أيام قرطاج المسرحية تستعيد ذكرى علي بن عياد رائد المسرح التونسي
صور نادرة توثق مسيرة الممثل والمخرج المسرحي الراحل علي بن عياد الذي ترك بصمة كبيرة في تاريخ المسرح التونسي.
الأربعاء 2024/11/27
ShareWhatsAppTwitterFacebook
مسيرة فنان أسس للمسرح التونسي
تونس - لا يمكن لأيّ بلد أن يتقدم دون تثمين تجارب المؤسسين والرواد، دون تذكرها بين الحين والآخر، دون التعريف بها للأجيال الناشئة والبناء عليها. ذلك ما رأته إدارة أيام قرطاج المسرحية في دورته الخامسة والعشرين حيث خصصت جانبا من فعالياتها لاسترجاع تجارب رواد المسرح التونسي ومن أهمهم المسرحي الراحل علي بن عياد.
تحتضن مدينة الثقافة الشاذلي القليبي بالعاصمة تونس معرضا للصور الفوتوغرافية يوثق أعمال الفنان المسرحي الراحل علي بن عياد (1930 – 1972). ويستمر هذا المعرض الذي سهر على إعداده وإنجازه الباحث محمد المي حتى 30 من نوفمبر الحالي. ويتضمن مجموعة من الصور النادرة التي توثق مسيرة علي بن عياد الذي ترك بصمة كبيرة في تاريخ المسرح التونسي.
وإلى جانب هذا المعرض، أصدر الصحافي والكاتب التونسي محمد المي كتابا خاصا تحت عنوان “ذاكرة العدسة: علي بن عياد”، ويتضمن أكثر من مئة صورة ووثيقة نادرة عن حياة علي بن عياد وأعماله، بالإضافة إلى دراسة تاريخية تتعلق بأثره في تطوير المسرح التونسي. كما يقدم الكتاب لمحة شاملة عن حياة هذا الفنان ودوره المحوري الذي لعبه في حركة المسرح الحديث في تونس خلال الستينات والسبعينات من القرن العشرين.
وفي تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء قال المي إن علي بن عياد يظل، على الرغم من مرور أكثر من 50 سنة على وفاته، أحد الأسماء التي لم تحظ بالاهتمام الكافي لدى الأجيال الجديدة من المسرحيين، مضيفا “في وقت يحتفل فيه المجتمع المسرحي بأسماء وقامات مسرحية، لا تكاد تجد إشارة بارزة إلى مساهمات علي بن عياد الذي قدم أكثر من 33 مسرحية في فترة عشر سنوات فقط، بمعدل ثلاثة عروض مسرحية في السنة.”
ويمثل المعرض جزءا من الأرشيف الغني للمسرحي علي بن عياد، حيث تم جمع الصور والوثائق من عدة مصادر بما في ذلك الأبحاث والفعاليات التي شهدت حضورا لعدد من كبار المسرحيين الذين عملوا معه. وأرفق المي في الكتاب المصاحب للمعرض دراسة تاريخية مفصلة عن “تاريخ الضحك في المسرح” وكذلك جرد شامل لجميع المسرحيات التي أخرجها علي بن عياد.
◙ علي بن عيّاد تنقل خارج تونس أين قدم عروض مسرحياته في بلدان عديدة، وسرعان ما حاز شهرة عالمية وعديد الجوائز والتكريمات
ويتضمن الكتاب صورا شخصية نادرة مثل صور حفل زفاف علي بن عياد بالإضافة إلى مشاهد من المسرحيات التي جمعته مع أشهر المسرحيين والفنانين التشكيليين مثل الزبير التركي. كما ضم الكتاب صورا للفقيد مع الزعيم الحبيب بورقيبة. وأشار محمد المي إلى أن مثل هذه المبادرات في الحفاظ على ذاكرة المسرح التونسي والاحتفاء بالفنانين الذين كان لهم دور كبير في إرساء قواعد الفن المسرحي في البلاد. وأضاف أن الكتاب “ذاكرة العدسة: علي بن عياد” هو دعوة لتوثيق الذاكرة الثقافية وحفظها من التلاشي والنسيان.
علي بن عيّاد صعد على خشبة المسرح منذ كان في المدرسة الابتدائية، ثم درس تعليمه الثانوي في المدرسة الصادقية، بعد ذلك توجه لدراسة المسرح في باريس ثم القاهرة بفضل حصوله على منحة من بلدية تونس سنة 1955. عاد عام 1956 إلى باريس ليشارك في تربص في فن الإخراج المسرحي وفي الإضاءة. وبعد ذلك بسنتين انضم إلى فرقة بلدية تونس للتمثيل وعمل فيها مساعدا لمديرها آنذاك محمد العقربي. وفي عام 1960 سافر إلى الولايات المتحدة. في أثناء ذلك كانت له إسهاماته ومشاركاته الميدانية في أعمال مسرحية وحتى سينمائية حيث ظهر لأول مرة في السينما عام 1952.
شارك الفنان في فرقة مدينة تونس ممثلا ومخرجا. وبفضله عرفت هذه الفرقة المسرحية التونسية عصرها الذهبي وأشعت على المستويين الإقليمي والعالمي. وخلال فترة نشاطه بين 1958 و1972 قام بالمشاركة أو بإخراج 27 مسرحية من بينها “أوديب” و”هاملت” و”كاليغولا” و”مدرسة النساء” و”البخيل” و”يارما” و”الماريشال ” و”صاحب الحمار”، وإليه يعود الفضل في تكوين العديد من المسرحيين التونسيين.
تنقل علي بن عيّاد خارج تونس أين قدم عروض مسرحياته في بلدان عديدة، وسرعان ما حاز شهرة عالمية وعديد الجوائز والتكريمات. وكان حلمه بنشر وتطوير المسرح التونسي وراء مساهمته في تأسيس المركز الثقافي الدولي بالحمامات وشارك خاصّة في تصميم بناء مسرحه. وإلى اليوم يحتضن هذا المركز مهرجان الحمامات الدولي في كل صائفة ويتميز المهرجان بعروضه المسرحية ولا يزال يُذكر اسم بن عياد ودوره البارز في بعثه.
في يوليو 1964، أخرج مسرحية “عطيل” التي دشّن بها مسرح الحمامات وقام من خلالها بدور “ياغو”. وفي أغسطس من العام ذاته، أخرج مسرحية “أهل الكهف” لتوفيق الحكيم. وفي ديسمبر من العام ذاته، أخرج مسرحية “البخيل” لموليار. لكن ما ميزه أنه لم يقتصر على “مسرحة” النصوص العالمية الشهيرة، بل استقطب أبرز أدباء تونس للكتابة للمسرح في محاولة لتونسة النص المسرحي، وهكذا أخرج مسرحية “مراد الثالث”، التي كتبها خصّيصًا له الحبيب بولعراس، وقام فيها بدور مراد. كما أخرج “ثورة صاحب الحمار” عن نص لعزالدين المدني. واتفق مع الرسام زبير التركي لوضع لمساته التونسية على الملابس المعتمدة وديكور مسرحياته.
وعرف المسرحي الرائد بتنويع اشتغاله بين مسرح الأعمال الجادة والفلسفية وبين النصوص العربية الفصحى القائمة على نصوص شهيرة عالميًا وعربيًا، وبين اشتغاله أيضا على إنتاج مسرح شعبي نقدي للمجتمع التونسي يعتمد على اللهجة العامية على غرار مسرحية “الماريشال” الشهيرة، ورغم أنه لم يتجاوز 45 عاما حين وفاته إلا أنه استحق لقب “أسطورة المسرح التونسي” الذي تطلقه عليه الأوساط المسرحية التونسية.
صور نادرة توثق مسيرة الممثل والمخرج المسرحي الراحل علي بن عياد الذي ترك بصمة كبيرة في تاريخ المسرح التونسي.
الأربعاء 2024/11/27
ShareWhatsAppTwitterFacebook
مسيرة فنان أسس للمسرح التونسي
تونس - لا يمكن لأيّ بلد أن يتقدم دون تثمين تجارب المؤسسين والرواد، دون تذكرها بين الحين والآخر، دون التعريف بها للأجيال الناشئة والبناء عليها. ذلك ما رأته إدارة أيام قرطاج المسرحية في دورته الخامسة والعشرين حيث خصصت جانبا من فعالياتها لاسترجاع تجارب رواد المسرح التونسي ومن أهمهم المسرحي الراحل علي بن عياد.
تحتضن مدينة الثقافة الشاذلي القليبي بالعاصمة تونس معرضا للصور الفوتوغرافية يوثق أعمال الفنان المسرحي الراحل علي بن عياد (1930 – 1972). ويستمر هذا المعرض الذي سهر على إعداده وإنجازه الباحث محمد المي حتى 30 من نوفمبر الحالي. ويتضمن مجموعة من الصور النادرة التي توثق مسيرة علي بن عياد الذي ترك بصمة كبيرة في تاريخ المسرح التونسي.
وإلى جانب هذا المعرض، أصدر الصحافي والكاتب التونسي محمد المي كتابا خاصا تحت عنوان “ذاكرة العدسة: علي بن عياد”، ويتضمن أكثر من مئة صورة ووثيقة نادرة عن حياة علي بن عياد وأعماله، بالإضافة إلى دراسة تاريخية تتعلق بأثره في تطوير المسرح التونسي. كما يقدم الكتاب لمحة شاملة عن حياة هذا الفنان ودوره المحوري الذي لعبه في حركة المسرح الحديث في تونس خلال الستينات والسبعينات من القرن العشرين.
وفي تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء قال المي إن علي بن عياد يظل، على الرغم من مرور أكثر من 50 سنة على وفاته، أحد الأسماء التي لم تحظ بالاهتمام الكافي لدى الأجيال الجديدة من المسرحيين، مضيفا “في وقت يحتفل فيه المجتمع المسرحي بأسماء وقامات مسرحية، لا تكاد تجد إشارة بارزة إلى مساهمات علي بن عياد الذي قدم أكثر من 33 مسرحية في فترة عشر سنوات فقط، بمعدل ثلاثة عروض مسرحية في السنة.”
ويمثل المعرض جزءا من الأرشيف الغني للمسرحي علي بن عياد، حيث تم جمع الصور والوثائق من عدة مصادر بما في ذلك الأبحاث والفعاليات التي شهدت حضورا لعدد من كبار المسرحيين الذين عملوا معه. وأرفق المي في الكتاب المصاحب للمعرض دراسة تاريخية مفصلة عن “تاريخ الضحك في المسرح” وكذلك جرد شامل لجميع المسرحيات التي أخرجها علي بن عياد.
◙ علي بن عيّاد تنقل خارج تونس أين قدم عروض مسرحياته في بلدان عديدة، وسرعان ما حاز شهرة عالمية وعديد الجوائز والتكريمات
ويتضمن الكتاب صورا شخصية نادرة مثل صور حفل زفاف علي بن عياد بالإضافة إلى مشاهد من المسرحيات التي جمعته مع أشهر المسرحيين والفنانين التشكيليين مثل الزبير التركي. كما ضم الكتاب صورا للفقيد مع الزعيم الحبيب بورقيبة. وأشار محمد المي إلى أن مثل هذه المبادرات في الحفاظ على ذاكرة المسرح التونسي والاحتفاء بالفنانين الذين كان لهم دور كبير في إرساء قواعد الفن المسرحي في البلاد. وأضاف أن الكتاب “ذاكرة العدسة: علي بن عياد” هو دعوة لتوثيق الذاكرة الثقافية وحفظها من التلاشي والنسيان.
علي بن عيّاد صعد على خشبة المسرح منذ كان في المدرسة الابتدائية، ثم درس تعليمه الثانوي في المدرسة الصادقية، بعد ذلك توجه لدراسة المسرح في باريس ثم القاهرة بفضل حصوله على منحة من بلدية تونس سنة 1955. عاد عام 1956 إلى باريس ليشارك في تربص في فن الإخراج المسرحي وفي الإضاءة. وبعد ذلك بسنتين انضم إلى فرقة بلدية تونس للتمثيل وعمل فيها مساعدا لمديرها آنذاك محمد العقربي. وفي عام 1960 سافر إلى الولايات المتحدة. في أثناء ذلك كانت له إسهاماته ومشاركاته الميدانية في أعمال مسرحية وحتى سينمائية حيث ظهر لأول مرة في السينما عام 1952.
شارك الفنان في فرقة مدينة تونس ممثلا ومخرجا. وبفضله عرفت هذه الفرقة المسرحية التونسية عصرها الذهبي وأشعت على المستويين الإقليمي والعالمي. وخلال فترة نشاطه بين 1958 و1972 قام بالمشاركة أو بإخراج 27 مسرحية من بينها “أوديب” و”هاملت” و”كاليغولا” و”مدرسة النساء” و”البخيل” و”يارما” و”الماريشال ” و”صاحب الحمار”، وإليه يعود الفضل في تكوين العديد من المسرحيين التونسيين.
تنقل علي بن عيّاد خارج تونس أين قدم عروض مسرحياته في بلدان عديدة، وسرعان ما حاز شهرة عالمية وعديد الجوائز والتكريمات. وكان حلمه بنشر وتطوير المسرح التونسي وراء مساهمته في تأسيس المركز الثقافي الدولي بالحمامات وشارك خاصّة في تصميم بناء مسرحه. وإلى اليوم يحتضن هذا المركز مهرجان الحمامات الدولي في كل صائفة ويتميز المهرجان بعروضه المسرحية ولا يزال يُذكر اسم بن عياد ودوره البارز في بعثه.
في يوليو 1964، أخرج مسرحية “عطيل” التي دشّن بها مسرح الحمامات وقام من خلالها بدور “ياغو”. وفي أغسطس من العام ذاته، أخرج مسرحية “أهل الكهف” لتوفيق الحكيم. وفي ديسمبر من العام ذاته، أخرج مسرحية “البخيل” لموليار. لكن ما ميزه أنه لم يقتصر على “مسرحة” النصوص العالمية الشهيرة، بل استقطب أبرز أدباء تونس للكتابة للمسرح في محاولة لتونسة النص المسرحي، وهكذا أخرج مسرحية “مراد الثالث”، التي كتبها خصّيصًا له الحبيب بولعراس، وقام فيها بدور مراد. كما أخرج “ثورة صاحب الحمار” عن نص لعزالدين المدني. واتفق مع الرسام زبير التركي لوضع لمساته التونسية على الملابس المعتمدة وديكور مسرحياته.
وعرف المسرحي الرائد بتنويع اشتغاله بين مسرح الأعمال الجادة والفلسفية وبين النصوص العربية الفصحى القائمة على نصوص شهيرة عالميًا وعربيًا، وبين اشتغاله أيضا على إنتاج مسرح شعبي نقدي للمجتمع التونسي يعتمد على اللهجة العامية على غرار مسرحية “الماريشال” الشهيرة، ورغم أنه لم يتجاوز 45 عاما حين وفاته إلا أنه استحق لقب “أسطورة المسرح التونسي” الذي تطلقه عليه الأوساط المسرحية التونسية.