"العظيمة ليليان هول".. حكاية ممثلة أضاءت روحُها ظلام مسرح برودواي
علي المسعود
الأحد 2024/10/13
انشر
كيف تتجلى الحياة الخاصة للممثلين
من المثير اقتحام السينما لعوالم ملهمة رغم ما تحتويه من قسوة، وعاطفية ساحرة رغم ما فيها من ألم، ومن هذه العوالم المرض، ومؤخرا بات مرض الزهايمر محورا للكثير من الأفلام، كل منها يرصده من زاوية، لكن الزاوية التي تناوله منها فيلم “العظيمة ليليان هول” كانت فعلا مميزة في تفكيك للعلاقات الأسرية وسحر الفن المسرحي.
هناك عدد لا بأس به من الأعمال الدرامية السينمائية التي تتعامل مع الخرف أو الزهايمر، وترصد تراجع الشخصية الرئيسية. فيلم “العظيمة ليليان هول” واحد من هذه الأعمال التي تتناول المشكلة بطريقة مميزة.
ممثلة برودواي الأسطورية ليليان هول من رائدات المسرح الأميركي، تتعامل مع تشخيص الخرف أثناء التحضير لافتتاح مسرحيتها الجديدة “بستان الكرز” للروسي أنطوان تشيخوف، حيث يتعين عليها التعامل مع مشاكل الذاكرة، إلا أن الفيلم يتعلق بكيفية قيام ليليان المثقلة بهذا التشخيص المدمر، بتحقيق السلام والتصالح مع نفسها والآخرين.
رمزية بستان الكرز
الفيلم مستوحى من حياة الممثلة ماريان سيلدس، التي كانت عمة كاتبة سيناريو الفيلم (إليزابيث سيلديس أناكون) وقد أخرجه مايكل كريستوفر من بطولة جيسيكا لانج. نتابع ليليان هول وهي ممثلة كبيرة في المسرح تتدرب على إحياء برودواي لمسرحية “بستان الكرز”، حيث تلعب دور ليوبوف تحت إشراف المخرج الشاب ديفيد (جيسي ويليامز). لكنها تبدأ في نسيان الحوار، مما يخلق صراعا بين المخرج ديفيد المتعاطف مع ليلين والمنتجة القاسية جين (سيندي هوجان)، التي تشعر بالقلق العميق وتفكر في استبدالها.
الطبيب (كيث آرثر بولدن) يخبرها بحالتها المتدهورة لكنها تحاول الحفاظ على سرية الحقيقة، وتخفي الأمر على مساعدتها منذ فترة طويلة إديث (كاثي بيتس) وابنتها مارغريت (ليلي رابي) ووكيلها (كلايتون لاندي). لكن حالتها تزداد سوءا، تضيع وهي تمشي في المدينة، ويلاحقها شبح زوجها المتوفى كارسون (مايكل روز)، الذي أخرج لها عدة مسرحيات.
مع تقدم البروفات، أصبح من الواضح أن ليليان ربما لن تكون قادرة على أداء المسرحية بأكملها. المخرج المسرحي الشاب ديفيد الذي صنع لنفسه اسما بالفعل يعمل مع المنتجة جين هوجان، وغالبا ما يختلف معها بشأن حالة ليليان وقدرتها على أداء دورها في المسرحية. بينما أرادت جين استبدال ليليان ببديلتها الأصغر سنا والأكثر استعدادا هالي (ريبيكا واتسون)، كان ديفيد مصرا على الإبقاء على ليليان.
أكثر مشاهد المسرحية المتميزة تلك التي تتقاطع فيها شخصية مسرحية تشيخوف مع الحياة الشخصية للممثلة ليليان وعلاقتها بابنتها مارغريت. تدرك في وقت متأخر جدا من حياتها أن التزامها بالمسرح جاء على حساب علاقاتها بعائلتها وأحبائها. شعرت الابنة مارغريت منذ فترة طويلة أن والدتها أولت اهتماما لعملها أكثر من اهتمامها بها، وتعتقد أنها حتى الآن ليست كريمة بما فيه الكفاية من الناحية المالية، حتى إنها مترددة في تغطية مصاريف تقويم الأسنان لحفيدها فين (تينز ماكول) أو تفهم الصعوبات المهنية لزوج مارغريت جورج (جوناثان هورن)، وهو فنان يكافح من أجل توفير لقمة العيش.
في مشهد لاحق، ستنفجر مارغريت غضبا حين تعلم بإخفاء والدتها تدهور حالتها الذهنية. هناك مشهد مؤثر تجلس فيه على الشرفة مع ابنتها البالغة مارغريت (ليلي رابي)، التي لم يكن لديها وقت لها أبدا عندما كانت صغيرة، حيث كانت تقدم ثمانية عروض في الأسبوع. ولكنها حين تعود في الليل إلى البيت، تغني لمارغريت قبل النوم، والآن، على الشرفة، تستذكر نفس الأغنية وتغني “اصمت يا عزيزي الصغير لا تبكي…” وما نراه ونسمعه في أداء الممثلة جيسيكا لانج، الذي يعبر عنه في مشاعر حساسة مثل ألم حنون من الحنين إلى الماضي؛ الندم الذي تشعر به ليليان الآن على ما كانت عليه الأم الغائبة.
يتعمق الفيلم في العلاقات المعقدة لأسرة ليليان من خلال رمزية بستان الكرز لتشيخوف، المسرحية التي عرضت لأول مرة في عام 1904 على مسرح موسكو للفنون، وأخرجها العبقري كوستانتين ستانيسلافسكي. اختلف تشيخوف وستانيسلافسكي على رؤية المسرحية، حيث رآها الكاتب على أنها كوميديا، في حين قدمها المخرج على أنها مأساة.
في عام 1981 تم تحويلها إلى فيلم تلفزيوني من بطولة جودي دينش، وفي عام 1999 لعبت الممثلة شارلوت رامبلينج دور البطولة في فيلمها الخاص المقتبس من مسرحية تشيخوف. وتم عرضها آخر مرة في برودواي في عام 2016 مع الممثلة ديان لين. الشخصية التي لعبتها ليليان دور مدام ليوبوف مالكة الأراضي الروسية الأرستقراطية التي تعود إلى ممتلكات عائلتها وبستان كرز ضخم عندما تعلم أنه يتم بيعها بالمزاد العلني لدفع الرهن العقاري. المسرحية تعكس جانبا من حياة الممثلة ليليان العائلية الخاصة.
يتميز الفيلم بتقديم مقتطفات من بستان الكرز مع أداء الممثلة جيسكا لانج المبهر لشخصية ليليان هول لها. حيث تواجه ليليان صعوبة في تذكر خطوطها. لقد كافحت بشكل خاص لتذكر السطر التالي، “لا يمكنني الابتعاد بمفردي، أخشى الصمت”. تحاول أن تتذكر كلمتها الأخيرة، “الصمت”. يعكس هذا مخاوف ليليان الخاصة بشأن تدهور ذاكرتها بسبب معاناتها مع مرض الزهايمر، واحتمال الاضطرار إلى التقاعد من المسرح الذي يمثل ديمومة الحياة والهواء الذي تتنفسه كما تصفه لأحد أصدقائها. مع رحيل زوجها والعلاقة المعقدة مع ابنتها، تعيش ليليان بمفردها. أصبح من الواضح أن ليليان لن تكون قادرة على أداء المسرحية بأكملها دون حوادث كبيرة أو فشل في العرض.
نهاية هول العظيمة
الفيلم مهتم في النهاية بالاحتفال بالمستويات غير العقلانية من التفاني التي يلهمها المسرح الحي في الأشخاص الذين يصنعونه
كان لنهاية فيلم “العظيمة ليليان هول” معنى أعمق، حيث تمكنت الممثلة ليليان من اجتياز ليلة الافتتاح أمام جمهور عاشق بمساعدة إديث التي تلقنها حوارها المسرحي من خلال سماعة الأذن. إنه نجاح كبير يجعل النهاية مرضية، فضلا عن ارتياح كبير للمشاهدين وكل من شارك في المسرحية.
ينتهي الفيلم بلقطات من الفيلم الوثائقي الذي كان ديفيد يصنعه عن مسيرة الممثلة الرائدة والكبيرة ليليان هول، مع لقطات أرشيفية للممثلة ليليان ومقابلة مع الابنة مارغريت، جرت بمجرد انتهاء العرض. كانت كلمات الابنة مارغريت الأخيرة للكاميرا “والدتي، ليليان هال العظيمة”. هذا إسقاط واعتراف بمن كانت والدتها حقا. هذا هو استحواذ لعنوان الفيلم واعتراف بمن كانت والدتها حقا. هذا إلى جانب مشاعرها وحقيقة أن الفيلم الوثائقي تم تصويره بالأبيض والأسود، يشير إلى أنه تم الانتهاء منه وإصداره بعد وفاة ليليان.
فيلم “العظيمة ليليان هول” له نهاية حلوة ومرة، حيث تمكنت ليليان بطريقة ما من إنجاز ما شرعت في القيام به رغم كل الشك والصعوبات والرفض الذي واجهته في أداء أدائها الأخير. كان ختام تلك المسيرة الفنية في عالم المسرح في النهاية المبهجة أمام جمهور مهم وقريب لها، بما في ذلك طبيبها وابنتها مارغريت وآخرون. وبمساعدة مديرة أعمالها إديث في تذكيرها بالحوار من خلال سماعة الأذن عندما تكافح مع الأداء، خاصة عندما تخرج قليلا “عن النص” قبل أن تتمكن إديث من المساعدة. من الرائع أن نرى رغبة ليليان في هذا الدور تؤتي ثمارها بدعم من العائلة والأصدقاء والزملاء.
تشير اللقطة الأخيرة لضوء الشبح مثل فانوس يطيح بظلمة المسرح إلى رحلة ليليان وانطفاؤه إلى رحيلها، وقد تم تنفيذها بشكل جميل من خلال توجيه المخرج كريستوفر الرائع. اللقطة الأخيرة هي لقطة هادئة وانفرادية لضوء شبح مضاء في المسرح. وبالتالي، قد يتم الخلط بين بعض المشاهدين من اللقطة النهائية. ضوء الشبح هو ضوء واحد يترك في المسرح عندما يكون فارغا لمنعه من الظلام تماما. غالبا ما يعتقد أن الأشباح تطارد كل مسرح، وتعمل الأضواء كدليل لتلك الأشباح. من ناحية أخرى، تهدف أيضا إلى درء الأرواح “المؤذية”.
تم تصوير فيلم العظيمة ليليان هول بشكل جميل بواسطة كريستوفر. تنقل اللقطات والمشاهد في جميع أنحاء الفيلم الحالة العقلية ليليان، مع تذبذبها بين الوضوح والشيخوخة في أي لحظة. يلتقط الفيلم أيضا مشاهد وثائقية وعروضا مسرحية من البروفات إلى ليلة الافتتاح، واحدة من أكثر اللحظات العاطفية في الفيلم.
الممثلة كرست حياتها للمسرح وأهملت ابنتها لكن سيناريو الفيلم لا يرى ليليان أبدا من خلال عدسة الذنب الأمومي
قصة وسيناريو الفيلم (لإليزابيث سيلديس أناكون ) عن سيرة عمتها ممثة مسرح برودواي (ماريان هول سليدس) واحدة من الممثلات المسرحيات الرائدات في أميركا التي توفيت في 6 أكتوبر من عام 2014، وكانت ممثلة أميركية رشحت لجائزة توني الخاصة بالأعمال المسرحية وفازت بالجائزة لأفضل ممثلة عن دورها في مسرحية “توازن دقيق” عام 1971، ظهرت سيلدس في كل عرض من عروض برودواي البالغ عددها 1809 من مسرحية ”إيرا ليفين مصيدة الموت”، وهو إنجاز أكسبها ذكرا في كتاب غينيس للأرقام القياسية باعتبارها “الممثلة الأكثر ديمومة”.
توفيت الممثلة هول سيلدس عن عمر يناهز 86 عاما في 6 أكتوبر 2014 في مانهاتن. لم يتم الكشف عن سبب وفاتها. هول كان الاسم قبل الزواج لوالدة ماريان. ويعكس الفيلم نبض روحها المتجسد في شخصية ليليان هول. فقد اشتهرت ماريان سيلدس بتفانيها في عملها؛ دخلت في كتاب غينيس للأرقام القياسية العالمية باعتبارها “الممثلة الأكثر فترة عرض” بعد ظهورها في أداء مسرحية “فخ الموت” التي استمرت أكثر من أربع سنوات تعرض على مسرح برودواي. يبدو أن جانبين (الفنية والعائلية) من سيرة الممثلة سيلدس الشخصية يشكلان الكثير من حبكة الفيلم.
بعد ثلاث سنوات من وفاة الممثلة ماريا هول سيلديس في عام 2014 عن عمر يناهز 86 عاما، أنتج فيلم وثائقي بعنوان “ماريان” اتهم معجبوها بأنه “تشويه” لها، لأنه ركز على “فترة انحدار ذاكرتها بعد معاناتها من الخرف”. في عام 2010 حصلت ماريان سيلدس على جائزة توني للإنجاز مدى الحياة عن مسيرتها العظيمة في المسرح، والتي تتناسب مع سمعتها كواحدة من أعظم فناني المسرح في أميركا.
أٌخرج فيلم “العظيمة ليليان هول” من قبل مايكل كريستوفر، المعروف بعمله في إخراج مسرحيات برودواي والعمل ككاتب أو مخرج في أفلام متعددة، بما في ذلك ساحرات إيستويك وكاتب الليل. كان الفيلم أيضا أول فيلم روائي طويل لكتابة السيناريو إليزابيث سيلديس أناكون.
في دور الأم
تطاردها أشباح ماضيها وحاضرهافي أغلب مشاهد فيلم “العظيمة ليليان هول” نشاهد شخصية جيسيكا لانج وهي تطارد رؤى وشبحا لرجل تم الكشف عن اسمه لاحقا على أنه كارسون (مايكل روز). لا يشرح الفيلم أبدا صراحة من هو، ولكن يمكن الاستنتاج أن كارسون كان مخرجا مسرحيا وزوج ليليان العزيز الراحل، الذي شاركها التوهج الفني والمسرحي.
ترى ليليان شبح كارسون لأول مرة في غرفة خلع الملابس الخاصة بها، ولكن هلوساتها تصبح أكثر توتراً بمجرد أن تتلقى تشخيصا بالزهايمر وحتى اقتراب تاريخ افتتاح المسرحية. تحدث واحدة من أكثر اللحظات عاطفية في الفيلم عند دخولها المستشفى بعد سقوطها أثناء البروفة، عندما تتخيل ليليان زوجها الراحل كارسون في غرفتها بالمستشفى، تتجاهل صرخات الجميع وهي تمد يدها إليه، وتحاول الذهاب إليه وتكون معه مرة أخرى.
استمرت ليليان في رؤية شبح كارسون، ويظهر للمرة الأخيرة عندما تراه ليليان في ليلتها الافتتاحية للمسرح وتتبعه إلى مقعدهم في سنترال بارك بدلا من ذلك. إنها لحظة حلوة ومرة، حيث تقبل ليليان أخيرا أنه لم يحن الوقت كي يتم لم شملهما. ذكرت ليليان أنه لم يكن لديهم ما يكفي من الوقت معا، كان الفنان كارسون الدافئ والمضحك يذكرها بالحياة والعمل في المسرح سوية. لحسن الحظ، وجدتها مديرة أعمالها (أديث) في سنترال بارك إديث، وتمكنت من حملها إلى ليلة الافتتاح في الوقت المحدد.
في وقت مبكر من الفيلم، تسأل ليليان إديث عما إذا كان يجب على الممثلين إنجاب أطفال. أعربت ليليان عن بعض خيبة الأمل في تعاملها مع ابنتها مارغريت. عندما تطرح الممثلة ليليان هول سؤالها، تستدرك إديث عما إذا كانت تريد إجابة صادقة أو إذا كانت تريد الجدال. عندها ترد إديث إنها لا تعتقد أن الممثلين يجب أن يكون لديهم أطفال، إذا كانوا غير قادرين على إعطائهم الوقت الكافي من العناية والاهتمام، ويترتب على ذلك جدال. ومع ذلك، عرفت ليليان في أعماقها أن إديث كانت على حق، على الأقل في حالتها. لطالما كانت ليليان مكرسة لعملها، مما أدى إلى توتر علاقتها مع ابنتها منذ سن مبكرة.
تعلق الإبنة مارغريت على مدبرة منزل تدعى لوريتا التي عملت كأم بديلة في غياب ليليان المتكرر. تتذكر أن والدتها ذات مرة أعطتها دمية في عيد ميلادها، واتضح أن هذه الدمية كانت في الواقع مأخوذة من المسرحية التي كانت ليليان هول تؤديها في ذلك الوقت، لأنها “لم يكن لديها وقت للتسوق لشراء هدايا عيد الميلاد”. اعترفت لاحقا كثيرا للمخرج ديفيد بعد أن قادها لزيارة ابنتها وصهرها وحفيدها. بينما نامت ليليان على الأريكة، سمعت محادثة بين ديفيد ومارغريت حول طفولة مارغريت.
أخبرته مارغريت “كانوا لا ينفصلون، أمي، أبي، والمسرح. ولم يكن هناك.. مجال لأي شيء آخر”. بعدها أخبرت مارغريت ديفيد كيف اعتادت ليليان أن تغني لها “الصمت، الطفل الصغير”، يتشاركون لحظة مؤثرة على الشرفة حيث تغنيها ليليان المسنة لابنتها الكبيرة. للأسف، هذه اللحظة الحلوة في علاقتهما لا تدوم طويلا، كما هو الحال عندما تكتشف مارغريت أن ليليان أخفت تشخيصها بمرض الزهايمر عنها، تقول “لم ترغب أبدا في أن تكون أمي. أرادت فقط أن تلعب الدور”.
بحلول نهاية الفيلم، تتصالح الفنانة مع ابنتها وتردم الفجوة بينهما. سددت ليليان رهن مارغريت العقاري وحضرت الإبنة مارغريت ليلة افتتاح مسرحية “بستان الكرز”، أخيرا، من خلال مونولوغ تشيخوف الذي ألقته ليليان على خشبة المسرح عن الأمومة، تمكنت مارغريت من التواصل مع ليليان كوالدتها وممثلة رائعة.
بينما كرست حياتها للمسرح بقيت ليليان بعيدة عن منزلها في كثير من الأحيان. لكن سيناريو إليزابيث سيلديس أناكون لا يرى ليليان أبدا من خلال عدسة الذنب الأمومي. إنه يرسم ليليان على أنها هائلة ولكنها لا تثير الشفقة أبدا ويصورها على أنها شخصية أكبر من الحياة تدرك أن حياتها لها حدود مثل أي كائن آخر. يستكشف السيناريو بشكل مناسب حالة ليليان العقلية المتضاربة وهي تحاول إخفاء مخاوفها من انحدار قدراتها الذهنية ومصيرها للحفاظ على لياقتها المعتادة. على الرغم من البحث في نقاط ضعفها، إلا أن الكتابة لا تسمح لها أبدا بالظهور بمظهر ضعيف.
لا أستطيع التعبير عن مدى تألق جيسيكا لانج في هذا الفيلم. ما الذي يجب أن تثبته أيضا في حياتها المهنية، لا شيء. إنها واحدة من عدد قليل من الممثلين الذين لديهم التاج الثلاثي “أوسكار، توني، إيمي” وها هي في هذه المرحلة من حياتها المهنية تقدم واحدة من أفضل عروضها، إنه أداء مذهل من جيسيكا لانج.
بين الحين والآخر تجري محادثات صادقة حول الحياة والمسرح مع جارها المجاور تاي الذي يلعب دوره الممثل بيرس بروسنان. إنه فيلم جميل ومدروس عن حقائق الشيخوخة ومرض الزهايمر والإرث الذي نتركه وراءنا بعد رحيلنا. يتميز بأداء رائع من جيسيكا لانج، التي تتعامل مع جميع التغييرات في حياة ليليان بعاطفة صادقة. نرى لحظات من الندم والخوف والإثارة والحزن. وهناك لمحات من تألق ليليان عندما تؤدي دورها على المسرح، منزلها الحقيقي. في حين أن ليليان غالبا ما تطاردها أشباح ماضيها وحاضرها بما في ذلك شخصية بيرس بروسنان، الذي نراه في دوره كممثل متقاعد يعيش بجانب ليليان.
الفيلم مهتم في نهاية المطاف بالاحتفال بالمستويات غير العقلانية من التفاني التي يلهمها المسرح الحي في الأشخاص الذين يصنعونه. في المقابل يكشف التقصير في رعاية الابنة التي أهملت منذ الطفولة والتي تقول عن أمها في أحد المشاهد “لم ترغب أبدا في أن تكون والدتي. أرادت فقط أن تلعب الدور!”، والذاكرة الحية لزوجها المخرج المسرحي الراحل (مايكل روز)، وجارها (بيرس بروسنان) الذي تغازله على شرفتها في مانهاتن، ومساعدتها منذ فترة طويلة إديث (الحائزة على جائزة الأوسكار كاثي بيتس، رائعة كالعادة).