ربيعه رقي
Rabia'h al-Raqqi - Rabia'h al-Raqqi
رَبيعـة الرَّقِّـي
(؟ - 198هـ/؟ - 813م)
ربيعة بن ثابت بن لجأ الأسدي، شاعر ضرير من شعراء القرن الثاني الهجري، وكان يلقب بالغاوي. ولد ونشأ في الرقة، وهي بلدة تقع على الفرات من بلاد الشام. لم تذكر كتب الأدب سنة ولادته، إلا أنه غادر الرقة في مطلع شبابه إلى بغداد، حيث لقي معن بن زائدة الشيباني فمدحه، فلم يكترث معن به، فمضى ربيعة عنه بعد أن هجاه. وكان ربيعة قد أملق، فرهن داره حتى تراكم عليه الدين، فتوجه إلى أرمينيا، حيث التقى بواليها يزيد بن أُسَيد السُّلَمي، فمكث فيها ربيعة حولاً كاملاً ينظم الشعر في مدح السُّلَمي ويستميحه لقضاء الدين الذي عليه، فلم يجد عنده ما كان يأمله، فتولى عنه يائساً. ثم شد رحاله إلى مصر، وتقرب هناك من واليها يزيد بن حاتم المهلبي المعروف بالشجاعة والسخاء، فوصله وقضى عنه الدين وبالغ في إكرامه. وفي عام 152هـ عَزل المنصورُ يزيدَ بن حاتم عن ولاية مصر، فحزن ربيعة لذلك، ونظم قصيدة غرَّاء يمتدحه فيها ويعدد مآثره ويصف حزن أهل مصر عليه، ثم قفل عائداً إلى موطنه الرقة. وكانت قصائده في الغزل والمديح قد تناقلها الناس حتى بلغت أسماع الخليفة المهدي، فأمر بإشخاصه، ولكن ربيعة لم يلق عنده من الحظوة والنوال ما كان يأمل، فلما آلت الخلافة إلى الرشيد سعى إليه ربيعة، وراج عنده شعره، وكثرت معه مُلَحه ونوادره، وأمر له الخليفة بثلاثين ألف درهم. وفي عام 185هـ ولي العباس ابن محمد إمارة الجزيرة الفراتية، واتخذ من الرقة مقراً له، فلم يتوان ربيعة عن التوجه إليه بقصيدة مدحية تعد من أجود شعره، فأكرمه. وآثر ربيعة أن يمضي بقية حياته في بلدته ناعم البال مطمئن الحال، إلى أن وافته المنية.
وفي شعر ربيعة الرِّقِّي إلى جانب المديح قصائد في الغزل كانت تتردد على ألسنة الجواري والقيان، وفي مجالس المنادمة والغناء، إلا أنها لا تختلف عن قصائد شعراء عصره سواء في المعاني أم في الصياغة، فهو دائم المباهاة بتعلقه بالنساء ونزواته العاطفية، حتى إنه ذكر في شعره منهن ليلى وعَثْمة وغنَّامة ورُخاص وسعاد. وهو ينحو نحو الغزل العذري الوجداني تارةً، ونحو الغزل الحسي الوصفي تارة أخرى، كما أنه يجنح إلى الأوزان الخفيفة القصيرة التي يسهل على السامعين حفظها، وعلى المغنين أداؤها. وله في شعر الحكمة مقطوعات وعظية ترجع في أصولها إلى المفهومات الدينية، وإلى الثقافة الزهدية التي أخذت بالنمو في صدر العصر العباسي الذي عاشه الشاعر، فمن ذلك قوله:
ولا تسأل الناس ما يملكون
ولكن سل الله واستكفِهِ
ولا تخضعن إلى سِفلةٍ
وإن كانت الأرض في كفه
يلاحظ في شعر ربيعة الرقي تفاوت واضح في الصياغة والأداء الشعري، ففي موضوعات المديح والحكمة يتسم أسلوبه بالجزالة والقوة حتى ليكاد يلحق بالفحول من الشعراء، لكنه حين يطرق موضوعات اللهو والتغزل نراه يجنح في التعبير إلى البساطة والسلاسة المفرطة، فهذا أبو الفرج الأصفهاني يَعُده «من المكثرين المجيدين» غير أنه يعقب على ذلك بقوله «وإنما أخمل ذكرَه وأسقطه عن طبقته بُعدُه عن العراق وتركُه خدمةَ الخلفاء ومخالطةَ الشعراء». أما ديوانه فقد ذكر النديم في «الفهرست» أنه يقع في مئة ورقة، وأن في كل ورقة عشرين سطراً. إلا أن هذا الديوان لا يزال مفقوداً. ولم يبق من شعر ربيعة سوى قصائد قليلة وأبيات متناثرة في كتب الأدب والتراجم. وفي العصر الحديث تجرد زكي ذاكر العاني لجمع هذا الشعر وتبويبه وضمه في كتاب صدر عن وزارة الثقافة في دمشق عام 1980م، وهو يحتوي على 274 بيتاً مما ثبتت نسبته إلى الشاعر.
محمد كمال
ـ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني (طبعة دار الكتب 1961م).
ـ البغدادي، خزانة الأدب (مصر 1351هـ).
ـ ياقوت الحموي، معجم الأدباء (دار المأمون، القاهرة 1938م).
Rabia'h al-Raqqi - Rabia'h al-Raqqi
رَبيعـة الرَّقِّـي
(؟ - 198هـ/؟ - 813م)
ربيعة بن ثابت بن لجأ الأسدي، شاعر ضرير من شعراء القرن الثاني الهجري، وكان يلقب بالغاوي. ولد ونشأ في الرقة، وهي بلدة تقع على الفرات من بلاد الشام. لم تذكر كتب الأدب سنة ولادته، إلا أنه غادر الرقة في مطلع شبابه إلى بغداد، حيث لقي معن بن زائدة الشيباني فمدحه، فلم يكترث معن به، فمضى ربيعة عنه بعد أن هجاه. وكان ربيعة قد أملق، فرهن داره حتى تراكم عليه الدين، فتوجه إلى أرمينيا، حيث التقى بواليها يزيد بن أُسَيد السُّلَمي، فمكث فيها ربيعة حولاً كاملاً ينظم الشعر في مدح السُّلَمي ويستميحه لقضاء الدين الذي عليه، فلم يجد عنده ما كان يأمله، فتولى عنه يائساً. ثم شد رحاله إلى مصر، وتقرب هناك من واليها يزيد بن حاتم المهلبي المعروف بالشجاعة والسخاء، فوصله وقضى عنه الدين وبالغ في إكرامه. وفي عام 152هـ عَزل المنصورُ يزيدَ بن حاتم عن ولاية مصر، فحزن ربيعة لذلك، ونظم قصيدة غرَّاء يمتدحه فيها ويعدد مآثره ويصف حزن أهل مصر عليه، ثم قفل عائداً إلى موطنه الرقة. وكانت قصائده في الغزل والمديح قد تناقلها الناس حتى بلغت أسماع الخليفة المهدي، فأمر بإشخاصه، ولكن ربيعة لم يلق عنده من الحظوة والنوال ما كان يأمل، فلما آلت الخلافة إلى الرشيد سعى إليه ربيعة، وراج عنده شعره، وكثرت معه مُلَحه ونوادره، وأمر له الخليفة بثلاثين ألف درهم. وفي عام 185هـ ولي العباس ابن محمد إمارة الجزيرة الفراتية، واتخذ من الرقة مقراً له، فلم يتوان ربيعة عن التوجه إليه بقصيدة مدحية تعد من أجود شعره، فأكرمه. وآثر ربيعة أن يمضي بقية حياته في بلدته ناعم البال مطمئن الحال، إلى أن وافته المنية.
وفي شعر ربيعة الرِّقِّي إلى جانب المديح قصائد في الغزل كانت تتردد على ألسنة الجواري والقيان، وفي مجالس المنادمة والغناء، إلا أنها لا تختلف عن قصائد شعراء عصره سواء في المعاني أم في الصياغة، فهو دائم المباهاة بتعلقه بالنساء ونزواته العاطفية، حتى إنه ذكر في شعره منهن ليلى وعَثْمة وغنَّامة ورُخاص وسعاد. وهو ينحو نحو الغزل العذري الوجداني تارةً، ونحو الغزل الحسي الوصفي تارة أخرى، كما أنه يجنح إلى الأوزان الخفيفة القصيرة التي يسهل على السامعين حفظها، وعلى المغنين أداؤها. وله في شعر الحكمة مقطوعات وعظية ترجع في أصولها إلى المفهومات الدينية، وإلى الثقافة الزهدية التي أخذت بالنمو في صدر العصر العباسي الذي عاشه الشاعر، فمن ذلك قوله:
ولا تسأل الناس ما يملكون
ولكن سل الله واستكفِهِ
ولا تخضعن إلى سِفلةٍ
وإن كانت الأرض في كفه
يلاحظ في شعر ربيعة الرقي تفاوت واضح في الصياغة والأداء الشعري، ففي موضوعات المديح والحكمة يتسم أسلوبه بالجزالة والقوة حتى ليكاد يلحق بالفحول من الشعراء، لكنه حين يطرق موضوعات اللهو والتغزل نراه يجنح في التعبير إلى البساطة والسلاسة المفرطة، فهذا أبو الفرج الأصفهاني يَعُده «من المكثرين المجيدين» غير أنه يعقب على ذلك بقوله «وإنما أخمل ذكرَه وأسقطه عن طبقته بُعدُه عن العراق وتركُه خدمةَ الخلفاء ومخالطةَ الشعراء». أما ديوانه فقد ذكر النديم في «الفهرست» أنه يقع في مئة ورقة، وأن في كل ورقة عشرين سطراً. إلا أن هذا الديوان لا يزال مفقوداً. ولم يبق من شعر ربيعة سوى قصائد قليلة وأبيات متناثرة في كتب الأدب والتراجم. وفي العصر الحديث تجرد زكي ذاكر العاني لجمع هذا الشعر وتبويبه وضمه في كتاب صدر عن وزارة الثقافة في دمشق عام 1980م، وهو يحتوي على 274 بيتاً مما ثبتت نسبته إلى الشاعر.
محمد كمال
مراجع للاستزادة: |
ـ البغدادي، خزانة الأدب (مصر 1351هـ).
ـ ياقوت الحموي، معجم الأدباء (دار المأمون، القاهرة 1938م).