التأثير طويل الأمد للكلمات - اسمح لنفسك بهامش من الإخفاق في حياتك .. كتاب عندما تكسب قلب طفلك
التأثير طويل الأمد للكلمات
فلتت مني عبارة لأطفالي عندما كانوا صغاراً . اعتقدت وقت ذاك بأنها عبارة هامة ولم أفكر في مراميها بعمق. قلت لهم: بحكم مسؤولياتي وطبيعة عملي قد نكون كعائلة أكثر عرضة للنقد من غيرنا من العائلات.
قلت لنفسي في أثناء صياغتي لتلك العبارة بأنه لو تورط أحد أبنائي في مشكلة جنسية خارج مؤسسة الزواج، فقد لا يكون بمقدوري أن أتابع
عملي في الكنيسة، وقد أكدت أنا نفسي في مرتين أو أكثر بأنه لو حدث ذلك سوف لن أكون راغباً في متابعة عملي في الكنيسة.
والآن... قد يكون هناك المئات من الأشياء التي أستطيع فعلها، وربما أحب أن أجرب بعض هذه الأشياء، ولكن أولادي يدركون تماماً بأنني أحببت عملي. وهم على ثقة بأنني كنت ذا تأثير إيجابي على العديد من العائلات في أمكنة كثيرة من العالم، وهم لا يريدون أن يعوقوني عن عملي هذا . ولا يود أحد منهم أن يكون سبباً في الإساءة إلى سمعتي والتأثير على عملي. وعلى الرغم من أنني شجعتهم أكثر من مرة على أن يقولوا ما يشاؤون لأمهم ولي. إلا أن تلك العبارة التي قلتها لهم عن أن سلوكهم قد يجبرني على ترك وظيفتي في الكنيسة، قد أعاق حقيقة قدرتهم على التواصل مع الآخرين عندما أصبحوا في سن المراهقة. أخبرني غريغ ذات يوم: أبي لقد شجعتنا على أن نصارحك بكل شيء، ولكننا نعرف بأننا إذا أخبرناك بشيء وكان سيئاً قد يؤدي ذلك إلى فقدانك لعملك. ربما ستفقد عملك وربما قد تستمر به. نحن لسنا متأكدين من ذلك. ولكن هذه المسألة كانت عائقاً حقيقياً أمامنا . وتابع غريغ: عندما كنت في الكلية رأيت أشياء كثيرة غريبة. لقد كانت أمامي مغريات كثيرة. الجنس كان حاضراً بيننا في كل مكان في غرف المدينة الجامعية في غرفتي أنا شخصياً في بعض الأحيان. وكانت الفتيات يتحدثن عنه بشكل مستمر.
كانت بعض الفتيات يتحرشن بي ويعرضن أنفسهن علي ، وكانت هناك مجلات إباحية... ببساطة يا أبي لم يكن بمقدوري أن أتجنبه. واستمر غريغ يخبرني بما لديه : ((العالم الآن مختلف تماماً عن عالمك الذي نشأت به عندما كنت صغيراً . الجنس في عالمنا الآن منتشر، ويكثر الحديث عنه، ويكثر وجوده لدرجة يصعب معها على أي إنسان تجاهله.
لقد كنت بعيداً عن البيت وبعيداً عن الأسرة وكنت أكافح وأقاوم كل هذه الإغراءات والمشاكل، ولم أشعر أبداً أنه بمقدوري أن أتحدث إليك بصراحة حول هذه المواضيع. وكنت أحس بأن النتائج الناجمة عن الحديث في هذا الموضوع قد لا تكون سارة لكلينا .
وأكمل غريغ حديثه : بالتأكيد ربما تحدثنا عن هذا الموضوع، لكننا تحدثنا بشكل سطحي جداً وغير مباشر. عندما ذهبت إلى الجامعة، لقد تورطت في مشكلة كبيرة لها علاقة بهذا الموضوع. وقبل أن أدرك تماماً ما يجري كنت أحس أنني أعيش في عالمين مختلفين. في العالم الأول كنت فتى سيئاً وفي العالم الثاني مع عائلتي كان الجميع ينظر لي على أنني شخص جيد ومستقيم. كنتم جميعاً تحبونني ولا تدخرون فرصة لإخباري بأنني مهم وبأنني مهذب وحسن السلوك. ولكن بعد ذلك أغادر عالمكم لا نخرط في عالمي الآخر السيء.
عندما بدأ غريغ إخباري عن مغامراته، شجعته على البوح بكل ما لديه. حدث هذا في عيد الميلاد عندما كنا معاً في مسبحنا الدافئ . وكان الحديث حميمياً كما لو أنه حديث قلب لقلب. وتابع غريغ قائلاً: ((أنت تعرف يا أبي بأنكما أنت وأمي قد أنقذتها حياتي أكثر من مرة وبطرق عديدة جداً . لقد غرقت تماماً في الخطأ. وكنت أشعر بالذنب وبالخجل الشديد، حتى أني فكرت أكثر من مرة بوضع حد لحياتي كلها، ولكني كنت أعدل عن الفكرة لأنني أدرك أن هناك مكاناً دافئاً أستطيع اللجوء إليه هو البيت. وكنت أدرك أن حالتي مهما بلغت من السوء، سيظل أبي وأمي يحباني ويدعماني لأني ابنهما . وكنت أرى نفسي أسقط من حضيض إلى حضيض أعمق. ولكن دعمك لي وتشجيعي على الإيمان بالله وإدخاله إلى حياتي ليطهرها من أدرانها، ويغفر لي سوء أعمالي ساعدني كثيراً على النهوض مرة ثانية والوقوف على قدمي والبدء من جديد . ولهذا كله فأنا شديد الامتنان لله ولك ولأمي، وأنا أعرف بأنني لن أستطيع أن أفيكما حقكما على فلولا حبكما ودعمكما لما استطعت أن أخرج من هذا المستنقع الجليدي الذي أوقعت نفسي فيه)).
بدأت أدرك حجم الورطة التي وضع غريغ نفسه فيها، بدأ يشعر كما لو أنه كتلة من الآثام التي يصعب غفرانها . وقد كنت أراقبه وهو يتابع قوله : ((شعرت كما لو أنني نتن من قمة رأسي إلى أخمص قدمي، وكنت أبكت نفسي على أفعالها. ولكن ما أنقذني فعلاً هو إدراكي لحقيقة أن الله سبحانه يغفر الخطأ، ويقبل التائبين وهو يحبنا ويريدنا أن نكف عن الولوج في الخطأ والبدء بفعل ما هو صالح وخير لنا وللمجتمع. هذا لا يعني بأنني كنت أسوغ لنفسي أفعالها، لقد شعرت أنني في غاية السوء والقذارة. ولكني اتخذت قراراً بأن أتحسن في سلوكي وأفعالي دون الالتفات إلى الوراء أو اتهام أحد بما حدث لي لا سيما والدي. لقد اتخذت القرار بحزم وإرادة وأنا المسؤول الأول عن كل أفعالي)).
وتابع غريغ حديثه : ((في نهاية الأمر يتعلق الأمر كله بالقرارات التي نتخذها وبالخيارات التي نفضل أحد الأسباب التي جعلتني أرغب لفترة في أن أعمل بالمحاماة هو إدراكي بأن الله لا يريد لي أن كون مبشراً دينياً وأن عملي في هذا المجال قد لا يرضي الله. ولكن عندما تذكرت قصة شاؤول التارسوسي Saul of (tarsus)، فقد قتل وعذب المسيحيين وفعل موبقات كثيرة، وإذا قارنت ذنوبي بذنوبه فإن ذنوبه تفوق ذنوبي بمرات
عديدة. ولكن مع هذا فإن الله قلب حياته رأساً على عقب وخلق منه بولس الرسول. هذا يثبت بأنّه لا توجد ذنوب لا يغفرها الله، ولا يستطيع تحويل حياة مرتكبها إلى الاتجاه الآخر وتسخيره لأفعال الخير)).
((وهكذا يا أبي)) . تابع غريغ القول، هذا ما حدث لي. وفي المحصلة فقد جمعت كل قواي لأنهض ثانية، وأبدأ طريقي القويم، قلبي مملوء بالله الذي أتكل عليه كلياً لمساعدتي وتطهيري. لقد كانت تجربة النهوض قاسية ومؤلمة، وخلال سنتين من الثبات على المبدأ والنضال لتطهير نفسي أصبحت الآن الشخص الذي ترى)).
لا أستطيع أن أعبر لكم عن مدى سعادتي وتأثري وأنا أرى ابني يعترف بكل كبرياء وشرف بأخطائه، وقد فهمها جيداً وأخذ درسه منها.
لقد كان خجله من نفسه وشعوره بالذنب كبيرين وقويين، وقد أحبطه هذا الشعور إحباطاً قوياً . وقد عبر عن ذلك بنفسه حيث قال بأنه كان يشعر كما لو أنه يسقط في مستنقع متجمد وكلما جرفته المياة الباردة إلى الأعماق كانت الصعوبة تزداد للخروج من هذه الحالة المزرية . كانت المياة الباردة تشل عضلاته، ولم يكن بمقدوره أن يجد طريقة للخروج من هذه الورطة، وقد فسر لي ما حدث على الشكل التالي: ((الشعور بالعار وعقدة الذنب، كانا المستنقع البارد المتجمد الذي انزلقت إليه. ولم يكن بمقدوري الخروج إلى العالم الطبيعي كنت بحاجة إلى وسيلة أو أداة لكسر جليد وبرودة ذلك المستنقع الذي سقطت فيه لأتمكن من الخروج منه . لقد وجدت في الكتاب المقدس هذه الوسيلة. وبدأت أتعلم المزيد عن علاقتي بالمخلص السيد المسيح وكيف يستطيع أن يعيد التوازن إلى حياتي مرة ثانية. وبدأت التوجه إليه، وأعلن له التزامي به حتى قبل أن أعرف كيف أقيم صلواتي له. ولكنني عندما قررت أخيراً أن التزم به كصديق ومخلص، بدأت أشعر أنه يعطيني الثقة والقوة والإرادة والوسائل اللازمة لكسر الجليد حولي والنهوض مرة ثانية للخروج من مستنقعي البارد هذا .
سمعت خوري كنيستنا مؤخراً يقول : (( عندما نلتزم بإرادة الله ونتبع تعاليمه، فقط عندما نقوم بذلك، فهو يمنحنا القوة)). هذا بالضبط ما توصل إليه غريغ. فعندما بدأ غريغ يشعر بقوة الله ورحمته وحبه لعباده انبعثت في أوصاله القوة اللازمة لرفع رأسه فوق جليد المستنقع الذي انزلق إليه، وبدأ يتنفس هواء طبيعياً مرة ثانية. كان لازال يشعر بالبرد وبما يشبه الشلل وقلة الحيلة، ولكنه كان يستجمع قواه للعودة إلى الطريق القويم.
((مرت شهور)) تابع غريغ حديثه معي . ((اكتشفت أن العار الذي أشعر به وعقدة الذنب التي تلازمني هما فقط أشياء في دماغي)). كان لا بد لي من الشعور بأن ما فعلته من أفعال سيئة يمكن أن يحدث. وحيث أني قد اعترفت بكل أخطائي هذه يجب أن لا تؤخرني هذه الأخطاء عن متابعة مسيرتي الرب يغفر حقيقة خطايانا كلها إذا تبنا توبة نصوحاً. رحمته الواسعة تغمرنا كل يوم، وهو قادر على أن يساعدنا على تغيير تلك العادات السيئة التي تحكمت بنا ، ويجعلنا نمارس عادات خيرة مفيدة لنا وللمجتمع. نستطيع في الواقع أن نتذكر هذا الماضي الذي كان لنا فنتعلم منه دروساً هامة. ويستطيع الرب أن يحوّل فينا كل تلك الأفعال الفاسدة إلى أفعال جديدة خيرة.
لقد كان غريغ على حق. فلقد ورد في الإنجيل بأن السيد المسيح جاء ليخلص الحزاني من أحزانهم، وليبعث في رماد أشيائهم جمالاً، وليصب زيت البهجة والأمل على يأسهم وحزنهم . يلبسهم ثوب الشكر والعرفان بدل الحزن والإحباط، ويجعل منهم أشجاراً صافية فيها الخير والعدل. ذلك هو زرع الله له المجد . والله يحوّل الرماد فينا إلى جمال والحزن فينا إلى بهجة فقط عندما نسلّم إليه مقاليد أمورنا ونتكل عليه في حياتنا . غريغ يتعلم الآن كل هذه الأشياء بنفسه.
قال غريغ: أشعر الآن بأنني أملك قدراً من الحساسية اليوم لم أكن أتمتع بها طيلة حياتي السابقة وحباً عارماً للناس لم يخطر ببالي مطلقاً قبل الآن أنني أستطيع حمله . كما أن مستوى فهي للأشياء الآن أكثر بكثير مما كان لدي من ذي قبل. أشعر الآن أن ارتكاب الأخطاء يجب أن لا يكون قاتلاً . يجب على المرء أن يتعلم من هذه الأخطاء، ويؤسس لحياة جديدة خالية من مثل هذه الأخطاء، يجب أن يكون لدينا رغبة عارمة لفعل الخير ومساعدة الآخرين، ولذا فأنا عازم على أن أتزوج في القريب العاجل، وأتابع دراستي في مجال الاستشارات الاجتماعية والنصح لأتمكن من مساعدة الغير في المستقبل وتقديم يد العون لمن يحتاجني في هذا المجال.
التأثير طويل الأمد للكلمات
فلتت مني عبارة لأطفالي عندما كانوا صغاراً . اعتقدت وقت ذاك بأنها عبارة هامة ولم أفكر في مراميها بعمق. قلت لهم: بحكم مسؤولياتي وطبيعة عملي قد نكون كعائلة أكثر عرضة للنقد من غيرنا من العائلات.
قلت لنفسي في أثناء صياغتي لتلك العبارة بأنه لو تورط أحد أبنائي في مشكلة جنسية خارج مؤسسة الزواج، فقد لا يكون بمقدوري أن أتابع
عملي في الكنيسة، وقد أكدت أنا نفسي في مرتين أو أكثر بأنه لو حدث ذلك سوف لن أكون راغباً في متابعة عملي في الكنيسة.
والآن... قد يكون هناك المئات من الأشياء التي أستطيع فعلها، وربما أحب أن أجرب بعض هذه الأشياء، ولكن أولادي يدركون تماماً بأنني أحببت عملي. وهم على ثقة بأنني كنت ذا تأثير إيجابي على العديد من العائلات في أمكنة كثيرة من العالم، وهم لا يريدون أن يعوقوني عن عملي هذا . ولا يود أحد منهم أن يكون سبباً في الإساءة إلى سمعتي والتأثير على عملي. وعلى الرغم من أنني شجعتهم أكثر من مرة على أن يقولوا ما يشاؤون لأمهم ولي. إلا أن تلك العبارة التي قلتها لهم عن أن سلوكهم قد يجبرني على ترك وظيفتي في الكنيسة، قد أعاق حقيقة قدرتهم على التواصل مع الآخرين عندما أصبحوا في سن المراهقة. أخبرني غريغ ذات يوم: أبي لقد شجعتنا على أن نصارحك بكل شيء، ولكننا نعرف بأننا إذا أخبرناك بشيء وكان سيئاً قد يؤدي ذلك إلى فقدانك لعملك. ربما ستفقد عملك وربما قد تستمر به. نحن لسنا متأكدين من ذلك. ولكن هذه المسألة كانت عائقاً حقيقياً أمامنا . وتابع غريغ: عندما كنت في الكلية رأيت أشياء كثيرة غريبة. لقد كانت أمامي مغريات كثيرة. الجنس كان حاضراً بيننا في كل مكان في غرف المدينة الجامعية في غرفتي أنا شخصياً في بعض الأحيان. وكانت الفتيات يتحدثن عنه بشكل مستمر.
كانت بعض الفتيات يتحرشن بي ويعرضن أنفسهن علي ، وكانت هناك مجلات إباحية... ببساطة يا أبي لم يكن بمقدوري أن أتجنبه. واستمر غريغ يخبرني بما لديه : ((العالم الآن مختلف تماماً عن عالمك الذي نشأت به عندما كنت صغيراً . الجنس في عالمنا الآن منتشر، ويكثر الحديث عنه، ويكثر وجوده لدرجة يصعب معها على أي إنسان تجاهله.
لقد كنت بعيداً عن البيت وبعيداً عن الأسرة وكنت أكافح وأقاوم كل هذه الإغراءات والمشاكل، ولم أشعر أبداً أنه بمقدوري أن أتحدث إليك بصراحة حول هذه المواضيع. وكنت أحس بأن النتائج الناجمة عن الحديث في هذا الموضوع قد لا تكون سارة لكلينا .
وأكمل غريغ حديثه : بالتأكيد ربما تحدثنا عن هذا الموضوع، لكننا تحدثنا بشكل سطحي جداً وغير مباشر. عندما ذهبت إلى الجامعة، لقد تورطت في مشكلة كبيرة لها علاقة بهذا الموضوع. وقبل أن أدرك تماماً ما يجري كنت أحس أنني أعيش في عالمين مختلفين. في العالم الأول كنت فتى سيئاً وفي العالم الثاني مع عائلتي كان الجميع ينظر لي على أنني شخص جيد ومستقيم. كنتم جميعاً تحبونني ولا تدخرون فرصة لإخباري بأنني مهم وبأنني مهذب وحسن السلوك. ولكن بعد ذلك أغادر عالمكم لا نخرط في عالمي الآخر السيء.
عندما بدأ غريغ إخباري عن مغامراته، شجعته على البوح بكل ما لديه. حدث هذا في عيد الميلاد عندما كنا معاً في مسبحنا الدافئ . وكان الحديث حميمياً كما لو أنه حديث قلب لقلب. وتابع غريغ قائلاً: ((أنت تعرف يا أبي بأنكما أنت وأمي قد أنقذتها حياتي أكثر من مرة وبطرق عديدة جداً . لقد غرقت تماماً في الخطأ. وكنت أشعر بالذنب وبالخجل الشديد، حتى أني فكرت أكثر من مرة بوضع حد لحياتي كلها، ولكني كنت أعدل عن الفكرة لأنني أدرك أن هناك مكاناً دافئاً أستطيع اللجوء إليه هو البيت. وكنت أدرك أن حالتي مهما بلغت من السوء، سيظل أبي وأمي يحباني ويدعماني لأني ابنهما . وكنت أرى نفسي أسقط من حضيض إلى حضيض أعمق. ولكن دعمك لي وتشجيعي على الإيمان بالله وإدخاله إلى حياتي ليطهرها من أدرانها، ويغفر لي سوء أعمالي ساعدني كثيراً على النهوض مرة ثانية والوقوف على قدمي والبدء من جديد . ولهذا كله فأنا شديد الامتنان لله ولك ولأمي، وأنا أعرف بأنني لن أستطيع أن أفيكما حقكما على فلولا حبكما ودعمكما لما استطعت أن أخرج من هذا المستنقع الجليدي الذي أوقعت نفسي فيه)).
بدأت أدرك حجم الورطة التي وضع غريغ نفسه فيها، بدأ يشعر كما لو أنه كتلة من الآثام التي يصعب غفرانها . وقد كنت أراقبه وهو يتابع قوله : ((شعرت كما لو أنني نتن من قمة رأسي إلى أخمص قدمي، وكنت أبكت نفسي على أفعالها. ولكن ما أنقذني فعلاً هو إدراكي لحقيقة أن الله سبحانه يغفر الخطأ، ويقبل التائبين وهو يحبنا ويريدنا أن نكف عن الولوج في الخطأ والبدء بفعل ما هو صالح وخير لنا وللمجتمع. هذا لا يعني بأنني كنت أسوغ لنفسي أفعالها، لقد شعرت أنني في غاية السوء والقذارة. ولكني اتخذت قراراً بأن أتحسن في سلوكي وأفعالي دون الالتفات إلى الوراء أو اتهام أحد بما حدث لي لا سيما والدي. لقد اتخذت القرار بحزم وإرادة وأنا المسؤول الأول عن كل أفعالي)).
وتابع غريغ حديثه : ((في نهاية الأمر يتعلق الأمر كله بالقرارات التي نتخذها وبالخيارات التي نفضل أحد الأسباب التي جعلتني أرغب لفترة في أن أعمل بالمحاماة هو إدراكي بأن الله لا يريد لي أن كون مبشراً دينياً وأن عملي في هذا المجال قد لا يرضي الله. ولكن عندما تذكرت قصة شاؤول التارسوسي Saul of (tarsus)، فقد قتل وعذب المسيحيين وفعل موبقات كثيرة، وإذا قارنت ذنوبي بذنوبه فإن ذنوبه تفوق ذنوبي بمرات
عديدة. ولكن مع هذا فإن الله قلب حياته رأساً على عقب وخلق منه بولس الرسول. هذا يثبت بأنّه لا توجد ذنوب لا يغفرها الله، ولا يستطيع تحويل حياة مرتكبها إلى الاتجاه الآخر وتسخيره لأفعال الخير)).
((وهكذا يا أبي)) . تابع غريغ القول، هذا ما حدث لي. وفي المحصلة فقد جمعت كل قواي لأنهض ثانية، وأبدأ طريقي القويم، قلبي مملوء بالله الذي أتكل عليه كلياً لمساعدتي وتطهيري. لقد كانت تجربة النهوض قاسية ومؤلمة، وخلال سنتين من الثبات على المبدأ والنضال لتطهير نفسي أصبحت الآن الشخص الذي ترى)).
لا أستطيع أن أعبر لكم عن مدى سعادتي وتأثري وأنا أرى ابني يعترف بكل كبرياء وشرف بأخطائه، وقد فهمها جيداً وأخذ درسه منها.
لقد كان خجله من نفسه وشعوره بالذنب كبيرين وقويين، وقد أحبطه هذا الشعور إحباطاً قوياً . وقد عبر عن ذلك بنفسه حيث قال بأنه كان يشعر كما لو أنه يسقط في مستنقع متجمد وكلما جرفته المياة الباردة إلى الأعماق كانت الصعوبة تزداد للخروج من هذه الحالة المزرية . كانت المياة الباردة تشل عضلاته، ولم يكن بمقدوره أن يجد طريقة للخروج من هذه الورطة، وقد فسر لي ما حدث على الشكل التالي: ((الشعور بالعار وعقدة الذنب، كانا المستنقع البارد المتجمد الذي انزلقت إليه. ولم يكن بمقدوري الخروج إلى العالم الطبيعي كنت بحاجة إلى وسيلة أو أداة لكسر جليد وبرودة ذلك المستنقع الذي سقطت فيه لأتمكن من الخروج منه . لقد وجدت في الكتاب المقدس هذه الوسيلة. وبدأت أتعلم المزيد عن علاقتي بالمخلص السيد المسيح وكيف يستطيع أن يعيد التوازن إلى حياتي مرة ثانية. وبدأت التوجه إليه، وأعلن له التزامي به حتى قبل أن أعرف كيف أقيم صلواتي له. ولكنني عندما قررت أخيراً أن التزم به كصديق ومخلص، بدأت أشعر أنه يعطيني الثقة والقوة والإرادة والوسائل اللازمة لكسر الجليد حولي والنهوض مرة ثانية للخروج من مستنقعي البارد هذا .
سمعت خوري كنيستنا مؤخراً يقول : (( عندما نلتزم بإرادة الله ونتبع تعاليمه، فقط عندما نقوم بذلك، فهو يمنحنا القوة)). هذا بالضبط ما توصل إليه غريغ. فعندما بدأ غريغ يشعر بقوة الله ورحمته وحبه لعباده انبعثت في أوصاله القوة اللازمة لرفع رأسه فوق جليد المستنقع الذي انزلق إليه، وبدأ يتنفس هواء طبيعياً مرة ثانية. كان لازال يشعر بالبرد وبما يشبه الشلل وقلة الحيلة، ولكنه كان يستجمع قواه للعودة إلى الطريق القويم.
((مرت شهور)) تابع غريغ حديثه معي . ((اكتشفت أن العار الذي أشعر به وعقدة الذنب التي تلازمني هما فقط أشياء في دماغي)). كان لا بد لي من الشعور بأن ما فعلته من أفعال سيئة يمكن أن يحدث. وحيث أني قد اعترفت بكل أخطائي هذه يجب أن لا تؤخرني هذه الأخطاء عن متابعة مسيرتي الرب يغفر حقيقة خطايانا كلها إذا تبنا توبة نصوحاً. رحمته الواسعة تغمرنا كل يوم، وهو قادر على أن يساعدنا على تغيير تلك العادات السيئة التي تحكمت بنا ، ويجعلنا نمارس عادات خيرة مفيدة لنا وللمجتمع. نستطيع في الواقع أن نتذكر هذا الماضي الذي كان لنا فنتعلم منه دروساً هامة. ويستطيع الرب أن يحوّل فينا كل تلك الأفعال الفاسدة إلى أفعال جديدة خيرة.
لقد كان غريغ على حق. فلقد ورد في الإنجيل بأن السيد المسيح جاء ليخلص الحزاني من أحزانهم، وليبعث في رماد أشيائهم جمالاً، وليصب زيت البهجة والأمل على يأسهم وحزنهم . يلبسهم ثوب الشكر والعرفان بدل الحزن والإحباط، ويجعل منهم أشجاراً صافية فيها الخير والعدل. ذلك هو زرع الله له المجد . والله يحوّل الرماد فينا إلى جمال والحزن فينا إلى بهجة فقط عندما نسلّم إليه مقاليد أمورنا ونتكل عليه في حياتنا . غريغ يتعلم الآن كل هذه الأشياء بنفسه.
قال غريغ: أشعر الآن بأنني أملك قدراً من الحساسية اليوم لم أكن أتمتع بها طيلة حياتي السابقة وحباً عارماً للناس لم يخطر ببالي مطلقاً قبل الآن أنني أستطيع حمله . كما أن مستوى فهي للأشياء الآن أكثر بكثير مما كان لدي من ذي قبل. أشعر الآن أن ارتكاب الأخطاء يجب أن لا يكون قاتلاً . يجب على المرء أن يتعلم من هذه الأخطاء، ويؤسس لحياة جديدة خالية من مثل هذه الأخطاء، يجب أن يكون لدينا رغبة عارمة لفعل الخير ومساعدة الآخرين، ولذا فأنا عازم على أن أتزوج في القريب العاجل، وأتابع دراستي في مجال الاستشارات الاجتماعية والنصح لأتمكن من مساعدة الغير في المستقبل وتقديم يد العون لمن يحتاجني في هذا المجال.
تعليق