خبراء يبحثون من الجزائر جدلية السينما والذاكرة وأهمية المقاومة الثقافية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خبراء يبحثون من الجزائر جدلية السينما والذاكرة وأهمية المقاومة الثقافية

    خبراء يبحثون من الجزائر جدلية السينما والذاكرة وأهمية المقاومة الثقافية


    السينما تضفي على التاريخ ذاكرة حية وتعمل على استنطاقه وحضوره باعتباره جزءا أساسيا وحقيقيا من الثقافة الإنسانية.
    الخميس 2024/12/12
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    تجربة تأسيسية لملتقى يركز على السينما كقوة ناعمة

    الجزائر - من التاسع وحتى الحادي عشر من ديسمبر الجاري، نظم المركز الجزائري لتطوير السينما الملتقى الدولي "السينما والذاكرة: نافذة على الماضي ورؤية للمستقبل"، في دورة أولى تأسيسية جمعت خبراء في الفن السابع وأكاديميون من دول عربية وغربية، ناقشوا أهمية السينما في المقاومة الثقافية ضد المستعمر ودورها في الحفاظ على الذاكرة التاريخية الجماعية والدفاع عن مبادئ الحرية والهوية والعدالة.

    وأكد الناقد السينمائي، أحمد بجاوي، في حديثه عن بدايات العمل السينمائي في الجزائر ودور الصورة في حفظ الذاكرة، أن فنانين وكتاب ومبدعين جزائريين “حققوا الريادة والتميز” في مجال الصورة والتصوير بفضل التزامهم بالقضية الوطنية، وقدموا “خدمات جليلة إلى ثورة التحرير، من خلال حرصهم على نقل الصورة الحقيقية للجزائريين ومعاناتهم تحت نير المستعمر الفرنسي.”

    ورأى أن الصورة كانت “السلاح الناعم الذي تفطنت لدوره جبهة التحرير الوطني واستعملته “من أجل دحض الآلة الدعائية الفرنسية التي كانت تمنع وصول أي صورة عن حقيقة جرائمها في الجزائر.” وأشار إلى دور أصدقاء الثورة الجزائرية من الأجانب الذين انخرطوا في المسيرة الثورية والتزموا بتصوير فصولها اقتناعا منهم بعدالة القضية الجزائرية، كما هو الحال مع روني فوتييه وستيفان لابودوفيتش وبيار كليمون وجاك شاربي وكارل قاس وجون كرافت.

    من جهته، اعتبر الجامعي عيسى رأس الماء بأن السينما في الجزائر مرت على مراحل متعددة، بدءا بمرحلة “ما قبل الثورة” التي أطلق عليها اسم "السينما الكولونيالية"، ثم مرحلة السينما “أثناء الثورة” التي تميزت بإعلان المقاومة بالصورة إلى جانب الكفاح المسلح، ثم مرحلة "ما بعد الاستقلال" التي ارتسمت معالمها بإنتاج يواكب إستراتيجية البناء والتشييد وتدعيم خيارات الدولة في مختلف المجالات.

    وتحدث المخرج الكوبي ميلتون ألبيرتو دياز كانتر عن أهمية تخصيص لقاءات سينمائية تتحدث عن موضوع السينما بصفتها “حافظة للذاكرة” و”دورها في الدفاع عن هوية الشعوب.” أما الناقد الفرنسي أولفييه حدوشي فقد ركز على الأفلام التي تناولت الثورة الجزائرية ونجحت في إيصال رسالة التحرر إلى الشعوب وأثرت إيجابا في كثير من السينمائيين، مرجعا ذلك إلى “نجاح صانعي هذه الأفلام في تفكيك صورة الآخر وإعطاء صورة بديلة عما حاول المستعمر ترويجه من خلال آلته الدعائية،” مشيرا إلى أن منصات البث تتيح للمشاهد الاطلاع على كم هائل من الأفلام التي تناولت الثورة الجزائرية وحركات التحرر، وهي فرصة لإعادة مشاهدتها والتمعن في أبعادها لأنها أعمال “أنتجت في ظروف صعبة، وهي ليست أفلاما ترفيهية بقدر ما تعتبر وثيقة أرشيفية يمكن قراءتها في الوقت الحاضر.”

    وكانت السينما الفلسطينية حاضرة في أشغال الملتقى من خلال مداخلة للجامعي المصري سيد علي إسماعيل سلط خلالها الضوء على أشكال المقاومة السينمائية في فلسطين قبل النكبة عام 1967، وذلك عن طريق استعراض “دلائل ملموسة” تؤكد وجود مشاريع سينمائية تتعلق بفتح قاعات سينما وعرض أفلام ونشر مقالات نقدية وإعلانات ترويجية.


    ◙ اللجنة اختارت أن يكون عنوان الطبعة القادمة "السينما والدبلوماسية الثقافية: دور القوة الناعمة في التحولات الراهنة"


    بدوره شدد الدكتور عبدالكريم عبود عودة الكناني من العراق على أن “السينما الجزائرية بمنجزها الإبداعي الثوري استحضرت بآليات عمل جمالية وفنية الذاكرة وتاريخ النضال الثوري ضد الاستعمار الفرنسي، كاشفة بقدرتها التعبيرية والدلالية المعاني المتعددة للمقاومة الثقافية،” لافتا إلى أن “سينما المقاومة في الجزائر هي إحدى أشكال الذاكرة.”

    وأشار إلى أن هذه السينما “تضفي على التاريخ ذاكرة حية وتعمل على استنطاقه وحضوره باعتباره جزءا أساسيا وحقيقيا من الثقافة الإنسانية،” مضيفا أن أهم ما يميز سينما المقاومة في الجزائر هو أن “أغلب السينمائيين هم من المجاهدين الذين كانوا يحملون السلاح بيد والكاميرا بيد ثانية لتوثيق اللحظة التاريخية.”

    أما الأكاديمي التونسي كمال بن يونس فدعا خلال مداخلته إلى “ضرورة التفكير في مواكبة التطور الحاصل في المجال السينمائي وما يتيحه من تقنيات ووسائط تكنولوجية حديثة لتثمين الذاكرة والحفاظ عليها،” لافتا في هذا السياق إلى “دور جماعات الضغط النيوكولونيالية التي استثمرت في السينما ووسائل الإعلام والترفيه الحديثة للتحكم في توجهات قطاع الصناعة السينماتوغرافية والهيئات الإعلامية على المستوى العالمي.”

    وبدورها أشارت الإعلامية الجزائرية سامية عزي إلى أن “السينما ليست مجرد توثيق للأحداث والوقائع التاريخية فحسب، بل تهدف أيضا لتعزيز الهوية والانتماء الوطني،” موضحة أن “الاستعمار الفرنسي استخدم السينما كأداة ووسيلة دعائية لتشويه حقائق الثورة وتمجيد الاستعمار كنوع من الحرب النفسية،” وأن “قيادة الثورة انتبهت مبكرا لأهمية السينما للرد على الدعاية الفرنسية.”

    وتطرق الباحثان الإيطاليان في تاريخ السينما، لوكا بيريتي وأندريا برادزودورو، إلى “الدور الذي لعبه بعض المخرجين الإيطاليين في مساندة الثورة التحريرية والتعريف بها،” على غرار جيللو بونتيكورفو وفيلمه “معركة الجزائر”، وكذا تجربة المخرج الإيطالي بيير باولو بازوليني في مساندة نضالات التحرر من الاستعمار عبر العالم.

    من جانبه، استعرض الأستاذ الجامعي أحمد مولود الهلال، من موريتانيا، مسار تجربة المخرج الموريتاني الشهير الراحل مد هندو الذي قدم أفلاما تعج بقضايا التحرر في القارة الأفريقية وتستحضر الذاكرة ومنها الثورة الجزائرية، حيث وثق في فيلمه الأخير “فاطمة” (2004) فصلا من فصول جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر.

    وفي ختام أشغال الملتقى دعا المشاركون إلى ضرورة الاستثمار في توزيع وتسويق الأفلام التي تخدم الذاكرة وتعزز قيم ومضامين سينما المقاومة في مختلف المجالات، من أجل ترسيخ قيم الثقافة الوطنية.

    ودعت اللجنة العلمية للملتقى إلى “الحفاظ على استمرارية هذا الملتقى، مع توسيع مجالات الطرح،” على أن يكون عنوان الطبعة القادمة “السينما والدبلوماسية الثقافية: دور القوة الناعمة في التحولات الراهنة”، مع التوصية بـ”ضرورة الانفتاح على تجارب سينما المقاومة في بلدان أخرى، باستضافة سينما مقاومة لتكون ضيف شرف في كل طبعة، ولتكن سينما المقاومة الفلسطينية ضيف شرف الطبعة القادمة.”

    كما أشارت في هذا الصدد إلى وجوب “تشجيع تشكيل تكتلات سينمائية تهدف لكسر الاحتكار العالمي للسينما من قبل الشركات السينمائية الغربية،” وذلك سعيا لـ”خلق حصانة ثقافية وطنية في مواجهة إكراهات السينما العالمية.”

    وفي المقابل، طالبت اللجنة بـ”ترميم الرصيد السينمائي الجزائري خدمة للتاريخ والذاكرة الوطنية وحفظه من التلاشي والاندثار،” وكذا “العمل على استرجاع الأرشيف السينمائي والتاريخي الموجود في الخارج، خاصة في دور الأرشيف، وإتاحته للباحثين وصناع السينما.”

    وفي مجال التكنولوجيات الحديثة دعت اللجنة إلى “إنشاء بنك رقمي للإنتاج السمعي البصري والسينمائي الجزائري المتعلق بالذاكرة، والحرص على الأمن الثقافي، مع توسيع استخدام الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة في مجال السينما والذاكرة إنتاجا وتوزيعا وعرضا.”

    ShareWhatsAppTwitterFacebook
يعمل...
X