"هشام مليح".. غرور الفن وأنانية التفرد
يعدّ الطبيعة مصدر الإبداع المطلق، ويبحث عن الفن الأصيل الذي يصل إلى أي إنسان، يرتكز عمله على فلسفته الخاصة، يتصف بالغرور والأنانية في الفن، فأبدع الكثير من الأيقونات النحتية.
لمعرفة المزيد عن فنه التقت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 نيسان 2016، النحات "هشام مليح" الذي بدأ حديثه بالقول: «تحمل أعمالي طابعاً حديثاً له علاقة بالتجريد والرمزية، دائماً ما أنحت على سطح العمل بالفطرة، فيأتي العمل حاملاً أشكالاً من المستحاثات والكائنات والرموز البحرية، تأخذنا باللا وعي إلى الجذور، لأن الحياة أساسها مياه، والكائن البحري هو الأساس، كل هذه الأمور هي أشياء أصيلة، لذا فأعمالي تحمل فلسفة تعكس عمق المعنى.
في نحتي أبحث دائماً عن أصول الخلق وسر الوجود؛ إذ إنني أعدّ نفسي كائناً قديماً متجسداً بالحاضر، أعيش حالة حوار باللا وعي بين الحياة الحالية التي أعيش فيها وجذوري عندما كنت كائناً بحرياً، وهذه فلسفتي الخاصة. وبوجه عفوي ترتكز أعمالي بصرياً وفيزيائياً على التوازن القلق، الذي يمثل انعكاساً لشخصيتي، فالقلق خلق معي ويدفعني إلى النحت، وأكون في حالة بحث، شخصيتي قلقة وصلبة ومرنة، هذه الفوضى بالحواس تجعلني بحالة البحث الدائم عن الحقيقة، وهذا البحث يجعلني أصل إلى العوالم في الأصول البشرية ووجود الإنسان، من أين؟ وإلى أين؟ أعمالي ناتجة عن بحث غير مقصود وغير واعٍ، إنما حركات لا إرادية عند مسك الصاروخ والأزميل».
ويتابع: «إخراجي للعمل هو بدراسة الموضوع البصري عند المتلقي، وحالته البصرية، لذلك أعمل على السطوح والرموز البسيطة السهلة الممتنعة، والبحث العميق مع الشكل، وهذا يخلق الحوار بين المتلقي والشكل نفسه، إذ للشكل بساطته وفلسفته. ويكون حوار الشكل مع الشكل بين السطوح، أي بين المرن والصلب، الكتلة الضخمة والكتلة المتطايرة، الكتلة الرصينة والكتلة التي تطير في الفراغ (الخفيفة بصرياً)، ودائماً أركز على الخط المنحني الذي يرمز إلى مركزية العمل، ناتجة عن قدسية الشكل، فهناك حوار دائم بين الخط المنحني والسطح الصلب القاسي».
وعن أعماله الفنية ومشاركاته بالمعارض الفنية تحدث بالقول: «فن النحت بات مهمشاً، والناس الذين يمارسونه بعيدون عن الروحانية ولا يعطونه أي قدسية، مع أنه أكثر وأقرب نتاج إلى الإنسانية، مشاركاتي القديمة كانت في الملتقى الدولي للنحت، وقد شاركت فيه بنحت لشخصية الفنان "ليوناردو دافنشي"، وفي صالة "تجليات" في "دمشق" و"بيروت"، وصالة "أرت سبيس" في بيروت أيضاً، كما اقتنى متحف الفن الحديث في "دبي" أحد أعمالي، وآخر مشاركاتي كانت في افتتاح صالة المركز الوطني للفنون البصرية العام الماضي، وهو العام نفسه الذي شاركت فيه بملتقى النحت في مدينة "اللاذقية" تحت عنوان "أغافيا" الذي شعرت فيه بمدى إيجابية الناس وحبهم للفن وبساطة روحهم وعفويتها، قدمت تمثال الفنان التشكيلي الراحل "محمد الوهيبي" لافتتاح صالة تحمل اسمه في "المركز التربوي للفنون التشكيلية" في منطقة "التجارة"».
أما عن مشروع تحويل الأشجار اليابسة إلى تحف فنية في حديقة "المنشية"، الذي يقوم به وعدد من زملائه مؤخراً، فتحدث عنه بالقول: «بالنسبة إلى مشروع نحت الأشجار اليابسة الذي كانت بدايته في حديقة "المنشية"، هو موضوع فكري ثقافي أدبي تربوي، نحن نعمل على رفع الذائقة البصرية والتربوية والأدبية للشارع والعامة والخباز والنجار والطبيب، ولكل فئات المجتمع، وترجمة لروح عامة، تدافع عن قضية جوهرية هي قضية الفكر والوعي عند المجتمع، هذا السلاح الذي نمتلكه في هذه المعمعة والعبثية في ظل هذه الحرب الفكرية».
أحد أعماله
يرى "هشام مليح" أن فن النحت هو انعكاس وتأكيد للحالة الإنسانية بوجه مباشر وغير مباشر، يقول: «هو صلة الوصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، فالفن نتاج من ماضٍ يعكس الحاضر ونظرة مستقبلية، فالحضارات الأصلية كانت تقاس بنحتها ونقوشها وفنها وهذا لغز الفن، يوجد في الحاضر من يتحدث بلغة الماضي ويخلق حياة مستقبلية، فهو يختلف عن أي وسيلة تعبير أخرى، وكثيراً ما نرى فنانين يعودون إلى النقوش والرموز القديمة في لوحاتهم.
في نحتي لتمثال الفنان الراحل "محمد الوهيبي"، أدخل إلى أعماق الشخصية التي أقوم بنحتها، وأطلق العنان لأحاسيسي بصدق، وأعدّ نفسي أنانياً بأحاسيسي، ربما هذا السبب لكوني نحاتاً ولست موسيقياً أو رساماً، وهذه طبيعة وازدواجية شخصيتي، تظهر عند تعاملي مع المادة الصلبة والنتاج الذي يظهر منها؛ وهذا ما جعلني أنجح مع المادة الصلبة أكثر من الريشة واللوحة».
في حديقة المنشية
ويضيف: «كنحات لدي همّ شخصي، وهو الخروج عن التقاليد المتعارف عليها للفن التشكيلي، همي هو خلق مدرسة جديدة بعالم الفن، إذ مللنا من العبثية التي لا معنى لها، ومللنا من الكلاسيكية، وهنا حلقة مفقودة، ولا بد من الربط بين الحداثة والكلاسيكية لنخرج بفكر جديد متمرد، أتصور أنه بيوم ما سيخرج نتاج جديد على هذا المستوى البعيد عن العبثية التي لا ركائز فيها، والكلاسيكية المملة الموجودة في الصالات والمتاحف. فلا يجوز للفنان البحث والسير وراء فكرة عبثية فارغة، والجميع يعدّون فنه إبداعاً، النحت من أصعب الفنون، لأنه يعتمد الخيال والتجسيد الحي».
في أحد معارضه
من جانبها الفنانة التشكيلية "هناء عقلة" تحدثت عن معرفتها بالفنان "مليح" وأعماله النحتية بالقول: «يستطيع الفنان "هشام مليح" تحويل المادة الصلبة إلى كتلة من الحركة والليونة بإحساسه العالي، يمتلك أسلوبه الخاص الذي يميزه عن غيره من الفنانين، في أعماله نلاحظ أنه يهتم بثقل العمل الفني أكثر ما يعتني بالكتلة ككتلة، دائماً لديه شيء جديد، تطغى شخصيته غير المألوفة على كل ما عداها، وفي معظم أعماله نجد دوماً رسالة يريد إيصالها، هو فنان مغرور وأناني بالعمل الفني الذي يقدمه، مثابر ونشيط، والنحت جزء لا يتجزأ من حياته، وعلى الصعيد الشخصي هو صديق حقيقي وإنسان لا يتكرر، هو إنسان مرح قلق دائماً على مستقبله الفني ومحبوب من جميع الذين يعرفونه».
يذكر أن الفنان "هشام مليح" من مواليد مدينة "دمشق" عام 1983، عضو اتحاد الفنانين التشكيلين، مدرّس ومشرف مادة النحت في المركز التربوي للفنون التشكيلية.
- حسانه سقباني
يعدّ الطبيعة مصدر الإبداع المطلق، ويبحث عن الفن الأصيل الذي يصل إلى أي إنسان، يرتكز عمله على فلسفته الخاصة، يتصف بالغرور والأنانية في الفن، فأبدع الكثير من الأيقونات النحتية.
لمعرفة المزيد عن فنه التقت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 نيسان 2016، النحات "هشام مليح" الذي بدأ حديثه بالقول: «تحمل أعمالي طابعاً حديثاً له علاقة بالتجريد والرمزية، دائماً ما أنحت على سطح العمل بالفطرة، فيأتي العمل حاملاً أشكالاً من المستحاثات والكائنات والرموز البحرية، تأخذنا باللا وعي إلى الجذور، لأن الحياة أساسها مياه، والكائن البحري هو الأساس، كل هذه الأمور هي أشياء أصيلة، لذا فأعمالي تحمل فلسفة تعكس عمق المعنى.
بالنسبة إلى مشروع نحت الأشجار اليابسة الذي كانت بدايته في حديقة "المنشية"، هو موضوع فكري ثقافي أدبي تربوي، نحن نعمل على رفع الذائقة البصرية والتربوية والأدبية للشارع والعامة والخباز والنجار والطبيب، ولكل فئات المجتمع، وترجمة لروح عامة، تدافع عن قضية جوهرية هي قضية الفكر والوعي عند المجتمع، هذا السلاح الذي نمتلكه في هذه المعمعة والعبثية في ظل هذه الحرب الفكرية
في نحتي أبحث دائماً عن أصول الخلق وسر الوجود؛ إذ إنني أعدّ نفسي كائناً قديماً متجسداً بالحاضر، أعيش حالة حوار باللا وعي بين الحياة الحالية التي أعيش فيها وجذوري عندما كنت كائناً بحرياً، وهذه فلسفتي الخاصة. وبوجه عفوي ترتكز أعمالي بصرياً وفيزيائياً على التوازن القلق، الذي يمثل انعكاساً لشخصيتي، فالقلق خلق معي ويدفعني إلى النحت، وأكون في حالة بحث، شخصيتي قلقة وصلبة ومرنة، هذه الفوضى بالحواس تجعلني بحالة البحث الدائم عن الحقيقة، وهذا البحث يجعلني أصل إلى العوالم في الأصول البشرية ووجود الإنسان، من أين؟ وإلى أين؟ أعمالي ناتجة عن بحث غير مقصود وغير واعٍ، إنما حركات لا إرادية عند مسك الصاروخ والأزميل».
ويتابع: «إخراجي للعمل هو بدراسة الموضوع البصري عند المتلقي، وحالته البصرية، لذلك أعمل على السطوح والرموز البسيطة السهلة الممتنعة، والبحث العميق مع الشكل، وهذا يخلق الحوار بين المتلقي والشكل نفسه، إذ للشكل بساطته وفلسفته. ويكون حوار الشكل مع الشكل بين السطوح، أي بين المرن والصلب، الكتلة الضخمة والكتلة المتطايرة، الكتلة الرصينة والكتلة التي تطير في الفراغ (الخفيفة بصرياً)، ودائماً أركز على الخط المنحني الذي يرمز إلى مركزية العمل، ناتجة عن قدسية الشكل، فهناك حوار دائم بين الخط المنحني والسطح الصلب القاسي».
وعن أعماله الفنية ومشاركاته بالمعارض الفنية تحدث بالقول: «فن النحت بات مهمشاً، والناس الذين يمارسونه بعيدون عن الروحانية ولا يعطونه أي قدسية، مع أنه أكثر وأقرب نتاج إلى الإنسانية، مشاركاتي القديمة كانت في الملتقى الدولي للنحت، وقد شاركت فيه بنحت لشخصية الفنان "ليوناردو دافنشي"، وفي صالة "تجليات" في "دمشق" و"بيروت"، وصالة "أرت سبيس" في بيروت أيضاً، كما اقتنى متحف الفن الحديث في "دبي" أحد أعمالي، وآخر مشاركاتي كانت في افتتاح صالة المركز الوطني للفنون البصرية العام الماضي، وهو العام نفسه الذي شاركت فيه بملتقى النحت في مدينة "اللاذقية" تحت عنوان "أغافيا" الذي شعرت فيه بمدى إيجابية الناس وحبهم للفن وبساطة روحهم وعفويتها، قدمت تمثال الفنان التشكيلي الراحل "محمد الوهيبي" لافتتاح صالة تحمل اسمه في "المركز التربوي للفنون التشكيلية" في منطقة "التجارة"».
أما عن مشروع تحويل الأشجار اليابسة إلى تحف فنية في حديقة "المنشية"، الذي يقوم به وعدد من زملائه مؤخراً، فتحدث عنه بالقول: «بالنسبة إلى مشروع نحت الأشجار اليابسة الذي كانت بدايته في حديقة "المنشية"، هو موضوع فكري ثقافي أدبي تربوي، نحن نعمل على رفع الذائقة البصرية والتربوية والأدبية للشارع والعامة والخباز والنجار والطبيب، ولكل فئات المجتمع، وترجمة لروح عامة، تدافع عن قضية جوهرية هي قضية الفكر والوعي عند المجتمع، هذا السلاح الذي نمتلكه في هذه المعمعة والعبثية في ظل هذه الحرب الفكرية».
أحد أعماله
يرى "هشام مليح" أن فن النحت هو انعكاس وتأكيد للحالة الإنسانية بوجه مباشر وغير مباشر، يقول: «هو صلة الوصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، فالفن نتاج من ماضٍ يعكس الحاضر ونظرة مستقبلية، فالحضارات الأصلية كانت تقاس بنحتها ونقوشها وفنها وهذا لغز الفن، يوجد في الحاضر من يتحدث بلغة الماضي ويخلق حياة مستقبلية، فهو يختلف عن أي وسيلة تعبير أخرى، وكثيراً ما نرى فنانين يعودون إلى النقوش والرموز القديمة في لوحاتهم.
في نحتي لتمثال الفنان الراحل "محمد الوهيبي"، أدخل إلى أعماق الشخصية التي أقوم بنحتها، وأطلق العنان لأحاسيسي بصدق، وأعدّ نفسي أنانياً بأحاسيسي، ربما هذا السبب لكوني نحاتاً ولست موسيقياً أو رساماً، وهذه طبيعة وازدواجية شخصيتي، تظهر عند تعاملي مع المادة الصلبة والنتاج الذي يظهر منها؛ وهذا ما جعلني أنجح مع المادة الصلبة أكثر من الريشة واللوحة».
في حديقة المنشية
ويضيف: «كنحات لدي همّ شخصي، وهو الخروج عن التقاليد المتعارف عليها للفن التشكيلي، همي هو خلق مدرسة جديدة بعالم الفن، إذ مللنا من العبثية التي لا معنى لها، ومللنا من الكلاسيكية، وهنا حلقة مفقودة، ولا بد من الربط بين الحداثة والكلاسيكية لنخرج بفكر جديد متمرد، أتصور أنه بيوم ما سيخرج نتاج جديد على هذا المستوى البعيد عن العبثية التي لا ركائز فيها، والكلاسيكية المملة الموجودة في الصالات والمتاحف. فلا يجوز للفنان البحث والسير وراء فكرة عبثية فارغة، والجميع يعدّون فنه إبداعاً، النحت من أصعب الفنون، لأنه يعتمد الخيال والتجسيد الحي».
في أحد معارضه
من جانبها الفنانة التشكيلية "هناء عقلة" تحدثت عن معرفتها بالفنان "مليح" وأعماله النحتية بالقول: «يستطيع الفنان "هشام مليح" تحويل المادة الصلبة إلى كتلة من الحركة والليونة بإحساسه العالي، يمتلك أسلوبه الخاص الذي يميزه عن غيره من الفنانين، في أعماله نلاحظ أنه يهتم بثقل العمل الفني أكثر ما يعتني بالكتلة ككتلة، دائماً لديه شيء جديد، تطغى شخصيته غير المألوفة على كل ما عداها، وفي معظم أعماله نجد دوماً رسالة يريد إيصالها، هو فنان مغرور وأناني بالعمل الفني الذي يقدمه، مثابر ونشيط، والنحت جزء لا يتجزأ من حياته، وعلى الصعيد الشخصي هو صديق حقيقي وإنسان لا يتكرر، هو إنسان مرح قلق دائماً على مستقبله الفني ومحبوب من جميع الذين يعرفونه».
يذكر أن الفنان "هشام مليح" من مواليد مدينة "دمشق" عام 1983، عضو اتحاد الفنانين التشكيلين، مدرّس ومشرف مادة النحت في المركز التربوي للفنون التشكيلية.