الواقعية ــ التشخيصية مناقلات المشهد البصري وتفاعلاته

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الواقعية ــ التشخيصية مناقلات المشهد البصري وتفاعلاته

    الواقعية ــ التشخيصية
    مناقلات المشهد البصري وتفاعلاته

    الواقعية ــ التشخيصية
    مناقلات المشهد البصري وتفاعلاته
    نصير الشيخ
    ــــ شكلت الواقعية في الرسم مساحة شاسعة لما لها من جذور وارتباطات في تاريخ الفن، ولما لها من قدرة على التأثير في الآخر.ولاحتفاظها بقيمتها التعبيرية عبر ملامستها الانسان وقضاياه.بالاضافة الى قدرتها على بث خطابها الجمالي في حضورها المتحفي.
    والفنان ( فاضل عباس) يعدُ من الرسامين المُلونين والمجيدين في إنشاء موضوعاتهِ والشاغل لمنطقة حيازتهِ ( الواقعية) والمنضوية ضمن رؤيته الفنية ومدى بصرهِ لمايراه ُ ويتابعه ُمن يومياتٍ تتعلق بالحياة اليومية الشعبية، وحضور الناس كشخوص محركة لهذهِ الحياة. حيث تأتي لوحاته مشاهد لونية ضاجة بالحركة وبتعبيرية عالية الدقة تضعنا في مجال الإدهاش الصوري.حيث يسعى الفنان الى تصويرالحياة العراقية بدون تكلفٍ وإصطناع. وكأن به يعيد رسم المشهد بعد قراءتهِ بعين متبصرةً، غير خافية بالطبع زاوية النظرلدى الفنان، وقدرة إبراز ملامح الألم والفرح على شخوصه في لوحاته، مستفيداً من ثنائية الظل والضوء، والتقاط قدرة الإشعاع الشمسي على بسط إنارتهِ على المشهد، وبما يمنحه جمالاً أخاذاً وحيوية دافقة .
    وبعين الرسام الحاذق ومهارته الخطية تتشكل عوالمه الرسموية، والتي تصب كلها في نهر الواقعية ــ التشخيصية، حيث معاينة الشخوص ( الناس) في أعمالهم وكدهم في يومياتهم المألوفة، والتي تشكل مساراً طبيعياً للحياة العراقية في أسواقها وأماكنها ودروبها وقراها.وهنا تتجلى في ميدان الرسم أهمية الحدث بوصفه ( واقعة شيئية ) كما يقول الناقد خالد خضيرالصالحي، ليتم نقله على لوحة الكانفاس، لإعادة حياة المشهد صورياً، ومن ثم توثيقهِ في مديات الإحساس بالجمال بعيداً عن تقريرية الفوتغراف أو الارتكان لدخولها المتحف وقاعات العرض.وبهذا تمنحنا اللوحة الزيتية وكما في اعمال الفنان فاضل عباس حياة متجددة،وتلك هي قدرة الرسم على استنطاق عوالم الانسان ونسوغ الحياة المعاشة .
    واللون هو الناطق الجمالي بمساحته المتوقدة حاملاً لهذه التعبيرات.وبما يبقي لنا طزاجة المشهد المرسوم، عابراً تواريخه نحو أزمنة قادمة .
    لذا نمسك في منطوق الفنان ( فاضل عباس ) ترجمة لإعماله (( شكل لي الرسم منذ زمن بعيد ملجأٌ وملاذاً للهروب من هموم ومشاكل الحياة والحروب والإزمات التي عاشها البلد والمنطقة. لذا عندما أتوجه الى الرسم، أترك كل الإهتمامات الأخرى وقد كيفت حياتي على هذا النمط)).
    ترى، مازال للفن رسالة " ضمنية" يحملها ونحن في عصر المغايرة وحداثة الإساليب،وأن الشكل هو المتقدم دوما في صناعة العمل الفني نظرا لما يبثه من متعة جمالية وبما يوصله مع الاخرمن شعوردون الوصول الى معنى ..؟
    أن مايرسمه فاضل عباس من مشاهد الحياة اليومية، وعبرانشغاله التكويني والموضوعي للوحة فهو أشارة لمكامن الجمال في الأشياء حتى وهي في مألوفيتها، مراهناً على دفقها الشعوري بالاحتفاظ كونها ستصبح ذكرياتٍ ذات يوم، لآنها تنأى عنا شيئاً فشيئاً. لذا هويجدُ في المحافظة على أسلوبيته الواقعية ــ التشخيصية حد التقليد.متخذاً هذه الأسلوبية خطاً مستقيما ً، تاركاً وراءه تغايرات العصروالتحولات الأسلوبية المنبثقة من روح العصروأزمات العالم .وكأن بالفنان مقيم أبداً في حيزه هذا وغير منفتح على إطلالاتٍ جديدة تخصبُ عمله الفني.
    وكأنه لازال منتمياً الى الرياديين الآوائل في خطابهم الفني ونظرتهم الى الواقع الممزوجة بالنزعة الحسية وتمجيد المشهدية وهي تنشد الذاكرة الشعبية والثقافية .
    (( إن الباقة من الرسوم لهؤلاء الريادين الأوائل قد دشنت المعرفة البصرية،وكانت سبباً جدياً في الإنفتاح على عالم الرسم،والتعريف بمصادرالجمال الطبيعي على وفق طرازية تصويرية تتغنى بالوصف وإقل من ذلك الإيحاء، لكنها رسوم مثلت إيذاناً بالدخول الى رحاب الحداثة وإن كانت بخطواتٍ وجلة)).1
    وإذا كان للمبادرة الأولى من سهمٍ يمثلها،فأن ( فائق حسن) في رسوماتهِ عبر تأكيده على اللون وإحالاتهِ في الواقع. فكانت لوحاته ممثلة للواقعية بحسها الشعبي،والتي جاءت بمهارة صانع فاعل في المشهد.من هنا نرى وبتساؤلٍ مشروط: هل ظل فاضل عباس تلميذا نشيطاً لتاريخ الرسم ( الواقعي) عبر امدادات الرواد منه، حيث ظل مشدوداً لفكرة الإنشاء في إتمام لوحتهِ. وما عين الفنان وهي تلتقط المشهد العام وجزئياتهِ للحياة العراقية، لتحولها فيما بعد الى صيغة فنية، تكون اللوحة الزيتية تجِسدها الأبرز. لذا أحسب أن الفنان ظل مشدوداً لضوابط العمل في تقنيتهِ وخطوطهِ، منتمياً للدرس الإكاديمي في موضوعاته بحرفة وتقانةٍ وتعبيرية محببة. آخذاً بنظر الإعتبار انتماءه للفن، ومنبثقاً فيه من روح وطنية بمجساتٍ منتمية للحياة بعراقتها وعراقيتها،غير منفصلٍ بالطبع عن حركة الناس والأمكنة في المدن والأسواق والأزقة والقرى.
    في منطوق الفن كل مبدع ماهو الآ نمط من الوجود الخاص.وجود يضيف لنا رؤى جديدة،كما يقول الناقد عادل كامل. ترى كيف نرى الفن الواقعي/ البيئي بصيغته الشعبية؟ وكيف ننظر اليه ك" واقعة شيئية" نحن المشبعون بما حولنا من مدارس الحداثة وأساليب التجريب، ذلك أن (( السمة المميزة للعمل الفني هي قدرته على إثارة انفعال إستطيقي،ومن المحتمل أن يكون التعبيرعن إنفعال هو ما يمنح العمل تلك القدرة)).2
    وبالرغم من شيوع ثقافة الحداثة والتجريب، ظل الفنان فاضل عباس منتمياً لعوالمه الواقعية وهي تطالعه في نهاراتهِ وأوقاتهِ حيث تحضرُ (الأسواق والأزقة والبساتين وجروف النهر ودروب القرية ..وو ) مفردات شكلت قاموسه التشكيلي، باعثاً فيها حياة لونية مبهرة، وعبر مجسه التصويري، مؤكداً سعيه الحثيث لدفع تجربتهِ الى نقطة أبعد لتجسيد أفكاره في حيز الواقعية ــ التشخيصية من جهةٍ، وحيازته الأسلوبية المنتجة في هذا الشأن من جهة أخرى.ومن ثم عدم مغادرته هذا الحيزتجاه أطلاقاتٍ حداثوية في فن الرسم وأساليب التجريب. فهو يؤكد (( أن الرسم الواقعي ـــ التشخيصي له حضوره وتأثيره الكبيروجمهوره الواسع..وأنا شخصياً أحب وأعشق هذا النوع من الفن واستمتع بممارستهِ)).
    1.أ.د عاصم عبد الأمير/ جواد سليم أجنحة الأثرــ ريادة أم ريادات.
    منشورات جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين / المركز العام.بغداد 2019.
    2. كلايف بل / الفن ــ مؤسسة هنداوي سي آي سي 2017.

يعمل...
X