الفنان والنحات فوزي إسماعيل 1935-1986 ..محاولة للتذكير
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل
من منا لايتذكر الفنان والنحات الأستاذ فوزي إسماعيل رحمه الله ..اعماله :تمثال الملا عثمان الموصلي ونصب حاملات الجرار ونصب ام الربيعين تذكرنا به ..كان فنانا أصيلا وإنسانا صادقا أسهم في تنشيط الحركة الفنية والتشكيلية في الموصل خلال سنوات السينات والسبعينات من القرن الماضي ..كان يمزج في أعماله بين التراث والمعاصرة وكان مسكونا بالإبداع والتميز وكنت معجبا بطيبته وميله للصمت .درس في مدارس الموصل الابتدائية والمتوسطة والإعدادية وسافر إلى بغداد ودخل معهد الفنون الجميلة وتخرج فيه سنة 1961 وعاد إلى الموصل ليعمل معلما في مدارسها .وقد تيسرت له الفرصة فأكمل دراسته الأكاديمية متخصصا بالسيراميك في أكاديمية النحت بايطاليا سنة 1967 وقد عمل في متحف التراث الشعبي وكان آنذاك مرتبطا بمركز البحوث الحضارية والاثارية في كلية الآداب قبل أن ينتقل إلى مركز دراسات الموصل وقد زاملته لفترة قبل أن ينتقل للعمل في متحف الجامعة للفنون التشكيلية ويعمل مدرسا للرسم في المركز الطلابي .
قال الأستاذ غانم رشيد في حوار أجراه معه ونشر قبل سنوات طويلة في مجلة الجامعة (الموصلية ) أن فوزي إسماعيل نفذ سلسلة من الأعمال الفنية في الموصل تعد كفيلة بتخليده أبرزها تمثال الملا عثمان الموصلي وأنجزه سنة 1969 ونصب أم الربيعين 1975 ونصب حاملات الجرار 1977 .
كان فوزي إسماعيل يطمح لتجسيد آمال مدينته ،ووطنه، وأمته في أعمال فنية ويرى " أن النحت من الأعمال التي تخلد في ذاكرة الشعب لعظم تأثيرها المتواصل وتسجيلها الدقيق للحدث" .وحول تدريبه للطلبة على فن النحت في الجامعة يقول : "أن أملي وطموحي هو أن يتم تدريب الطلبة على ممارسة النحت من اجل اكتشاف قابلياتهم الفنية وصقل مواهبهم بالشكل الجيد والسليم " . وقد حرص على أن يرافقه الطلبة الذين كان يدربهم في رحلته العملية مع العمل الفني الذي ينفذه منذ البداية حتى انتهائه من العمل وبذلك يكتسب الطلبة خبرة جيدة وعملية .
لقد تمنى الفنان فوزي إسماعيل لو امتد به العمر لانجاز مشروع كبير مؤداه أن يكتب تاريخ العراق القديم والإسلامي والحديث من خلال أعمال فنية خالدة ..كان يريد ان يبتدأ بالتاريخ القديم للعراق ثم بالتاريخ الإسلامي وحتى التاريخ الحديث ويقول أن الكثير من المراحل التاريخية يمكن تجسيدها بنماذج منحوتة تزين ميادين وساحات الموصل تحكي حضارات العراق وتاريخه عبر العصور .
كتب عنه أستاذنا الكبير الدكتور عمر الطالب في "موسوعة أعلام الموصل في القرن العشرين " فقال انه عرفه تلميذا له في ثانوية الشعب ، وزامله في الجامعة ،وكان رئيسه عندما شغل الطالب إدارة قسم الفنون في جامعة الموصل للسنوات 1978-1982 وقال انه كان يميل الى العزلة ،مجدا ،سريع الغضب واضاف :" أن الفنان فوزي إسماعيل عندما نفذ تمثاله (الملا عثمان الموصلي ) استشار الدكتور محمد صديق ألجليلي والدكتور عادل البكري واستفاد من معلوماتهما عن الملا عثمان الموصلي . " وينتصب التمثال اليوم قرب محطة قطار الموصل. أما العمل الثاني فهو تمثال (أم الربيعين) وفيه خلد حضوره الدائم في هذه المدينة التي تغفو بظلال جدرانها الجصية البيضاء عصر كل يوم حينما تدب حركة الناس.. تتسلل روح فوزي إسماعيل من هذا الحشر المتزاحم والذي يتدافع للخروج من زحمة شارع ألنجفي قلب الموصل الذي لا يعرف التوقف، يتداخل الرمز وتتوحد المدينة الموصل: أم الربيعين مع المرأة المعطاء الحنونة العطوفة والمتطلعة أبداً بحق المستقبل..المندفعة ضد الربح والتكسب والمخنوقة بكل الحواجز للوصول إلى سموها وألقها..أنها أم الربيعين يشد عودها وقامتها الكبرياء مليئة بالثقة تحمل أزهارها وطبيعتها واريجها القدسي ماضي هذه الأمة وحاضرها تفيض بالخير بهذه الزهرات المقدسة التي تحملها : زهرة البيبون" .
وفي عام 1974 باشر العمل لتنفيذ تمثال (حاملات الجرار) وهو عمل فني ذو طابع (فولكلوري) يبلغ طوله (4) أمتار.. وقد أقيم فوق قاعدة على شكل هرم مقلوب وضعت إمرأتان وسط حوضين متصلين وتوجد في أطراف الحوض الأصغر فتحات جانبية ينسكب منها الماء على هيئة شلالات صغيرة ويبلغ قطره (4) أمتار أما الحوض الكبير فيبلغ قطره (8) أمتار يتجمع فيه الماء المنسكب من الجدار لينتقل إلى الحوض الأصغر، وفي قعره أربع مضخات تدفع الماء إلى ارتفاع مترين.ولقد نفذه وأنهى العمل فيه عام 1974 وازيح عنه الستار عام 1977ووضع في مدخل مدينة الزهور.
رحم الله فناننا الكبير والقدير وقمين بنا أن نذكره ونتذكره والذكر للإنسان حياة ثانية له .
*نصب ام الربيعين في باب الطوب للفنان فوزي اسماعيل .
في يونيو 20, 2011