دريد (محمد حسن)
Ibn Durayd (Mohammad ibn al-Hassan-) - Ibn Durayd (Mohammad ibn al-Hassan-)
ابن دُرَيْد (محمد بنُ الحسن -)
(223-321هـ/838-935م)
أبو بكر محمد بن الحسن بن دُرَيد ابن عتاهية بن حنتم بن الحسن. ينتهي نسبه بيعربَ بنِ قحطَانَ من الأزْدِ. من أئمة اللغة والأدب.
ولد في البصرة في خلافة المعتصم بالله، ونشأ بعُمان في بيت علم ورئاسة، وتنقل في الجزائر البحرية ما بين البصرة وفارس، ثم استقر في بغداد إلى آخر حياته، وطلب الأدب وعلم النحو واللغة، حتى برع فيهما.
أخذ العلم عن الثقات من أهل اللغة والعربية والقراءات وأيام العرب، منهم أبو حاتم السجستاني (ت248هـ)، والرّياشيُّ (ت257هـ) وعبد الرحمن بن أخي الأصمعي، والأشناندانّي أبو عثمان (ت256هـ)، وكان كثير الرواية عن أبي زيد الأنصاري، وغيرهم من أئمة المجتهدين والمتبحرين.
تصدّر ابن دريد في العلم ستين سنة، وأخذ عنه كبار أهل العلم كأبي سعيد السيرافي (ت368هـ)، وأبي عبيد الله والمرزباني (ت 384هـ) وأبي علي القالي(ت 356هـ) وابن خالويه (ت370هـ) وعلي بن عيسى الرماني (ت381هـ).
وقد أثنى على علمه كلُّ من ترجم له وقرأ مصنفاته وعلم فضله.
قال القفطيّ: «كان أبو بكر واسع الرواية؛ ما رأى الرواة أحفظَ منه، وكان يقرأ عليه دواوين العرب، فيسبق إلى إتمامها بالحفظ لها» وكان لا يحب شيئاً إلا العلم، ولا تقر عيناه إلا من الكتب، وبذلك الحب والعلق في العلم يكون الرجل صاحب الكمال والفضل.
وقال أبو الطيّب اللغوي «هو الذي انتهى إليه علمُ لغة البصريين، وكان أحفظَ الناس وأوسعهم علماً، وأقدرهم على شعر وأعلمهم بأيام العرب وأنسابها» وقال الفيروزأبادي: «كان رأس أهل الأدب».
تقلّد ديوان «فارس» وكانت تصدر كتب فارس عن رأيه، ولا ينفذ أمر إلا بعد توقيع منه، فاستفاد مالاً كثيراً.
له من الكتب: كتاب «الجمهرة» في اللغة، وكتاب «الاشتقاق»، وكتاب «الخيل الكبير»، وكتاب «الخيل الصغير»، وكتاب «الملاحن»، وكتاب «أدب الكاتب»، وكتاب «المجتنى»، وكتاب «المقتنى»، وكتاب «رواة العرب»، وكتاب «غريب القرآن».
والمقصورةُ قصيدةٌ طويلة (231 بيتٍ)، نظمها ابن دريدٍ في مدح ابني ميكال، وكانا بشيراز، يصف مسيره إلى فارس، ويتشوق البصرة، نظمها على بحر الرجز، وجعل حرف الروي فيها ألفاً مقصورة، وقد ضمنها كثيراً من الأمثال السائرة، والأخبار النادرة، والحكم البالغة، والمواعظ الإنسانية، واستخدم فيها نحو ثلث الأسماء العربية المقصورة، وقد نالت شهرة كبيرة عند الأدباء والشعراء واللغويين.
وأما كتابُ «الجمهرة» فهو معجم لغوي، رتّبه ابن دُرَيد ترتيباً ألفبائياً سهلاً، حسن الترتيب، سهل المطلب لما يُرادُ منه «إذ كانت الحروف المرتبة على الألف باء بالقلوب أعلق وفي الأسماع أنفذ، وكان علم العامة بها كعلم الخاصة، وطالبها من هذه الجهة بعيداً من الحيرة مشفياً على المراد».
بيّن ابن دريد في هذا الكتاب هدفه فقال:
«هذا كتاب جمهرة الكلام واللغة؛ ومعرفة جُملٍ منها تؤدي الناظر فيها إلى معظمها...وقال: وإنّما أعرناه هذا الاسم لأنا اخترنا له الجمهور من كلام العرب. وأرجأنا الوحشي المستنكر». فالجمهور الشائع هو المقصود من الكتاب. أما الغريب فعرض أو من الأنفال، فلذلك فصله عن الكتاب وألحقه بآخره. ومن مزايا الكتاب عناية ابن دريد بإبانة اشتقاق بعض الصيغ والحديث عن المعرّب والأعجمي من الألفاظ، والتركيز على اللهجات واللغات والصور المختلفة للفظ الواحد.
ذكرت كتب التراجم أنَّ ابن دريدٍ كان أعلم الشعراء، وأشعر العلماء، وشعره كثير يبلغ خمسة مجلدات، فمن شعره وهو أول شيء قاله:
ثوبُ الشبابِ عليَّ اليومَ بَهْجَتُه
وسوفَ تَنْزعُهُ عنّي يَدُ الكِبَرِ
أنا ابنُ عشرينَ ما زادَتْ ولا نَقَصَتْ
إنَّ ابنَ عشرينَ مِنْ شَيْبٍ على خَطَر
عرض له في آخر حياته فالج عاش بعده سنتين، ثم مات وقد جاوز التسعين.
قال أبو الحسن بن جعفر يرثيه:
فقدْت بابن دُريدٍ كلَّ فائدةٍ
لَمَّاَ غَدَا ثالثَ الأحجار والتُّرُبِ
وكنتُ أبكي لفقد الجودِ منفَرِدَاً
فصرت أبكي لفَقْدِ الجودِ والأدبِ
أيمن الشوا
ـ القفطي، إنباه الرواة على أنباه النحاة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة 1981م).
ـ السيوطي، بغية الوعاة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة 1964).
ـ ياقوت الحموي، معجم الأدباء (دار إحياء التراث، بيروت).
Ibn Durayd (Mohammad ibn al-Hassan-) - Ibn Durayd (Mohammad ibn al-Hassan-)
ابن دُرَيْد (محمد بنُ الحسن -)
(223-321هـ/838-935م)
أبو بكر محمد بن الحسن بن دُرَيد ابن عتاهية بن حنتم بن الحسن. ينتهي نسبه بيعربَ بنِ قحطَانَ من الأزْدِ. من أئمة اللغة والأدب.
ولد في البصرة في خلافة المعتصم بالله، ونشأ بعُمان في بيت علم ورئاسة، وتنقل في الجزائر البحرية ما بين البصرة وفارس، ثم استقر في بغداد إلى آخر حياته، وطلب الأدب وعلم النحو واللغة، حتى برع فيهما.
أخذ العلم عن الثقات من أهل اللغة والعربية والقراءات وأيام العرب، منهم أبو حاتم السجستاني (ت248هـ)، والرّياشيُّ (ت257هـ) وعبد الرحمن بن أخي الأصمعي، والأشناندانّي أبو عثمان (ت256هـ)، وكان كثير الرواية عن أبي زيد الأنصاري، وغيرهم من أئمة المجتهدين والمتبحرين.
تصدّر ابن دريد في العلم ستين سنة، وأخذ عنه كبار أهل العلم كأبي سعيد السيرافي (ت368هـ)، وأبي عبيد الله والمرزباني (ت 384هـ) وأبي علي القالي(ت 356هـ) وابن خالويه (ت370هـ) وعلي بن عيسى الرماني (ت381هـ).
وقد أثنى على علمه كلُّ من ترجم له وقرأ مصنفاته وعلم فضله.
قال القفطيّ: «كان أبو بكر واسع الرواية؛ ما رأى الرواة أحفظَ منه، وكان يقرأ عليه دواوين العرب، فيسبق إلى إتمامها بالحفظ لها» وكان لا يحب شيئاً إلا العلم، ولا تقر عيناه إلا من الكتب، وبذلك الحب والعلق في العلم يكون الرجل صاحب الكمال والفضل.
وقال أبو الطيّب اللغوي «هو الذي انتهى إليه علمُ لغة البصريين، وكان أحفظَ الناس وأوسعهم علماً، وأقدرهم على شعر وأعلمهم بأيام العرب وأنسابها» وقال الفيروزأبادي: «كان رأس أهل الأدب».
تقلّد ديوان «فارس» وكانت تصدر كتب فارس عن رأيه، ولا ينفذ أمر إلا بعد توقيع منه، فاستفاد مالاً كثيراً.
له من الكتب: كتاب «الجمهرة» في اللغة، وكتاب «الاشتقاق»، وكتاب «الخيل الكبير»، وكتاب «الخيل الصغير»، وكتاب «الملاحن»، وكتاب «أدب الكاتب»، وكتاب «المجتنى»، وكتاب «المقتنى»، وكتاب «رواة العرب»، وكتاب «غريب القرآن».
والمقصورةُ قصيدةٌ طويلة (231 بيتٍ)، نظمها ابن دريدٍ في مدح ابني ميكال، وكانا بشيراز، يصف مسيره إلى فارس، ويتشوق البصرة، نظمها على بحر الرجز، وجعل حرف الروي فيها ألفاً مقصورة، وقد ضمنها كثيراً من الأمثال السائرة، والأخبار النادرة، والحكم البالغة، والمواعظ الإنسانية، واستخدم فيها نحو ثلث الأسماء العربية المقصورة، وقد نالت شهرة كبيرة عند الأدباء والشعراء واللغويين.
وأما كتابُ «الجمهرة» فهو معجم لغوي، رتّبه ابن دُرَيد ترتيباً ألفبائياً سهلاً، حسن الترتيب، سهل المطلب لما يُرادُ منه «إذ كانت الحروف المرتبة على الألف باء بالقلوب أعلق وفي الأسماع أنفذ، وكان علم العامة بها كعلم الخاصة، وطالبها من هذه الجهة بعيداً من الحيرة مشفياً على المراد».
بيّن ابن دريد في هذا الكتاب هدفه فقال:
«هذا كتاب جمهرة الكلام واللغة؛ ومعرفة جُملٍ منها تؤدي الناظر فيها إلى معظمها...وقال: وإنّما أعرناه هذا الاسم لأنا اخترنا له الجمهور من كلام العرب. وأرجأنا الوحشي المستنكر». فالجمهور الشائع هو المقصود من الكتاب. أما الغريب فعرض أو من الأنفال، فلذلك فصله عن الكتاب وألحقه بآخره. ومن مزايا الكتاب عناية ابن دريد بإبانة اشتقاق بعض الصيغ والحديث عن المعرّب والأعجمي من الألفاظ، والتركيز على اللهجات واللغات والصور المختلفة للفظ الواحد.
ذكرت كتب التراجم أنَّ ابن دريدٍ كان أعلم الشعراء، وأشعر العلماء، وشعره كثير يبلغ خمسة مجلدات، فمن شعره وهو أول شيء قاله:
ثوبُ الشبابِ عليَّ اليومَ بَهْجَتُه
وسوفَ تَنْزعُهُ عنّي يَدُ الكِبَرِ
أنا ابنُ عشرينَ ما زادَتْ ولا نَقَصَتْ
إنَّ ابنَ عشرينَ مِنْ شَيْبٍ على خَطَر
عرض له في آخر حياته فالج عاش بعده سنتين، ثم مات وقد جاوز التسعين.
قال أبو الحسن بن جعفر يرثيه:
فقدْت بابن دُريدٍ كلَّ فائدةٍ
لَمَّاَ غَدَا ثالثَ الأحجار والتُّرُبِ
وكنتُ أبكي لفقد الجودِ منفَرِدَاً
فصرت أبكي لفَقْدِ الجودِ والأدبِ
أيمن الشوا
مراجع للاستزادة: |
ـ السيوطي، بغية الوعاة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة 1964).
ـ ياقوت الحموي، معجم الأدباء (دار إحياء التراث، بيروت).