❖ فيلم اليوم: سلمى | جود سعيد [سوريا، 2024]
سلمى التي تحارب وحدها
يواصل المخرج السوري جود سعيد سعيه لتقديم البيئة الريفية في سوريا من خلال أحداث معاصرة يختار فيها مواقف يمتزج فيها الرسم الجاد للموضوع مع نبرة كوميدية بالإضافة إلى ما يطرحه من شخصيات ومواقف لافتة.
هذاالمزيج الذي سبق له وأن تعامل معه في «مسافرو الحرب» (2018) و«نجمة الصباح» (2019) من بين أخرى تداولت أوضاع الحرب وما بعدها. في «سلمى» يترك ما حدث خلال تلك الفترة جانباً متناولاً مصائر شخصيات تعيش الحاضر حيث الكهرباء مقطوعة والفساد الإداري منتشر والناس تحاول سبر غور حياتها بأقل قدر ممكن من التنازل عن قيمها وكرامتها.
هذا هو حال سلمى (سُلاف فواخرجي) التي نجت من الزلزال قبل سنوات وانقذت حياة بعض أفراد عائلتها وعائلة شقيقتها وتعيش مع والد زوجها أبو ناصيف (عبداللطيف عبدالحميد الذي رحل بعد اتمام الفيلم). أما زوجها ناصيف فما زال سجيناً بتهم سياسية. ترفض التخلي عنه لأنها ما زالت تحبّه. هي من دون رجل يحميها لكنها مُحاطة برجال البلدة الشرفاء الذين يقدرون تضحيتها خلال الزلزال وإنقاذها لأرواح. هذا جعلها قدوة والفيلم لاحقاً ما يوظف هذه الناحية بنجاح.
الإنتقادات السياسية للوضع القائم مباشرة تحت سقف الرئاسة لا تمر مخففة ولا ينتهي الفيلم بابتسامات رضى وخطب عصماء. قيمة ذلك هي أن المخرج اختار معالجة مجمل أوضاع تصب كلها في كيف يعيش الناس من الطبقة الدنيا في أسر واقع تفرضه عليها طبقة أعلى. الطبقة الدنيا التي يبني الفساد صرحه عليها والذي يصل الفيلم إلى إدانة واضحة لوضع يركب فيه القلة ظهور الغالبية.
كما الحال في معظم أفلام سعيد، يحمل هذا الفيلم شخصيات عدة يجول الفيلم بينها بسهولة. سلمى تبقى المحور إذ هي إمرأة عاملة وعندما تشتكي أن المدرسة التي تعلّم فيها بعيدة يجد لها زميل عملاً في منزل رجل من الأعيان ذوي النفود إسمه أبو عامر (باسم ياخور) كمدرّسة لإبنته. سخي في الدفع وتعلو وجهه إبتسامة تقدير لكنه سيطلب من سلمى لاحقاً أن تظهر في ڤيديو لترويج أخيه المرّشح لإنتخابات مجلس الشعب. ستترد. ستوافق لكن عند التصوير سترفض ما يؤدي إلى واحد من أفضل مشاهد الفيلم في إدارته وفي تمثيله وفي معناه. إثر ذلك ستزداد حدّة الأحداث الواردة مع نفحة نقدية لم تظهر بهذه الحدّة والإجادة في أي فيلم أخرجه سعيد سابقاً (أو سواه على قدر معرفتي).
«سلمى» هو نشيد لإمرأة وعزف حزين لوضع بلد. النبرة المستخدمة تراجي- كوميدية. التمثيل ناضج من الجميع خصوصاً من فواخرجي وياخور. وكعادته يعني المخرج كثيراً بتأطير مشاهده وبالتصوير عموماً. كاميرا يحيى عز الدين بارعة في نقلاتها وكل ذلك يكتمل بتصاميم إنتاج وديكور يثري الفيلم من مطلعه حتى لقطاته الأخيرة. هذا أنضج فيلم حققه سعيد لليوم وأكثرها طموحاً في تصوير الواقع والبيئة وحال البلد. ثمة ثغرات (بعض المشاهد ممطوطة لحساب شخصيات ثانوية تتكرر أكثر مما ينبغي) لكنها ثغرات محدودة التأثير.
سلمى التي تحارب وحدها
يواصل المخرج السوري جود سعيد سعيه لتقديم البيئة الريفية في سوريا من خلال أحداث معاصرة يختار فيها مواقف يمتزج فيها الرسم الجاد للموضوع مع نبرة كوميدية بالإضافة إلى ما يطرحه من شخصيات ومواقف لافتة.
هذاالمزيج الذي سبق له وأن تعامل معه في «مسافرو الحرب» (2018) و«نجمة الصباح» (2019) من بين أخرى تداولت أوضاع الحرب وما بعدها. في «سلمى» يترك ما حدث خلال تلك الفترة جانباً متناولاً مصائر شخصيات تعيش الحاضر حيث الكهرباء مقطوعة والفساد الإداري منتشر والناس تحاول سبر غور حياتها بأقل قدر ممكن من التنازل عن قيمها وكرامتها.
هذا هو حال سلمى (سُلاف فواخرجي) التي نجت من الزلزال قبل سنوات وانقذت حياة بعض أفراد عائلتها وعائلة شقيقتها وتعيش مع والد زوجها أبو ناصيف (عبداللطيف عبدالحميد الذي رحل بعد اتمام الفيلم). أما زوجها ناصيف فما زال سجيناً بتهم سياسية. ترفض التخلي عنه لأنها ما زالت تحبّه. هي من دون رجل يحميها لكنها مُحاطة برجال البلدة الشرفاء الذين يقدرون تضحيتها خلال الزلزال وإنقاذها لأرواح. هذا جعلها قدوة والفيلم لاحقاً ما يوظف هذه الناحية بنجاح.
الإنتقادات السياسية للوضع القائم مباشرة تحت سقف الرئاسة لا تمر مخففة ولا ينتهي الفيلم بابتسامات رضى وخطب عصماء. قيمة ذلك هي أن المخرج اختار معالجة مجمل أوضاع تصب كلها في كيف يعيش الناس من الطبقة الدنيا في أسر واقع تفرضه عليها طبقة أعلى. الطبقة الدنيا التي يبني الفساد صرحه عليها والذي يصل الفيلم إلى إدانة واضحة لوضع يركب فيه القلة ظهور الغالبية.
كما الحال في معظم أفلام سعيد، يحمل هذا الفيلم شخصيات عدة يجول الفيلم بينها بسهولة. سلمى تبقى المحور إذ هي إمرأة عاملة وعندما تشتكي أن المدرسة التي تعلّم فيها بعيدة يجد لها زميل عملاً في منزل رجل من الأعيان ذوي النفود إسمه أبو عامر (باسم ياخور) كمدرّسة لإبنته. سخي في الدفع وتعلو وجهه إبتسامة تقدير لكنه سيطلب من سلمى لاحقاً أن تظهر في ڤيديو لترويج أخيه المرّشح لإنتخابات مجلس الشعب. ستترد. ستوافق لكن عند التصوير سترفض ما يؤدي إلى واحد من أفضل مشاهد الفيلم في إدارته وفي تمثيله وفي معناه. إثر ذلك ستزداد حدّة الأحداث الواردة مع نفحة نقدية لم تظهر بهذه الحدّة والإجادة في أي فيلم أخرجه سعيد سابقاً (أو سواه على قدر معرفتي).
«سلمى» هو نشيد لإمرأة وعزف حزين لوضع بلد. النبرة المستخدمة تراجي- كوميدية. التمثيل ناضج من الجميع خصوصاً من فواخرجي وياخور. وكعادته يعني المخرج كثيراً بتأطير مشاهده وبالتصوير عموماً. كاميرا يحيى عز الدين بارعة في نقلاتها وكل ذلك يكتمل بتصاميم إنتاج وديكور يثري الفيلم من مطلعه حتى لقطاته الأخيرة. هذا أنضج فيلم حققه سعيد لليوم وأكثرها طموحاً في تصوير الواقع والبيئة وحال البلد. ثمة ثغرات (بعض المشاهد ممطوطة لحساب شخصيات ثانوية تتكرر أكثر مما ينبغي) لكنها ثغرات محدودة التأثير.