120 يوماً في سُدوم Salò, or The 120 Days of Sodom

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • 120 يوماً في سُدوم Salò, or The 120 Days of Sodom

    سالو
    أو : 120 يوماً في سُدوم
    Salò, or The 120 Days of Sodom


    هذا الفيلم غريب على السينما الإيطالية و العالمية معاً ، لِما ينطوي عليه من مضمون ملتبس أراد المخرج الإيطالي " بازوليني " تمريره عبر مشاهد مقززة تبعث على القرف ، إضافة الى ممارسات غير سوية أخرى ، مثل أكل الخراء و مشاهدَ دمويةٍ سادية غير مألوفة في السينما .
    الفيلم مستوحى من رواية بذات العنوان ( 120 يوماً في سُدوم ) لـ " دوناتا دي ألفونس فرانسوا دى ساد " ( 1740 ـــ 1814 ) الفرنسي المعروف بإسم الماركيز " دي ساد " الذي من اسمه تم اشتقاق مصطلح ( السادية ) . ولكن المخرج " بيير باولو بازوليني " ( 1922 ــ 1975) وضع له عنواناً أولياً هو ( سالو ) ، و هو إسمُ مدينةٍ تقع شَمالَ ايطاليا ، و تحديداً على ضفاف بحيرة ( غاردا ) ، ليُضفي على الفيلم طابعاً ايطالياً واقعياً هدفـُـهُ إدانة الفاشية التي أرادها المخرجُ أن تقع في مرمى الفيلم .
    و هذه الرواية ، شأنها شأن جميع روايات " دي ساد " ، متحررة من شرط الأخلاق و القيم الإجتماعية و الإنسانية ، و قد فُهمت على أنها نابعة من ظلمات أعماق النفس البشرية ، و يرى " دي ساد " أنها يجب أن تظهر الى العلن و تترجَم الى سلوك فعلي . و هو نفسه كان قد فعل كل ما ورد في رواياته و في واقع حياته من أفعال غريبة ، كالزنى بالمحارم و السكر الشديد و عدم الإكتراث بالقوانين و الأعراف و القيم و تنظيم حفلات المجون و الجنس الجماعي و ابتكار أوضاع غريبة في ممارسة الجنس و ممارسة العنف الجنسي . فكل ما نجده في الأفلام الإباحية اليوم ، و خصوصاً ( العنف الجنسي ) ، إنما تعود أصوله الى أفكار و ممارسات و روايات الماركيز " دي ساد" .
    يقول " دي ساد " : ( لم أفعل كل ما تخيّلته ، و لن أفعل أبداً . أنا فاجر ، لكنني لستُ مجرماً أو قاتلاً ) ، غير أن هذا ليس اعترافاً كاملاً ، فهو كان منغمساً في الفضائح ، فضيحة تعقبها فضيحة . ففي عام 1763 ، و عندما كان يعيش قرب باريس ، و هو رجلٌ ارستقراطي ، شكت بائعات الهوى من سوء سلوكه معهن و من عنفه ، فوُضِع تحت المراقبة ، و في عام 1768 أقامت فتاةٌ إسمُها " روس كيلر " دعوىً قضائية عليه ، بسبب تعرضها للأذى البدني على يديه ، ولكنها اضطرت الى سحبها بعد أن تعرضت الى ضغوط . و بعد أن كثرت تقاريرُ الشرطة عنه ، سُجن لفترة قصيرة ، ثم تم ترحيله الى جنوب فرنسا ليوضع تحت الإقامة الجبرية في قلعته في ( لاكوست ) ، و هناك جاءت شقيقة زوجته للإقامة في القلعة ، فأقام معها علاقة ً جنسية .
    في مرسيليا وُجّهت اليه و الى خادمه " لاتور " تهمة تسميم أربع عاهرات بمادة مشتقة من مادة الكانثاريدين ، لغرض الإثارة الجنسية و ممارسة الجنس الجماعي و اللواط و العنف الجنسي معهن ، فحُكم عليهما غيابياً ، ففرا الى ايطاليا ، و معهما شقيقة زوجته ، ولكن تم اعتقاله و خادمه ، و بعد عدة اشهر تمكن من الفرار و العودة الى قلعته ، غير أن جميع الخدم غادروا القلعة بسبب عنفه و اساءاته ، ففر الى ايطاليا مرة ً أخرة ، و هناك كتب كتابه ( رحلة ايطاليا ) .
    ولكنه وقع في الفخ عام 1776 عندما أُخبرَ بأن أمه تحتضر في قلعته في ( لاكوست ) و هي تريد رؤيته قبل موتها ، و كانت أمه قد توفيت ، و ما أن وصل حتى تم اعتقاله و ايداعه في قلعةٍ في شرق فرنسا . و إذ حُكم عليه بالإعدام فقد نجح في تغيير الحكم بعد الإستئناف ، فأودع السجن ، ولكنه راح يثير المشاكل و الفوضى فتم نقله الى سجن الباستيل ، ثم نُقل الى مصحةٍ عقلية قبل أن يجتاح الفرنسيون السجنَ يوم 14 تموز / يوليو 1789 ، أول يوم من أيام الثورة الفرنسية . و بعد عام أُطلق سراحُه ، لكنه عاد الى السجن عدة مرات ، و قد قضى ما مجموعه 32 سنه من حياته في السجون ، و جميع رواياته كتبها فيها ، حتى أن وزير الداخلية منع وصول الأوراق و الأحبار اليه لمنعه من الكتابة في المصح الذي أودع فيه ، ولكنه مارس عدةَ حِيَـلٍ لتجاوز هذا المنع . و ثمة فيلم أُنتج عام 2000 و ترشح للأوسكار و جوائز أخرى ، بعنوان Quills ـ رِيَش ( جمع ريشة ) ، يتناول قضية منعه من الكتابة في المَصَح ، و هو فيلمُ جميلٌ جداً ، من إخراج " فيليب كوفمان " و بطولة " جيفري راش " و " كيت وينسلت " و " خواكين فينيكس " .
    و بأمرٍ مباشرٍ من " نابوليون " بقي الماركيز " دي ساد " في المَصَح و لم يخرج ، حتى انهارت صحته و توفي في 2 ديسمبر / كانون الأول 1814 .
    تُعتبر رواية ( 120 يوماً في سدوم ) ــ مدرسة الفجور ــ أكثر روايات " دي ساد " إثارةً للجدل و التفسير و الدراسة النفسية ، و هي أيضاً أشد رواياته إثارةً للنفور و التقزز ، كتبها عام 1785 ، عندما كان سجيناً في سجن الباستيل ، و قد حوّلها المخرج " بازوليني " الى أحداثٍ بصرية سينمائية كفيلم ، و هو أشد تقززاً و قُرفاً و بذاءة ًمن الرواية ، ما دفع معظم الدول الى منع عرضه فيها ، و مازال عرضُهُ ممنوعاً في كثيرٍ منها .
    لقد أقدم " بازوليني " على فعل سينمائي غير مسبوق ، يحتاج تكرارُهُ الى سنواتٍ طويلةٍ قادمة ليأتي مخرجٌ يضعُ قدمه على أثر " بازوليني " . دعك من ( مخرجين ) باتوا يستغلون قصص المافيات و العهر و المخدرات و الحروب ليقدموا ( أفلاماً ) تصور العنف ، غير أنهم و أفلامهم في وادٍ و " بازوليني " و فيلمه ( 120 يوماً في سدوم ) في وادٍ آخر . ولكن السؤال هو : ما الذي دفع شاعراً و روائياً و مخرجاً سينمائياً شيوعياً الى تبني روايةٍ تقوم على العنف و التهتك الجنسي ؟ فالماركيز " دي ساد " نفسُهُ كان قد وصف هذه الرواية بأنها ( أنجس حكاية ) ، و قد كتبها على شريط ورقي يبلغُ طولُهُ 12 متراً ، أثناء سَجنه في سجن الباستيل الشهير ، و أخفى المخطوطة في جدار زنزانته ، ثم نُقل الى المصح ، فجاء مَن سرقها ، دون أن يُعرف مصيرها حتى عُثر عليها في سويسرا ، مثلما لم يعرف " بازوليني " رد الفعل تجاه فيلمه ، بعد أن قُتل في 2 نوفمبر / تشرين الثاني 1975 .
    النقطة الأساسية التي تجمعُ بين " دي ساد " و " بازوليني " هي الشذوذ الجنسي ، كذلك التفرد و التمرد على السائد ، ولكن ذلك لم يكن تميزاً فريداً يدفع " بازوليني " الى الإنتحار السينمائي ، و بالتالي الى قتله و رميه في مكان خلفي وسط النفايات و بقايا السيارات التالفة و اسطوانات الغاز العاطلة . هناك مبدعون مشهورون كثيرون من ذوي الميول الجنسية المثلية ، متفردون و متمردون على السائد ، ربما بصورةٍ أشد مضاءً ، ولكنهم لم يُقدِموا على هكذا مغامرة غير محسوبة.
    و نحن لو تفحصنا الفيلم ، سنجد أنه لم يقدم ابداعاً سينمائياً . الفيلم إن هو إلا استعراضٌ بَصَريٌ حَرَكي بواسطة كاميرا سينمائية لأحداثِ روايةٍ وَصَفَها مؤلفُها الماركيز " دي ساد " نفسُهُ بأنها ( نجسة ) ، و الفيلم بلا حبكة ٌ و لا تصاعدٌ درامي و بعد نصف ساعة يتحول الى عرض مسرحي . ولكن يبدو أن " بازوليني " كان قد بالغ في انتقامه من الفاشية حين اختار ــ حسب الفيلم ــ أربعة فاشيين ( لا نعرف ماضيهم ) ليُسقط عليهم الأدوار القذرة التي مارسها أبطال رواية " دي ساد " ( 120 يوماً في سدوم ) .
    و الغريب أن " بازوليني " هو ابنُ الملازم " كارلو البرتو " الذي اشتهر بكونه مُنقذَ حياة " موسوليني " مؤسس ( الفاشية ) في ايطاليا .

    مَن قتل " بازوليني " ؟
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
    " بازوليني " مخرجٌ سينمائيٌ ايطاليٌ بارز ، و روائيٌ و شاعر ، له عددٌ من الروايات و المجاميع الشعرية ، و هو صحافيٌ و سياسيٌ شيوعي ، كان معروفاً بشدة في المجتمع الإيطالي في مطلع السبعينيات من القرن العشرين ، و كان في الواجهة السياسية و الإعلامية و الفنية و الإجتماعية دائماً ، ولكنه كان مزعجاً من جهة كونه معروفاً بمثليته ، و كونه مثيراً للقضايا التي تهم المجتمع الإيطالي من جهة عمله الصحافي ، حيث أثار الكثير من قضايا الفساد التي أثارت انتباه المجتمع و أثارت ــ أيضاً ــ حفيظة الطبقة السياسية الإيطالية التي عُرفت ، منذ سبعينيات القرن العشرين و حتى اليوم بأنها الأكثر فساداً في جميع أرجاء أوروبا .
    فمن قتل " بازوليني " ؟
    هل هي الكنيسة الكاثوليكية التي كثيراً ما أساء اليها ؟
    هل كان مقتلُهُ بفعل من الفاشيين الجدد ــ ذلك الوقت ــ كرَدٍ على تشويهه لصورتهم من خلال اسقاط وقائع رواية " دي ساد " ( 120 يوماً في سَدوم ) عليهم في فيلمه ؟
    من ؟
    ثمة رواية تفيد بأن " بازوليني " دخل ــ ليلة مقتله ــ متأخراً الى مطعم ليأكل السباكيتي ( معكرونة ) ، و أمام مائدته كان يجلسُ شابٌ في السابعة عشرة من عمره ، إسمه" غيوسيب بيلوسي " ، كان " بازوليني " يحاول أن يغويه جنسياً . فهل كان هذا الشاب مزروعاً في المطعم لاستدراجه الى مقتله ؟
    الشاب " غيوسيب بيلوسي " كان قد اعترف حينها بأنه هو الذي قتل " بازوليني " ، ولكن بعد ثلاثين عاماً ــ أي في عام 2005 ــ صرّح بأن الذين قتلوه هم ثلاثة أشخاص كانوا يصرخون : ( شيوعي قذر ) .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    ملاحظة : رابط الفيلم لم يعد متوفراً ، و حتى لو توفر فنحن لا نستطيع عرضه لما ينطوي عليه من مَشاهد مقرفة و أفعال لا يمكن أن يُقدم عليها إنسانٌ سوي ، و بالتالي فالفيلم غير صالح للعرض هنا ، لكننا نقدم اليكم رابط التريلر .
    https://youtu.be/EtXnuPa1qAA

يعمل...
X