية الحديثة، وهو ما منح العرض طابعا عالميا يربط بين ثقافات مختلفة.

    وعلى مستوى القضايا المطروحة سلط العرض الضوء على قضايا جوهرية تتعلق بتجربة المرأة في مختلف المجتمعات حيث تناول مفهوم الحرية الفردية والصراع بين الهوية النسائية في المجتمع. واستعرض العمل كذلك رحلة النساء الوجودية عبر العصور بحثا عن تحقيق المعنى والكينونة بعيدا عن القيود التي تكبلهن، ليعكس بذلك فكرة الرحلة الجسدية والروحية التي تخوضها المرأة في محاولتها للعثور على هويتها الحقيقية.

    وتستمر فعاليات الدورة الثالثة من تظاهرة “تونس مسارح العالم” مع برنامج ثري يحتفي بالإنسانية، حيث عرض يوم الجمعة 21 مارس العمل المسرحي “جرانتي العزيزة” للمخرج فاضل الجزيري، ويليه يوم السبت 22 مارس عرض “كيما اليوم” من إنتاج مشترك للمسرح الوطني التونسي وشركة “الفن مقاومة”، وبتوقيع الفنانة ليلى طوبال في الكتابة والإخراج والسينوغرافيا.

    وعلى الصعيد الدولي سيتم تقديم عروض متنوعة، أبرزها “سكر – مثلجات لجريمة لطيفة” يوم الأحد 23 مارس، وهو عمل يمزج بين المسرح والرقص من تصميم الكوريغراف عبدولاي تريزور كوناتي من كوت ديفوار. كما سيُعرض يوم الاثنين 24 مارس العمل التونسي “تحت الضغط” للمخرج ريان القيرواني، وسيليه يوم الثلاثاء 25 مارس عرض “اعتراف” للمخرج محمد علي بن سعيد.

    وسيتابع الجمهور يوم الأربعاء 26 مارس عرضا للمسرحية الإيطالية “بروميثيوس – الكنغر الأزرق”، من إخراج سيموني مانينو وعن نص للكاتب السياسي لورانزو مارسيلي، حيث يجمع هذا العمل فنانين من تونس وإيطاليا في إطار تعاون بين مسرح بريمن في باليرمو ومهرجان الحمامات الدولي. وستختتم فعاليات المهرجان الخميس 27 مارس، الذي يتزامن مع اليوم العالمي للمسرح، بعرض مسرحية “التابعة” للمخرج توفيق الجبالي وإنتاج مسرح التياترو.

    هذه التظاهرة “تونس مسارح العالم” التي تأسست سنة 2023، أصبحت اليوم منصة رئيسية للإبداع المسرحي في العالم العربي والمتوسطي، حيث تلتقي المدارس المسرحية المختلفة من أوروبا إلى أفريقيا في فضاء مشترك للحوار والتجديد. كما تمثّل مناسبة لعشاق المسرح لاكتشاف عروض مميّزة تخاطب الفكر والوجدان وتفتح أبواب النقاش حول قضايا إنسانية معاصرة في زمن أصبح فيه المسرح مساحة للمقاومة والتعبير والحرية.

    ShareWhatsAppTwitterFacebook
يعمل...