مقدمة .. كتاب عندما تكسب قلب طفلك
مقدمة
كنا نعاني من سقوط المطر لدزينة كاملة من الأيام في أثناء سفرنا بين الولايات الأمريكية صيف إحدى السنوات، وكل شيء في منزلنا المتنقل الصغير كان رطباً، وكنا نحن الخمسة، على غاية من التعب والملل بعضنا من البعض. كنا ننطلق شمالاً نحو الأراضي الكندية ، متوجهين لرؤية جمال حديقة بانف الوطنية (Banf National Park) ؛ وكنت أصف لأسرتي عظمة الجبال وروعة الأنهار التي سنستمتع برؤيتها في طريقنا، ولكن الضباب الكثيف والمطر الغزير حجب متعة اكتشاف هذا الجمال وذلك طيلة الأيام الثلاثة الأولى من الرحلة، وفي اليوم الرابع جلسنا إلى طاولة مستديرة في أحد المطاعم نتناقش حول جدوى هذه الرحلة، وفيما إذا كنا سنتابعها أم لا، ونصحت أفراد عائلتي بالعودة إلى مدينة فينيكس (في ولاية أريزونا ( حيث الطقس دافئ وجاف، وكنت أنوي السفر بالطائرة من هناك إلى سياتل في ولاية واشنطن لتقديم محاضرة في أحد المؤتمرات المقرر عقدها هناك زوجتي نورما تدخلت، ورجتني بحرارة أن أستمر اليوم الرابع لعل الغيوم تنقشع، فتظهر الشمس مجدداً. ابنتي كاري ذات الخمسة عشر ربيعاً كانت تحب أن نتابع السفر باتجاه مدينة سياتل. أما ابناي الأصغر سناً فقد ألحا بأن علينا متابعة السفر إلى سياتل والصيد هناك .
وعندما علت أصواتنا، وقد كان كل يدافع عن اقتراحاته ورغباته صاح غريغ ابني الأوسط: توقفوا ( لقد عثرت على الحل). وكان مصراً وواثقاً لدرجة أن جيراننا على الطاولة المجاورة التفتوا، و بدؤوا يستمعون له، وهو يقول : (( أعتقد بأنه علينا أن نخرج إلى المخيم، ونحصل على بندقية، ونبدأ بإطلاق النار بعضنا على البعض)). وما إن انتهى من كلامه حتى انفجرنا جميعنا ضاحكين ، وقد أراحنا هذا الضحك وهدانا جميعاً لدرجة أننا وافقنا جميعاً على البقاء يوماً آخر، ولحسن الحظ
انقشعت شمس ذلك اليوم كاشفة جلالة و جبال روكي الكندية ومهابتها. لماذا تمر أسرتنا وأسر أخرى مثلنا بأوقات جد عصيبة كالتي خبرناها نحن، ومع هذا تبقى هذه الحميمية بين أفرادها، بل ويستمتع أفرادها معاً بسعادة خاصة؟ . ولماذا تعاني أسر أخرى من انقسامات حادة بين أفرادها لدرجة أن أية مشكلة مهما كانت صغيرة تغرق أفراد هذه الأسرة في اتجاهات متباينة، وتخلّف بينهم جروحاً لا تندمل؟
لا شك بأن هناك كتباً كثيرة ورائعة حول موضوع تربية الأطفال لكنني بعد قراءة بعضها ، كنت دائماً أتساءل : ما جدوى محاولة أخرى ؟ فالموضوع جد صعب ( والجميع يعاني من مشكلة ما في التصدي له والكثير منا يخافون من مقاربته، ويشعرون بالإحباط وعقدة الذنب نتيجة لذلك .
وفي هذا الكتاب سيكتشف القارئ بأننا عائلة تقليدية عادية نعاني من اختلافات في وجهات النظر كالتي يعاني منها معظم الأسر الشبيهة ولكننا نبحث دائماً وبجدية عن حلول علمية لهذه الاختلافات، ونعتقد بأن هذه الحلول يمكن أن تكون ذات فائدة المعظم الأسر الشبيهة بنا . سوف نقدم محاولاتنا في إشاعة جو الحميمية ضمن الأسرة ، تلك المحاولات التي نجحت، وتلك المحاولات التي أخفقت، وأخفقنا معها، وسوف نستخلص تلك العوامل التي قربتنا بعضنا من بعض أكثر علها تفيدك أنت أيها القارئ العزيز .
وسنقدم لك أيضاً خلاصة رأي الخبراء في تربية الطفل في المواضيع التي نطرقها . فعلى سبيل المثال هناك أربعة أنواع من الآباء والأمهات ولكن نوعاً واحداً من هذه الأنواع الأربعة يحقق أفضل النتائج في تربية الأطفال. وسوف نشرح لماذا أطفال هذا النوع من الآباء والأمهات يكون الأقدر على تنشئة أطفال يكونون معتزين بأنفسهم وأقل تمرداً ومشاكسة، وناجحين في حياتهم. وسنقدم لك أيضاً كيف استطعنا أن نكرس النظام والانسجام بين أفراد أسرتنا باستعمال طرائق بسيطة كطريقة العقود مثلاً (contracts) . وسنناقش أيضاً طرقاً عملية عديدة تساعد على حماية الطفل من الانخراط في ممارسات جنسية غير محمودة قبل الزواج.
وإذا كنت تتساءل حول طريقة أو طرق لاستمالة طفلك لتنظيف غرفته ، أو لتناول الطعام الصحي المرغوب، أو الابتعاد عن المصادر المحتملة لأذيته ، فسوف نقدم لك اثنتين وعشرين طريقة أو أكثر لتحضير طفلك على فعل ما تتمنى أن يكون عليه. وسوف نشركك أيضاً في سر يمكنك من إقناع أطفالك بالاستماع إليك وتنمية رغبتهم في ذلك بحيث تصبح لديهم هذه العادة من أساسيات حياتهم. وسيقدم لك هذا الكتاب العديد من القواعد الأساسية التي نعتقد بأنها ستمثل مفاتيح جوهرية لتنشئة طفلك وتربيته تربية صالحة، فالفصل التالي على الوجه الخصوص يغطي مناقشة لأحد القواعد الهامة التي إذا ما طبقت بعناية وحكمة فإنها تضمن تنامي جو حميمي مفعم بالثقة بين الأبوين وأطفالهم. وباعتقادي فإن هذا الفصل يمثل فعلاً المفتاح لقلب طفلك .
أن إهمال هذه القاعدة الأساسية أو تجاوزها ، هو المسؤول، دون شك، عن تشتت وتحطم عائلات بأكملها، وإهمال هذه القاعدة بالذات أكثر من غيرها من العوامل الأخرى، مسؤول عن تشرد وهروب أكثر من مليون طفل من أحضان والديهم وأسرهم. وهو أيضاً مسؤول عن رفض ملايين من الأطفال الآخرين لتعليمات ورغبات وقيم وأخلاقيات آبائهم وأمهاتهم . وأخيراً فإن تطبيق هذه القاعدة سيجنّب الكثير من المراهقين الانزلاق إلى رذيلة استعمال أو سوء استعمال الكحول والمخدرات وسوى ذلك من مصادر الأذى لحياة البشر بوجه عام والأطفال بوجه خاص .
كما أن المفاهيم المقدمة في الفصول التالية تمثل الأساس اللازم لأبوة ناجحة ولتربية يُعوّل عليها ، وأنا أرى أن تقوم بإعادة قراءة هذا الفصل الأول أكثر من مرة . وإذا ما تمكنت من فهمه بعمق وتطبيق ما ورد فيه تطبيقاً لائقاً وحكيماً فأنا أضمن لك تقدماً ملحوظاً في تنشئة أسرة تغمرها السعادة، وتظللها حميمية العلاقات والغيرية والثقة المتبادلة .
مقدمة
كنا نعاني من سقوط المطر لدزينة كاملة من الأيام في أثناء سفرنا بين الولايات الأمريكية صيف إحدى السنوات، وكل شيء في منزلنا المتنقل الصغير كان رطباً، وكنا نحن الخمسة، على غاية من التعب والملل بعضنا من البعض. كنا ننطلق شمالاً نحو الأراضي الكندية ، متوجهين لرؤية جمال حديقة بانف الوطنية (Banf National Park) ؛ وكنت أصف لأسرتي عظمة الجبال وروعة الأنهار التي سنستمتع برؤيتها في طريقنا، ولكن الضباب الكثيف والمطر الغزير حجب متعة اكتشاف هذا الجمال وذلك طيلة الأيام الثلاثة الأولى من الرحلة، وفي اليوم الرابع جلسنا إلى طاولة مستديرة في أحد المطاعم نتناقش حول جدوى هذه الرحلة، وفيما إذا كنا سنتابعها أم لا، ونصحت أفراد عائلتي بالعودة إلى مدينة فينيكس (في ولاية أريزونا ( حيث الطقس دافئ وجاف، وكنت أنوي السفر بالطائرة من هناك إلى سياتل في ولاية واشنطن لتقديم محاضرة في أحد المؤتمرات المقرر عقدها هناك زوجتي نورما تدخلت، ورجتني بحرارة أن أستمر اليوم الرابع لعل الغيوم تنقشع، فتظهر الشمس مجدداً. ابنتي كاري ذات الخمسة عشر ربيعاً كانت تحب أن نتابع السفر باتجاه مدينة سياتل. أما ابناي الأصغر سناً فقد ألحا بأن علينا متابعة السفر إلى سياتل والصيد هناك .
وعندما علت أصواتنا، وقد كان كل يدافع عن اقتراحاته ورغباته صاح غريغ ابني الأوسط: توقفوا ( لقد عثرت على الحل). وكان مصراً وواثقاً لدرجة أن جيراننا على الطاولة المجاورة التفتوا، و بدؤوا يستمعون له، وهو يقول : (( أعتقد بأنه علينا أن نخرج إلى المخيم، ونحصل على بندقية، ونبدأ بإطلاق النار بعضنا على البعض)). وما إن انتهى من كلامه حتى انفجرنا جميعنا ضاحكين ، وقد أراحنا هذا الضحك وهدانا جميعاً لدرجة أننا وافقنا جميعاً على البقاء يوماً آخر، ولحسن الحظ
انقشعت شمس ذلك اليوم كاشفة جلالة و جبال روكي الكندية ومهابتها. لماذا تمر أسرتنا وأسر أخرى مثلنا بأوقات جد عصيبة كالتي خبرناها نحن، ومع هذا تبقى هذه الحميمية بين أفرادها، بل ويستمتع أفرادها معاً بسعادة خاصة؟ . ولماذا تعاني أسر أخرى من انقسامات حادة بين أفرادها لدرجة أن أية مشكلة مهما كانت صغيرة تغرق أفراد هذه الأسرة في اتجاهات متباينة، وتخلّف بينهم جروحاً لا تندمل؟
لا شك بأن هناك كتباً كثيرة ورائعة حول موضوع تربية الأطفال لكنني بعد قراءة بعضها ، كنت دائماً أتساءل : ما جدوى محاولة أخرى ؟ فالموضوع جد صعب ( والجميع يعاني من مشكلة ما في التصدي له والكثير منا يخافون من مقاربته، ويشعرون بالإحباط وعقدة الذنب نتيجة لذلك .
وفي هذا الكتاب سيكتشف القارئ بأننا عائلة تقليدية عادية نعاني من اختلافات في وجهات النظر كالتي يعاني منها معظم الأسر الشبيهة ولكننا نبحث دائماً وبجدية عن حلول علمية لهذه الاختلافات، ونعتقد بأن هذه الحلول يمكن أن تكون ذات فائدة المعظم الأسر الشبيهة بنا . سوف نقدم محاولاتنا في إشاعة جو الحميمية ضمن الأسرة ، تلك المحاولات التي نجحت، وتلك المحاولات التي أخفقت، وأخفقنا معها، وسوف نستخلص تلك العوامل التي قربتنا بعضنا من بعض أكثر علها تفيدك أنت أيها القارئ العزيز .
وسنقدم لك أيضاً خلاصة رأي الخبراء في تربية الطفل في المواضيع التي نطرقها . فعلى سبيل المثال هناك أربعة أنواع من الآباء والأمهات ولكن نوعاً واحداً من هذه الأنواع الأربعة يحقق أفضل النتائج في تربية الأطفال. وسوف نشرح لماذا أطفال هذا النوع من الآباء والأمهات يكون الأقدر على تنشئة أطفال يكونون معتزين بأنفسهم وأقل تمرداً ومشاكسة، وناجحين في حياتهم. وسنقدم لك أيضاً كيف استطعنا أن نكرس النظام والانسجام بين أفراد أسرتنا باستعمال طرائق بسيطة كطريقة العقود مثلاً (contracts) . وسنناقش أيضاً طرقاً عملية عديدة تساعد على حماية الطفل من الانخراط في ممارسات جنسية غير محمودة قبل الزواج.
وإذا كنت تتساءل حول طريقة أو طرق لاستمالة طفلك لتنظيف غرفته ، أو لتناول الطعام الصحي المرغوب، أو الابتعاد عن المصادر المحتملة لأذيته ، فسوف نقدم لك اثنتين وعشرين طريقة أو أكثر لتحضير طفلك على فعل ما تتمنى أن يكون عليه. وسوف نشركك أيضاً في سر يمكنك من إقناع أطفالك بالاستماع إليك وتنمية رغبتهم في ذلك بحيث تصبح لديهم هذه العادة من أساسيات حياتهم. وسيقدم لك هذا الكتاب العديد من القواعد الأساسية التي نعتقد بأنها ستمثل مفاتيح جوهرية لتنشئة طفلك وتربيته تربية صالحة، فالفصل التالي على الوجه الخصوص يغطي مناقشة لأحد القواعد الهامة التي إذا ما طبقت بعناية وحكمة فإنها تضمن تنامي جو حميمي مفعم بالثقة بين الأبوين وأطفالهم. وباعتقادي فإن هذا الفصل يمثل فعلاً المفتاح لقلب طفلك .
أن إهمال هذه القاعدة الأساسية أو تجاوزها ، هو المسؤول، دون شك، عن تشتت وتحطم عائلات بأكملها، وإهمال هذه القاعدة بالذات أكثر من غيرها من العوامل الأخرى، مسؤول عن تشرد وهروب أكثر من مليون طفل من أحضان والديهم وأسرهم. وهو أيضاً مسؤول عن رفض ملايين من الأطفال الآخرين لتعليمات ورغبات وقيم وأخلاقيات آبائهم وأمهاتهم . وأخيراً فإن تطبيق هذه القاعدة سيجنّب الكثير من المراهقين الانزلاق إلى رذيلة استعمال أو سوء استعمال الكحول والمخدرات وسوى ذلك من مصادر الأذى لحياة البشر بوجه عام والأطفال بوجه خاص .
كما أن المفاهيم المقدمة في الفصول التالية تمثل الأساس اللازم لأبوة ناجحة ولتربية يُعوّل عليها ، وأنا أرى أن تقوم بإعادة قراءة هذا الفصل الأول أكثر من مرة . وإذا ما تمكنت من فهمه بعمق وتطبيق ما ورد فيه تطبيقاً لائقاً وحكيماً فأنا أضمن لك تقدماً ملحوظاً في تنشئة أسرة تغمرها السعادة، وتظللها حميمية العلاقات والغيرية والثقة المتبادلة .
تعليق