الاستماع بطريقة متفهمة - التعبير عن المحبة .. كتاب عندما تكسب قلب طفلك
الاستماع بطريقة متفهمة
الطريقة السادسة من طرق التواصل بمحبة مع أطفالنا هي الاستماع لهم بطريقة متفهمة . يعتقد الكثير من الناس بأن مهمة الاستماع مهمة سهلة، ولكنني أعتقد بأن الاستماع مهارة يجب أن نتعلمها بجدية عبر قراءة كتب متخصصة في تعليم ذلك أو عبر الانخراط في دورات تعلم آلية إتقان الاستماع للآخرين. معظم البالغين يكونون محاصرين بمشاكلهم الخاصة أو بحاجاتهم أو بأفكار تعتمل في أذهانهم، ولا يكون لديهم ميل للاستماع للآخرين بحرص وتفهم. وبإهمال حاجة الآخرين لمن يستمع إليهم، نكون قد مررنا رسالة واضحة لهم بأننا غير مهتمين بهم أو بمشاكلهم. وهناك نقاط عدة يجب علينا تذكرها والالتزام بها لنتمكن من أن نصبح مستمعين جيدين ومتفهمين لأطفالنا : يجدر بالمستمع المهتم بأن يبقى على قدر جيد من المصافحة البصرية مع محدثه أي أن يستمر بالنظر في عينيه. وعليه أن يضع جانباً تلك الأنشطة التي كان يقوم بها قبل بدء لحظة الاستماع : مثل وضع الصحيفة جانباً ، أو إقفال جهاز التلفزيون أو غير ذلك، وباختصار يجب عليه أن يعطي محدثه اهتماماً كاملاً غير منقوص.
المستمع الجيد لا يدعي أمام محدثه بأنه يعرف ما يود محدثه قوله له . ذات مرة تسرعت في الرد على أحد أطفالي في مشكلة كان يناقشها معي مفترضاً أنني أعرف ما يود قوله، لأكتشف لاحقاً بأن ما فهمته أنا ليس في الواقع ما كان طفلي يودا يود الحديث عنه. إن أحد أسرع الطرق في دفع الطفل لأن ينغلق على ذاته هو اتهامه بشيء لم يفعله أو تحميل كلماته معاني لا يقصدها مطلقاً.
لقد وجدت أن طرح الأسئلة المستوضحة يفيد كثيراً في مساعدة المتحدث على توضيح ما يود قوله إذ غالباً ما أكرر عبارات محدثي بكلمات أخرى ليقوم هو بدوره بتأكيدها أو نفيها وذلك من خلال سؤالي له : ((أهذا حقاً ما تود قوله ؟)) فإذا أجابني ((حسن يا أبي هذا قريب مما أود قوله، ولكنه لا ينطبق معه تماما))ً، أشجعه مرة أخرى بالقول: (حسن) يا بني لدينا الكثير من الوقت، أعد علي ما تريد قوله تماماً. فيقوم الطفل بدوره بتوضيح ما يريد نقله إلي بثقة واطمئنان غريغ ابني هو الفكاهي المقيم في بيتنا . ولكنه في أحد الأيام بالغ جداً في خفة دمه. وذلك حينما وجدت أخاه مايكل) وعمره ثلاث سنوات، منكباً على بطنه ورأسه في قاع مسبحنا البلاستيكي المتنقل. وقد سارعت لإنقاذ مايكل ثم حملته إلى غرفة نومنا ليفحصه طبيب محلي.
كان غريغ يتبعنا بقلق محاولاً أن يقول شيئاً نجهله، وأخيراً صرخ أبي ... انتظر، لا أستطيع اللحاق بكما، أما أنا فكنت متأكداً أنه لا يشكو شيئاً ، لكنه بدأ يضحك، توقفت فجأةً ، وأدرت رأسي إلى الخلف وأنبته طالباً منه ملازمة أمه.
قلت في نفسي : (ماالذي عرفه خطورة ما يجري هنا؟)
بعد أن سويت المسألة حاول غريغ أن يشرح ما حدث، ومن جانبي لم أتعامل معه بردود فعل سريعة، بل تركته يوضح الأمر، ولم أقاطعه، وتبين أنه كان يحاول ، جاداً ، أن يساعد في الأمر، لكن لقلقه وعصبيته، ومن غير تحكم بإرادته، غرق في الضحك، وهو لا يدرك أبعاد ما يفعل أو سبباً لما يفعل .
أحد العوامل المفتاحية الأخرى لامتلاكك القدرة على أن تكون مستمعاً جيداً هو الا تتعجل تصرفاً يسوق إليه رد فعل مرتجل وغير مدروس؛ ففي أحد الأيام كدت أندفع في هرولة عجولة إلى مدرسة ابنتي (كاري) على أثر ما نُميّ إلي أن أحد معلمي المدرسة أسمعها كلاماً غير لائق بها، وعندما وقفت على كلام المعلم، لم أرتح أنا الآخر، لقد اهتجت وعجبت من معلم مختص يقدم على التفوه بما قال لها في حجرة الدراسة، بكت كاري بحرقة واضحة ، وهي ترجوني في الوقت ذاته أن لا أذهب إلى المدرسة وأواجه المعلم، وعندما رأيت الخوف في عينيها طمأنتها بأنني لن أفعل ولن أواجه المعلم ما لم تأذن لي بذلك، وتطميني لها أعطاها الأمان والثقة بأن تروي لي القصة كاملة.
وبعد فترة من الزمن، هدأت نفوسنا قليلاً، وأتيح لنا وقت نفكر فيه في تلك المسألة. فطلبت من كاري أن تعطيني أذناً لأرى معلمها، وأناقش معه الموضوع، فسمحت لي بذلك. نورما وأنا واجهنا المعلم وأعدنا عليه ما قالته كاري لنا عن كلامه عنها في الصف. واعترف المعلم على الفور بما قاله عن كاري، واعتذر إلينا اعتذاراً صادقاً ، وطلب منا أن نسمح له برؤية كاري في الحال . أخذناه إليها، فأحاطها بذراعيه. وكان متأثراً ودموعه تتسرب ببطء من مآقيه، حين طلب منها أن تغفر له، وتصفح عنه، وكانت لحظة متخمة بالتأثر والعاطفة لنا كلنا . إن هذا التصرف غير المتسرع والمدروس الذي قمت به والذي جاء بعد أن سمحت لي كاري بفعل ذلك أبقى على طفلتنا بصحة نفسية جيدة منفتحة علينا وعلى مدرستها، وراغبة بشكل مستمر في أن تُسر لنا ما يحدث معها في المدرسة أو سواها من الأماكن.
لقد وجدت أنه من الأفضل الاستماع إلى كل تفاصيل القصة التي يرويها الطفل وبعد ذلك يتم التفكير على مهل بطبيعة الفعل الذي سنقوم به، وذلك بعد أخذ موافقة الطفل على ذلك. فالتصرفات المتسرعة الخرقاء والعنيفة قد تخلق جواً من الخوف عند الطفل من أن خيوط الاتصال مع الآخرين ستنقطع في المستقبل. وقد تستفز الطرف الآخر فلا يساعد في حل المشكلة.
ذات مرة نشب جدل حام بين غريغ وبيني حول أحد علاماته السيئة في مادة من المواد التي يدرسونها في المدرسة، وكنت غاضباً لدرجة أنني صرخت في وجهه بأنني سأعاقبه وأحرمه من كل امتيازاته في البيت للأبد. ولكن كاري ابنتي ذكرتني بهدوء بأنني ملتزم بالجميع التزاماً غير مشروط. وبأنني قد تعهدت أيضاً بأن لا أتسرع في اتخاذ قرار أو تغيير قوانين البيت إلا بعد مضي وقت على المشكلة التي أثارتني. وقد كانت كاري على حق. فبعد بضعة أيام، نسيت وتناسيت هذه المشكلة برمتها . الصبر يلعب الدور الأهم في بناء الثقة والمحبة والانفتاح بين الأب وأطفاله، ولكي نكون مستمعين جيدين، علينا أن نتجنب تسفيه آراء أطفالنا والهزء مما يقولون . قد لا نفهم تماماً ما يقوله أطفالنا ، ولكن إذا سخرنا من طريقتهم في التعبير أو سفهنا آراءهم فقد نساهم بخفض سقف شعور الطفل بقيمته، وقد نثبطه عن متابعة الحوار والتواصل وبالتالي نفرض عليه الانغلاق على الذات. وفي كتابه المعنون ((العائلة التي تستمتع )) أضاف الدكتور (H. Norman Wright) أفكاراً أخرى جديدة تتعلق بحسن الاستماع منها :
1- على الآباء أن لا يسموا أطفالهم بصفة خاصة ملازمة لهم كأن يقال عن أحدهم الشاكي، وعن آخر الباكي ، وعن ثالث المبطان وعن رابع الكوميدي وعن خامس المؤجل الخ. قد تعطينا هذه الصفات أو هذه الأسماء تصوّراً مسبقاً عما يمكن أن يقوله كل منهم. فمثلاً إذا تسرعنا وفكرنا : (( إنّه الشاكي لا يجيد سوى الشكوى وليس لديه ما يقوله))، فقد نكون أغفلنا معلومات يمكن أن تكون على درجة كبيرة من الأهمية كان على وشك أن يقولها هذا الطفل.
2- بعض الناس يستمعون بمعدل سرعة أعلى بخمس مرات من معدل سرعة حديث المتكلم. فإذا كان طفلك يتحدث بمعدل سرعة قدرها 100 كلمة في الدقيقة وأنت تستطيع أن تسمع وتفهم بمعدل 500 كلمة في الدقيقة فماذا ستفعل بذلك الوقت الكبير الباقي لديك ؟ غالباً ما ستصاب بالملل وتبدأ أفكارك بالتشتت نحو نوع من أحلام اليقظة. وقد يكون من المفيد في مثل هذه الحالات أن تساعد طفلك على تنسيق أفكاره وحسن التعبير عنها، وأن تصبر وتأخذ وقتك كاملاً في الاستماع وفهم ما يرمي إليه طفلك.
3- علينا الاستماع بكل جسمنا وجوارحنا وليس فقط بآذاننا وأعيننا فقط. لا نستطيع أن نستمع بشكل فعّال إذا كنا منشغلين ببعض أعمال المطبخ أو بتقليب صفحات جريدة أو ونحن نمشي بعيداً عن محدثنا. يكون استماعنا جيداً بمواجهة محدثنا مباشرة والنظر إليه والانحناء باتجاهه قليلاً .
تساهم كل العوامل الستة التي تحدثنا عنها سابقاً : أي الالتزام غير المشروط، والتفرغ التام، والمعاملة اللينة الرقيقة، وتبادل النظر بالعين والاستماع بطريقة متفهمة، في رفع إحساس الطفل بقيمته الذاتية. وحالما يرتفع إحساس الطفل بقيمته، سيشعر بأنه مرغوب به ومحبوب .
الاستماع بطريقة متفهمة
الطريقة السادسة من طرق التواصل بمحبة مع أطفالنا هي الاستماع لهم بطريقة متفهمة . يعتقد الكثير من الناس بأن مهمة الاستماع مهمة سهلة، ولكنني أعتقد بأن الاستماع مهارة يجب أن نتعلمها بجدية عبر قراءة كتب متخصصة في تعليم ذلك أو عبر الانخراط في دورات تعلم آلية إتقان الاستماع للآخرين. معظم البالغين يكونون محاصرين بمشاكلهم الخاصة أو بحاجاتهم أو بأفكار تعتمل في أذهانهم، ولا يكون لديهم ميل للاستماع للآخرين بحرص وتفهم. وبإهمال حاجة الآخرين لمن يستمع إليهم، نكون قد مررنا رسالة واضحة لهم بأننا غير مهتمين بهم أو بمشاكلهم. وهناك نقاط عدة يجب علينا تذكرها والالتزام بها لنتمكن من أن نصبح مستمعين جيدين ومتفهمين لأطفالنا : يجدر بالمستمع المهتم بأن يبقى على قدر جيد من المصافحة البصرية مع محدثه أي أن يستمر بالنظر في عينيه. وعليه أن يضع جانباً تلك الأنشطة التي كان يقوم بها قبل بدء لحظة الاستماع : مثل وضع الصحيفة جانباً ، أو إقفال جهاز التلفزيون أو غير ذلك، وباختصار يجب عليه أن يعطي محدثه اهتماماً كاملاً غير منقوص.
المستمع الجيد لا يدعي أمام محدثه بأنه يعرف ما يود محدثه قوله له . ذات مرة تسرعت في الرد على أحد أطفالي في مشكلة كان يناقشها معي مفترضاً أنني أعرف ما يود قوله، لأكتشف لاحقاً بأن ما فهمته أنا ليس في الواقع ما كان طفلي يودا يود الحديث عنه. إن أحد أسرع الطرق في دفع الطفل لأن ينغلق على ذاته هو اتهامه بشيء لم يفعله أو تحميل كلماته معاني لا يقصدها مطلقاً.
لقد وجدت أن طرح الأسئلة المستوضحة يفيد كثيراً في مساعدة المتحدث على توضيح ما يود قوله إذ غالباً ما أكرر عبارات محدثي بكلمات أخرى ليقوم هو بدوره بتأكيدها أو نفيها وذلك من خلال سؤالي له : ((أهذا حقاً ما تود قوله ؟)) فإذا أجابني ((حسن يا أبي هذا قريب مما أود قوله، ولكنه لا ينطبق معه تماما))ً، أشجعه مرة أخرى بالقول: (حسن) يا بني لدينا الكثير من الوقت، أعد علي ما تريد قوله تماماً. فيقوم الطفل بدوره بتوضيح ما يريد نقله إلي بثقة واطمئنان غريغ ابني هو الفكاهي المقيم في بيتنا . ولكنه في أحد الأيام بالغ جداً في خفة دمه. وذلك حينما وجدت أخاه مايكل) وعمره ثلاث سنوات، منكباً على بطنه ورأسه في قاع مسبحنا البلاستيكي المتنقل. وقد سارعت لإنقاذ مايكل ثم حملته إلى غرفة نومنا ليفحصه طبيب محلي.
كان غريغ يتبعنا بقلق محاولاً أن يقول شيئاً نجهله، وأخيراً صرخ أبي ... انتظر، لا أستطيع اللحاق بكما، أما أنا فكنت متأكداً أنه لا يشكو شيئاً ، لكنه بدأ يضحك، توقفت فجأةً ، وأدرت رأسي إلى الخلف وأنبته طالباً منه ملازمة أمه.
قلت في نفسي : (ماالذي عرفه خطورة ما يجري هنا؟)
بعد أن سويت المسألة حاول غريغ أن يشرح ما حدث، ومن جانبي لم أتعامل معه بردود فعل سريعة، بل تركته يوضح الأمر، ولم أقاطعه، وتبين أنه كان يحاول ، جاداً ، أن يساعد في الأمر، لكن لقلقه وعصبيته، ومن غير تحكم بإرادته، غرق في الضحك، وهو لا يدرك أبعاد ما يفعل أو سبباً لما يفعل .
أحد العوامل المفتاحية الأخرى لامتلاكك القدرة على أن تكون مستمعاً جيداً هو الا تتعجل تصرفاً يسوق إليه رد فعل مرتجل وغير مدروس؛ ففي أحد الأيام كدت أندفع في هرولة عجولة إلى مدرسة ابنتي (كاري) على أثر ما نُميّ إلي أن أحد معلمي المدرسة أسمعها كلاماً غير لائق بها، وعندما وقفت على كلام المعلم، لم أرتح أنا الآخر، لقد اهتجت وعجبت من معلم مختص يقدم على التفوه بما قال لها في حجرة الدراسة، بكت كاري بحرقة واضحة ، وهي ترجوني في الوقت ذاته أن لا أذهب إلى المدرسة وأواجه المعلم، وعندما رأيت الخوف في عينيها طمأنتها بأنني لن أفعل ولن أواجه المعلم ما لم تأذن لي بذلك، وتطميني لها أعطاها الأمان والثقة بأن تروي لي القصة كاملة.
وبعد فترة من الزمن، هدأت نفوسنا قليلاً، وأتيح لنا وقت نفكر فيه في تلك المسألة. فطلبت من كاري أن تعطيني أذناً لأرى معلمها، وأناقش معه الموضوع، فسمحت لي بذلك. نورما وأنا واجهنا المعلم وأعدنا عليه ما قالته كاري لنا عن كلامه عنها في الصف. واعترف المعلم على الفور بما قاله عن كاري، واعتذر إلينا اعتذاراً صادقاً ، وطلب منا أن نسمح له برؤية كاري في الحال . أخذناه إليها، فأحاطها بذراعيه. وكان متأثراً ودموعه تتسرب ببطء من مآقيه، حين طلب منها أن تغفر له، وتصفح عنه، وكانت لحظة متخمة بالتأثر والعاطفة لنا كلنا . إن هذا التصرف غير المتسرع والمدروس الذي قمت به والذي جاء بعد أن سمحت لي كاري بفعل ذلك أبقى على طفلتنا بصحة نفسية جيدة منفتحة علينا وعلى مدرستها، وراغبة بشكل مستمر في أن تُسر لنا ما يحدث معها في المدرسة أو سواها من الأماكن.
لقد وجدت أنه من الأفضل الاستماع إلى كل تفاصيل القصة التي يرويها الطفل وبعد ذلك يتم التفكير على مهل بطبيعة الفعل الذي سنقوم به، وذلك بعد أخذ موافقة الطفل على ذلك. فالتصرفات المتسرعة الخرقاء والعنيفة قد تخلق جواً من الخوف عند الطفل من أن خيوط الاتصال مع الآخرين ستنقطع في المستقبل. وقد تستفز الطرف الآخر فلا يساعد في حل المشكلة.
ذات مرة نشب جدل حام بين غريغ وبيني حول أحد علاماته السيئة في مادة من المواد التي يدرسونها في المدرسة، وكنت غاضباً لدرجة أنني صرخت في وجهه بأنني سأعاقبه وأحرمه من كل امتيازاته في البيت للأبد. ولكن كاري ابنتي ذكرتني بهدوء بأنني ملتزم بالجميع التزاماً غير مشروط. وبأنني قد تعهدت أيضاً بأن لا أتسرع في اتخاذ قرار أو تغيير قوانين البيت إلا بعد مضي وقت على المشكلة التي أثارتني. وقد كانت كاري على حق. فبعد بضعة أيام، نسيت وتناسيت هذه المشكلة برمتها . الصبر يلعب الدور الأهم في بناء الثقة والمحبة والانفتاح بين الأب وأطفاله، ولكي نكون مستمعين جيدين، علينا أن نتجنب تسفيه آراء أطفالنا والهزء مما يقولون . قد لا نفهم تماماً ما يقوله أطفالنا ، ولكن إذا سخرنا من طريقتهم في التعبير أو سفهنا آراءهم فقد نساهم بخفض سقف شعور الطفل بقيمته، وقد نثبطه عن متابعة الحوار والتواصل وبالتالي نفرض عليه الانغلاق على الذات. وفي كتابه المعنون ((العائلة التي تستمتع )) أضاف الدكتور (H. Norman Wright) أفكاراً أخرى جديدة تتعلق بحسن الاستماع منها :
1- على الآباء أن لا يسموا أطفالهم بصفة خاصة ملازمة لهم كأن يقال عن أحدهم الشاكي، وعن آخر الباكي ، وعن ثالث المبطان وعن رابع الكوميدي وعن خامس المؤجل الخ. قد تعطينا هذه الصفات أو هذه الأسماء تصوّراً مسبقاً عما يمكن أن يقوله كل منهم. فمثلاً إذا تسرعنا وفكرنا : (( إنّه الشاكي لا يجيد سوى الشكوى وليس لديه ما يقوله))، فقد نكون أغفلنا معلومات يمكن أن تكون على درجة كبيرة من الأهمية كان على وشك أن يقولها هذا الطفل.
2- بعض الناس يستمعون بمعدل سرعة أعلى بخمس مرات من معدل سرعة حديث المتكلم. فإذا كان طفلك يتحدث بمعدل سرعة قدرها 100 كلمة في الدقيقة وأنت تستطيع أن تسمع وتفهم بمعدل 500 كلمة في الدقيقة فماذا ستفعل بذلك الوقت الكبير الباقي لديك ؟ غالباً ما ستصاب بالملل وتبدأ أفكارك بالتشتت نحو نوع من أحلام اليقظة. وقد يكون من المفيد في مثل هذه الحالات أن تساعد طفلك على تنسيق أفكاره وحسن التعبير عنها، وأن تصبر وتأخذ وقتك كاملاً في الاستماع وفهم ما يرمي إليه طفلك.
3- علينا الاستماع بكل جسمنا وجوارحنا وليس فقط بآذاننا وأعيننا فقط. لا نستطيع أن نستمع بشكل فعّال إذا كنا منشغلين ببعض أعمال المطبخ أو بتقليب صفحات جريدة أو ونحن نمشي بعيداً عن محدثنا. يكون استماعنا جيداً بمواجهة محدثنا مباشرة والنظر إليه والانحناء باتجاهه قليلاً .
تساهم كل العوامل الستة التي تحدثنا عنها سابقاً : أي الالتزام غير المشروط، والتفرغ التام، والمعاملة اللينة الرقيقة، وتبادل النظر بالعين والاستماع بطريقة متفهمة، في رفع إحساس الطفل بقيمته الذاتية. وحالما يرتفع إحساس الطفل بقيمته، سيشعر بأنه مرغوب به ومحبوب .
تعليق