الفصل الثاني - النتائج الجيدة للأبوة الحقة .. كتاب عندما تكسب قلب طفلك
الفصل الثاني
النتائج الجيدة للأبوة الحقة
◾أربعة أنواع أساسية للأباء :
- الأب المسيطر المتسلط
- الأب المتجاهل
- الأب المتساهل
- الأب المحب الصارم
◾العاملان الأهم في تربية الأطفال .
أحسست كما لو أن قلبي سقط من صدري لحظة رأيت سيارة البوليس تقف أمام باب بيتنا . كنت أعرف سبب مجيئهم . وقد شلني الرعب عن الحركة والتصرف، فتسمرت في مكاني متظاهراً بالبراءة، وأنا أرى والدتي تفتح باب البيت .
قدم رجل الشرطة نفسه، ثم التفت إلي قائلاً : (( هل كنت برفقة صديقك جيمي اليوم ؟))
((نعم)) أجبته، محاولاً ما استطعت إخفاء قلقي وعصبيتي، وتابعت: فأنا أراه معظم الأوقات.
(( هل كنت معه في النهر؟)).
((لا)) لم أقترب مطلقاً من النهر؟))
نظر ضابط الشرطة إلى أمي، ثم حول بصره باتجاهي قائلاً : لقد أخبرنا جيمي بأنك كنت معه قرب النهر، وقد أفاد أيضاً بانك شاركته في السطو على أحد البيوت بجانب النهر. كنت أشعر بالدماء تصعد إلى وجهي وقمة رأسي بينما كنت أحرك رأسي حركة تنكر ما اتهمني به وتابع كلامه: سوف تضطر للشهادة أمام المحكمة والحديث عن كل تلك الأحداث في الأسبوع القادم. لدينا شهود عليك.
بدأت بالبكاء وفاضت دموعي غزيرة، واعترفت بكل شيء. ((لقد كنا معاً نلعب بجانب النهر وسطونا على أحد البيوت. لكننا لم نسرق سوى غرضين صغيرين)).
هذه الحادثة لم تكن المشكلة الأولى التي تورطت فيها . فقد اتهمني عدد لا بأس به من تجار المدينة بسرقة أموال أو بضائع من دكاكينهم. لم أسرق من دكاكينهم حقيقة أي شيء، ولكن سمعتي المعطرة كانت قد سبقتني ولذا كلما حدثت مشكلة سطو كان التجار يفكرون بي كمتهم أول. وقد انتشرت إشاعات قوية في المدينة كلها بأنني سأرسل إلى مدرسة الأحداث. وفي طفولتي كنت دائماً أقوم بفعل ما أريد فعله، وفي الوقت الذي أريد. وأنا على يقين أنني كنت استحق الضرب بالمسطرة مئات المرات عقوبة لي على ما كنت أقترفه من أعمال سيئة وغير مسؤولة في طفولتي، ولكن أبوي لم يحاولا ولو مرة واحدة أن يفعلا ذلك، ولم يحاولا تأديبي أو منعي عما كنت أفعله. وكنتيجة لذلك كان علي بعد بلوغي وانخراطي في الحياة كشخص مستقل، أن أواجه صعوبات جمة في التكيف والتلاؤم مع المجتمع. فعلى سبيل المثال، كنت دائماً أعتقد بأن القوانين لا تنطبق علي. فإذا رأيت إشارة تقول : (( ممنوع صف السيارات هنا )) كنت أصف سيارتي لا مبالياً بما رأيت ذلك لأنني ((الاستثناء)). ولأن البيت الذي كنت أعيش فيه لم يسنّ لي قوانين وقواعد وإشارات حمراء، فقد كنت أعتقد بأن القوانين صنعت ليتم تطبيقها على الآخرين وليس علي.
ولكن على الرغم من كل ذلك، فقد كان لطريقة أبوي في التعامل معي تأثير إيجابي واحد مهم على حياتي في المستقبل. لقد ساعدتني هذه الطريقة على تأسيس الشخصية القوية والمعتدة بقدرها وقيمتها . وقد يبدو هذا الاستنتاج غريباً ومجافياً للمنطق بعد قراءة ذلك السجل ((المشرف)) لي ومعرفة القائمة الطويلة للمشاكل التي ورطت فيها نفسي وأهلي على السواء. ولكنني عندما أتذكر كيف ترعرعت في ذلك البيت والطريقة التي كان والداي يتبعانها في تربيتي، أدرك أن أبوي يمثلان واحداً من أربعة أنواع من الأباء ((سنناقش هذه الأنواع الأربعة لاحقاً)). وأستطيع الآن أن أفهم كيف ولماذا تمكنت من أن أنمو وأعزز هذا الشعور بأنني أمتلك شخصية إيجابية قوية في بيت كان يخلو تقريباً من أية أنماط تربوية تأديبية.
أشار الدكتور (Dennis Guernsey) ، منذ بضع سنوات خلت ، إلى أن الآباء يمكن تصنيفهم في أربعة أنواع أساسية وذلك ضمن مقال له في مجلة (Family Life Today) . ولقد استند في مقالته هذه إلى دراسات لثلاثة من حملة الدكتوراه والمختصين في هذا المجال من جامعة مينونا Minnesota) . وهناك نوعان من الآباء يسبب سلوكهم دفع أطفالهم لأن يكونوا أقل إحساساً بالمسؤولية. ومثل هؤلاء الأطفال يميلون إلى عدم محبة ذواتهم. ولا يحصلون جيداً في مدارسهم، وهم غالباً على قناعة بأنهم لن يكونوا ناجحين في حياتهم، وهذان النوعان من الآباء غالباً ما يتسببان في إغلاق ذوات أطفالهم، الأمر الذي ينجم عنه مشاكل عديدة في حياة هؤلاء الأطفال . وقد ناقشنا بعض هذه المشاكل في الفصل الأول. النوعان الآخران من الأباء، وأنا أعرف الآن بأن أبي وأمي ينتميان إلى أحد هذين النوعين، يميلان لتربية أطفال أكثر إيجابية في أفعالهم. وهؤلاء الأطفال هم غالباً أكثر اطمئنانا في حياتهم، ويميلون المحبة ذواتهم، ويحصلون جيداً في مدارسهم. وكنتيجة لذلك ينمو مثل هؤلاء الأطفال ليكونوا أكثر شعوراً بالمسؤولية عندما يبلغون.
وفي معرض نقاشنا لكل نوع من هذه الأنواع الأربعة من الأباء، يحسن بنا أن لا نهتم فقط بنوع الآباء الذي نتمنّى أن نُصنَّف ضمنه، بل نركز أيضاً على حياتنا الشخصية وعلى كيفية معاملتنا من قبل آبائنا. أو بمعنى آخر نحاول أن تحلل كيف نمونا، وتحت سقف أي نوع من الآباء عشنا وترعرعنا.
الفصل الثاني
النتائج الجيدة للأبوة الحقة
◾أربعة أنواع أساسية للأباء :
- الأب المسيطر المتسلط
- الأب المتجاهل
- الأب المتساهل
- الأب المحب الصارم
◾العاملان الأهم في تربية الأطفال .
أحسست كما لو أن قلبي سقط من صدري لحظة رأيت سيارة البوليس تقف أمام باب بيتنا . كنت أعرف سبب مجيئهم . وقد شلني الرعب عن الحركة والتصرف، فتسمرت في مكاني متظاهراً بالبراءة، وأنا أرى والدتي تفتح باب البيت .
قدم رجل الشرطة نفسه، ثم التفت إلي قائلاً : (( هل كنت برفقة صديقك جيمي اليوم ؟))
((نعم)) أجبته، محاولاً ما استطعت إخفاء قلقي وعصبيتي، وتابعت: فأنا أراه معظم الأوقات.
(( هل كنت معه في النهر؟)).
((لا)) لم أقترب مطلقاً من النهر؟))
نظر ضابط الشرطة إلى أمي، ثم حول بصره باتجاهي قائلاً : لقد أخبرنا جيمي بأنك كنت معه قرب النهر، وقد أفاد أيضاً بانك شاركته في السطو على أحد البيوت بجانب النهر. كنت أشعر بالدماء تصعد إلى وجهي وقمة رأسي بينما كنت أحرك رأسي حركة تنكر ما اتهمني به وتابع كلامه: سوف تضطر للشهادة أمام المحكمة والحديث عن كل تلك الأحداث في الأسبوع القادم. لدينا شهود عليك.
بدأت بالبكاء وفاضت دموعي غزيرة، واعترفت بكل شيء. ((لقد كنا معاً نلعب بجانب النهر وسطونا على أحد البيوت. لكننا لم نسرق سوى غرضين صغيرين)).
هذه الحادثة لم تكن المشكلة الأولى التي تورطت فيها . فقد اتهمني عدد لا بأس به من تجار المدينة بسرقة أموال أو بضائع من دكاكينهم. لم أسرق من دكاكينهم حقيقة أي شيء، ولكن سمعتي المعطرة كانت قد سبقتني ولذا كلما حدثت مشكلة سطو كان التجار يفكرون بي كمتهم أول. وقد انتشرت إشاعات قوية في المدينة كلها بأنني سأرسل إلى مدرسة الأحداث. وفي طفولتي كنت دائماً أقوم بفعل ما أريد فعله، وفي الوقت الذي أريد. وأنا على يقين أنني كنت استحق الضرب بالمسطرة مئات المرات عقوبة لي على ما كنت أقترفه من أعمال سيئة وغير مسؤولة في طفولتي، ولكن أبوي لم يحاولا ولو مرة واحدة أن يفعلا ذلك، ولم يحاولا تأديبي أو منعي عما كنت أفعله. وكنتيجة لذلك كان علي بعد بلوغي وانخراطي في الحياة كشخص مستقل، أن أواجه صعوبات جمة في التكيف والتلاؤم مع المجتمع. فعلى سبيل المثال، كنت دائماً أعتقد بأن القوانين لا تنطبق علي. فإذا رأيت إشارة تقول : (( ممنوع صف السيارات هنا )) كنت أصف سيارتي لا مبالياً بما رأيت ذلك لأنني ((الاستثناء)). ولأن البيت الذي كنت أعيش فيه لم يسنّ لي قوانين وقواعد وإشارات حمراء، فقد كنت أعتقد بأن القوانين صنعت ليتم تطبيقها على الآخرين وليس علي.
ولكن على الرغم من كل ذلك، فقد كان لطريقة أبوي في التعامل معي تأثير إيجابي واحد مهم على حياتي في المستقبل. لقد ساعدتني هذه الطريقة على تأسيس الشخصية القوية والمعتدة بقدرها وقيمتها . وقد يبدو هذا الاستنتاج غريباً ومجافياً للمنطق بعد قراءة ذلك السجل ((المشرف)) لي ومعرفة القائمة الطويلة للمشاكل التي ورطت فيها نفسي وأهلي على السواء. ولكنني عندما أتذكر كيف ترعرعت في ذلك البيت والطريقة التي كان والداي يتبعانها في تربيتي، أدرك أن أبوي يمثلان واحداً من أربعة أنواع من الأباء ((سنناقش هذه الأنواع الأربعة لاحقاً)). وأستطيع الآن أن أفهم كيف ولماذا تمكنت من أن أنمو وأعزز هذا الشعور بأنني أمتلك شخصية إيجابية قوية في بيت كان يخلو تقريباً من أية أنماط تربوية تأديبية.
أشار الدكتور (Dennis Guernsey) ، منذ بضع سنوات خلت ، إلى أن الآباء يمكن تصنيفهم في أربعة أنواع أساسية وذلك ضمن مقال له في مجلة (Family Life Today) . ولقد استند في مقالته هذه إلى دراسات لثلاثة من حملة الدكتوراه والمختصين في هذا المجال من جامعة مينونا Minnesota) . وهناك نوعان من الآباء يسبب سلوكهم دفع أطفالهم لأن يكونوا أقل إحساساً بالمسؤولية. ومثل هؤلاء الأطفال يميلون إلى عدم محبة ذواتهم. ولا يحصلون جيداً في مدارسهم، وهم غالباً على قناعة بأنهم لن يكونوا ناجحين في حياتهم، وهذان النوعان من الآباء غالباً ما يتسببان في إغلاق ذوات أطفالهم، الأمر الذي ينجم عنه مشاكل عديدة في حياة هؤلاء الأطفال . وقد ناقشنا بعض هذه المشاكل في الفصل الأول. النوعان الآخران من الأباء، وأنا أعرف الآن بأن أبي وأمي ينتميان إلى أحد هذين النوعين، يميلان لتربية أطفال أكثر إيجابية في أفعالهم. وهؤلاء الأطفال هم غالباً أكثر اطمئنانا في حياتهم، ويميلون المحبة ذواتهم، ويحصلون جيداً في مدارسهم. وكنتيجة لذلك ينمو مثل هؤلاء الأطفال ليكونوا أكثر شعوراً بالمسؤولية عندما يبلغون.
وفي معرض نقاشنا لكل نوع من هذه الأنواع الأربعة من الأباء، يحسن بنا أن لا نهتم فقط بنوع الآباء الذي نتمنّى أن نُصنَّف ضمنه، بل نركز أيضاً على حياتنا الشخصية وعلى كيفية معاملتنا من قبل آبائنا. أو بمعنى آخر نحاول أن تحلل كيف نمونا، وتحت سقف أي نوع من الآباء عشنا وترعرعنا.
تعليق