لوحات موسى أبوسبيحة نصوص ملونة بنبرة معاصرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لوحات موسى أبوسبيحة نصوص ملونة بنبرة معاصرة

    لوحات موسى أبوسبيحة نصوص ملونة بنبرة معاصرة


    ألوان مبهجة تدهش المتلقي والفنان بأسلوب انطباعي.
    الثلاثاء 2025/02/18

    بحث دؤوب عن المعنى

    على ساحة التشكيل الليبي، يبرز اسم موسى أبوسبيحة كواحد من أهم الفنانين المعاصرين، فنان يتحرك على أكثر من صعيد ليعزز حضور الفن الليبي محليا وعربيا، مستفيدا من اطلاعه على تجارب فنانين عالميين، وموظفا مدارس تشكيلية مهمة ليرسم أعمالا بمفردات ورموز وعناصر ليبية، تجعل تجربته أشبه بتخليد الزمن وأثره على البلاد.

    الكثير من المرتكزات الفكرية في الفن التشكيلي المعاصر من تلك التي تأسست بعد صرعات الحداثة وما بعدها وتشكلت فيها مفاهيم الفن التشكيلي في العالم المعاصر، أصبحت مصدرا للعديد من الفنانين التشكيليين والكل حسب ثقافته ومهارته وتقنياته الخاصة، والفنان الليبي موسى أبوسبيحة من ضمن هذه الثلة من الفنانين المعاصرين الذين ارتبط وجدانهم بهذه الذائقة، والفنان هو أيضا من ضمن الفنانين التشكيليين الليبيين الذين بدؤوا مشوارهم الفني في نهاية التسعينات من القرن الماضي.

    يتمتع الفنان أبوسبيحة بحساسية عالية في ترجمة مواضيعه الأجمل إلى نصوص ملونة بنبرة معاصرة، رغم مواضيعه التقليدية في الظاهر بدءا من مناظر غابة النصر بطرابلس إلى مرافئ ومراكب الصيد والصيادين وعمال البحر وشوارع وأزقة ومقاه تمتلئ بالحاضرين في مناخات تغلب عليها جماليات الألوان بالكثير من الجرأة والرغبة في الخروج من السائد والتقليد في نقل ساذج، كتلك التي تغلب على الكثير من الفنانين التشكيليين في أعمالهم السياحية المتواضعة، بل دائما كان يحاول الرقي بخطابه التشكيلي في كل مراحله التي كانت دائما تتسم بالنضوج الفني رغم تباينها عبر السنين.

    كانت تجربة الفنان في السابق تندرج تحت الأعمال التي تسعى إلى البحث عن البهجة في التلوين وفكرة الموضوع عنده ليست عنصرا أساسيا في اللوحة، فأغلب الأعمال عنده هي ساحة للعب والبهجة على مستوى الفنان المدرك لأصول اللعب وما تفضي إليه من نتائج تدهش المتلقي والفنان معا. ومع مرور السنوات وتراكم المعرفة التشكيلية عنده أصبح يبحث عن المعنى ولكن بشكله المعاصر والجديد.


    الأعمال الفنية للفنان تتماهى مع عوالم الانطباعيين كالفرنسي كلود مونيه وتلامس حدود عوالم الإنجليزي المعاصر ديفيد هوكني


    إنه دائما غير ملتزم بما يراه الناس العاديون بل دائما يركن إلى أفكاره وما تمليه عليه ذائقته الشخصية بعد قراءات واطلاع واسع وسنوات من التجريب بين اللون والخامة. كانت لوحته “غرفة فينسنت” والتي كان اللون الأصفر فيها بطلا أسطوريا بدون منازع عند صاحبها الأول الهولندي فينسنت فان غوغ، أصبحت عند أبوسبيحة تخلو من هذا اللون الرئيسي تماما وكأنه يطرد لعنة الأصفر التي قضت على فينسنت في حقل القمح حيث انتحر وأنهى حياته، مستعينا بلون آخر وهو الأخضر وكأنه يقول إن فان غوغ رسم غرفته من شدة تأثير لون الحقول الأصفر وأنا أرجعه إلى أصله وأرسم بدلا منه الأخضر لون الحقل الأصلي في بواكير بداياته الزاهية قبل أن يحل به اصفرار الخريف ونهاية موسمه، فالفكرة مفاهيمية بالدرجة الأولى قبل أن تحاكي جماليات اللون وظلاله وشروط التكوين الأخرى والتي جاءت هامشية فلم يركز على المنظور واتزانه ولا على شروط النقل الحرفي للصورة المرسومة بل كان المنظور الروحي العميق هو الغالب على العمل عند الفنان، حتى يقترب أكثر من فكرته الشخصية عن غرفة فان غوغ.

    الأعمال الفنية للفنان أبوسبيحة في أغلبها تتماهى مع عوالم أول الانطباعيين كالفرنسي كلود مونيه وتلامس حدود عوالم الإنجليزي المعاصر جدا ديفيد هوكني ولو على استحياء من حيث قوة اللون ونظارة الملمس وطزاجة الفكرة وعمقها، والفنان مؤسس “جماعة ليبيا للرسم في الهواء الطلق” مع مجموعة من الفنانين منذ 2015 وما زالت مستمرة حتى الآن في رحلات الرسم في الهواء الطلق وإنتاج أعمال فنية انطباعية جديدة ترصد حقول ووديان وغابات وشواطئ وصحاري ليبيا.

    في معرضه الشخصي الثالث يخطو بنا الفنان موسى أبوسبيحة إلى مكمن من مكامن جمال تجربته التشكيلية، حيث خلاصة خبرة طويلة في التعامل مع الألوان وتنوع المواضيع عنده وبهجة أعماله المرسومة. فالفنان كان دائما يجنح نحو سحر نور الألوان وجمالها حيث خاض مراحل تجريبية عديدة وأساليب الكثير من تاريخ فن الرسم من الواقعية إلى التعبيرية واﻻنطباعية والرمزية وغيرها، وكان هدفه الأول قبل كل شيء الوصول إلى معاجين وخلطات تعكس مشاعر دافئة في الشتاء وأخرى كالنسمات الباردة في هجير الصيف، يعمل بتأن وحكمة والكثير من الشغف في الرسم.

    بالكثير من الحس الجمالي المرهف مع الجانب التوثيقي وشيء من الفانتازيا في إثنى عشر لوحة بحجم كبير تزينت جدران دار الفنون بطرابلس معرضه “الأسطورة العذراء” الذي نظمه في السنة الماضية، وكان على عتبة جديدة من طريق عبوره في سلم الارتقاء نحو مراحل أكثر إشراقا ومعاصرة.


    الأصفر بطل أسطوري


    كانت تجربة معرضه “الأسطورة العذراء” بمثابة إحياء للتاريخ وعرضه في نصوص بصرية بعيدة عن المباشرة وأضفى الكثير من الأجواء الدرامية للأعمال وتناوله بطريقة إشراك المتلقي في صياغة حكايات لهذه النصوص المقدمة، كلوحة العرافة الليبية ولوحة زيارة المرابط ولوحة ظل الراعي وما تحمله من دلالات عميقة في فكرة الراعي والرعية، كذلك لوحة التقاء الأخوين فيليني كإشارة إلى وحدة الوطن ليبيا.

    وموسى إبراهيم أبوسبيحة من مواليد العام 1974 في العاصمة الليبية طرابلس، تخرج من جامعة طرابلس كلية الفنون والإعلام عام 1997، تخصص الرسم والتصوير، يعمل في مجال الإعلام جريدة الداخلية كرسام، هو مؤسس لجماعة الرسم في الهواء الطلق مع مجموعة من الفنانين الليبيين، اشتغل في مجال رسوم الأطفال (الكومكيس) بمجلة الأمل للأطفال لمدة عشر سنوات، والآن يشتغل على مشروع رسومات كتاب لأدب الأطفال للكاتب الليبي الكبير يوسف الشريف.

    في مسيرته معرض شخصي يحمل اسم “ماء وشجر” نظم بدار حسن الفقيه للفنون وكان عن الطبيعة عام 2006، ومعرض جماعي يحمل اسم “العشرة” بمشاركة عشرة فنانين نظم بدار حسن الفقيه للفنون عام 2008، ومعرض جماعي يحمل اسم “رؤى” بمشاركة مجموعة من الفنانين بدار حسن الفقيه للفنون عام 2010، ومعرض جماعي يحمل اسم “تقاطع” بمشاركة مجموعة من الفنانين بدار حسن الفقيه للفنون عام 2013، ومعرض جماعي يحمل اسم “هوية” نظم بدار الفنون عام 2015، ومعرض جماعي يحمل اسم “باليته” بمشارك جماعة ليبيا للرسم في الطبيعة نظم بدار حسن الفقيه عام 2016، أسس مجموعة ليبيا للرسم المباشر ولا تزال المجموعة تمارس نشاطها الجماعي في تصوير الطبيعة منذ سنة 2015، كما شارك في المعرض التأسيسي الأول لرسامي حوض البحر المتوسط الذي نظم بعنوان الملتقى المتوسطي للفنون بمدينة مصراتة عام 2017، وآخر معرض له كان معرضا شخصيا فرديا بعنوان “الأسطورة العذراء” الذي استضافته دار الفنون بطرابلس عام 2024.





    عدنان بشير معيتيق
    فنان تشكيلي من ليبيا
يعمل...
X