"حضرموت".. أقام عرسه في لوحاته
- اسماعيل رحمة
«هو الإنسان الحساس والمرهف والمهذب، والذي يتفاعل مع المجتمع كما يريد، المتذوق لجوانب الحياة وطبيعتها، الذي يعرف كيف يتعامل مع أدواته الفنية لخلق ما يحمله من تميز وموهبة ورسالة، له حضوره المميز في المجتمع، وله نظرة وذوقية فنية مختلف عن الآخرين».
هذا ما قاله الفنان التشكيلي "زهير عبد الرحيم حضرموت" في تعريفه للفنان التشكيلي عندما التقاه موقع eSyria يوم السبت 1 آب 2009:
بداية هل اخترت كلية الفنون الجميلة أم هي التي اختارتك؟
** طبعاً كان حلمي بأن أدخل كلية الفنون الجميلة، فمنذ كنت في المرحلة الإعدادية كنت أهتم بالرسم، وبدأت تتبلور موهبتي في المرحلة الإعدادية كنت أقلد صور الفنانين وأرسمها، وفي المرحلة الثانوية بدأت باستخدام الألوان، بعدها دخلت كلية الفنون الجميلة، لم أدخل أي مركز أو معهد قبل دخولي الكلية فقد كنت أعتمد على نفسي فقط.
- الفنان "زهير حضرموت" بين أعماله الفنية
برأيك ألم تسيطر اتجاهات الحداثة الغربية على توجهات الفنانين العرب، في الوقت الذي توارت فيها الأساليب الفنية التي تعتمد على الرؤى الواقعية؟
** لا شك أن الأعمال الفنية الغربية وخاصة التجريدية انتشرت بشكل كبير وأثرت على معظم أعمال الفنانين التشكيليين هنا، لكن بالنسبة لي لم أتأثر في أعمالي بهذا الاتجاه، وبرأيي أنه على الفنان قبل أن يدخل غمار الفن التجريدي عليه أن يتقن الفن الواقعي، ونلاحظ بعض الفنانين الشباب يقفزون نحو الرسم التجريدي دون أن يعرجوا على الواقعية، ودون خلفية وإمكانية لديهم، وهذا أعده تهرباً من الواقع، فمن الفنانين التجريديين مثل "بيكاسو" كان واقعياً ومن ثم اتجه إلى المدرسة التجريدية، وأعتقد أن هناك قصوراً ما في فهم هذه النقطة بالتحديد فالفن هو عمل قصدي وليس خلطاً للألوان كيفما اتفق ونشرها على قماش اللوحة على أنه نوع من الفن التجريدي.
هناك نظرة سائدة حول الواقعية في الفن التشكيلي بالتحديد على أنها بقايا عالم ثقافي انتهى عهده، ما رأيك بذلك والملاحظ من خلال لوحاتك أنك ملتزم بالواقعية؟
** لا أنتمي إلى أي مدرسة فنية ولا أضع لوحاتي تحت ستار أي منها فهي طليقة حرة، لأنه في اللوحة الواحدة لدي تجد عدة مدارس، شيء من الانطباعية وشيء من الواقعية وهناك مكان فيها للتجريدية والكلاسيكية، لكن هذا لا يمنعني من القول بأنه لا يمكن الانسلاخ عن الواقع وجمالياته الطبيعية، والإبداع في رسمه مغاير للفن الحديث التجريدي المبهم والمجهول المعنى، والفن الواقعي فن عظيم قائم بذاته ولا يمكن تجاهله أو إلغاؤه ونفيه خارج المجال الجمالي من الفنون.
هل من الممكن أن يكون التطور والتكنولوجيا، ودخولها بزخم إلى مجالات الحياة كافة، له تأثير بانتشار الفنانين التجريديين، وفقدان الحس الواقعي؟
- أحد أعمال الفنان
** باعتقادي يجب أن لا يؤثر، ويجب أن يكون له تأثير إيجابي، فأنا معظم لوحاتي أقوم بتصميمها على الكمبيوتر، ولدي تصاميم لمئات اللوحات غير المنفذة على قماش اللوحة، والتكنولوجيا مفيدة جداً.
من خلال لوحاتك، ما الذي تريد أن تضعه أو توصله للمتلقي والذي ينظر إلى نتاجك الفني؟
** طبعاً غاية كل فن إدخال السرور، والتمتع بالجمال المبدع، وأنا أسعى لإيصال شيء من السرور للجمهور من خلال لوحاتي، وإذا ما رأيت ملامح الإعجاب والسرور على وجه من ينظر إلى لوحاتي فأعتقد أنني لم أفعل شيئاً.متى يحق للفنان أن يتحدث إلى هوية فنية متفردة في لوحاته؟
** أعتقد من بعد تجاربه وبروز شخصيته ووجوده على الساحة الفنية، ومن خلال الأعمال التي تنال الاستحسان من قبل الجميع بالتميز وإعطائه هذه الهوية، هي مسألة مركبة قد يدخل الإعلام والنقد طرفاً فيها.متى تبدأ اللوحة عند الفنان "زهير حضرموت"؟
** بالنسبة لي لا أستطيع أن أرسم دون أن أعرف ماذا أريد أن أفعل، فأنا كنت أقوم بتصميم اللوحة على قطعة ورق صغيرة، أما الآن فأصممها على الكمبيوتر وأعيد تصميمها عدة مرات حتى أقرر ما سوف أرسمه، ولا أقتنع بفكرة أن الألوان وخلطها تجر الفنان لتشكيل لوحة.
نلاحظ في لوحاتك بحثاً مكثفاً على مستوى تقنية الرسم، هل أصبح الشكل الفني غاية بحد ذاته؟ أم هناك التزاماً ما (ثقافياً، إنسانياً، قومياً) ينصهر فيه؟
** أنا أحاول أن أخاطب في لوحاتي أكبر عدد من شرائح المجتمع، قد أرسم فكرة شعبية يتذوقها العامة والمثقف والناقد، طبعاً باستخدام الألوان وربط الأشكال ببعضها، وبسطوح ملساء ونافرة كما ترى، وهناك شيء غائر، ولغة تحدث كل من ينظر إلى اللوحة
أحد أعمال الفنان
ما هو رأيك بالحركة الفنية التشكيلية السورية المعاصرة؟
** هناك حركة ونشاط، ومدارس ناجحة في نتاجها الفني، هناك فنانون انطباعيون وواقعيون، وهناك مبدعون بالتجريدي ولكن ليس أي تجريدي.
من تذكر لنا من الفنانين التشكيليين المميزين في الساحة؟
** هناك الفنان التشكيلي "نبيل نبع"، والفنان "نشأت الزعبي"
كيف ترى فناني "حماه"، وما الذي يميزهم عن بقية فناني المحافظات؟
** فنانو "حماه" لهم انطباع خاص ومختلف عن بقية الفنانين، فهم كثيرو التعلق بالواقع والطبيعة الجميلة، فهم شديدو الالتصاق بنهر العاصي والنواعير، فيغلب على لوحاتهم هذه المناظر الطبيعية التي تمثل وتنقل جمال البيئة والطبيعة.
برأيك هل طغى اسم فنان تشكيلي على اسم الرسام؟
** أنا أعتبر أن كلمة الرسام تطلق على الناقل للشكل، أو مصور مثل الكاميرا بينما الفنان التشكيلي فهناك إبداع وقدرة على خلق شيء مميز، فأظن لذلك طغى الاسم
ماذا تحدثنا عن المعارض الدولية التي شاركة بها، وهل من جوائز نلتها من خلال مشاركاتك الفنية؟
** أفتخر بأننا قدمنا باسم "مدارس من الفن التشكيلي السوري" في معرض دولي بـ"اسبانيا"، وكنا ثمانية أذكر منهم الأستاذ "نذير نبعة"، و"فاتح المدرس"، و"نصير شغرة"، و"محمود حماد"، ومثلت سورية وحيداً في بيروت بمعرض امبزيوم الدولي للأعمال المختلفة والأشكال، هناك معارض جماعية ومعارض فردية، هناك جائزة تقديرية من وزيرة الثقافة "نجاح العطار"، وأخرى في "الشارقة" في أثناء مشاركتي بمعرض للفنانين التشكيليين العرب هناك، بالإضافة للمشاركات العالمية في"روسيا"، و"بلغاريا"، و"اسبانيا"
كفنان تشكيلي كيف تنظر لإبداعاتك التشكيلية وأين أنت حالياً؟
** أعتبر نفسي ما أزال في الطريق، وأعتبر الوصول إلى خط النهاية هو الانحدار والانجراف نحو الفشل، وأنا راضٍ عن أعمالي وعن الخط والنهج الذي أسير فيه، لأنه ميزني ونال إعجاب وتقدير الكثيرين من النقاد والفنانين الكبار.
ما اللوحة المفضلة لديك من أعمالك والتي تؤثر فيك متى ما رأيتها؟
** هي لوحة العرس الشعبي الحموي وكان العمل مشروع تخرج من كلية الفنون الجميلة، ولدي هاجس بالعرس، يمكن أن يعود لطريقة زواجي "بدون عرس"، كنت في السعودية عندما تزوجت وجاءتني العروس بالطيارة، ولكن عندما عدت أقمت عرساً على لوحاتي وقدمته على شكل معرض فردي بعنوان "العرس الشعبي الحموي".
وأخيراً ماذا حقق لك الفن؟
** حقق لي الكثير ولكن الشيء الأهم الذي حققه هو وجودي.
والجدير بالذكر أن الفنان التشكيلي "زهير عبد الرحيم حضرموت" من مواليد "حماه" 1949، متزوج، وله 4 أبناء، ثلاث بنات وصبي، خريج كلية الفنون الجميلة سنة 1974، وكان مدرساً في معهد الفنون النسوية بـ"حماه"، ويعتبر من أعلام الفن التشكيلي السوري، وتشارك لوحاته في المعرض السنوي التي تقيمه وزارة الثقافة، وله عدد من اللوحات المعلقة بمديرية الثقافة وفي المتاحف الوطنية.