مقابل ثنائية الفلسفة في الفكر والواقع، ظهر الفن ممتلكاً ثنائيةَ الواقع والنموذج المبتكر له، هذا الجدل يشكل أساس فكرة الفن. وكما أن لكل شيءٍ نقيضاً فإنَّ إيقاعَ الجو الزراعي وثقافته في الثبات والاستقرار، فخُلِقَ فنٌّ ثابتٌ إلى حد ما، ليس في التصاوير فحسب؛ بل في مجالات الفن كافةً، وهذا ما تتوارثه الأجيال المُزارعة جيلاً بعد جيل. سنراقب معايير الفن المعماري في تطوارته من البيت الدائري إلى البيت المستطيل تبعاً للتطور الاجتماعي، ثم تباعد البيوت والتحامها وتلاصقها ضمن أحياء تشكلُ قرى زراعية. فهنا كهناك لا ينفصل المنجز الفني عن واقعه لكنه يملك خيارات غير مرئية عندما يريد. بعد كل هذا كأن الحقيقة تقول: لا شيء اسمه فن بقدر ما هناك فنانون.
ما بعد العصر الزراعي منظومةٌ كاملة من المعايير والقيم تشكلت، فالمُلكية الزراعية أصبحت سلطة مدنية، والظواهر الطبيعية في بُعدها الرمزي تجسدت وأصبح لها رموز تجريدية. تعمَّقَ تزاوجُ الفن والدين كرمى آلهة يجب ألا تغضب، تحضر التمثيلات الإلهية في المعابد، تماثيل تكاد تنطق لكنها تأكل وتشرب، وتستمتع وتغضب وتُسرق وتُنقل إلى معابد مدن منتصرة.
التجريدية حاضرة كالواقعية، كذلك الفن المبالغ فيه؛ إذ كلما أخذت مملكة أو مدينة بأسباب القوة جاء فنُّها وفنانونها بتصفيق من نوع آخر.
د. بشار خليف
ما بعد العصر الزراعي منظومةٌ كاملة من المعايير والقيم تشكلت، فالمُلكية الزراعية أصبحت سلطة مدنية، والظواهر الطبيعية في بُعدها الرمزي تجسدت وأصبح لها رموز تجريدية. تعمَّقَ تزاوجُ الفن والدين كرمى آلهة يجب ألا تغضب، تحضر التمثيلات الإلهية في المعابد، تماثيل تكاد تنطق لكنها تأكل وتشرب، وتستمتع وتغضب وتُسرق وتُنقل إلى معابد مدن منتصرة.
التجريدية حاضرة كالواقعية، كذلك الفن المبالغ فيه؛ إذ كلما أخذت مملكة أو مدينة بأسباب القوة جاء فنُّها وفنانونها بتصفيق من نوع آخر.
د. بشار خليف