الحرمان من الدفن كعقاب مجتمعي ضد الأفراد في الحروب:
شكـّل الحرمان من الدفن عقاباً لمن لا يمتثل للقانون في مدن الدول آنذاك، إضافة إلى أن الانتقام خلال الحروب، كان يركز على نبش أضرحة ملوك الأعداء. ففي الأدعية كان يقال: «عسى أن يتهاوى جسده ولا يدفنه أحد» (39).
«وعسى ألا يدفن جسده في التراب» (40). لا بل أن أحد القوانين الآشورية يذكر: «إذا أجهضت امرأة حامل نفسها فيجب أن يحاكموها وإن أدينت توضع على الخازوق ولا تدفن، وإذا ماتت أثناء الإجهاض فيجب أن توضع على الخازوق لا تدفن جثتها» (41).
وعلى مسلة تعود إلى أمير لجش آي ـــ أناتم، وتؤرخ حوالي 2600 ق. م، ثمة صور منقوشة تصور انتصاراته على أهل مدينة «أوما»، حيث يظهر القتلى مكدسين على الأرض، وجنود أمير لجش يسيرون فوقها، وقد نقشت رسوم النسور على المسلة وهي تطير من ميدان المعركة، حاملة بمناقيرها ومخالبها رؤوس وأيدي القتلى من الأعداء (42). ويؤكد ذلك نص يصف فيه الأمير حربه وانتقامه فيقول: «بتصرف»:
«ذبحت جيش أوما في مدينتهم.. وتركت أجسادهم في السهل للطيور والوحوش، لتلتهمها ومن ثم كومت هياكلهم خمسة أكوام في خمسة مواضع منفصلة». (43)
وتذكر حوليات آشور بانيبال، أنه في حربه ضد العيلاميين، خرّب أضرحة ملوكهم، وأخرج عظامهم ونقلها معه إلى آشور كأسلوب انتقام: «لقد نبشت قبور ملوكهم السابقين والمتأخرين الذين لم يخافوا من هيبة آشور، والذين أقلقوا أسلافي من الملوك، لقد نبشتها وعرّضت هياكلهم للشمس وأخذت عظامهم إلى بلاد آشور، لقد فرضت الإزعاج على أرواحهم وقطعت عنهم قرابين الطعام وسكب الماء». (44)
ومن الطريف في هذا المجال، ما فعله«مردوك ـــ بلادان» حين تمرد على الملك سنحاريب، فعقب فشل تمرده، أخرج هياكل أسلافه وفر بها بعيداً، لخشيته من أن يلحق سنحاريب الأذى بها. (45)
كتابنا : دراسات في حضارة المشرق العربي القديم -
شكـّل الحرمان من الدفن عقاباً لمن لا يمتثل للقانون في مدن الدول آنذاك، إضافة إلى أن الانتقام خلال الحروب، كان يركز على نبش أضرحة ملوك الأعداء. ففي الأدعية كان يقال: «عسى أن يتهاوى جسده ولا يدفنه أحد» (39).
«وعسى ألا يدفن جسده في التراب» (40). لا بل أن أحد القوانين الآشورية يذكر: «إذا أجهضت امرأة حامل نفسها فيجب أن يحاكموها وإن أدينت توضع على الخازوق ولا تدفن، وإذا ماتت أثناء الإجهاض فيجب أن توضع على الخازوق لا تدفن جثتها» (41).
وعلى مسلة تعود إلى أمير لجش آي ـــ أناتم، وتؤرخ حوالي 2600 ق. م، ثمة صور منقوشة تصور انتصاراته على أهل مدينة «أوما»، حيث يظهر القتلى مكدسين على الأرض، وجنود أمير لجش يسيرون فوقها، وقد نقشت رسوم النسور على المسلة وهي تطير من ميدان المعركة، حاملة بمناقيرها ومخالبها رؤوس وأيدي القتلى من الأعداء (42). ويؤكد ذلك نص يصف فيه الأمير حربه وانتقامه فيقول: «بتصرف»:
«ذبحت جيش أوما في مدينتهم.. وتركت أجسادهم في السهل للطيور والوحوش، لتلتهمها ومن ثم كومت هياكلهم خمسة أكوام في خمسة مواضع منفصلة». (43)
وتذكر حوليات آشور بانيبال، أنه في حربه ضد العيلاميين، خرّب أضرحة ملوكهم، وأخرج عظامهم ونقلها معه إلى آشور كأسلوب انتقام: «لقد نبشت قبور ملوكهم السابقين والمتأخرين الذين لم يخافوا من هيبة آشور، والذين أقلقوا أسلافي من الملوك، لقد نبشتها وعرّضت هياكلهم للشمس وأخذت عظامهم إلى بلاد آشور، لقد فرضت الإزعاج على أرواحهم وقطعت عنهم قرابين الطعام وسكب الماء». (44)
ومن الطريف في هذا المجال، ما فعله«مردوك ـــ بلادان» حين تمرد على الملك سنحاريب، فعقب فشل تمرده، أخرج هياكل أسلافه وفر بها بعيداً، لخشيته من أن يلحق سنحاريب الأذى بها. (45)
كتابنا : دراسات في حضارة المشرق العربي القديم -