أفلام الفلانتاين غائبة عن السينما المغربية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أفلام الفلانتاين غائبة عن السينما المغربية

    أفلام الفلانتاين غائبة عن السينما المغربية


    منتجون يركزون على الأفلام الاجتماعية متجاهلين القصص العاطفية.
    السبت 2025/02/15
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    أفلام عالمية قدمت بمناسبة عيد الحب

    لا تواكب دور السينما المغربية حركة السينما العالمية في عيد الحب، فهي لا تقترح على جمهورها أفلاما عاطفية، وحتى وإن أرادت أن تقدم له قصصا غرامية فلن تجد في الأفلام المغربية ما يمكن عرضه، فالمخرجون والمنتجون منشغلون بتصوير القصص الاجتماعية والقضايا المحلية المهمة، غير مبالين بأهمية التنويع في الأعمال والاشتغال على المناسبات وما يمكن أن يقدموه لمحبي السينما خلالها.

    الرباط - تركز السينما المغربية في السنوات الأخيرة على مواضيع محددة، حيث تتجه نحو معالجة قضايا الصحراء المغربية كما في “قصة وفاء” لعلي الطاهري، أو تطرح قضايا المرأة وحقوقها مثل “مطلقات الدار البيضاء” لعهد بن سودة، وأفلام الكوميديا الشعبية المستقلة مثل “زعزوع” لربيع شاجيد، إلى جانب الأفلام التي تستلهم مواضيعها من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي مثل “روتيني” للطفي أيت الجاوي، أو تلك التي تنقل تفاصيل الحياة في البادية المغربية مثل “بنت الفقيه” لحميد زيان، بينما تغيب تماما الأفلام التي تصدر بالمناسبات الكبرى والأعياد، مثل أفلام عيد الأضحى أو رأس السنة أو حتى الفلانتاين، وهو غياب يثير تساؤلات حول أسباب عزوف صناع السينما عن هذا النوع من الإنتاجات التي تحظى بجمهور واسع في مختلف دول العالم.

    وبينما تعتمد بعض السينمات العربية والعالمية على هذه المناسبات كفرصة لإطلاق أفلام تتماشى مع الأجواء الاحتفالية وتعزز الارتباط العاطفي بين الجمهور والشاشة، تظل السينما المغربية بعيدة عن هذا التوجه، وهذا حقيقة يطرح إشكالية التنوع في المحتوى السينمائي ومدى استجابته لحاجات الجمهور ورغباته في متابعة أعمال مدرة للدخل سنويا. فتخيل لو تم طرح أفلام في عيد الحب، كيف سيكون حال دور السينما المغربية؟

    وتمثل المناسبات الاحتفالية فرصة ذهبية لصناع السينما لإنتاج أفلام تستغل السياق العاطفي والجماهيري لهذه الأحداث، إذ تدرك السينما العالمية هذا البعد جيدا وتستثمر فيه تجاريا لتقديم أعمال تحقق نجاحا جماهيريا متجددا سنويا، وتحتفي هوليوود ومراكز الإنتاج السينمائي الكبرى بهذه المناسبات عبر إنتاج أفلام مخصصة تحاكي روح الحدث، كجزء من الثقافة العامة للمجتمعات، بينما تتجاهل السينما العربية والمغربية هذه الإستراتيجية، ونادرا ما تقدم أفلاما تتماشى مع الأعياد أو المناسبات الوطنية، وهذه فجوة تجارية وفنية كبيرة في السينما المغربية.


    ◙ هوليوود كرّست مفهوم الأفلام الموسمية كجزء من طقوس الاحتفال، فركزت على إنتاج أفلام تعيد بثها القنوات والمنصات الرقمية كل عام


    وكرّست هوليوود مفهوم الأفلام الموسمية التي تتماشى مع المناسبات المختلفة، كجزء من طقوس الاحتفال، فركزت على إنتاج أفلام تعيد بثها القنوات والمنصات الرقمية كل عام خلال مواسم الأعياد، مثل فيلم “إنها حياة رائعة” أنتج عام 1946، لكنه أصبح رمزا لعيد الميلاد، وفيلم “الوحدة في المنزل” أنتج عام 1990، ولا يزال يحقق مشاهدات عالية خلال فترة الأعياد، ثم امتدت هذه الإستراتيجية إلى الهالوين كما هو الحال مع فيلم “هالوين” الذي أنتج عام 1978، ثم إلى “عيد الحب” مع أفلام مثل “عيد الحب” الذي أنتج عام 2010، ولهذه الأعمال جمهور مرتبط بها سنويا حسب كل مناسبة، وهذا ما ساعدها على الاستمرار في تحقيق نجاحات متجددة.

    وتفتقد السينما العربية رغم تنوع مناسباتها الدينية والوطنية، إلى إنتاج أفلام تستثمر هذه الأحداث كما تفعل السينما العالمية، فلم تهتم الصناعة السينمائية العربية وخاصة المغربية، بتقديم أفلام تواكب عيد الفطر أو عيد الأضحى أو عيد الحب أو رأس السنة، رغم كونها مواسم مهمة وجذابة للجمهور، فمثلا لم نشهد أفلاما مغربية تبرز طقوس المناسبات الدينية و الوطنية، التي كانت من الممكن أن تكون مادة خصبة لإنتاج أفلام تطرح أفكار التحولات التاريخية والاجتماعية في المغرب، وهذا دليل على أنها تفتقر إلى رؤية إنتاجية تسويقية تستغل المناسبات السنوية لطرح أفلام تتماشى مع الأحداث الجارية.

    ولم تعتمد شركات الإنتاج على تقويم سينمائي يضمن إطلاق أفلام مخصصة للمواسم الاحتفالية، وهذا ما جعل السينما تفقد عنصرا مهما من عناصر الجذب الجماهيري، كما لم تستثمر القنوات التلفزيونية والمنصات الرقمية في دعم هذه الفكرة، فظلت تعتمد على إعادة بث أفلام قديمة أو تقديم مسلسلات ذات طابع درامي دون التفكير في إنتاج سينمائي يتماشى مع روح المناسبات، وتسبب هذا الغياب في ترك فراغ سينمائي استغلته المنصات العالمية، فأصبح الجمهور العربي يشاهد أفلاما أجنبية مرتبطة بالأعياد بدلا من إنتاج محلي، كما هو الحال مع الانتشار الواسع لأفلام عيد الحب، وقد أضعفت قلة الأفلام الاحتفالية في المغرب العلاقة بين الجمهور والسينما المحلية، فلم يعد للمشاهد المغربي أفلام موسمية يتفاعل معها خلال المناسبات، ثم لم ترتبط السينما المغربية بأيّ تقليد سنوي يجعل الجمهور ينتظر أفلاما معينة في فترة زمنية محددة.

    وتواجه صناعة السينما المغربية صعوبات اقتصادية جعلت المنتجين يركزون على الأفلام التجارية التي تحقق أرباحا سريعة، دون التفكير في بناء تقاليد سينمائية موسمية، فتنكب التمويلات على أفلام تعالج قضايا اجتماعية بين الحضارة والبداوة، وبين الفقر والغنى، دون الأخذ بعين الاعتبار أهمية الترفيه العائلي خلال المناسبات، كما لم تتعاون الجهات المنتجة مع القنوات التلفزيونية والمنصات الرقمية لإنشاء محتوى موسمي، وهذا زاد من فجوة غياب سينما المناسبات، بينما استطاعت السينما العالمية تحقيق أرباح ضخمة من خلال إنتاج أفلام موسمية تعرض سنويا ما يضمن لها تدفقا ماليا مستداما لصناع الأفلام، وهذه الأفلام المرتبطة بالمناسبات شجعت الاستهلاك السينمائي العائلي، وأصبح الجمهور يترقب إصدار هذه الأفلام سنويا وجعلت هذه الإستراتيجية السينما أكثر حيوية.

    ◙ صناعة السينما المغربية تواجه صعوبات اقتصادية جعلت المنتجين يركزون على الأفلام التجارية التي تحقق أرباحا سريعة

    ومن بين أهم الأفلام التي ناقشت ثيمة عيد الحب أو الفالنتاين، نجد العديد من الخيارات المتنوعة التي تجمع بين الرومانسية والكوميديا والدراما مثل فيلم “تذكرة إلى الجنة” الذي يعرض قصة رجل وزوجته السابقة اللذين يسافران إلى بالي لمنع ابنتهما من الزواج، ولكن مع محاولاتهما المستمرة لتخريب حفل الزفاف، تنبعث بينهما مشاعر قديمة وتعيد العلاقة السابقة إلى الحياة، بينما فيلم “لاف إن ذا فيلا” فيحكي عن امرأة شابة تجد نفسها في فيرونا الإيطالية بعد انفصالها، لتكتشف أن الفيلا التي حجزتها كانت محجوزة مرتين، وتضطر لمشاركة إجازتها مع رجل بريطاني، وفيلم “أباوت فاتي” يدمج بين الكوميديا والرومانسية عندما يلتقي شخصان يؤمنان بالحب لكنهما لا يستطيعان إيجاده، ليجعل القدر كلاً منهما في طريق الآخر في ليلة رأس السنة الجديدة.

    كما نجد الفيلم الشهير “ذا نوت بوك” الذي يروي قصة حب درامية بين شاب فقير وفتاة غنية فيواجهان العديد من الصعوبات التي تقف في وجه علاقتهما، أما فيلم “فايف فيت أبارت” فيعرض قصة حب بين مراهقين مصابين بمرض التليف الكيسي حيث يجب عليهما التباعد جسديا، إلا أن الحب بينهما لا يعرف الحدود، وهذه الأفلام هي عدد بسيط من الكم الهائل الذي تنتجه السينما العالمية حول عيد الحب و مثلها لباقي الأعياد و المناسبات.

    وتعرض حاليا منصة نتفليكس مجموعة من الأفلام المميزة بمناسبة عيد الحب 2025، التي تتنوع بين الرومانسية والكوميديا والدراما، لتمنح الجمهور فرصة للاحتفال بالحب من جهة والاستثمار من جهة أخرى، ومن بين هذه الأفلام يأتي “لا دولتشي فيلا”، ويروي قصة رجل الأعمال إريك الذي يسافر إلى إيطاليا لمنع ابنته مايا من ترميم فيلا قديمة، ليكتشف أنه لا يستطيع مقاومة السحر الإيطالي والجمال الذي يحيط به، بينما يحكي فيلم “ميلو موفي” قصة جو جيوم، الناقد السينمائي الذي يدخل في علاقة مع كيم مو بي، وتكشف الأحداث عن جروح الماضي التي تؤثر على علاقتهما، و في فيلم “لاف فوريفر”، يتابع الفيلم قصة هانا وصامويل اللذين يخططان لحفل زفاف ريفي بسيط، ولكن الأوضاع تتعقد بفعل تدخلات الأهل والأصدقاء، ليكتشفا أن الحب يمكن أن يزهر من بين الفوضى.

    أما فيلم “ذا موست بيوتيفول غيرل إن ذا وورلد” فيروي قصة شاب مدلل ينظم برنامج مواعدة لتحقيق حلم والده الراحل بالزواج من أجمل فتاة في العالم.

    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    عبدالرحيم الشافعي
    ناقد سينمائي مغربي
يعمل...
X