زبيدي (محمد مرتضي)
Al-Zabidi (Mohammad Murtada-) - Al-Zabidi (Mohammad Murtada-)
الزَّبيدي (محمد مرتضى ـ)
(1145 ـ 1205 هـ/1732ـ1791م)
هو اللغوي والكاتب والشاعر والمؤرخ محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق، ينتهي نسبه إلى أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. اشتهر بالسيد المرتضى الحسيني الزبيدي اليماني الواسطي العراقي الحنفي، ويكنى أبا الفيض وأبا الجود وأبا الوقت. أصله من العراق وقيل من الهند وتوفي في القاهرة. نشأ في زبيد من بلدان اليمن، وكان الفيروزآبادي[ر] (ت817هـ/1415م) صاحب «القاموس المحيط» قصد إليها قبله. وهذا ما حفز الزبيدي إلى قراءة قاموسه والانصراف إليه في حداثته. ثم رحل عن زبيد وشرع يطوف في ديار العرب منذ يفاعته، وتنقل في الحجاز بين مكة والمدينة والطائف، وأخذ عن شيوخ فيها. وقصد أخيراً إلى مصر فطاب لـه فيها المقام حيث أمضى في رحابها بقية حياته، وقد وجد في مكتباتها كل ما يحتاج إليه من أمهات الكتب التي أعانته في تأليف كتبه الكثيرة، فذاع صيته واتجهت إليه الأنظار لما حواه من علم غزير وإطلاع واسع، وأذن لـه بالتدريس في القاهرة فسعى إلى سماعه كثير من رجالات الأزهر وطلاب العلم، وكان يحاضرهم في الحديث وصحيح البخاري. كان لطيف الشكل حسن الصفات بشوشاً وقوراً محتشماً عارفاً بالفارسية والتركية، وقد تزوج من زبيدة بنت ذي الفقار الدمياطي وعاش سعيداً معها. ثم فجع بوفاتها ولزم قبرها أياماًَ طويلة، ورثاها بقصائد ومقطعات جميلة العبارة حسنة السبك. وكان معجمه الكبير الذي أسماه «تاج العروس من جواهر القاموس» أهم مؤلفاته وبه اشتهر، ويعد من أوسع المعاجم العربية، ولا يضارعه في حجمه أو يفوقه إلا «لسان العرب» لابن منظور[ر]. وقد أمضى في تأليفه أربعة عشر عاماً كان يواصل فيها عمله من دون انقطاع، إذ بدأ في تأليفه نحو 1174هـ وهو في مصر وأنجزه سنة 1188هـ.
أتيح للزبيدي، بحكم تأخره في الزمان، أن يفيد من الذين سلفوه من اللغويين الذين تناولوا القاموس، وكان من دوافعه إلى تأليف معجمه اقتضاب «المحيط» في مجمل مواده وانطواؤه أحياناً على بعض الغموض وإغفاله ما كان يحسن إيراده. وقد بذل جهداً طيباً في تناول مواد القاموس، وكان ينقل من مصادر متعددة بعضها مفقود اليوم. وقد بلغ عدد المصادر التي استعان بها كما يذكر في مقدمة معجمه مئة وعشرين كتاباً. وكان يحرص على تنسيق مادة القاموس مع سائر ما يتعلق بها عند أسلافه فيرتبها بحيث تتداخل وتنسجم مع أصول «المحيط»، وقد يضيف مستدركات مما فات الفيروزآبادي ذكره.
كان الزبيدي يكتب معجمه بنفسه، ثم يسلم بعد ذلك مسوداته إلى تلاميذه ليبيضوها ويراجعوه فيها. وقد قال في مكتوب لـه إلى أحد شيوخه: «ومما منّ الله تعالى عليّ أن كتبت على القاموس شرحاً غريباً في عشر مجلدات كوامل، مكثت مشتغلاً به أربعة عشر عاماً وشهرين». وحين أنجز تأليف معجمه احتفل بذلك وأولم وليمة حافلة جمعت طلاب العلم وأشياخه. وقد أشاد بعمله كثيرون وقرظوه شعراً ونثراً.
بلغت أعمال الزبيدي مئة وسبعة بين كتاب ورسالة، أكثر من نصفها يتصل بالحديث النبوي وسنده ورواته وتخريج بعض متونه، ومنها ما كتبه في الفقه والصوم والحج، وفي التاريخ واللغة والتصريف، وفي شرح بعض الخطب. ومنها أيضاً «أمهات الرسول»، و«الميسر والقداح»، و«شجرة الدخان»، و«قهوة اليمن». من شيوخه رضي الدين عبد الخالق النمري الزجاجي الزبيدي الحنفي، وأبو عبد الله محمد علاء الدين الزجاجي، وأبو عبد الله محمد الشرفي الفاسي نزيل طيبة. وكان المؤرخ عبد الرحمن بن حسن الجبرتي[ر] (ت1237هـ/1822م) أبرز تلاميذه.
عمر الدقاق
ـ عبد الرحمن الجبرتي، عجايب الآثار في التراجم والأخبار، تحقيق عبد العزيز جمال الدين (مكتبة مدبولي، القاهرة).
ـ عبد الستار فراج، مقدمة «تاج العروس» (طبعة الكويت).
Al-Zabidi (Mohammad Murtada-) - Al-Zabidi (Mohammad Murtada-)
الزَّبيدي (محمد مرتضى ـ)
(1145 ـ 1205 هـ/1732ـ1791م)
هو اللغوي والكاتب والشاعر والمؤرخ محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق، ينتهي نسبه إلى أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. اشتهر بالسيد المرتضى الحسيني الزبيدي اليماني الواسطي العراقي الحنفي، ويكنى أبا الفيض وأبا الجود وأبا الوقت. أصله من العراق وقيل من الهند وتوفي في القاهرة. نشأ في زبيد من بلدان اليمن، وكان الفيروزآبادي[ر] (ت817هـ/1415م) صاحب «القاموس المحيط» قصد إليها قبله. وهذا ما حفز الزبيدي إلى قراءة قاموسه والانصراف إليه في حداثته. ثم رحل عن زبيد وشرع يطوف في ديار العرب منذ يفاعته، وتنقل في الحجاز بين مكة والمدينة والطائف، وأخذ عن شيوخ فيها. وقصد أخيراً إلى مصر فطاب لـه فيها المقام حيث أمضى في رحابها بقية حياته، وقد وجد في مكتباتها كل ما يحتاج إليه من أمهات الكتب التي أعانته في تأليف كتبه الكثيرة، فذاع صيته واتجهت إليه الأنظار لما حواه من علم غزير وإطلاع واسع، وأذن لـه بالتدريس في القاهرة فسعى إلى سماعه كثير من رجالات الأزهر وطلاب العلم، وكان يحاضرهم في الحديث وصحيح البخاري. كان لطيف الشكل حسن الصفات بشوشاً وقوراً محتشماً عارفاً بالفارسية والتركية، وقد تزوج من زبيدة بنت ذي الفقار الدمياطي وعاش سعيداً معها. ثم فجع بوفاتها ولزم قبرها أياماًَ طويلة، ورثاها بقصائد ومقطعات جميلة العبارة حسنة السبك. وكان معجمه الكبير الذي أسماه «تاج العروس من جواهر القاموس» أهم مؤلفاته وبه اشتهر، ويعد من أوسع المعاجم العربية، ولا يضارعه في حجمه أو يفوقه إلا «لسان العرب» لابن منظور[ر]. وقد أمضى في تأليفه أربعة عشر عاماً كان يواصل فيها عمله من دون انقطاع، إذ بدأ في تأليفه نحو 1174هـ وهو في مصر وأنجزه سنة 1188هـ.
أتيح للزبيدي، بحكم تأخره في الزمان، أن يفيد من الذين سلفوه من اللغويين الذين تناولوا القاموس، وكان من دوافعه إلى تأليف معجمه اقتضاب «المحيط» في مجمل مواده وانطواؤه أحياناً على بعض الغموض وإغفاله ما كان يحسن إيراده. وقد بذل جهداً طيباً في تناول مواد القاموس، وكان ينقل من مصادر متعددة بعضها مفقود اليوم. وقد بلغ عدد المصادر التي استعان بها كما يذكر في مقدمة معجمه مئة وعشرين كتاباً. وكان يحرص على تنسيق مادة القاموس مع سائر ما يتعلق بها عند أسلافه فيرتبها بحيث تتداخل وتنسجم مع أصول «المحيط»، وقد يضيف مستدركات مما فات الفيروزآبادي ذكره.
كان الزبيدي يكتب معجمه بنفسه، ثم يسلم بعد ذلك مسوداته إلى تلاميذه ليبيضوها ويراجعوه فيها. وقد قال في مكتوب لـه إلى أحد شيوخه: «ومما منّ الله تعالى عليّ أن كتبت على القاموس شرحاً غريباً في عشر مجلدات كوامل، مكثت مشتغلاً به أربعة عشر عاماً وشهرين». وحين أنجز تأليف معجمه احتفل بذلك وأولم وليمة حافلة جمعت طلاب العلم وأشياخه. وقد أشاد بعمله كثيرون وقرظوه شعراً ونثراً.
بلغت أعمال الزبيدي مئة وسبعة بين كتاب ورسالة، أكثر من نصفها يتصل بالحديث النبوي وسنده ورواته وتخريج بعض متونه، ومنها ما كتبه في الفقه والصوم والحج، وفي التاريخ واللغة والتصريف، وفي شرح بعض الخطب. ومنها أيضاً «أمهات الرسول»، و«الميسر والقداح»، و«شجرة الدخان»، و«قهوة اليمن». من شيوخه رضي الدين عبد الخالق النمري الزجاجي الزبيدي الحنفي، وأبو عبد الله محمد علاء الدين الزجاجي، وأبو عبد الله محمد الشرفي الفاسي نزيل طيبة. وكان المؤرخ عبد الرحمن بن حسن الجبرتي[ر] (ت1237هـ/1822م) أبرز تلاميذه.
عمر الدقاق
مراجع للاستزادة: |
ـ عبد الستار فراج، مقدمة «تاج العروس» (طبعة الكويت).