التداخل اللغوي بين اللغتين الأرمنية والعربية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التداخل اللغوي بين اللغتين الأرمنية والعربية

    التداخل اللغوي بين اللغتين الأرمنية والعربية

    تأثرت اللغة الأرمنية بلغات جيرانها من الشعوب المعاصرة الآشورية واللاتينية والفارسية والعربية والتركية وغيرها.
    إن التداخل بين اللغة الأرمنية والعربية يعود الى التداخل بين العرب والأرمن وطبيعة العلاقات العربية الأرمينية التاريخية التي تعود إلى الفتح العربي لأرمينيا في القرن السابع الميلادي بعد العصرين الأموي والعباسي في أرمينيا.
    وينبغي الاشارة الى هجرات القبائل العربية التي جرت الى أرمينيا، في العهد الأموي، وفي العهد العباسي. وبدأ التداخل في الكثير من المجالات، حتى أن المؤرخ الجغرافي ابن حوقل قال انه حين زار أرمينيا وجد أن سكانها العرب يتكلمون اللغة الأرمنية ويتقنونها الى حد بعيد.
    فقد استعملت اللغة العربية للتواصل مع العالم الإسلامي من أجل تعزيز العلاقات التجارية والبدلوماسية.
    ومن جهة أخرى، تجدر الاشارة الى أنه مع الفتح الإسلامي لأرمينيا في عام 640-650 م. شهدت تلك القرون حركة ترجمة متبادلة جراء التبادل الثقافي بين الشعبين الأرمني والعربي.
    كان الوضع مشابهاً على الصعيد الفكري والفلسفي، حيث اهتم المفكرون والفلاسفة الأرمن والعرب على حد سواء بالثقافة والعلوم، واتسمت الفلسفتان الأرمنية والعربية بسمات كثيرة مشتركة.
    وتشير إحدى النظريات أن اللغة الأرمينية استعارت من اللغة العربية قبل الفتح العربي للأراضي الأرمينية وقبل بداية الاتصال المباشر مع الأرمن في القرن السابع.
    ويزعم بعض اللغويين الأرمن أن هناك حوالي مئتي كلمة مستعارة من اللغة العربية قبل الإسلام

    لنركز على الكلمات التي دخلت الأرمنية قبل الفتوحات العربية بـ200-250 عام، والتي انتقلت من اللغة السريانية العربية، أو من اللغة العربية فقط، مثل:
    – راي=العلم –الراية واستخدمت في كتابات “فوسكيبيران” بكلمة (رايك)،
    – الصَيق= الغبار الملتف-الريح، بالأرمنية (سيك كامي)
    – شيل شال =رفع –بالأرمنية (شالاك)
    – عطشان – بالأرمنية (أدشيال)
    – مهجع=السرير بالأرمنية (ماهجاكال)
    – أحمق – بالأرمنية (أخماخ)
    – ساحر – بالأرمنية (سخرالي)…

    ومن ناحية أخرى، يذكر المؤرخون الأرمن أن تأثر الأرمن بالأدب العربي قد ظهر بشكل خاص في شعرهم من خلال اقتباسهم الوزن والقافية عن الشعر العربي.

    وفق هراتشيا أجاريان فإن اللغة الأرمنية أدخلت 702 كلمة من اللغة العربية. وهناك من ينتقد النظرية ويعتبر تلك الكلمات ليست أرمنية، وآخرون يعتبرون أن اللغة الأرمنية خلال تطورها من الكرابار (اللغة الأرمنية القديمة) الى اللغة الحديثة شملت مفردات دخيلة من لغات مختلفة، مثل حلال = بالأرمنية (هالال)، حرام = بالأرمنية (هارام)، اللعنة = بالأرمنية (ناللات)، الخ لأن المفردات كانت تسخدم كما هي دون تصريفها.
    أما الصفات والأعداد فهي كلمات ثابتة في اللغة القديمة، بينما في اللغة الحديثة تصاغ كغيرها. وقد جرى دراسة مسألة المفردات التي استعيرت من العربية كالظرف الحال والصفات. ووفق الدراسة فإنه عدا عن الأسماء هناك العديد من الصفات استعيرت من العربية، إضافة الى الحال.
    ويبلغ عدد الأسماء التي استعيرت من اللغة العربية أكثر من الصفات. وتتجاوز الأربعين كلمة.
    1-حيث يستخدم قسم منها دون خضوعها الى تركيب معين، مثل عازب= بالأرمنية (أزاب)، عزيز = بالأرمنية (أزيز)، عجيب =بالأرمنية (أجيب)، ظالم= بالأرمنية (زالوم)، لايق = بالأرمنية (لايخ)، خاص= بالأرمنية (خاص)، مستور، متواضع= (ماستور)، مسكين= بالأرمنية (ميسكين).
    2-وهناك قسم آخر من الصفات المستعارة من العربية انتقلت الى الأرمنية المتوسطة والحديثة دون تغيير، لكن لاحقاً طرأ عليها التغيير وشاركت في تركيبة الكلمة وتطورت على النحو التالي: غلط، بالارمنية (غالاط)- غريب، بالارمنية (غاريب) – جاهل بالارمنية (جاهيل).
    أما الصفات التالية فساهمت في تشكيل أفعال مثل (ليكون حلالاً)، (ليكون حراماً).. وهناك صفات مشتقة استعيرت من العربية أتت من الأسماء مثل مدد، بالارمنية (مادات). وهناك عدد من الصفات استخدمت كحال مثل مخمور بالارمنية (خومار).
    -في حين يبلغ عدد الظرف أو الحال المستعار من العربية قليلاً جداً، ولا يتجاوز العشرة. مثل علني، متعجب، البطلان (بطال)، عيان، غفيل، بلاش وغيرها. وهناك أيضاً استخدام الاستعارات العربية كـ(حال) مثل حكمة (حكمت).
    أما أحرف العطف وأسماء الوصل فهي قليلة جداً، مثل إلا، والأحول مثل عجب، هلبت، حاشى، حيف، إنشا الله.
    وهناك بعض المفردات التي جاءت في الجمل دون تصريف مثل كلمة أو الصفة عذاب أي معذبتي.
    لقد تم تطبيق الاستعارة من اللغة العربية إجمالاً من خلال الصفات، وأحياناً الأفعال مع بعض التعديلات. ووفق بعض المصادر اللغوية فإن كلمة غريب هي الأكثر شيوعاً..
    إن دراسة الاستعارة تدل على أنه إضافة الى الأسماء كانت الصفات والأحوال تغني اللغة الأرمنية مثل كلمة لطيف.
    في البداية، استعارت اللغة الأرمنية من العربية مباشرة، ولكن مع مرور الوقت استعارت كلمات عربية عن طريق الفارسية، وبعد ذلك في العصور الوسطى المتأخرة وبداية العصر الحديث، استعارت كلمات عربية عن طريق التركية العثمانية على سبيل المثال، كلمة مهدسي أو مغدسي، مقدسي، ومخسي في الأرمنية، تدل على إنسان قام بالحج إلى القدس، أي “مقدسي”. ولا شك في أن الكلمة الأرمنية على العموم جاءت من الكلمة العربية، إلا أن الحرف قاف، وهو ليس موجوداً في اللغة الأرمنية ينطق بصوت “هـ”، وكذلك استعيرت من العربية كلمة هريسة وحلاوة، الكحول، شراب (الدواء)، الباذنجان،القهوة، والقنطار الذي كان أكبر ميزان في السوق في يريفان.
    وفق الباحث د. عمر الدقاق فإن الراء الأرمنية لا تختلف عن الراء العربية إلا قليلاً، إذ إنها صوت مكرر أي مشدد. وهي مبثوثة في داخل الألفاظ وفي نهاياتها، لكن الألفاظ في الأرمنية التي تبدأ بحرف الراء قليلة بل نادرة لا تتجاوز عشر كلمات، وهذه في معظمها دخيلة على اللغة الأرمينية، كما أنها أخفت نطقاً من سائر الراءات..
    بالمجمل استعارت اللغة الأرمنية 1410 كلمة من الفارسية و900 من اليونانية و700 من العربية.
    أما حديثاً، وفي بداية القرن التاسع عشر فقد استخدم الكاتب البارز خاتشادور أبوفيان كلمات مستعارة في كتابه (لعبة في أوقات الفراغ) كلمات مستعارة من العربية دخلت الى التركية وثم استيعرت منها: خاطر – الخرج الخرجية – الحال – مجلس – المراد – الجاهل – الوقت. وكلمات مستعارة من العربية مثل رشيد أي ناضج وأيضاً استخدمت كاسم علم.
    ونخلص الى أن اللغويين يرون أنه في القرون الوسطى، دخلت حوالي 700 كلمة من أصل عربي الى اللغة الأرمنية، نتيجة الاحتكاك بين الشعبين الأرمني والعربي، وشملت تلك الكلمات مجالات الدين والطب والكيمياء والفلك وغيرها.

    د. نورا أريسيان
يعمل...