"كيف نسامحنا؟" تراجيديا مسرحية شاعرية تذكرنا بأوطان فرطنا فيها
عمل مسرحي يستفز المتفرج للتفكير في مسائل وجودية.
الاثنين 2024/12/02
ShareWhatsAppTwitterFacebook
لحظة مواجهة الحقيقة
كيف نسامحنا؟ سؤال طرحه الكاتب المسرحي إسماعيل عبدالله محاولا الإجابة عنه عبر نص مسرحي حافل بالرمزية وبلغة شعرية، ليخرجه محمد العامري مستعينا بممثلين محترفين من الإمارات وتونس، يدفعوننا جميعهم إلى التفكير في صراعات الإنسان العربي المعاصر.
بعد اقتناصها أكبر عدد من جوائز مهرجان أيام الشارقة المسرحية بدورته الثالثة والثلاثين، وجوائز مهرجانات عربية أخرى، عرضت مسرحية “كيف نسامحنا؟” الأسبوع الماضي ضمن فعاليات أيام قرطاج المسرحية بدورتها الخامسة والعشرين، مسلطة الضوء على قدرات تمثيلية مهمة. المسرحية التي كتب نصها إسماعيل عبدالله وأخرجها محمد العمري، بينما تلعب بطولتها الممثلة التونسية أماني بلعج بمشاركة ممثلين من الإمارات وسوريا.
منذ العنوان “كيف نسامحنا؟” يضعنا الكاتب والمخرج في تساؤل فضفاض، عام وشمولي، لا يمكن أن يوجهه الفرد لذاته فقط وإنما عليه بالضرورة أن يسأله لنفسه ضمن المجموعة، فهو تساؤل يطرحه ضمير المخاطب الجمع، تساؤل تبحث مجموعة كاملة عن إجابة شافية له، عن طريقة واضحة لتسامح نفسها، عن ماذا؟ سنعلم بعد قليل. المجموعة هنا لم تتضح بعد، بل ترك لنا عبدالله والعامري مساحة حرة لنجد إجابات على التساؤل ونحاول مسامحة مجموعاتنا البشرية عن أخطائنا المختلفة.
لكنهما سرعان ما سيضعاننا على عتبة أول ملامح الحكاية، فنجد أنفسنا أمام مشهد صادم لامرأة تواجه عقوبة بالشنق حتى الموت، لا يمهلاننا وقتا طويلا ليكشفا أنها بريئة، حملتها مكائد مجموعة من الرجال إلى حبل المشنقة، ليفسح لهم المجال ويتخلصوا من تمردها وتعنتها في الدفاع عن دار الأيتام التي تشرف عليها.
حماس يقود علية القوم من التجار والأثرياء وأصحاب النفوذ إلى التخلص من المرأة، حتى يتدخل فجأة أحد المسؤولين ليعلن عن تأجيل تنفيذ الحكم، لوفاة رئيس المحكمة العليا الذي لقي حتفه في حادث سير، وكان من المهم قانونيا حضوره، ولذلك سيؤجل تنفيذ حكم الإعدام إلى حين اختيار رئيس محكمة جديد خلال ساعة من الزمن، يدخل الرجال في حالة رفض وصراع، لا وقت لديهم، يريدون إتمام المهمة بسرعة وإسكات صوت المرأة للأبد، لماذا؟
◙ محمد العامري نجح في تحويل النص إلى عرض مسرحي متكامل، وفي تأطير ممثلين من جنسيات مختلفة
هنا يتدخل الراوي، رجل يعمل في النظافة، شاهد على كل ما عاشته المرأة من مكائد ومصائب وتهديدات، يرويها لنا بأسلوب شاعري، كما يحظى دوره بمساحة مهمة ضمن حركة الممثلين على الخشبة، فهو وإن يروي الأحداث بصوته فإنه حاضر أيضا بحركات جسده التي تعزز من إيقاع الحكاية وتنوعها بين التراجيديا وبعض الكوميديا.
نحن هنا أمام حكاية امرأة لعبت دورها الممثلة التونسية أماني بلعج ترعى أيتاما في سرداب بناية شاهقة، يسكنها علية القوم من المسؤولين السياسيين والمضاربين في البورصة والتجار ووجهاء المجتمع وأئمة أكبر المساجد، يرفضون بقاء المرأة وأطفالها في البناية، يكنون تجاهها عداء مفرطا، يوظفون كل أساليبهم التهديدية بالعقل والمال والدين لطردها من العمارة لكنها تواجههم برفض مطلق. يطمع فيها البعض فيسعى للتحرش بها لكنها تواجههم ببسالة ويصدهم أحد أبنائها دفاعا عن أم لم تلده. يتفقون لنصب فخ لها، يختطفونها، يحاول أحد رجالهم اغتصابها فتتصدى له وتقتله، حينها تنجح خطتهم ويسلمونها للعدالة بتهمة القتل العمد ويطالبون بالقصاص منها وحماية اليتامى من بطشها.
الأم هنا هي استعارة رمزية للمرأة المقاومة أينما كانت واستعارة رمزية أكبر للوطن وللشعوب المقهورة التي تمارس ضدها أبشع أنواع الفساد والانتهاكات لتجبر على مغادرة أرضها، وإن رفضت نصب لها المشانق وأعدمت. إنها رموز قد تبدو للمتفرج مجرد حكاية، لكنها تذكرنا بفلسطين، مبتعدة عن المباشرتية، فاسحة المجال لعقل المشاهد كي يسقط الحكاية على القضية الفلسطينية وقضية كل الشعوب المضطهدة والمهجرة.
جاء نص المسرحية شعريا وظفت فيه كلمات لأشهر شعراء القصيدة الوطنية العرب منهم محمود درويش ومظفر النواب، وسميح القاسم، والبعض من الأمثال الشعبية والأغاني التراثية عن الأمومة والوطن. لكنه عبّر أيضا عن آفات وظواهر تنخر المجتمعات الفاسدة، مثل الكذب والقمار وتوظيف الدين من أجل المصالح والتحرش الجنسي والبيدوفيليا وغياب العدل والمساواة واستغلال القانون للمصالح الذاتية وسيادة الغني على الفقير.
وتعزز عناصر السينوغرافيا النص الثري وتمنحه بعدا واقعيا، حيث اهتم المخرج بتأثيث الخشبة بمكونات تعكس الثيمة العامة لعمله المسرحي، حيث جاء الديكور متنوعا بين مقصلة للإعدام وعمارتين الأولى كبيرة حيث تدور الأحداث والحوارات والصراعات بين الشخصيات والثانية صغيرة ضمن سياق الحكاية المصغرة التي يسردها الراوي/ المنظف ويتدخل من خلالها في مسار الأحداث. كذلك جاءت المؤثرات السمعية والبصرية لتجاري الحكاية الممتدة على نحو ساعة من الزمن والتغيرات الفجائية فيها والتي تنتصر فيها المرأة في النهاية وتفتك حقها من الجميع ناصبة لهم المشانق.
◙ "كيف نسامحنا؟" دعوة لمراجعة شاملة للضمير الجمعي للتفكير في الذات وقراراتها وتمردها دون أن نفصل الذاتي عن الجمعي
ورغم ثراء عناصره إلا أن الديكور كان معرقلا في بعض المواقف لحركة الممثلين، فتغييره كان أمرا ليس بالهين نظرا للمساحة الكبيرة التي يشغلها من الخشبة ولتشابك عناصره فيما بينها. رغم ذلك كان الأداء التمثيلي علامة مميزة في العرض، طغى عليه قوة التقمص والتناغم بين الممثلين، إلى جانب اتساق مستوى الإيقاع الحركي وتنوع لغة الجسد وتغيرها حسب المشاهد، إلى جانب الرقص الكوريغرافي والأدائي الذي أضفى شمولية على العمل وكسر حدة الرتابة والتراجيديا الطاغية عليه.
تعزز ذلك بأزياء الممثلين التي تنوعت ألوانها بين الأسود والأبيض والأحمر، أما الأسود فارتداه الرجال وكانت بدلاتهم السوداء رمزا للخبث والمكر والجريمة، في حين ثار ثوب المرأة الأحمر دالا على الكثير من الغضب والعدوانية والإثارة والثورة والصرامة، أما الأبيض فكان لون زي الطفل اليتيم، لون البراءة والأمل والسلام والتضحية في سبيل الأم/ الوطن.
ويمكن القول إن المخرج محمد العامري نجح في تحويل نص إسماعيل عبدالله إلى عرض مسرحي متكامل، وفي تأطير ممثلين من جنسيات مختلفة، عرض يحضر فيه المتفرج ليصبح شريكا رئيسيا يبحث عن إجابة لسؤال “كيف نسامحنا؟”، يتفاعل مع الأسئلة الوجودية التي تطرحها المسرحية، أهمها “لماذا تموت الأمهات؟”، “من نحن؟”، “ما معنى الحياة؟”، “ما هو الزمن؟”، “هل نحن مسيرون أم مخيرون؟”. أسئلة وجودية سألها كثيرون قبلنا، ونسألها نحن وسيسألها كثيرون من بعدنا.
لكنه عمل مسرحي يذكرنا بأن نقول لا عندما يجب أن نقولها، لاسيما في وجه كل محاولات الاعتداء على أوطاننا وأمهاتنا، وكما رددت البطلة “أنا مثلك يا نوح سأنجو ببعض الخشب، قد أخسر الدنيا وأقول لا، لا هي آخر الطلقات، لا هي آخر ما تبقى من حطام الروح.”
“كيف نسامحنا؟”، دعوة إلى مراجعة شاملة للضمير الجمعي، للتفكير فينا نحن، للتفكير في الذات وقراراتها وتمردها على المجموعة دون أن نفصل الذاتي عن الجمعي، ودون أن يحيد الضمير عن القيم الإنسانية الكبرى والتي بدونه نضيع جميعا. إنها تجربة مسرحية تنطلق من الحكاية نحو الواقع، من الرمزي والوجودي نحو الحتمي انطلاقا من الواقع الدرامي.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
حنان مبروك
صحافية تونسية
عمل مسرحي يستفز المتفرج للتفكير في مسائل وجودية.
الاثنين 2024/12/02
ShareWhatsAppTwitterFacebook
لحظة مواجهة الحقيقة
كيف نسامحنا؟ سؤال طرحه الكاتب المسرحي إسماعيل عبدالله محاولا الإجابة عنه عبر نص مسرحي حافل بالرمزية وبلغة شعرية، ليخرجه محمد العامري مستعينا بممثلين محترفين من الإمارات وتونس، يدفعوننا جميعهم إلى التفكير في صراعات الإنسان العربي المعاصر.
بعد اقتناصها أكبر عدد من جوائز مهرجان أيام الشارقة المسرحية بدورته الثالثة والثلاثين، وجوائز مهرجانات عربية أخرى، عرضت مسرحية “كيف نسامحنا؟” الأسبوع الماضي ضمن فعاليات أيام قرطاج المسرحية بدورتها الخامسة والعشرين، مسلطة الضوء على قدرات تمثيلية مهمة. المسرحية التي كتب نصها إسماعيل عبدالله وأخرجها محمد العمري، بينما تلعب بطولتها الممثلة التونسية أماني بلعج بمشاركة ممثلين من الإمارات وسوريا.
منذ العنوان “كيف نسامحنا؟” يضعنا الكاتب والمخرج في تساؤل فضفاض، عام وشمولي، لا يمكن أن يوجهه الفرد لذاته فقط وإنما عليه بالضرورة أن يسأله لنفسه ضمن المجموعة، فهو تساؤل يطرحه ضمير المخاطب الجمع، تساؤل تبحث مجموعة كاملة عن إجابة شافية له، عن طريقة واضحة لتسامح نفسها، عن ماذا؟ سنعلم بعد قليل. المجموعة هنا لم تتضح بعد، بل ترك لنا عبدالله والعامري مساحة حرة لنجد إجابات على التساؤل ونحاول مسامحة مجموعاتنا البشرية عن أخطائنا المختلفة.
لكنهما سرعان ما سيضعاننا على عتبة أول ملامح الحكاية، فنجد أنفسنا أمام مشهد صادم لامرأة تواجه عقوبة بالشنق حتى الموت، لا يمهلاننا وقتا طويلا ليكشفا أنها بريئة، حملتها مكائد مجموعة من الرجال إلى حبل المشنقة، ليفسح لهم المجال ويتخلصوا من تمردها وتعنتها في الدفاع عن دار الأيتام التي تشرف عليها.
حماس يقود علية القوم من التجار والأثرياء وأصحاب النفوذ إلى التخلص من المرأة، حتى يتدخل فجأة أحد المسؤولين ليعلن عن تأجيل تنفيذ الحكم، لوفاة رئيس المحكمة العليا الذي لقي حتفه في حادث سير، وكان من المهم قانونيا حضوره، ولذلك سيؤجل تنفيذ حكم الإعدام إلى حين اختيار رئيس محكمة جديد خلال ساعة من الزمن، يدخل الرجال في حالة رفض وصراع، لا وقت لديهم، يريدون إتمام المهمة بسرعة وإسكات صوت المرأة للأبد، لماذا؟
◙ محمد العامري نجح في تحويل النص إلى عرض مسرحي متكامل، وفي تأطير ممثلين من جنسيات مختلفة
هنا يتدخل الراوي، رجل يعمل في النظافة، شاهد على كل ما عاشته المرأة من مكائد ومصائب وتهديدات، يرويها لنا بأسلوب شاعري، كما يحظى دوره بمساحة مهمة ضمن حركة الممثلين على الخشبة، فهو وإن يروي الأحداث بصوته فإنه حاضر أيضا بحركات جسده التي تعزز من إيقاع الحكاية وتنوعها بين التراجيديا وبعض الكوميديا.
نحن هنا أمام حكاية امرأة لعبت دورها الممثلة التونسية أماني بلعج ترعى أيتاما في سرداب بناية شاهقة، يسكنها علية القوم من المسؤولين السياسيين والمضاربين في البورصة والتجار ووجهاء المجتمع وأئمة أكبر المساجد، يرفضون بقاء المرأة وأطفالها في البناية، يكنون تجاهها عداء مفرطا، يوظفون كل أساليبهم التهديدية بالعقل والمال والدين لطردها من العمارة لكنها تواجههم برفض مطلق. يطمع فيها البعض فيسعى للتحرش بها لكنها تواجههم ببسالة ويصدهم أحد أبنائها دفاعا عن أم لم تلده. يتفقون لنصب فخ لها، يختطفونها، يحاول أحد رجالهم اغتصابها فتتصدى له وتقتله، حينها تنجح خطتهم ويسلمونها للعدالة بتهمة القتل العمد ويطالبون بالقصاص منها وحماية اليتامى من بطشها.
الأم هنا هي استعارة رمزية للمرأة المقاومة أينما كانت واستعارة رمزية أكبر للوطن وللشعوب المقهورة التي تمارس ضدها أبشع أنواع الفساد والانتهاكات لتجبر على مغادرة أرضها، وإن رفضت نصب لها المشانق وأعدمت. إنها رموز قد تبدو للمتفرج مجرد حكاية، لكنها تذكرنا بفلسطين، مبتعدة عن المباشرتية، فاسحة المجال لعقل المشاهد كي يسقط الحكاية على القضية الفلسطينية وقضية كل الشعوب المضطهدة والمهجرة.
جاء نص المسرحية شعريا وظفت فيه كلمات لأشهر شعراء القصيدة الوطنية العرب منهم محمود درويش ومظفر النواب، وسميح القاسم، والبعض من الأمثال الشعبية والأغاني التراثية عن الأمومة والوطن. لكنه عبّر أيضا عن آفات وظواهر تنخر المجتمعات الفاسدة، مثل الكذب والقمار وتوظيف الدين من أجل المصالح والتحرش الجنسي والبيدوفيليا وغياب العدل والمساواة واستغلال القانون للمصالح الذاتية وسيادة الغني على الفقير.
وتعزز عناصر السينوغرافيا النص الثري وتمنحه بعدا واقعيا، حيث اهتم المخرج بتأثيث الخشبة بمكونات تعكس الثيمة العامة لعمله المسرحي، حيث جاء الديكور متنوعا بين مقصلة للإعدام وعمارتين الأولى كبيرة حيث تدور الأحداث والحوارات والصراعات بين الشخصيات والثانية صغيرة ضمن سياق الحكاية المصغرة التي يسردها الراوي/ المنظف ويتدخل من خلالها في مسار الأحداث. كذلك جاءت المؤثرات السمعية والبصرية لتجاري الحكاية الممتدة على نحو ساعة من الزمن والتغيرات الفجائية فيها والتي تنتصر فيها المرأة في النهاية وتفتك حقها من الجميع ناصبة لهم المشانق.
◙ "كيف نسامحنا؟" دعوة لمراجعة شاملة للضمير الجمعي للتفكير في الذات وقراراتها وتمردها دون أن نفصل الذاتي عن الجمعي
ورغم ثراء عناصره إلا أن الديكور كان معرقلا في بعض المواقف لحركة الممثلين، فتغييره كان أمرا ليس بالهين نظرا للمساحة الكبيرة التي يشغلها من الخشبة ولتشابك عناصره فيما بينها. رغم ذلك كان الأداء التمثيلي علامة مميزة في العرض، طغى عليه قوة التقمص والتناغم بين الممثلين، إلى جانب اتساق مستوى الإيقاع الحركي وتنوع لغة الجسد وتغيرها حسب المشاهد، إلى جانب الرقص الكوريغرافي والأدائي الذي أضفى شمولية على العمل وكسر حدة الرتابة والتراجيديا الطاغية عليه.
تعزز ذلك بأزياء الممثلين التي تنوعت ألوانها بين الأسود والأبيض والأحمر، أما الأسود فارتداه الرجال وكانت بدلاتهم السوداء رمزا للخبث والمكر والجريمة، في حين ثار ثوب المرأة الأحمر دالا على الكثير من الغضب والعدوانية والإثارة والثورة والصرامة، أما الأبيض فكان لون زي الطفل اليتيم، لون البراءة والأمل والسلام والتضحية في سبيل الأم/ الوطن.
ويمكن القول إن المخرج محمد العامري نجح في تحويل نص إسماعيل عبدالله إلى عرض مسرحي متكامل، وفي تأطير ممثلين من جنسيات مختلفة، عرض يحضر فيه المتفرج ليصبح شريكا رئيسيا يبحث عن إجابة لسؤال “كيف نسامحنا؟”، يتفاعل مع الأسئلة الوجودية التي تطرحها المسرحية، أهمها “لماذا تموت الأمهات؟”، “من نحن؟”، “ما معنى الحياة؟”، “ما هو الزمن؟”، “هل نحن مسيرون أم مخيرون؟”. أسئلة وجودية سألها كثيرون قبلنا، ونسألها نحن وسيسألها كثيرون من بعدنا.
لكنه عمل مسرحي يذكرنا بأن نقول لا عندما يجب أن نقولها، لاسيما في وجه كل محاولات الاعتداء على أوطاننا وأمهاتنا، وكما رددت البطلة “أنا مثلك يا نوح سأنجو ببعض الخشب، قد أخسر الدنيا وأقول لا، لا هي آخر الطلقات، لا هي آخر ما تبقى من حطام الروح.”
“كيف نسامحنا؟”، دعوة إلى مراجعة شاملة للضمير الجمعي، للتفكير فينا نحن، للتفكير في الذات وقراراتها وتمردها على المجموعة دون أن نفصل الذاتي عن الجمعي، ودون أن يحيد الضمير عن القيم الإنسانية الكبرى والتي بدونه نضيع جميعا. إنها تجربة مسرحية تنطلق من الحكاية نحو الواقع، من الرمزي والوجودي نحو الحتمي انطلاقا من الواقع الدرامي.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
حنان مبروك
صحافية تونسية