الحبيب الناصري لـ"العرب": الصحراء المغربية مكون سينماتوغرافي له أثر مهم في المتلقي
مدير المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة يرى أن الفيلم الوثائقي قادر على نقل خصوصية الصحراء المغربية وجمالياتها.
الثلاثاء 2024/12/17
ShareWhatsAppTwitterFacebook
مبدع يراهن على أهمية الفيلم الوثائقي
لا يلعب الفيلم الوثائقي دورا تسجيليا للأحداث وإنما يتخذ بعدا جماليا له تأثير كبير في المشاهد، وهذا ما يؤكده الحبيب الناصري، مدير المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة، في هذا الحوار الذي جمعه مع "العرب"، والذي تطرق فيه أيضا إلى أهمية حضور الصحراء المغربية بخصوصيتها الحضارية والثقافية في السينما المغربية.
خريبكة (المغرب) - في إطار التحضيرات لفعاليات الدورة الـ15 للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة بالمملكة المغربية، والذي تنظمه جمعية المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة، من الثامن عشر إلى الحادي والعشرين من ديسمبر الجاري، كان لصحيفة "العرب" حوار مع مدير المهرجان الحبيب الناصري حول صورة الصحراء في السينما الوثائقية.
حول اختيار موضوع “صورة الصحراء في السينما الوثائقية” واهتمامات المهرجان وتوجهاته الثقافية لهذا العام، يقول الناصري “طبعا كل سنة نختار موضوعا له صلة بطبيعة اهتمامات السينما ولاسيما حينما يتعلق الأمر بالفيلم الوثائقي، إذ من الممكن لعين المخرج أن تجعله تحفة فنية جذابة ومؤثرة في المتلقي، فالصحراء في هذه الحالة تتحول إلى مكون سينماتوغرافي وثائقي له أثره الفني/الجمالي الكبير على المتلقي، سواء تعلق الأمر بالصحراء المغربية أو الآسيوية أو الأميركية، وهي موضوع ندوتنا الفكرية لهذه السنة ولا ننسى أهمية وقيمة العديد من الأفلام الوثائقية المغربية التي انشغلت بالصحراء المغربية وقدمتها لنا من زاوية فنية وتاريخية وكشفت عن العديد من أبعادها الثقافية الشعبية والعالمية، وهو ما جعل بعضها يسافر ويحط الرحال في بعض المهرجانات السينمائية الدولية ويفوز بجوائز مهمة، وطبعا هذه الندوة ستشارك فيها بعض الأسماء المهتمة بهذا الموضوع، ولأول مرة ننظم ندوة بالتعاون مع غرفة مهنية متخصصة في الموضوع ويتعلق الأمر بفيدرالية مهنيي السينما والسمعي البصري، وطبعا مقاربة هذا الفضاء ستحضر من خلال نماذج عديدة من داخل المغرب وخارجه.”
ويضيف محدثنا “صحيح أن الصحراء المغربية مكان له جاذبيته ويذكرنا ببعده الشعري والجمالي والثقافي والحضاري، هي ليست مجرد جغرافيا محدودة في الزمان والمكان بل هي خطاب بصري وثقافي له إرثه الحضاري والذي من الممكن أن يساهم في تربيتنا بصريا على الذوق/الجمال، وبه نسترجع لحظات حلم ولحظات شاردة لاسيما في ظل عولمة مخيفة وحمالة للعديد من المآسي للبشرية، ففي الصحراء نمارس العديد من أشكال الحلم ومن خلال عين المخرج وعين المتلقي لما رآه ونقله لها المخرج.”
ويوضح أن “الصحراء في علاقتها بالفيلم الوثائقي تجعلنا نسائل طبيعة هذه التحديات، وطبيعة العين التي تقبض على صورة ما في الوثائقي تكون لها صلة بالصحراء، فما هي طبيعة هذه العين؟ تكوينها البصري؟ حلمها وعلاقتها بالصحراء؟ هل هي مجرد مكان للعيش أم الأمر يتجاوز ذلك إلى ما هو نوستالجي وثقافي ومعماري بل إلى ما يمكن أن يصبح بمثابة ذاكرة من الصعب نسيانها والعيش خارجها جسديا أو ثقافيا؟ ثم لا بد من استحضار صورة الصحراء في العمل الوثائقي هل هي حاضرة في إطار سينمائي أم في إطار تلفزيوني؟ هل هي حاضرة في السينما بعين مخرج يتركها تتحدث عن نفسها دون حوار أم حاضرة في التلفزيون وموجهة للعامة وبالتالي لا بد من كلام مصاحب لها لشرح ما تحمله في طياتها، فأسئلة عديدة من الممكن طرحها ونحن نكتب عن الصحراء ومن زوايا عديدة، لأن المتلقي أحيانا قد يدفع المخرج إلى اختيار رؤية معينة حول الصحراء.”
وحول ما يميز السينما الوثائقية المغربية في تناولها لصورة الصحراء مقارنة بالسينما الوثائقية في باقي البلدان العربية أو الأفريقية، يوضح مدير المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة أن “خصوصية الصحراء المغربية محددة في إرثها المعماري والصوفي والشعري والثقافي والحضاري ككل، فهي أرض تنهض على روابط تاريخية وحضارية وروحية، كانت تجمع بين العديد من العناصر المكونة لهذه الأمة المغربية، بل هي أكثر من هذا، فالصحراء وحينما تجد عين مخرج عاشق لهذا الفضاء ومدرك لروحها وأبعادها الثقافية الشعبية والعالمة سيتمكن من أسرنا كمتلقين وجعلنا نعيش داخل حلم له قيمته النفسية والروحية والجمالية ككل. خصوصية المعمار والشعر الصحراوي بكل مكوناته الغزلية والصوفية، كل هذا من الممكن أن يعطي هوية أو يوضح جزءا من تمغربيت المتعددة والمتنوعة والشبيهة بفسيفساء له ألوان عديدة، لكن قيمة كل لون توجد في علاقته مع لون آخر.”
وكشف الناصر أنه تم اختيار فيلمين وثائقيين لهما صلة بالصحراء المغربية للمشاركة في المهرجان، بالإضافة إلى ندوة متخصصة في الموضوع نفسه، وكل هذا هو من أجل الانخراط في نشر ثقافة بصرية من الممكن أن تساهم في الرفع من منسوب التربية على المكان، كبعد نوستالجي وتاريخي وحضاري، ففي أفق جعلنا نعمق صلتنا بأمكنتنا المغربية والإنسانية ككل، لاسيما في زمن عولمة رقمية تجعل من شبابنا في كل العالم غير مدركين لقيمة المكان كبعد ثقافي وحضاري وجمالي مسكون بالعديد من الأرواح التي مرت منه.
ويشير إلى أن “أهمية الفيلم الوثائقي تكمن إلى جانب بعده القصصي والإنساني في كونه يعلمنا كيف نتلذذ الصحراء ونبدع كمتلقين قصصنا على هامش قصصه هو، فهناك أفلام مغربية اشتغلت على الصحراء المغربية وتمكنت أن تصل إلى مستوى فني وبصري جميل ومنافس على جوائز دولية عديدة وبعض هذه الأفلام شاهدتها ليس فقط داخل بعض المهرجانات المغربية، بل أتيحت لي فرصة مشاهدتها خارج المغرب وهناك أحسست بقيمتها وبمحليتها وبدبلوماسيتها الثقافية والفنية والتاريخية، وإنني أعي جيدا قيمة المكان في السينما بشكل عام، وكيف من الممكن أن يساهم في تحقيق تلك المحلية الجميلة والممكن تسميتها بتمغرابيت الدالة والمولدة للعديد من الدلالات، وقد يأتي يوم ما تصبح فيه ذاكرتنا المكانية ليس فقط في المغرب، بل في كل العالم حاضرة في ما تقدمه السينما بشكل عام والفيلم الوثائقي بشكل خاص. من هنا أقول علينا الاهتمام بالفيلم الوثائقي وتعليمه وتدريسه وتقريبه خصوصا للشباب.”
العديد من الأفلام الوثائقية المغربية المهمة انشغلت بالصحراء المغربية وقدمتها لنا من زاوية فنية وتاريخية
ويضيف أن “من خلال الفيلمين الحاضرين في المهرجان سنكتشف جزءا من ذاكرة الصحراء المغربية، ونحن نحرص دوما في اختيارنا للأفلام الوثائقية على أساس أن تكون ذات بعد سينمائي، ونبتعد عن الريبورتاج الذي له طبعا قيمته في مجال التلفزيون، ولقد راكمنا تجربة متواضعة في كيفية جعل المتلقي يستمتع بحس سينمائي وثائقي جميل ومساهم في التربية على الصورة السينمائية الوثائقية، بينما في داخل ما ينتج من أفلام صحراوية مغربية هناك العديد من القصص الإنسانية تروى ومن مواقع مختلفة وقصص قد تتعلق بما هو أسري أو بما هو قصصي تاريخي مرتبط بطبيعة التحولات التاريخية التي عرفتها قضيتنا الوطنية، أو من خلال بعض القصص الاجتماعية الخاصة بشخوص معينين، أو من خلال قصص مبدعين منتمين إلى المنطقة وملمين بأسرارها وقصصها العديدة، ومن خلال هذه الأفلام من الممكن القول إننا بصدد تشكيل جزء من هوية الصحراء والمحدد في طبيعة ما يلتقطه بعض المخرجين من مكونات طبيعية وتاريخية وثقافية وحضارية تخص الصحراء كجزء من هوية بصرية مغربية متعددة الأمكنة والدلالات.”
ويعود الناصري في حواره مع “العرب” إلى العام 2008 الذي شهد تأسيس جمعية المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي، ليؤكد أن “العديد من المؤسسات العمومية تدعم هذا المهرجان، منذ تأسيسه، وهو اليوم في ملكية المدينة بل هو اليوم جزء من أيقونتها البصرية. أستحضر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي هي الأب الأول لهذا المشروع وبالضبط عام 2009 في دورته الأولى، ثم المجمع الشريف للفوسفاط كشريك أساسي والمركز السينما المغربي وعمالة إقليم خريبكة والجماعة الحضرية والعديد من المكونات الترابية المسيرة للمدينة والإقليم والجهة والتي قدمت لنا العديد من الخدمات المادية واللوجستية، وطبعا لولاها ما تمكنا من الوصول إلى الدورة الـ15 دون نسيان العديد من وسائل الإعلام المحلية والجهوية والوطنية والدولية التي ترافق المهرجان من بداية نشر بلاغ المشاركة حتى نهاية الدورة، لكل هؤلاء المحبين للغة الفنون بشكل عام وللغة السينما الوثائقية تقديرنا، خصوصا والمغرب مقبل على تنظيم كأس العالم، ما يفرض علينا أن نجعل من السينما الوثائقية أداة دبلوماسية للتعريف بمغرب متعدد محب للحياة والفنون ولبقية شعوب هذا العالم.”
ShareWhatsAppTwitterFacebook
عبدالرحيم الشافعي
ناقد سينمائي مغربي
مدير المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة يرى أن الفيلم الوثائقي قادر على نقل خصوصية الصحراء المغربية وجمالياتها.
الثلاثاء 2024/12/17
ShareWhatsAppTwitterFacebook
مبدع يراهن على أهمية الفيلم الوثائقي
لا يلعب الفيلم الوثائقي دورا تسجيليا للأحداث وإنما يتخذ بعدا جماليا له تأثير كبير في المشاهد، وهذا ما يؤكده الحبيب الناصري، مدير المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة، في هذا الحوار الذي جمعه مع "العرب"، والذي تطرق فيه أيضا إلى أهمية حضور الصحراء المغربية بخصوصيتها الحضارية والثقافية في السينما المغربية.
خريبكة (المغرب) - في إطار التحضيرات لفعاليات الدورة الـ15 للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة بالمملكة المغربية، والذي تنظمه جمعية المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة، من الثامن عشر إلى الحادي والعشرين من ديسمبر الجاري، كان لصحيفة "العرب" حوار مع مدير المهرجان الحبيب الناصري حول صورة الصحراء في السينما الوثائقية.
حول اختيار موضوع “صورة الصحراء في السينما الوثائقية” واهتمامات المهرجان وتوجهاته الثقافية لهذا العام، يقول الناصري “طبعا كل سنة نختار موضوعا له صلة بطبيعة اهتمامات السينما ولاسيما حينما يتعلق الأمر بالفيلم الوثائقي، إذ من الممكن لعين المخرج أن تجعله تحفة فنية جذابة ومؤثرة في المتلقي، فالصحراء في هذه الحالة تتحول إلى مكون سينماتوغرافي وثائقي له أثره الفني/الجمالي الكبير على المتلقي، سواء تعلق الأمر بالصحراء المغربية أو الآسيوية أو الأميركية، وهي موضوع ندوتنا الفكرية لهذه السنة ولا ننسى أهمية وقيمة العديد من الأفلام الوثائقية المغربية التي انشغلت بالصحراء المغربية وقدمتها لنا من زاوية فنية وتاريخية وكشفت عن العديد من أبعادها الثقافية الشعبية والعالمية، وهو ما جعل بعضها يسافر ويحط الرحال في بعض المهرجانات السينمائية الدولية ويفوز بجوائز مهمة، وطبعا هذه الندوة ستشارك فيها بعض الأسماء المهتمة بهذا الموضوع، ولأول مرة ننظم ندوة بالتعاون مع غرفة مهنية متخصصة في الموضوع ويتعلق الأمر بفيدرالية مهنيي السينما والسمعي البصري، وطبعا مقاربة هذا الفضاء ستحضر من خلال نماذج عديدة من داخل المغرب وخارجه.”
ويضيف محدثنا “صحيح أن الصحراء المغربية مكان له جاذبيته ويذكرنا ببعده الشعري والجمالي والثقافي والحضاري، هي ليست مجرد جغرافيا محدودة في الزمان والمكان بل هي خطاب بصري وثقافي له إرثه الحضاري والذي من الممكن أن يساهم في تربيتنا بصريا على الذوق/الجمال، وبه نسترجع لحظات حلم ولحظات شاردة لاسيما في ظل عولمة مخيفة وحمالة للعديد من المآسي للبشرية، ففي الصحراء نمارس العديد من أشكال الحلم ومن خلال عين المخرج وعين المتلقي لما رآه ونقله لها المخرج.”
ويوضح أن “الصحراء في علاقتها بالفيلم الوثائقي تجعلنا نسائل طبيعة هذه التحديات، وطبيعة العين التي تقبض على صورة ما في الوثائقي تكون لها صلة بالصحراء، فما هي طبيعة هذه العين؟ تكوينها البصري؟ حلمها وعلاقتها بالصحراء؟ هل هي مجرد مكان للعيش أم الأمر يتجاوز ذلك إلى ما هو نوستالجي وثقافي ومعماري بل إلى ما يمكن أن يصبح بمثابة ذاكرة من الصعب نسيانها والعيش خارجها جسديا أو ثقافيا؟ ثم لا بد من استحضار صورة الصحراء في العمل الوثائقي هل هي حاضرة في إطار سينمائي أم في إطار تلفزيوني؟ هل هي حاضرة في السينما بعين مخرج يتركها تتحدث عن نفسها دون حوار أم حاضرة في التلفزيون وموجهة للعامة وبالتالي لا بد من كلام مصاحب لها لشرح ما تحمله في طياتها، فأسئلة عديدة من الممكن طرحها ونحن نكتب عن الصحراء ومن زوايا عديدة، لأن المتلقي أحيانا قد يدفع المخرج إلى اختيار رؤية معينة حول الصحراء.”
وحول ما يميز السينما الوثائقية المغربية في تناولها لصورة الصحراء مقارنة بالسينما الوثائقية في باقي البلدان العربية أو الأفريقية، يوضح مدير المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة أن “خصوصية الصحراء المغربية محددة في إرثها المعماري والصوفي والشعري والثقافي والحضاري ككل، فهي أرض تنهض على روابط تاريخية وحضارية وروحية، كانت تجمع بين العديد من العناصر المكونة لهذه الأمة المغربية، بل هي أكثر من هذا، فالصحراء وحينما تجد عين مخرج عاشق لهذا الفضاء ومدرك لروحها وأبعادها الثقافية الشعبية والعالمة سيتمكن من أسرنا كمتلقين وجعلنا نعيش داخل حلم له قيمته النفسية والروحية والجمالية ككل. خصوصية المعمار والشعر الصحراوي بكل مكوناته الغزلية والصوفية، كل هذا من الممكن أن يعطي هوية أو يوضح جزءا من تمغربيت المتعددة والمتنوعة والشبيهة بفسيفساء له ألوان عديدة، لكن قيمة كل لون توجد في علاقته مع لون آخر.”
خصوصية الصحراء المغربية محددة في إرثها المعماري والصوفي والشعري والثقافي والحضاري، فهي أرض تنهض على روابط تاريخية
وكشف الناصر أنه تم اختيار فيلمين وثائقيين لهما صلة بالصحراء المغربية للمشاركة في المهرجان، بالإضافة إلى ندوة متخصصة في الموضوع نفسه، وكل هذا هو من أجل الانخراط في نشر ثقافة بصرية من الممكن أن تساهم في الرفع من منسوب التربية على المكان، كبعد نوستالجي وتاريخي وحضاري، ففي أفق جعلنا نعمق صلتنا بأمكنتنا المغربية والإنسانية ككل، لاسيما في زمن عولمة رقمية تجعل من شبابنا في كل العالم غير مدركين لقيمة المكان كبعد ثقافي وحضاري وجمالي مسكون بالعديد من الأرواح التي مرت منه.
ويشير إلى أن “أهمية الفيلم الوثائقي تكمن إلى جانب بعده القصصي والإنساني في كونه يعلمنا كيف نتلذذ الصحراء ونبدع كمتلقين قصصنا على هامش قصصه هو، فهناك أفلام مغربية اشتغلت على الصحراء المغربية وتمكنت أن تصل إلى مستوى فني وبصري جميل ومنافس على جوائز دولية عديدة وبعض هذه الأفلام شاهدتها ليس فقط داخل بعض المهرجانات المغربية، بل أتيحت لي فرصة مشاهدتها خارج المغرب وهناك أحسست بقيمتها وبمحليتها وبدبلوماسيتها الثقافية والفنية والتاريخية، وإنني أعي جيدا قيمة المكان في السينما بشكل عام، وكيف من الممكن أن يساهم في تحقيق تلك المحلية الجميلة والممكن تسميتها بتمغرابيت الدالة والمولدة للعديد من الدلالات، وقد يأتي يوم ما تصبح فيه ذاكرتنا المكانية ليس فقط في المغرب، بل في كل العالم حاضرة في ما تقدمه السينما بشكل عام والفيلم الوثائقي بشكل خاص. من هنا أقول علينا الاهتمام بالفيلم الوثائقي وتعليمه وتدريسه وتقريبه خصوصا للشباب.”
العديد من الأفلام الوثائقية المغربية المهمة انشغلت بالصحراء المغربية وقدمتها لنا من زاوية فنية وتاريخية
ويضيف أن “من خلال الفيلمين الحاضرين في المهرجان سنكتشف جزءا من ذاكرة الصحراء المغربية، ونحن نحرص دوما في اختيارنا للأفلام الوثائقية على أساس أن تكون ذات بعد سينمائي، ونبتعد عن الريبورتاج الذي له طبعا قيمته في مجال التلفزيون، ولقد راكمنا تجربة متواضعة في كيفية جعل المتلقي يستمتع بحس سينمائي وثائقي جميل ومساهم في التربية على الصورة السينمائية الوثائقية، بينما في داخل ما ينتج من أفلام صحراوية مغربية هناك العديد من القصص الإنسانية تروى ومن مواقع مختلفة وقصص قد تتعلق بما هو أسري أو بما هو قصصي تاريخي مرتبط بطبيعة التحولات التاريخية التي عرفتها قضيتنا الوطنية، أو من خلال بعض القصص الاجتماعية الخاصة بشخوص معينين، أو من خلال قصص مبدعين منتمين إلى المنطقة وملمين بأسرارها وقصصها العديدة، ومن خلال هذه الأفلام من الممكن القول إننا بصدد تشكيل جزء من هوية الصحراء والمحدد في طبيعة ما يلتقطه بعض المخرجين من مكونات طبيعية وتاريخية وثقافية وحضارية تخص الصحراء كجزء من هوية بصرية مغربية متعددة الأمكنة والدلالات.”
ويعود الناصري في حواره مع “العرب” إلى العام 2008 الذي شهد تأسيس جمعية المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي، ليؤكد أن “العديد من المؤسسات العمومية تدعم هذا المهرجان، منذ تأسيسه، وهو اليوم في ملكية المدينة بل هو اليوم جزء من أيقونتها البصرية. أستحضر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي هي الأب الأول لهذا المشروع وبالضبط عام 2009 في دورته الأولى، ثم المجمع الشريف للفوسفاط كشريك أساسي والمركز السينما المغربي وعمالة إقليم خريبكة والجماعة الحضرية والعديد من المكونات الترابية المسيرة للمدينة والإقليم والجهة والتي قدمت لنا العديد من الخدمات المادية واللوجستية، وطبعا لولاها ما تمكنا من الوصول إلى الدورة الـ15 دون نسيان العديد من وسائل الإعلام المحلية والجهوية والوطنية والدولية التي ترافق المهرجان من بداية نشر بلاغ المشاركة حتى نهاية الدورة، لكل هؤلاء المحبين للغة الفنون بشكل عام وللغة السينما الوثائقية تقديرنا، خصوصا والمغرب مقبل على تنظيم كأس العالم، ما يفرض علينا أن نجعل من السينما الوثائقية أداة دبلوماسية للتعريف بمغرب متعدد محب للحياة والفنون ولبقية شعوب هذا العالم.”
ShareWhatsAppTwitterFacebook
عبدالرحيم الشافعي
ناقد سينمائي مغربي