مسلسل "موضوع عائلي" يثير تساؤلات حول فشل دراما الأجزاء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مسلسل "موضوع عائلي" يثير تساؤلات حول فشل دراما الأجزاء

    مسلسل "موضوع عائلي" يثير تساؤلات حول فشل دراما الأجزاء


    ماجد الكدواني نجح في تقديم خلطة فنية جذبت الجمهور في الجزء الأول.
    الجمعة 2025/02/14

    مبالغة ضيعت الكوميديا وأفقدت المسلسل نجاحه

    رغم نجاح جزئه الأول سقط مسلسل "موضوع عائلي"، كالعديد من المسلسلات، في الاستسهال والمبالغة ما أدى إلى فشل الجزء الثالث منه، وهو ما يثير نقاشا مهما حول فقدان مسلسلات الأجزاء قدرتها على استمرارية النجاح وتقديم أجزاء متوازنة ومتكاملة تبني على نجاح الجزء الأول ولا تقف عنده.

    القاهرة - النجاح يجلب نجاحًا أكبر، والوهج يستثير وهجًا أشد. تلك أمور بديهية في كل مجال، بما في ذلك الفن، لكن محاولة استجلاب بريق جديد عبر استحلاب العمل نفسه مرات ومرات قد تأتي بنتائج كارثية، فيستحيل النجاح السابق فشلا، وتنقلب سعادة الجمهور بعمل جيد إلى حزن على سقوط صناعه في فخ الاستسهال والابتذال والاستظراف، الأمر الذي كثيرا ما يظهر مع المسلسلات التي تأتي في أجزاء عدة.

    اختُتم عرض الجزء الثالث من مسلسل “موضوع عائلي” على منصة شاهد أخيرا، وعلى مدى حلقاته العشر حاول الكثير من المشاهدين الاستمرار في المتابعة بنفس الشغف القديم الذي تفجر بقوة مع الجزء الأول ثم الجزء الثاني بدرجة أقل، لكن دون جدوى، لتنطلق التساؤلات مع اختتام العرض حول أسباب غياب القدرة على الإضحاك والجذب في ظل ضياع الحكاية الرئيسية وتكرار “الإفيهات” أو النكات ذاتها دون جديد.

    انطلقت قصة المسلسل في الجزء الأول من حكاية رجل أرمل بسيط، يعيش حياة هادئة، يهرب فيها دومًا من مواجهة الأزمات، يفاجأ بأن له ابنة شابة لم تبلغ سن الرشد بعد، إذ يخبره والد زوجته الراحلة منذ عشرين عاما على فراش موته بالخبر، ليكون وصيا على ثروتها بدلا من خالها مدمن القمار، بعد أن فرَّق بينه وبين الزوجة عقب سنتين فقط من الزواج.
    مزيج الضحك والدموع


    مسلسل “موضوع عائلي” الجزء الثالث، بطولة ماجد الكدواني، رنا رئيس، طه دسوقي، نور، رانيا يوسف، محمد رضوان، سماء إبراهيم، محمد القس، محمد شاهين، ياسمينا العبد، وإخراج أحمد الجندي.

    استغل الفنان ماجد الكدواني في الجزء الأول من المسلسل، الذي لعب من خلاله البطولة الأولى له في الدراما عام 2021، قدراته الفنية الكبيرة ليقدم خلطة خاصة فيها مزيج من الضحك والدموع.


    ◙ الكوميديا ضاعت بفعل تكرار نفس الثيمات والإفيهات إلى حد الابتذال والاستظراف، في محاولة يائسة لانتزاع الضحكات


    واستطاع ببساطة انتزاع ضحكات صافية من قلوب المشاهدين إزاء المفارقات التي يتعرض لها البطل إبراهيم، عندما يجد نفسه فجأة مجبرًا على خوض حياة جديدة عامرة بالحسابات والصراعات، للحفاظ على ثروة ابنته التي ورثتها عن جدها لأمها، في حين أنه في الأصل ذو شخصية مسالمة تميل إلى السلبية ويكره المفاجآت ويستيقظ من نومه فزعًا بلا سبب.

    ونجح الكدواني آنذاك في استدرار الدموع من خلال مَشاهد المواجهة مع ابنته التي تعرف أخيرًا أنه أبوها وليس محاميها، فلا تغفر له كل هذا الكذب، وتقرر الابتعاد والسفر، لكن البطل يتغير، يغادر سلبيته، ويقرر المواجهة، فيلحق بابنته في المطار، ويجبرها على البقاء، بحب وحضن.

    نجح الجزء الأول من المسلسل وحصد إعجاب المشاهدين بعد أن تضافرت عوامل عدة في تحقيق البريق له، منها فريق الفنانين الذين لعبوا أدوار الشخصيات الأخرى، وطريقة تقديم المخرج لهم في أثواب جديدة.

    وأظهرت الممثلة سماء إبراهيم، من خلال شخصية زينب شقيقة البطل دائمة البكاء حزنًا أو فرحًا لأهون سبب، إمكانات كوميدية كبيرة. وظهر الممثل السعودي – السوري محمد القس في الدراما المصرية ولفت الأنظار بشدة، في مواقف الشر والكوميديا، حتى لعب دور البطولة الأولى بعد ثلاث سنوات فقط في مسلسل “برغم القانون” العام الماضي.

    جاء تقديم الممثل محمد رضوان في ثوب كوميدي جديد تمامًا، هو الأبرز، عبر شخصية رمضان حريقة، زوج الأخت صاحب الشخصية التقليدية والملامح الجادة، ويدعي لنفسه قدرات إجرامية وهو يكاد لا يغادر بيته.

    تنتقل هذه الخلطة الدرامية الكوميدية لعائلة يحب أفرادها بعضهم البعض، ويتصرفون بشكل إنساني تلقائي ما يوقعهم في الأزمات، إلى الجزء الثاني الذي تم عرضه في ديسمبر 2022 ليتلهف المشاهدون على متابعته.

    ◙ الجزء الثاني من مسلسل "موضوع عائلي" لم يأتِ كسابقه، إلا أنه ظل قادرًا على الجذب والإضحاك

    لم يأتِ الجزء الثاني من مسلسل “موضوع عائلي” كسابقه، إلا أنه ظل قادرًا على الجذب والإضحاك، مع ظهور الممثلة اللبنانية نور وتقديمها بشكل جديد أيضًا في شخصية الطبيبة التي تعالج ورمًا في مخ البطل إبراهيم، وتقاربهما عاطفيًا، لكنها تتصف بعدم القدرة على اختيار كلماتها، فتبدو مندفعة كمن يلقي حجارة في حديثها، ما يصنع مفارقات كوميدية.

    شهد الجزء الثاني أيضا، رغم المبالغة والإطالة في بعض الحلقات، تقديم مشاهد أيقونية مميزة، عامرة بالمشاعر الإنسانية، منها مشهد طلب البطل إبراهيم لقاء شقيقته زينب وحدها داخل غرفته بالمستشفى قبل إجرائه عملية جراحية في المخ، وكان قبل ذلك يظهر للجميع تماسكه ويوزع عليهم الابتسامات، إلا أنه ينفرد بشقيقته ليلقي بنفسه في حضن أمانها، وتتفجر دموعه معها كاشفا لها عن مدى رعبه.

    جاء مشهد الختام في ذلك الجزء معبرا عن المشاعر الرقيقة بين الأب وابنته في حفل عرسها، ما جسدته أغنية الختام بعنوان “بنت أبويا” للمطربة هنا يسري، كلمات منة عدلي القيعي، وألحان إيهاب عبدالواحد، وتوزيع نادر حمدي.
    لماذا ضاع النجاح



    ◙ إفيهات مكررة ومبتذلة


    كان طبيعيا أن ينتظر المشاهدون الجزء الثالث من المسلسل، على أمل استعادة جاذبية جزئه الأول، أو على الأقل الاستمرار في نفس مستوى الجزء الثاني، لكنهم فوجئوا بشيء آخر، وزاد حجم المبالغات اللامنطقية، كتورط أفراد العائلة المسالمة في حرق فندق ومقتل شخص في الحادث، سعيًا للحصول على مبلغ التأمين وسداد الديون.

    ضاعت الكوميديا، بفعل تكرار نفس الثيمات والإفيهات إلى حد الابتذال والاستظراف، في محاولة يائسة لانتزاع الضحكات، ما بدا بالتحديد في مشاهد الثنائي محمد القس ومحمد شاهين، بشكل بائس، رغم إمكانية الاستفادة من هذا الدويتو الكوميدي الناجح في الجزأين السابقين.

    جاء المدخل الأول للسيناريو في هذا الجزء جيدًا من خلال ظهور شخصية عبلة قريبة إبراهيم التي جمعته بها قصة حب قديمة تنكر لها في الماضي، ومحاولتها إفساد حياته الجديدة وطرد عائلته من شقتها بالتزوير.

    لعبت دور عبلة الممثلة رانيا يوسف، وكان يمكن صنع مفارقات كوميدية لطيفة ودراما إنسانية جيدة بهذا المدخل الجديد في القصة، لولا الاستسهال في الكتابة والارتكان للنجاح السابق، كأن استمرار النجاح أمر مضمون.

    ◙ كان طبيعيا أن ينتظر المشاهدون الجزء الثالث من المسلسل، على أمل استعادة جاذبية جزئه الأول، أو على الأقل الاستمرار في نفس مستوى الجزء الثاني، لكنهم فوجئوا بشيء آخر

    ويتمتع الفنان ماجد الكدواني بمحبة المشاهدين، استنادا إلى موهبته الاستثنائية وقدراته الفنية الكبيرة. وأثبت المخرج أحمد الجندي نجاحه بأعمال سابقة في أجزائها الأولى ومنها مسلسل “الكبير أوي” من بطولة أحمد مكي. لكن هذا لم يمنع الجمهور، مع توالي عرض حلقات الجزء الثالث من “موضوع عائلي”، من السؤال: لماذا ضاع النجاح؟

    كشف الفنان محمد القس في منشور على صفحته بموقع فيسبوك في يناير 2023 عن حوار جمعه بماجد الكدواني أثناء تصوير الجزء الثاني من المسلسل حول فن التمثيل، في ضوء واقعة قديمة لأحد الممثلين الكبار (لم يذكر اسمه) أعاد فيها تصوير أحد المشاهد أكثر من عشرين مرة، لأنه لم يستطع قول إحدى جُمل الحوار بالشكل المطلوب. ونقل عن الكدواني تعليقه قائلا له “بُص يا محمد.. المهنة دي مالهاش كبير.”

    انبهر القس بجملة الكدواني قائلا “يا إلهي.. كيف يمكن لجملة صغيرة أن تغرقك في بحر من التفكير؟ هل كان يقول لي إنه مهما كبرت سيهزمك تفصيل صغير لم تلق له بالًا؟ وإنه من الوهم أن تظن أنك وصلت.. وإن الشهرة وهم.. والأضواء وهم.. ومحبة الناس لك التي زرعها الله وحده في قلوبهم في ثانية من الممكن جدًّا أن ينزعها من قلوبهم في ثانية أخرى.”

    المؤكد أن محبة ماجد الكدواني وكل موهوب مخلص للفن باقية في قلوب المشاهدين، لكن الفن بالفعل -بكلمات الكدواني نفسه- مهنة ليس لها كبير، لذلك فالمهم هو حسن الاختيار، وبذل الجهد بصدق وتدقيق، دون الركون إلى نجاح سابق باستسهال، فليس هناك ما هو أدق وأقسى من ميزان الجماهير، والقمة حقًّا تتسع لكثيرين، لكن الاستمرار فيها يحتاج إلى مشوار طويل، لا مجال فيه لمجاملة، حتى تظل القناة الواصلة بين النجم وقلوب الناس مفتوحة وممتدة.



    محمد شعير
    كاتب مصري
يعمل...
X