«الحب الأول»... رواية ترسم صورة قاتمة للعواطف الجياشة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • «الحب الأول»... رواية ترسم صورة قاتمة للعواطف الجياشة

    «الحب الأول»... رواية ترسم صورة قاتمة للعواطف الجياشة


    • القاهرة: «الشرق الأوسط»

    نُشر: 18:21-25 يناير 2025 م ـ 26 رَجب 1446 هـ
    TT
    عن دار «أقلام عربية» بالقاهرة، صدرت طبعة جديدة من رواية «الحب الأول» للكاتب الروسي الأشهر إيفان تورجنيف (1818 - 3 188) التي تعد رغم حجمها الصغير نسبياً من كلاسيكيات الأدب العالمي. ويقدم النص الذي ترجمه رمسيس يونان صورة مختلفة تماماً عن صور الحب التي اعتادها القارئ، فالحب هنا هو القاتل الحقيقي الذي يزهق الأرواح مع سبق الإصرار والترصد، إنه المأزق وليس الخلاص.

    بعد أن ينصرف الضيوف في ساعة متأخرة من الليل، يبدأ الحديث ويحكي فلاديمير بتروفيتش لصديقه قصته أو سيرة حبه الأول والذي يحلو له أن يصفها بأنها قصة تخرج عن المألوف بوصف أنها عذاب مبرح لا يتمنى أي شخص أن يحياه. نشأ البطل الرئيس في وسط أرستقراطي حيث استمتع بحرية تامة رغم كونه لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره إلا أن لقاءه بالشخصية الرئيسة «زنيدا» كان بداية شعوره بأن الحياة والجحيم سواء، فتلك الفتاة الجميلة بشكل عصي على التوقع لم تبادله نفس الحب.

    إنها فتاة لعوب تغوي هذا وتسحر ذاك، لا هم لها في كل ما ترى سوى أن يصلح ليكون ألعوبة في يدها، «زنيدا» هي المأساة والحل معاً، أجادت لعبة الغرام لتجمع حولها كل شباب بلدتها لترى في عيونهم الوله والافتتان والغربة في الحصول عليها سريعاً وبأي ثمن. الوحيد الذي أحبها بصدق، متحرراً من سطوة الاشتهاء العابر، هو الشاب بتروفيتش الذي راح يحضر سهراتها ويرى في عيون كل من يقصدها ليلاً ولعه بها حتى بتروفيتش نفسه تحول إلى أضحوكة، فبإشارة من أصبعها يتحول إلى وصيف يجلس تحت قدميها.

    ولأنها تجيد لعبة الشد والجذب، كانت إذا ما أحست بأن هناك طرفاً سيفر من بين أناملها، تعيد رمي حبائلها حوله حتى لا يفر منها، ولكن من هي «زنيدا»؟ إنها أميرة من طبقة أرستقراطية حولتها الظروف إلى فتاة بائسة حارسة لامرأة عجوز هي أمها التي تستدين من كل من تعرف، اختارت أن تنتقم من الظروف دون أدنى شعور بالذنب فيتحول الحب على يديها إلى دراما هزلية، ترفع من تريد إلى أعلى وتهوي بمن تريد إلى الأرض. وسرعان ما تحل المفاجأة الكبرى، حيث يكتشف العاشق الولهان أن محبوبته الأثيرة تبدي لا مبالاة تجاه الجميع وتعبث بالقلوب والمشاعر، لأنها متورطة بمشاعرها في قصة حب ملك عليها فؤادها لكنه حب ميؤوس منه هو حبها لوالد البطل.

    هنا يتحول فلاديمير بتروفيتش تدريجياً عن حبها ويجد ملاذه في مقاومة مشاعره الفياضة بمساعدة نصائح الدكتور لوشين، أحد مريدي «زنيدا». وهكذا ظهرت البذرة الأولى في أدب تورجنيف لفكرة صراع الأب والابن وهي ما تجلت لاحقاً روايته «الآباء والأبناء»، حيث نشرت رواية «الحب الأول» في العام 1860 وكانت من الأعمال الأشهر في ذلك الوقت. وحتى الآن بعد أكثر من قرن ونصف، لم تفقد بريقها ولا يذكر إيفان تورجنيف إلا ويذكر معه هذا العمل.

    ولد إيفان تورجنيف 1818 في أملاك عائلته قرب جبال الأورال وهو ابن لأسرة روسية عريقة، كان أبوه فارساً في إحدى كتائب الخيالة ومات عندما كان إيفان في سن السادسة عشرة فرعته أمه فرفارا وهي من أسرة برجوازية كانت تملك أراضي واسعة. درس إيفان في جامعة موسكو ومن ثم جامعة سان بطرسبرغ، إلا أنه أرسل إلى برلين 1843 وتلقى تعليمه على يد معلمين، ألماني وفرنسي، ومن هناك جاء احتكاكه بأوروبا التي عاش فيها وعلى يدها ترجمت أهم الأعمال الأدبية له.

    كانت كتاباته الأولى مشغولة بوصف حياة الفلاحين الروس البائسة، ثم كتب بعد ذلك روايته «عش النبلاء» ثم تلاها بتحفته «الحب الأول» والتي تتطابق في أحداثها مع جزء كبير من حياة تورجنيف نفسه، فالأب في الرواية قريب من أبيه في الواقع، كما أن فلاديمير بتروفيتش وقصته مع «زنيدا» تشبه كثيراً قصة حب تورجنيف للمغنية الفرنسية بولين جرسيا التي كان يكن لها مشاعر جياشة رغم معرفته جيداً بالنتيجة وأنه يعيش حباً من طرف واحد.

    تُرجمت رواية «الحب الأول» إلى العربية أكثر من مرة، فقد تجرمها محمود عبد المنعم مراد وصدرت ضمن مشروع «الكتاب للجميع»، كذلك صدرت ترجمة أخرى عن دار «التقدم» في موسكو أنجزها غائب طعمة فرمان، كما ترجمها الناقد والمترجم البارز رمسيس يونان، أحد أقطاب الحركة السريالية في مصر.
يعمل...
X