طلايع رزيك
Tala’i ibn Ruzayk - Tala’i ibn Ruzayk
طَـلائِـعُ بـنُ رُزِّيـك
(495 ـ 556 هـ/1102 ـ 1161م)
طلائع بن رُزِّيك، الأرمنيُّ المصريُّ، الملكُ الصالحُ، أبو الغاراتِ، شاعرٌ عباسيٌ وافد على مصر، تشيّع في العراق، قدم مصر فقيراً وترقّى في الخدمة درجات حتّى ولي بلدة مُنيةَ خَصِيب من أعمال الصَّعيد المصري، استنجد به أهل البلاط في القاهرة بعد أن دبر الوزير أبو الفتوح عباس الصنهاجي مقتل الخليفة الفاطمي الظافر بأمر الله، وعين ابنه الفائز بن الظافر وهو طفل في الخامسة ليستبد بالأمر، ولينهب فيما بعد أموال الدولة، فَهَبّ طلائع لنجدة المستغيثين، وجهّز جيشاً تمكن من دخول القاهرة عنوة 549هـ واستتب الأمر فتولى الوزارة وسير أمور الدولة، واستطاع أن يقضي على كل المحاولات التي استهدفت زعزعة وزارته، مما جعل الاستقرار والأمن يشملان مصر بسعة رقعتها.
أخفق طلائع في إقامة علاقة ودٍّ مع نور الدَّين محمود صاحب الشام، بعد أن غمره بقصائد المديح التي لم تجدِ نفعاً ولا الهدايا التي أرسلها إليه، وربما كان سبب هذا الإخفاق الخلفية السيئة عن الفاطميين عند نور الدين، إضافة إلى أن نور الدين لم يرض بجهد طلائع المتواضع في قتال الصليبيين.
عُرف طلائع بن رُزّيك في ميدان السياسة كما عرف في ميدان الشعر والأدب، وإن كان في الجانب السياسي أقوى منه في غيره وأعرف به من سائر الجوانب، فسُمّي وزير الأدباء، وأديب الوزراء، ومع هذا كله لايمكن لأحد أن ينقص من علاقة طلائع القوية بالشعر والأدب عموماً، فقد كان شاعراً وأديباً عارفاً بفنون كثيرة أفرزتها حلقات العلم التي كانت تعقد في قصره.
له شعر كثير دوِّن معظمه وضاع بعضه وديوانه حافل بالأشعار ذات الموضوعات المختلفة ويشهد له بذلك شعراء أفذاذ منهم أسامة بن منقذ وعمارة اليمني والحسين بن علي بن الزبير الذي قال فيه:
وتَلقىَ الدهَر مِنهُ بِلَيثِ غابٍ
غََدَت سمرُ الرِّماحِ له عَرِينا
تخالُ سيوفَه إِمَّا انتضاها
جداولَ، والرِّماحَ لهُ غُصونا
وقال ابن خلِّكان في الوفيات «كان جيدَ الشِّعر، وقفت على ديوانه وهو في جزأين. وأكثر شعره من المدائح النبوية والإمامية».
وعُرِف له من التصانيف كتاب «الاعتماد في الرد على أهل العِناد» يتحدث عن حقّ علي بن أبي طالب، ويسوق الأحاديث الواردة في تثبيت هذا الحق.
عُرف عنه التكلف وطلب الصنعة في الشعر، وتنوعت أغراض شعره بين المديح والفخر والحماسة والإخوانيات وأكثر إخوانياته إلى أسامة بن منقذ، وله غزل عذب وشيء من شعر الحكمة وله في الشوق، ومن ذلك قوله:
أَحبَابَ قلبيَ إن شَطَّ المزارُ بِكم
فأَنتُمُ في صَميمِ القلبِ سُكَّانُ
وإن رَجَعتُم إلى الأَوطَانِ إنَّ لكم
صُدُورَنا عِوضَ الأوطَانِ أوطانُ
وله شعر وعظي، ومن ذلك قوله في الموت الذي يلازم فكره معتبراً من مصرع سابقيه:
نحن في غَفلَةٍ ونومٍ وللمو
ت عيونٌ يَقظانةٌ لا تنامُ
ومن جميل شعره ندبه للشباب وذكر الشيب فيقول:
مَشيبُكَ قَد نَضَا صِبْغَ الشَباب
وحَلَََّ البازُ في وكرِ الغُرابِ
تنامُ وفعلةُ الحدثان يَقظَى
ومَا نابُ النوائبِ عنكَ نابِ
يُمَثّل ابن رُزِّيك التقاء الأدب بالسياسة، فهو الملك الصالح والوزير الأديب والكريم الذي لا يَرُدَّ طالبه والشاعر الذي أورث التراث العربي أشعاراً سلكت في الموضوعات كلها.
وأشعاره في المصادر، وقدقام بجمعها وتحقيقها أحمد أحمد بدوي، وطبع هذا المجموع الشعري في القاهرة، مكتبة نهضة مصر باسم ديوان الوزير المصري، طلائع بن رُزِّيك.
قُتل طلائع في دهليز القصر وهو خارج من مجلس العاضد.
شـلاش قـداح
ـ ابن خلّكان، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق إحسان عباس (دار صادر، بيروت،د.ت).
ـ حسن إبراهيم حسن، تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي (دار الجيل، بيروت 1996).
ـ الإمام السيد محسن الأمي، أعيان الشيعة، حققه حسن الأمين (دار التعارف للمطبوعات، بيروت 1983).
ـ عمر فروخ، تاريخ الأدب العربي (دار العلم للملايين، بيروت 1981).
Tala’i ibn Ruzayk - Tala’i ibn Ruzayk
طَـلائِـعُ بـنُ رُزِّيـك
(495 ـ 556 هـ/1102 ـ 1161م)
طلائع بن رُزِّيك، الأرمنيُّ المصريُّ، الملكُ الصالحُ، أبو الغاراتِ، شاعرٌ عباسيٌ وافد على مصر، تشيّع في العراق، قدم مصر فقيراً وترقّى في الخدمة درجات حتّى ولي بلدة مُنيةَ خَصِيب من أعمال الصَّعيد المصري، استنجد به أهل البلاط في القاهرة بعد أن دبر الوزير أبو الفتوح عباس الصنهاجي مقتل الخليفة الفاطمي الظافر بأمر الله، وعين ابنه الفائز بن الظافر وهو طفل في الخامسة ليستبد بالأمر، ولينهب فيما بعد أموال الدولة، فَهَبّ طلائع لنجدة المستغيثين، وجهّز جيشاً تمكن من دخول القاهرة عنوة 549هـ واستتب الأمر فتولى الوزارة وسير أمور الدولة، واستطاع أن يقضي على كل المحاولات التي استهدفت زعزعة وزارته، مما جعل الاستقرار والأمن يشملان مصر بسعة رقعتها.
أخفق طلائع في إقامة علاقة ودٍّ مع نور الدَّين محمود صاحب الشام، بعد أن غمره بقصائد المديح التي لم تجدِ نفعاً ولا الهدايا التي أرسلها إليه، وربما كان سبب هذا الإخفاق الخلفية السيئة عن الفاطميين عند نور الدين، إضافة إلى أن نور الدين لم يرض بجهد طلائع المتواضع في قتال الصليبيين.
عُرف طلائع بن رُزّيك في ميدان السياسة كما عرف في ميدان الشعر والأدب، وإن كان في الجانب السياسي أقوى منه في غيره وأعرف به من سائر الجوانب، فسُمّي وزير الأدباء، وأديب الوزراء، ومع هذا كله لايمكن لأحد أن ينقص من علاقة طلائع القوية بالشعر والأدب عموماً، فقد كان شاعراً وأديباً عارفاً بفنون كثيرة أفرزتها حلقات العلم التي كانت تعقد في قصره.
له شعر كثير دوِّن معظمه وضاع بعضه وديوانه حافل بالأشعار ذات الموضوعات المختلفة ويشهد له بذلك شعراء أفذاذ منهم أسامة بن منقذ وعمارة اليمني والحسين بن علي بن الزبير الذي قال فيه:
وتَلقىَ الدهَر مِنهُ بِلَيثِ غابٍ
غََدَت سمرُ الرِّماحِ له عَرِينا
تخالُ سيوفَه إِمَّا انتضاها
جداولَ، والرِّماحَ لهُ غُصونا
وقال ابن خلِّكان في الوفيات «كان جيدَ الشِّعر، وقفت على ديوانه وهو في جزأين. وأكثر شعره من المدائح النبوية والإمامية».
وعُرِف له من التصانيف كتاب «الاعتماد في الرد على أهل العِناد» يتحدث عن حقّ علي بن أبي طالب، ويسوق الأحاديث الواردة في تثبيت هذا الحق.
عُرف عنه التكلف وطلب الصنعة في الشعر، وتنوعت أغراض شعره بين المديح والفخر والحماسة والإخوانيات وأكثر إخوانياته إلى أسامة بن منقذ، وله غزل عذب وشيء من شعر الحكمة وله في الشوق، ومن ذلك قوله:
أَحبَابَ قلبيَ إن شَطَّ المزارُ بِكم
فأَنتُمُ في صَميمِ القلبِ سُكَّانُ
وإن رَجَعتُم إلى الأَوطَانِ إنَّ لكم
صُدُورَنا عِوضَ الأوطَانِ أوطانُ
وله شعر وعظي، ومن ذلك قوله في الموت الذي يلازم فكره معتبراً من مصرع سابقيه:
نحن في غَفلَةٍ ونومٍ وللمو
ت عيونٌ يَقظانةٌ لا تنامُ
ومن جميل شعره ندبه للشباب وذكر الشيب فيقول:
مَشيبُكَ قَد نَضَا صِبْغَ الشَباب
وحَلَََّ البازُ في وكرِ الغُرابِ
تنامُ وفعلةُ الحدثان يَقظَى
ومَا نابُ النوائبِ عنكَ نابِ
يُمَثّل ابن رُزِّيك التقاء الأدب بالسياسة، فهو الملك الصالح والوزير الأديب والكريم الذي لا يَرُدَّ طالبه والشاعر الذي أورث التراث العربي أشعاراً سلكت في الموضوعات كلها.
وأشعاره في المصادر، وقدقام بجمعها وتحقيقها أحمد أحمد بدوي، وطبع هذا المجموع الشعري في القاهرة، مكتبة نهضة مصر باسم ديوان الوزير المصري، طلائع بن رُزِّيك.
قُتل طلائع في دهليز القصر وهو خارج من مجلس العاضد.
شـلاش قـداح
مراجـع للاسـتزادة: |
ـ حسن إبراهيم حسن، تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي (دار الجيل، بيروت 1996).
ـ الإمام السيد محسن الأمي، أعيان الشيعة، حققه حسن الأمين (دار التعارف للمطبوعات، بيروت 1983).
ـ عمر فروخ، تاريخ الأدب العربي (دار العلم للملايين، بيروت 1981).