ظهور المسيحية .. من روما الى بغداد
ظهور المسيحية
في البداية كان أتباع المسيح مجرد فرقة صغيرة من الفرق اليهودية ، ومن خلال أعمال بولس، وهو يهودي هلليني من الشتات، أصبحت هذه الفرقة هي المسيحية بكل نظريتها اللاهوتية الواسعة والتفصيلية . إنه بولس من أدخل المسيحية إلى الإمبراطورية الرومانية.
وبحلول القرن الثاني الميلادي، كانت الكنيسة المسيحية تملك نظاما كهنوتيا من الموظفين - الأساقفة والكهان والشمامسة - وعموما كانت هذه الإدارة المبكرة للكنيسة معادية تماما للعلم الوثني والفلسفة. كان جزء من هذا العداء يرجع إلى موقف الرومان المضاد للعقلانية، لكنهم أيضا شعروا بحاجتهم إلى حماية الدين الوليد ضد منهج طرح الأسئلة، والذي اقترن بتعاليم أفلاطون وأرسطو . وقد علق أحد المسيحيين الأولين، إيرينوس (حوالي سنة 180 ميلادية) قائلا إن الهراطقة (المنشقين) يكافحون لينقلوا إلى قضايا الإيمان نموذج المجادلة الخبيث الذي هو في الحقيقة صورة من أرسطو» (3) .
وآخر اسمه تيرتو لليان أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث الميلادي) قال: ينغمس الفلاسفة في الفضول الغبي فيما يتعلق بالأشياء الطبيعية (4) ويطرحون السؤال الشهير المنمق : ما الذي بين أثينا والقدس (5) وسنرى أثر هذه المواقف مرة أخرى في أوروبا القرون الوسطى، حيث عملت على إبطاء المنهج العلمي دون أن توقفه. وأخيرا اكتسب هذا الدين الجديد الأكثر صرامة زخما في الإمبراطورية الرومانية. وهيأت صرامة بنيانه الاستقرار للثقافة التي كانت تحاول أن تدعم هيكلها المتداعي.
اضمحلال روما
بدأت روما تتفكك ابتداء من القرن الثالث، وهي العملية التي يشير إليها المؤرخون باسم اضمحلال روما، ومنذ هذا التاريخ ومازال هؤلاء المؤرخون يحاولون معرفة السبب حتى الآن. فبعض المؤرخين يرجع السبب إلى التحلل الأخلاقي العام، ومع أنه كان هناك مزيد من التحريف المؤسساتي والميل لقتل الأمهات والأخوات والألعاب الدموية التي كانت تجرى لتسلية الجمهور، والممارسات الجنسية - التي أقل ما توصف به أنها غاية في الابتكار - إلا أن معظم المجتمعات في ذلك الوقت لم تكن تتصف بالاحتشام. وينسب مؤرخون آخرون السبب إلى الإمبريالية، وما يصاحبها من صراع طبقي، والاعتماد على العسكرة. وكبرهان على ذلك فإنهم يسوقون مصرع 12 إمبراطورا متتالين في أحداث عنف على أيدي الجنود أنفسهم الذين نصبوهم على العرش. ومن وجهة نظرنا الكيميائية فهناك نظرية أخرى تحظى باهتمام خاص، إنها النظرية القائلة إن أباطرة فترة الاضمحلال كانوا يعانون من تسمم الرصاص (6) .
وفي الحقيقة تمثل سهولة الاستثارة أحد أعراض التسمم بالرصاص. ومن واقع نوعية وعدد العقوبات الكبرى، يمكن إقامة الدليل على أن هؤلاء الأباطرة كانوا سريعي الغضب. ومن الحقائق أيضا أن الرومان كانوا يستخدمون قديما الرصاص في شبكات المياه وأوعية الشرب، وكانوا يضيفون الرصاص إلى النبيذ ليمنعوا فساده. يتسبب تراكم الخل، حمض الأسيتيك في فساد النبيذ، ويكون الرصاص ملحا مع أيونات الأسيتات). وعلينا أن نحترس بعض الشيء قبل أن نقر نظرية اضمحلال الإمبراطورية الرومانية نتيجة التسمم بالرصاص، فقد تعرف على الأقل، بعض الرومان على أخطار الرصاص، ومن المحتمل أن يكونوا قد حدوا من تعاطيه. فمثلا، لاحظ المعماري، فيتروفيوس، سوء الحالة الصحية وشحوب العمال العاملين في مجال الرصاص. ونصح باستخدام أنابيب خزفية لنقل الماء، لذلك فإن من المحتمل أن يكون السبب، إذا استخدمنا مصطلحات واقعية: عدم ملاءمة القادة للضغوط الخارجية والداخلية المقابلة لتحديات التغيير.
ومهما كان السبب، فقد انقسمت الإمبراطورية إلى اثنتين في أواخر القرن الرابع، النصف الشرقي، الإمبراطورية البيزنطية، التي تمكنت من الصمود بشكل أو بآخر، لألف سنة تالية، لكن الإمبراطورية الغربية، غرقت في فوضى تحالفات أزمنة الحروب ضعيفة التماسك، وفي القرن الخامس سحقت بواسطة عطيل الهوني ونهبت روما نفسها على أيدي القوطيين الهمج.
وقد كافح الإمبراطور جوستنيان في الشرق خلال القرن السادس ليحمي ما تبقى من إمبراطورية روما العتيقة، فأقام أسوارا على الفكر: أغلق مراكز التعليم المتبقية في أثينا ، وحطم كل الأيقونات الوثنية. وقد حط من قدر اليهود في السلم الاجتماعي، وقيد حريتهم في ممارسة العبادة. وتخلص
من النساطرة والقائلين بالطبيعة الواحدة للمسيح (الهراطقة الذين يرفضون تقبل علاقة الإله الأب مع الإله الابن، والتي وصفتها الكنيسة الجوستنيانية).
وقد طردهم من الإمبراطورية، وبهذا العمل الأخير فإنه قد قام في الواقع بالحفاظ على بعض الثقافة الهيلينية. فعندما فر هؤلاء الهراطقة ووجدوا ملاذا لهم في فارس، فإنهم كانوا قد أخذوا معهم التعاليم الإغريقية. وهذا هو الأثر الذي سنتبعه فيما بعد .
ظهور المسيحية
في البداية كان أتباع المسيح مجرد فرقة صغيرة من الفرق اليهودية ، ومن خلال أعمال بولس، وهو يهودي هلليني من الشتات، أصبحت هذه الفرقة هي المسيحية بكل نظريتها اللاهوتية الواسعة والتفصيلية . إنه بولس من أدخل المسيحية إلى الإمبراطورية الرومانية.
وبحلول القرن الثاني الميلادي، كانت الكنيسة المسيحية تملك نظاما كهنوتيا من الموظفين - الأساقفة والكهان والشمامسة - وعموما كانت هذه الإدارة المبكرة للكنيسة معادية تماما للعلم الوثني والفلسفة. كان جزء من هذا العداء يرجع إلى موقف الرومان المضاد للعقلانية، لكنهم أيضا شعروا بحاجتهم إلى حماية الدين الوليد ضد منهج طرح الأسئلة، والذي اقترن بتعاليم أفلاطون وأرسطو . وقد علق أحد المسيحيين الأولين، إيرينوس (حوالي سنة 180 ميلادية) قائلا إن الهراطقة (المنشقين) يكافحون لينقلوا إلى قضايا الإيمان نموذج المجادلة الخبيث الذي هو في الحقيقة صورة من أرسطو» (3) .
وآخر اسمه تيرتو لليان أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث الميلادي) قال: ينغمس الفلاسفة في الفضول الغبي فيما يتعلق بالأشياء الطبيعية (4) ويطرحون السؤال الشهير المنمق : ما الذي بين أثينا والقدس (5) وسنرى أثر هذه المواقف مرة أخرى في أوروبا القرون الوسطى، حيث عملت على إبطاء المنهج العلمي دون أن توقفه. وأخيرا اكتسب هذا الدين الجديد الأكثر صرامة زخما في الإمبراطورية الرومانية. وهيأت صرامة بنيانه الاستقرار للثقافة التي كانت تحاول أن تدعم هيكلها المتداعي.
اضمحلال روما
بدأت روما تتفكك ابتداء من القرن الثالث، وهي العملية التي يشير إليها المؤرخون باسم اضمحلال روما، ومنذ هذا التاريخ ومازال هؤلاء المؤرخون يحاولون معرفة السبب حتى الآن. فبعض المؤرخين يرجع السبب إلى التحلل الأخلاقي العام، ومع أنه كان هناك مزيد من التحريف المؤسساتي والميل لقتل الأمهات والأخوات والألعاب الدموية التي كانت تجرى لتسلية الجمهور، والممارسات الجنسية - التي أقل ما توصف به أنها غاية في الابتكار - إلا أن معظم المجتمعات في ذلك الوقت لم تكن تتصف بالاحتشام. وينسب مؤرخون آخرون السبب إلى الإمبريالية، وما يصاحبها من صراع طبقي، والاعتماد على العسكرة. وكبرهان على ذلك فإنهم يسوقون مصرع 12 إمبراطورا متتالين في أحداث عنف على أيدي الجنود أنفسهم الذين نصبوهم على العرش. ومن وجهة نظرنا الكيميائية فهناك نظرية أخرى تحظى باهتمام خاص، إنها النظرية القائلة إن أباطرة فترة الاضمحلال كانوا يعانون من تسمم الرصاص (6) .
وفي الحقيقة تمثل سهولة الاستثارة أحد أعراض التسمم بالرصاص. ومن واقع نوعية وعدد العقوبات الكبرى، يمكن إقامة الدليل على أن هؤلاء الأباطرة كانوا سريعي الغضب. ومن الحقائق أيضا أن الرومان كانوا يستخدمون قديما الرصاص في شبكات المياه وأوعية الشرب، وكانوا يضيفون الرصاص إلى النبيذ ليمنعوا فساده. يتسبب تراكم الخل، حمض الأسيتيك في فساد النبيذ، ويكون الرصاص ملحا مع أيونات الأسيتات). وعلينا أن نحترس بعض الشيء قبل أن نقر نظرية اضمحلال الإمبراطورية الرومانية نتيجة التسمم بالرصاص، فقد تعرف على الأقل، بعض الرومان على أخطار الرصاص، ومن المحتمل أن يكونوا قد حدوا من تعاطيه. فمثلا، لاحظ المعماري، فيتروفيوس، سوء الحالة الصحية وشحوب العمال العاملين في مجال الرصاص. ونصح باستخدام أنابيب خزفية لنقل الماء، لذلك فإن من المحتمل أن يكون السبب، إذا استخدمنا مصطلحات واقعية: عدم ملاءمة القادة للضغوط الخارجية والداخلية المقابلة لتحديات التغيير.
ومهما كان السبب، فقد انقسمت الإمبراطورية إلى اثنتين في أواخر القرن الرابع، النصف الشرقي، الإمبراطورية البيزنطية، التي تمكنت من الصمود بشكل أو بآخر، لألف سنة تالية، لكن الإمبراطورية الغربية، غرقت في فوضى تحالفات أزمنة الحروب ضعيفة التماسك، وفي القرن الخامس سحقت بواسطة عطيل الهوني ونهبت روما نفسها على أيدي القوطيين الهمج.
وقد كافح الإمبراطور جوستنيان في الشرق خلال القرن السادس ليحمي ما تبقى من إمبراطورية روما العتيقة، فأقام أسوارا على الفكر: أغلق مراكز التعليم المتبقية في أثينا ، وحطم كل الأيقونات الوثنية. وقد حط من قدر اليهود في السلم الاجتماعي، وقيد حريتهم في ممارسة العبادة. وتخلص
من النساطرة والقائلين بالطبيعة الواحدة للمسيح (الهراطقة الذين يرفضون تقبل علاقة الإله الأب مع الإله الابن، والتي وصفتها الكنيسة الجوستنيانية).
وقد طردهم من الإمبراطورية، وبهذا العمل الأخير فإنه قد قام في الواقع بالحفاظ على بعض الثقافة الهيلينية. فعندما فر هؤلاء الهراطقة ووجدوا ملاذا لهم في فارس، فإنهم كانوا قد أخذوا معهم التعاليم الإغريقية. وهذا هو الأثر الذي سنتبعه فيما بعد .
تعليق