الروبوتات تزاحم الفنانين بأعمال بلا روح
جيل من روبوتات الفن
يشهد المشهد الفني تحولا جذريا بفضل الذكاء الاصطناعي، حيث يعيد تعريف الإبداع ويغير طرق إنتاج وتقديم الأعمال الفنية، حيث باتت التكنولوجيا تُستخدم لإنشاء أعمال فنية بناء على وصف نصي، مما يسهل إنتاج أعمال بسرعة ودقة عالية، بالإضافة إلى أن بعض الفنانين باتوا يستخدمون الذكاء الاصطناعي كمساعد في عملية الإبداع، مما يفتح أفقا جديدا لتوليد أفكار وأساليب غير تقليدية.
برلين ـ أثارت لوحة رسمها الروبوت “آي-دا”، الذي يعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي، جدلا واسعا بعد عرضها في مزاد دار سوثبي بلندن. وهذا الجدل يأتي في ظل الضجة التي أحدثتها تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات الكلام والموسيقى والفنون البصرية، مما أثار تساؤلات متزايدة حول مستقبل الفن الإنساني مع هذا التدخل التكنولوجي المتسارع.
ومن بين الأشخاص الذين أبدوا دهشتهم من إقامة هذا المزاد، كان هنريك هانشتاين، مدير دار المزادات التقليدية “كونستهاوس ليمبيرتس” في مدينة كولونيا الألمانية.
وفي حوار مع دويتشه فيله، أعرب هنريك هانشتاين عن دهشته قائلا “لم أكن أتوقع حدوث ذلك.” وأكد أن لوحات الذكاء الاصطناعي لا يمكن اعتبارها أعمالا فنية حقيقية، موضحا، “فن الذكاء الاصطناعي يُنتج بواسطة آلات تعتمد على بيانات مأخوذة من أعمال فنية أخرى، وهذا أمر لا أستطيع تقبله”.
وهانشتاين، الخبير المعروف عالميا في سوق الفن، يعبر بذلك عن مخاوفه من تأثير التكنولوجيا على جوهر الإبداع الفني.
وفي الواقع، تم إنجاز اللوحة بواسطة يد إلكترونية بيولوجية تابعة للروبوت “آي-دا”، وهي فنانة آلية تشبه البشر. وتصور اللوحة آلان تورينغ، الذي يُعتبر الأب المؤسس لعلوم الكمبيوتر الحديثة، مما يجعل اختياره موضوعا ملائما لهذا السياق.
الفنانة الروبوت "آي-دا"، مزودة بكاميرات في عينيها وذراع آلية، وتستطيع التحدث بفضل نموذج لغة مدعوم بالذكاء الاصطناعي
ويحمل الروبوت “آي-دا” اسم عالمة الرياضيات البريطانية آدا لوفلايس (1815 – 1852)، وقد تم تطويره في جامعة أكسفورد عام 2019.
والفنانة الروبوت “آي-دا”، مزودة بكاميرات في عينيها وذراع آلية، وتستطيع التحدث بفضل نموذج لغة مدعوم بالذكاء الاصطناعي. وتعتمد هذه الآلة على الخوارزميات لإنتاج أعمالها الفنية، وقد سبق لها إنجاز العديد من اللوحات، من بينها صورة شخصية للملكة إليزابيث الثانية (1926 – 2022). لرسم صورة آلان تورينغ، قامت “آي-دا” بتجميع عدة رسومات منفصلة لتشكيل صورة نهائية جديدة.
وتُعد لوحة “إله الذكاء الاصطناعي” أول عمل فني من إنتاج روبوت بشري المظهر يُباع في مزاد، وفقا لما أعلنته دار سوثبي للمزادات. وقد وصفت الدار هذا الحدث بأنه “لحظة تاريخية في مسار الفن الحديث والمعاصر،” مشيرة إلى أنه يعكس “التقاطع المتزايد بين الذكاء الاصطناعي وسوق الفن العالمية”.
ويرى خبير سوق الفن هنريك هانشتاين الأمر بنظرة متشككة، موضحا “انتشار خبر هذا المبلغ المكون من سبعة أرقام في جميع أنحاء العالم أمر طبيعي، لكن لا تنبغي المبالغة في تقدير أهميته، فقد يكون مجرد مصادفة.”
ومع ذلك، لا يستبعد هانشتاين تماما إمكانية اعتبار الأعمال التي ينتجها الذكاء الاصطناعي فنا، رغم أنه لا يعتقد أن هذه الأعمال ستجد مكانا لها في المتاحف.
ويقول هانشتاين “لا ينبغي أن نغفل عن حقيقة أن الفنانين لطالما استخدموا أحدث التقنيات المتاحة في زمانهم، سواء كان الانتقال من الخشب إلى القماش، أو من النحاس إلى الورق، وصولا إلى استخدام الأكريليك. خذ على سبيل المثال تجربة الرسم في الهواء الطلق تحت ضوء النهار الطبيعي.”
Thumbnail
ويرى هانشتاين أن الفن قد يتجاوز عصره أحيانا، ويقول “هذا ما حدث مؤخرا مع الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs)، حيث شهدت ضجة إعلامية وأسعارا جنونية.” ومع ذلك، يعتقد أنه بعد مرور بضع سنوات فقط، تراجعت سوق الـNFTs بشكل كبير وأصبحت، وفق تعبيره، “جزءا من الماضي”.
وبخصوص فن الذكاء الاصطناعي، يدعو هانشتاين إلى التحلي بالصبر مع توخي الحذر في نفس الوقت. ويقول “يجب السماح بالتجارب، ولكن ينبغي أن نقيّم هذه التجارب بعناية.” وأضاف أنه مع مرور الوقت، سيتضح ما سيصمد ويستمر على المدى الطويل. ويؤكد “سوق الفن حساسة للغاية، وهواة الجمع والخبراء قادرون على تحديد الجودة بسرعة.”
وفي رأي خبير الأعمال الفنية هانشتاين، السؤال الأهم هو: من يملك حقوق ملكية العمل الفني الذي يُنتج باستخدام الذكاء الاصطناعي؟ هل هو المبرمج؟ أم مزوّد التقنية؟ أم الفنانون الذين استعان بهم الذكاء الاصطناعي؟ هذا الموضوع موضع نقاش طويل بين المعنيين بحقوق الملكية. وفي هذا السياق، يتساءل هانشتاين “من هو الفنان الحقيقي في فن الذكاء الاصطناعي؟”
وما يزال من غير الواضح في الوقت الحالي من سيستفيد من الزيادة في القيمة المالية للعمل الفني. فمنذ نحو 20 عاما، يسري في دول الاتحاد الأوروبي – على عكس الولايات المتحدة – ما يُعرف بحق إعادة البيع، الذي يضمن للفنان الحصول على جزء من الإيرادات في حالة إعادة بيع عمله. ولكن كيف يجب التعامل مع هذا الحق في عمل تم إنتاجه بواسطة الذكاء الاصطناعي، حيث لم يتم تحديد صاحب حقوقه الفنية؟ يقول هانشتاين “من المحتمل أن تكون المحاكم هي من سيتولى تحديد ذلك”.
لكن خبير المزادات هانشتاين يراهن هنا أيضا بشكل كامل على حاسة وهواية جمع الأعمال الفنية، ويقول “إذا كانت لديك لوحة في مزاد ولا تحمل توقيعا – حتى وإن كانت لوحة رائعة – فإن ذلك يشكل عائقا ويجعل بيع العمل أمرا صعبا.” ويضيف أن هذا ينطبق أيضا على الأعمال الفنية التي يتم إنجازها باستخدام الذكاء الاصطناعي.
ويؤكد هانشتاين أن هذه الأعمال “تفتقر إلى لمسة الفنان،” قائلا “أشك في أن يكون الكمبيوتر قادرا على الإبداع مثل فنان يسبق عصره، ولكنني أحب أن أتفاجأ.” ويضيف أن ظهور فن الذكاء الاصطناعي لن يؤدي إلى ثورة في مفهومنا للفن ولا في سوق الفن
جيل من روبوتات الفن
يشهد المشهد الفني تحولا جذريا بفضل الذكاء الاصطناعي، حيث يعيد تعريف الإبداع ويغير طرق إنتاج وتقديم الأعمال الفنية، حيث باتت التكنولوجيا تُستخدم لإنشاء أعمال فنية بناء على وصف نصي، مما يسهل إنتاج أعمال بسرعة ودقة عالية، بالإضافة إلى أن بعض الفنانين باتوا يستخدمون الذكاء الاصطناعي كمساعد في عملية الإبداع، مما يفتح أفقا جديدا لتوليد أفكار وأساليب غير تقليدية.
برلين ـ أثارت لوحة رسمها الروبوت “آي-دا”، الذي يعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي، جدلا واسعا بعد عرضها في مزاد دار سوثبي بلندن. وهذا الجدل يأتي في ظل الضجة التي أحدثتها تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات الكلام والموسيقى والفنون البصرية، مما أثار تساؤلات متزايدة حول مستقبل الفن الإنساني مع هذا التدخل التكنولوجي المتسارع.
ومن بين الأشخاص الذين أبدوا دهشتهم من إقامة هذا المزاد، كان هنريك هانشتاين، مدير دار المزادات التقليدية “كونستهاوس ليمبيرتس” في مدينة كولونيا الألمانية.
وفي حوار مع دويتشه فيله، أعرب هنريك هانشتاين عن دهشته قائلا “لم أكن أتوقع حدوث ذلك.” وأكد أن لوحات الذكاء الاصطناعي لا يمكن اعتبارها أعمالا فنية حقيقية، موضحا، “فن الذكاء الاصطناعي يُنتج بواسطة آلات تعتمد على بيانات مأخوذة من أعمال فنية أخرى، وهذا أمر لا أستطيع تقبله”.
وهانشتاين، الخبير المعروف عالميا في سوق الفن، يعبر بذلك عن مخاوفه من تأثير التكنولوجيا على جوهر الإبداع الفني.
وفي الواقع، تم إنجاز اللوحة بواسطة يد إلكترونية بيولوجية تابعة للروبوت “آي-دا”، وهي فنانة آلية تشبه البشر. وتصور اللوحة آلان تورينغ، الذي يُعتبر الأب المؤسس لعلوم الكمبيوتر الحديثة، مما يجعل اختياره موضوعا ملائما لهذا السياق.
الفنانة الروبوت "آي-دا"، مزودة بكاميرات في عينيها وذراع آلية، وتستطيع التحدث بفضل نموذج لغة مدعوم بالذكاء الاصطناعي
ويحمل الروبوت “آي-دا” اسم عالمة الرياضيات البريطانية آدا لوفلايس (1815 – 1852)، وقد تم تطويره في جامعة أكسفورد عام 2019.
والفنانة الروبوت “آي-دا”، مزودة بكاميرات في عينيها وذراع آلية، وتستطيع التحدث بفضل نموذج لغة مدعوم بالذكاء الاصطناعي. وتعتمد هذه الآلة على الخوارزميات لإنتاج أعمالها الفنية، وقد سبق لها إنجاز العديد من اللوحات، من بينها صورة شخصية للملكة إليزابيث الثانية (1926 – 2022). لرسم صورة آلان تورينغ، قامت “آي-دا” بتجميع عدة رسومات منفصلة لتشكيل صورة نهائية جديدة.
وتُعد لوحة “إله الذكاء الاصطناعي” أول عمل فني من إنتاج روبوت بشري المظهر يُباع في مزاد، وفقا لما أعلنته دار سوثبي للمزادات. وقد وصفت الدار هذا الحدث بأنه “لحظة تاريخية في مسار الفن الحديث والمعاصر،” مشيرة إلى أنه يعكس “التقاطع المتزايد بين الذكاء الاصطناعي وسوق الفن العالمية”.
ويرى خبير سوق الفن هنريك هانشتاين الأمر بنظرة متشككة، موضحا “انتشار خبر هذا المبلغ المكون من سبعة أرقام في جميع أنحاء العالم أمر طبيعي، لكن لا تنبغي المبالغة في تقدير أهميته، فقد يكون مجرد مصادفة.”
ومع ذلك، لا يستبعد هانشتاين تماما إمكانية اعتبار الأعمال التي ينتجها الذكاء الاصطناعي فنا، رغم أنه لا يعتقد أن هذه الأعمال ستجد مكانا لها في المتاحف.
ويقول هانشتاين “لا ينبغي أن نغفل عن حقيقة أن الفنانين لطالما استخدموا أحدث التقنيات المتاحة في زمانهم، سواء كان الانتقال من الخشب إلى القماش، أو من النحاس إلى الورق، وصولا إلى استخدام الأكريليك. خذ على سبيل المثال تجربة الرسم في الهواء الطلق تحت ضوء النهار الطبيعي.”
Thumbnail
ويرى هانشتاين أن الفن قد يتجاوز عصره أحيانا، ويقول “هذا ما حدث مؤخرا مع الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs)، حيث شهدت ضجة إعلامية وأسعارا جنونية.” ومع ذلك، يعتقد أنه بعد مرور بضع سنوات فقط، تراجعت سوق الـNFTs بشكل كبير وأصبحت، وفق تعبيره، “جزءا من الماضي”.
وبخصوص فن الذكاء الاصطناعي، يدعو هانشتاين إلى التحلي بالصبر مع توخي الحذر في نفس الوقت. ويقول “يجب السماح بالتجارب، ولكن ينبغي أن نقيّم هذه التجارب بعناية.” وأضاف أنه مع مرور الوقت، سيتضح ما سيصمد ويستمر على المدى الطويل. ويؤكد “سوق الفن حساسة للغاية، وهواة الجمع والخبراء قادرون على تحديد الجودة بسرعة.”
وفي رأي خبير الأعمال الفنية هانشتاين، السؤال الأهم هو: من يملك حقوق ملكية العمل الفني الذي يُنتج باستخدام الذكاء الاصطناعي؟ هل هو المبرمج؟ أم مزوّد التقنية؟ أم الفنانون الذين استعان بهم الذكاء الاصطناعي؟ هذا الموضوع موضع نقاش طويل بين المعنيين بحقوق الملكية. وفي هذا السياق، يتساءل هانشتاين “من هو الفنان الحقيقي في فن الذكاء الاصطناعي؟”
وما يزال من غير الواضح في الوقت الحالي من سيستفيد من الزيادة في القيمة المالية للعمل الفني. فمنذ نحو 20 عاما، يسري في دول الاتحاد الأوروبي – على عكس الولايات المتحدة – ما يُعرف بحق إعادة البيع، الذي يضمن للفنان الحصول على جزء من الإيرادات في حالة إعادة بيع عمله. ولكن كيف يجب التعامل مع هذا الحق في عمل تم إنتاجه بواسطة الذكاء الاصطناعي، حيث لم يتم تحديد صاحب حقوقه الفنية؟ يقول هانشتاين “من المحتمل أن تكون المحاكم هي من سيتولى تحديد ذلك”.
لكن خبير المزادات هانشتاين يراهن هنا أيضا بشكل كامل على حاسة وهواية جمع الأعمال الفنية، ويقول “إذا كانت لديك لوحة في مزاد ولا تحمل توقيعا – حتى وإن كانت لوحة رائعة – فإن ذلك يشكل عائقا ويجعل بيع العمل أمرا صعبا.” ويضيف أن هذا ينطبق أيضا على الأعمال الفنية التي يتم إنجازها باستخدام الذكاء الاصطناعي.
ويؤكد هانشتاين أن هذه الأعمال “تفتقر إلى لمسة الفنان،” قائلا “أشك في أن يكون الكمبيوتر قادرا على الإبداع مثل فنان يسبق عصره، ولكنني أحب أن أتفاجأ.” ويضيف أن ظهور فن الذكاء الاصطناعي لن يؤدي إلى ثورة في مفهومنا للفن ولا في سوق الفن