"الهوى سلطان" فيلم يتوجه إلى جمهور ملّ الأكشن والعنف والثأر والانتقام
قصة حب في قالب رومانسي تصنع حالة خاصة مع المشاهد.
الثلاثاء 2024/11/26
ShareWhatsAppTwitterFacebook
قصة حب عادية لبطلين تشبه شخصيات في الواقع
سارت المؤلفة هبة يسري في فيلم "الهوى سلطان” على نهج المدرسة الواقعية التي اتبعها مخرجون كبار في السينما المصرية سابقا، بتقديم قصة حب بسيطة لبطلين ينتميان إلى الطبقة المتوسطة تنقل الجمهور إلى حالة خاصة دون أن تبتعد عن حياتهم العادية.
القاهرة- تتباين ذائقة الجمهور الذي يشاهد الأعمال الفنية، لكن من المتفق عليه أنه يميل إلى من يعبر عنه ويقدم عملا فنيا واقعيا يشبه حياته العادية، يرى المشاهد نفسه فيه إذ يعبر عن فرحه وحزنه، ويواجه الخيبات والانتصارات ذاتها. كما فعل الفيلم الاجتماعي – الرومانسي “الهوى سلطان” بطولة منة شلبي وأحمد داوود، والمعروض حاليا بدور السينما، لمؤلفته ومخرجته هبة يسري.
وتناول الفيلم قصة حب بسيطة وحياة عادية لبطلين ينتميان إلى الطبقة المتوسطة وتخللتها أحداث يومية عادية، قال عنها البعض ربما تصلح لتصبح مسلسلا أكثر من كونها فيلما، إلا أن تجربة الفيلم والنجاح الذي حققه تركت أثر إيجابيا كبيرا.
◄ المؤلفة هبة يسري سارت في الفيلم، على نهج المدرسة الواقعية التي اتبعها بعض المخرجين الكبار في السينما المصرية سابقا
وعُرفت المؤلفة هبة يسري منذ عرض مسلسلها “سابع جار” قبل نحو سبعة أعوام، والذي حقق نجاحا لافتا، لأنه رصد شخصيات واقعية، وتناول حياة أسر مصرية متوسطة من خلال تفاصيل متشابكة قامت المؤلفة بتضفيرها بطريقة فنية، وبدت شريحة من الجمهور كأنها تشاهد حياتها التي جسدها بعض الممثلين بكل براعة.
وجاء فيلم “الهوى سلطان” عقب قائمة طويلة من أفلام المنتج محمد السبكي، التي لا تلقى إعجاب قطاع كبير من الجمهور المصري لأنها لا تحاكي حياتهم، وغالبية الشخصيات التي تتناولها لا تشبههم، وقد رسّخت صورة خاطئة عن المجتمع المصري عن طريق طرحها للبلطجة والعلاقات المشبوهة والقتل وسفك الدماء وحمل الأسلحة بكل بساطة في الشارع والحارة البسيطة.
وتم تقديم فيلم “الهوى سلطان” وسط موجة انتقادات غير عادية لمسلسل “وتر حساس” لأن ما قدمه من شخصيات وطريقة ظهورها والأحداث التي يتناولها العمل لا تمت للواقع المصري بصلة، حتى طبقة الأغنياء المرفهة التي يُطلق عليها حاليا وصف “أهل إيجيبت” بعيدة كل البعد عن الحياة التي رصدها المسلسل.
سارت المؤلفة هبة يسري في الفيلم، على نهج المدرسة الواقعية التي اتبعها بعض المخرجين الكبار في السينما المصرية سابقا، لكنها توقفت منذ سنوات طويلة، وابتعدت فيها الأعمال الفنية عن تجسيد الحياة الواقعية للمجتمع، ثم جاء فيلم “الهوى سلطان”، وإن كان اجتماعيا – رومانسيا خفيفا، غير أنه قدم صورة واقعية، عاشت في وجدان فئة ممن شاهدوه في دور العرض وشعروا بأنه لهم وعنهم.
وظهرت ما تسمى بالمدرسة الواقعية الجديدة بإيطاليا في أربعينات القرن الماضي، وكان الهدف من الحركة الفنية وقتها محاكاة الشخصيات الحقيقية في المجتمع والتعبير عنها بصدق وتصوير تفاصيل حياتها بشكل واقعي ومعبر، واستعانوا وقتها بممثلين غير معروفين، وانتقلت كاميرات التصوير من الأستوديوهات إلى الشوارع، وكان منها فيلم “روما مدينة مفتوحة” للمخرج روبرت روسيلليني.
وتأثرت السينما المصرية بهذه المدرسة، وكان أول المخرجين الذين ساروا على نهج تصوير الواقع للمجتمع المصري والغوص في أدق تفاصيله المخرج صلاح أبوسيف، المعروف بمخرج الواقعية، ومن أفلامه في فترة الخمسينات فيلما “شباب امرأة” عام 1956، و”بين السماء والأرض” عام 1959، وتناول الفيلمان شخصيات فيها الكثير من التفاصيل الحقيقية، تلقاها المشاهد بشكل صادق، وعاشت في ذاكرة السينما، وتلاهما عدد كبير من أفلام أبوسيف، مثل “بداية ونهاية” و”القاهرة 30″.
ومضى عدد من المخرجين على نهج المدرسة الواقعية، مثل كمال الشيخ الذي قدم فيلم “حياة أو موت” عام 1954، و”اللص والكلاب” عام 1962، وكلاهما تناول نماذج من الشخصيات المصرية المهمشة، التي تعبر عن الواقع بأدق تفاصيله، وتم تصويرهما في الشوارع المصرية.
ومضى على نهج المدرسة الواقعية في السينما المصرية المخرج يوسف شاهين في بداياته، من خلال فيلم “باب الحديد” عام 1956، وتوقفت هذه المدرسة في السبعينات، وظهرت أفلام المقاولات، ثم جاءت مرة أخرى هذه المدرسة على يد المخرجين، محمد خان، وعاطف الطيب وبشير الديك، وصولا إلى المؤلف والسيناريست الراحل وحيد حامد والمخرج شريف عرفة في فيلمي “اضحك الصورة تضحك حلوة”، و”الإرهاب والكباب”.
تجسيد الواقع دراميا
سيطرت البلطجة والقصص التي ليس لها علاقة بالشارع المصري على بعض الأعمال الدرامية في السنوات الماضية، وأثار ذلك حفيظة الجمهور، وعلى استحياء تناولت بعض الأعمال الفنية الحياة الواقعية في مصر، وقد فعل ذلك المؤلف والمخرج تامر محسن في مسلسل “هذا المساء”، حيث جاءت شخصياته من لحم ودم، وتم العمل عليها كي ترسم بشكل حقيقي، وبدت القصة تشبه ما نراه في حياتنا اليومية، وربما كان هذا سببا رئيسيا في نجاح العمل وجعله يعيش في وجدان شريحة من المشاهدين.
وقال الناقد الفني ساهر السمري لـ”العرب” أعرف كل الشخصيات التي قدمها تامر محسن في مسلسل “هذا المساء”، أعرفهم عن قرب، وتحدثت إليهم في الشارع، فهم من الحياة، ولعب المخرج على التفاصيل الدقيقة للشخصيات التي قدمها بواقعية شديدة.
وأوضح أنه بعد حالة التغريب التي حدثت في الأعمال الفنية “نحن في حاجة إلى قصص حقيقية، تحاكي المجتمع، على غرار ما قام به وصنعه المخرجون عاطف الطيب، ومحمد خان وبشير الديك، حيث صنعوا أعمالا فنية من قلب الناس، تشبههم إلى حد بعيد، لأن المشاهد يحتاج إلى التباين الواضح بينه وبين الشخصيات التي يشاهدها في السينما أو التلفزيون، ويريد أن يرى تفاصيل حياته مجسدة أمامه، فلقد ملّ من الأعمال التي تبالغ في التعبير عن شخصيات غريبة لا يتعرف عليها.”
قصص حب حقيقية
دعاء حلمي: سر نجاح هذه الاعمال هو بساطتها وعدم تكلّفها في معالجة الأحداث
وأكدت التيك توكر زينب علي، وتبث من خلال حسابها فيديوهات تعبر عن رأيها في ما تشاهده، وتنقله للجمهور الذي يتابعها بنكهة كوميدية محببة، أنها جعلت بعض الممثلين يتابعونها، وأحيانا يشاركون في التعليقات، خصوصا حينما تعلق على أعمالهم.
وقسمت زينب في حديثها لـ”العرب” الأعمال الفنية في السنوات الأخيرة إلى قسمين، الأول: أعمال فنية من المفترض أنها تعبر عن الشارع المصري ولا علاقة لها به، فهي تستعرض شخصيات لا نعرفها تتميز بالبلطجة وسفك الدماء والعنف، والثاني: أعمال تستعرض طبقة الأغنياء وحياتهم المرفهة وتوضح مظاهر البذخ والملابس العارية والسُكر، وهي أيضا لا تعبّر عن هذه الطبقة بشكل حقيقي.
وأضافت زينب أن القصص الحقيقية البسيطة السهلة التي تعبر عنا هي الخلطة التي يحتاجها المشاهد، وأن عمل مثل مسلسل “بالطو” وتم عرضه منذ عامين على إحدى المنصات، كان مأخوذا عن رواية “بالطو وفانلة وتاب” للطبيب المصري الشاب أحمد عاطف، عبّر من خلالها عن يومياته كطبيب نائب في إحدى القرى المصرية، فجاءت أحداث المسلسل معبرة عن مواقف حقيقية عاشها هذا الطبيب، في قالب كوميدي، فوصلت إلى الجمهور، وكان للعمل دور في إبراز نجومية الممثل عصام عمر.
تناولت الكثير من الأعمال الفنية قصص الحب، وربما تخللت الأحداث قصص جاءت على هامش التفاصيل، لكن مؤلفة ومخرجة فيلم “الهوى سلطان” هبة يسري اختارت أن تقدم قصة حُب واقعية بين بطلي الفيلم (منة شلبي وأحمد داوود).
ويستوقفنا هنا سؤال، هل يفضل الجمهور في هذه الفترة الأفلام الاجتماعية التي تتناول قصص الحب، أم الأفلام التي تتطرق لقصص حب مع نزعة كوميدية، أم فيلم رومانسي تدور من خلال أحداثه قصة حب في قالب كوميدي خفيف؟
ساهر السمري: نحن في حاجة إلى قصص حقيقية، تحاكي المجتمع
تبدو الرومانسية مطلوبة في بعض الأعمال من قبل الفنانين والمخرجين والمُتلقين أيضا، وقد نجد الفترة المقبلة أعمالا فنية تتميز بوجود قصة حب من الواقع.
وقالت الناقدة الفنية دعاء حلمي لـ”العرب” من وقت إلى آخر تظهر تجارب فردية لأفلام اجتماعية رومانسية، مثل فيلم “توأم روحي” وفيلم “هيبتا”، ثم “الهوى سلطان”، وسر نجاح هذه الاعمال هو بساطتها وعدم تكلّفها في معالجة الأحداث، ويتلقفها الجمهور الذي ملّ من الأعمال التي تعتمد على الأكشن والحركة والعنف والثأر والانتقام.
وذكرت حلمي أن تناول قضايا المرأة من منظور اجتماعي يقتصر على المشكلة، وتأتي علاقات الحب على الهامش، أصبح أمرا مملا فهذا يكفي، حيث يحتاج الجمهور إلى أعمال رومانسية واقعية، تروّح عنه في ظل الحروب والظروف الاقتصادية الصعبة.
بينما قال ساهر السمري لـ”العرب” إن جمهور الأعمال الرومانسية موجود منذ سنوات، والأفلام الرومانسية موجودة لكنها تُقدم بشكل مختلف من فترة إلى أخرى، منذ الخمسينات مع عرض فيلم “الوسادة الخالية” لعبدالحليم حافظ ولبنى عبدالعزيز، وفي الستينات مع فيلم “أغلى من حياتي” لصلاح ذوالفقار والمطربة شادية، ثم “حبيبي دائما” في الثمانينات لنور الشريف وبوسي.
وشدد على أن الجمهور يريد خلطة سحرية، تجمع الرومانسي مع الكوميدي، أو الاجتماعي مع الرومانسي، ولعبت على ذلك نوعية من الأفلام التي تم تقديمها في العقدين الماضيين، مع استهداف جمهور من الشباب والمراهقين، فقدم فيلم “الحب الأول” لمصطفى قمر ومنى زكي.
وأرجع ساهر السمري نجاح فيلم “الهوى سلطان” إلى أنه قدم قالبا رومانسيا واستطاع من خلاله صنع حالة خاصة مع المشاهد، مثلما فعل فيلم “هيبتا” من قبل، مؤكدا أن التوليفة الناجحة، في رأي صناع السينما، تقوم على تقديم قصة حب، ثم صدمة عاطفية أو مفاجأة، ثم فراق، ثم لقاء، مع إضافة أغنية تعلق في ذهن المشاهد.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
نجوى درديري
كاتبة مصرية
قصة حب في قالب رومانسي تصنع حالة خاصة مع المشاهد.
الثلاثاء 2024/11/26
ShareWhatsAppTwitterFacebook
قصة حب عادية لبطلين تشبه شخصيات في الواقع
سارت المؤلفة هبة يسري في فيلم "الهوى سلطان” على نهج المدرسة الواقعية التي اتبعها مخرجون كبار في السينما المصرية سابقا، بتقديم قصة حب بسيطة لبطلين ينتميان إلى الطبقة المتوسطة تنقل الجمهور إلى حالة خاصة دون أن تبتعد عن حياتهم العادية.
القاهرة- تتباين ذائقة الجمهور الذي يشاهد الأعمال الفنية، لكن من المتفق عليه أنه يميل إلى من يعبر عنه ويقدم عملا فنيا واقعيا يشبه حياته العادية، يرى المشاهد نفسه فيه إذ يعبر عن فرحه وحزنه، ويواجه الخيبات والانتصارات ذاتها. كما فعل الفيلم الاجتماعي – الرومانسي “الهوى سلطان” بطولة منة شلبي وأحمد داوود، والمعروض حاليا بدور السينما، لمؤلفته ومخرجته هبة يسري.
وتناول الفيلم قصة حب بسيطة وحياة عادية لبطلين ينتميان إلى الطبقة المتوسطة وتخللتها أحداث يومية عادية، قال عنها البعض ربما تصلح لتصبح مسلسلا أكثر من كونها فيلما، إلا أن تجربة الفيلم والنجاح الذي حققه تركت أثر إيجابيا كبيرا.
◄ المؤلفة هبة يسري سارت في الفيلم، على نهج المدرسة الواقعية التي اتبعها بعض المخرجين الكبار في السينما المصرية سابقا
وعُرفت المؤلفة هبة يسري منذ عرض مسلسلها “سابع جار” قبل نحو سبعة أعوام، والذي حقق نجاحا لافتا، لأنه رصد شخصيات واقعية، وتناول حياة أسر مصرية متوسطة من خلال تفاصيل متشابكة قامت المؤلفة بتضفيرها بطريقة فنية، وبدت شريحة من الجمهور كأنها تشاهد حياتها التي جسدها بعض الممثلين بكل براعة.
وجاء فيلم “الهوى سلطان” عقب قائمة طويلة من أفلام المنتج محمد السبكي، التي لا تلقى إعجاب قطاع كبير من الجمهور المصري لأنها لا تحاكي حياتهم، وغالبية الشخصيات التي تتناولها لا تشبههم، وقد رسّخت صورة خاطئة عن المجتمع المصري عن طريق طرحها للبلطجة والعلاقات المشبوهة والقتل وسفك الدماء وحمل الأسلحة بكل بساطة في الشارع والحارة البسيطة.
وتم تقديم فيلم “الهوى سلطان” وسط موجة انتقادات غير عادية لمسلسل “وتر حساس” لأن ما قدمه من شخصيات وطريقة ظهورها والأحداث التي يتناولها العمل لا تمت للواقع المصري بصلة، حتى طبقة الأغنياء المرفهة التي يُطلق عليها حاليا وصف “أهل إيجيبت” بعيدة كل البعد عن الحياة التي رصدها المسلسل.
سارت المؤلفة هبة يسري في الفيلم، على نهج المدرسة الواقعية التي اتبعها بعض المخرجين الكبار في السينما المصرية سابقا، لكنها توقفت منذ سنوات طويلة، وابتعدت فيها الأعمال الفنية عن تجسيد الحياة الواقعية للمجتمع، ثم جاء فيلم “الهوى سلطان”، وإن كان اجتماعيا – رومانسيا خفيفا، غير أنه قدم صورة واقعية، عاشت في وجدان فئة ممن شاهدوه في دور العرض وشعروا بأنه لهم وعنهم.
وظهرت ما تسمى بالمدرسة الواقعية الجديدة بإيطاليا في أربعينات القرن الماضي، وكان الهدف من الحركة الفنية وقتها محاكاة الشخصيات الحقيقية في المجتمع والتعبير عنها بصدق وتصوير تفاصيل حياتها بشكل واقعي ومعبر، واستعانوا وقتها بممثلين غير معروفين، وانتقلت كاميرات التصوير من الأستوديوهات إلى الشوارع، وكان منها فيلم “روما مدينة مفتوحة” للمخرج روبرت روسيلليني.
وتأثرت السينما المصرية بهذه المدرسة، وكان أول المخرجين الذين ساروا على نهج تصوير الواقع للمجتمع المصري والغوص في أدق تفاصيله المخرج صلاح أبوسيف، المعروف بمخرج الواقعية، ومن أفلامه في فترة الخمسينات فيلما “شباب امرأة” عام 1956، و”بين السماء والأرض” عام 1959، وتناول الفيلمان شخصيات فيها الكثير من التفاصيل الحقيقية، تلقاها المشاهد بشكل صادق، وعاشت في ذاكرة السينما، وتلاهما عدد كبير من أفلام أبوسيف، مثل “بداية ونهاية” و”القاهرة 30″.
ومضى عدد من المخرجين على نهج المدرسة الواقعية، مثل كمال الشيخ الذي قدم فيلم “حياة أو موت” عام 1954، و”اللص والكلاب” عام 1962، وكلاهما تناول نماذج من الشخصيات المصرية المهمشة، التي تعبر عن الواقع بأدق تفاصيله، وتم تصويرهما في الشوارع المصرية.
ومضى على نهج المدرسة الواقعية في السينما المصرية المخرج يوسف شاهين في بداياته، من خلال فيلم “باب الحديد” عام 1956، وتوقفت هذه المدرسة في السبعينات، وظهرت أفلام المقاولات، ثم جاءت مرة أخرى هذه المدرسة على يد المخرجين، محمد خان، وعاطف الطيب وبشير الديك، وصولا إلى المؤلف والسيناريست الراحل وحيد حامد والمخرج شريف عرفة في فيلمي “اضحك الصورة تضحك حلوة”، و”الإرهاب والكباب”.
تجسيد الواقع دراميا
سيطرت البلطجة والقصص التي ليس لها علاقة بالشارع المصري على بعض الأعمال الدرامية في السنوات الماضية، وأثار ذلك حفيظة الجمهور، وعلى استحياء تناولت بعض الأعمال الفنية الحياة الواقعية في مصر، وقد فعل ذلك المؤلف والمخرج تامر محسن في مسلسل “هذا المساء”، حيث جاءت شخصياته من لحم ودم، وتم العمل عليها كي ترسم بشكل حقيقي، وبدت القصة تشبه ما نراه في حياتنا اليومية، وربما كان هذا سببا رئيسيا في نجاح العمل وجعله يعيش في وجدان شريحة من المشاهدين.
وقال الناقد الفني ساهر السمري لـ”العرب” أعرف كل الشخصيات التي قدمها تامر محسن في مسلسل “هذا المساء”، أعرفهم عن قرب، وتحدثت إليهم في الشارع، فهم من الحياة، ولعب المخرج على التفاصيل الدقيقة للشخصيات التي قدمها بواقعية شديدة.
وأوضح أنه بعد حالة التغريب التي حدثت في الأعمال الفنية “نحن في حاجة إلى قصص حقيقية، تحاكي المجتمع، على غرار ما قام به وصنعه المخرجون عاطف الطيب، ومحمد خان وبشير الديك، حيث صنعوا أعمالا فنية من قلب الناس، تشبههم إلى حد بعيد، لأن المشاهد يحتاج إلى التباين الواضح بينه وبين الشخصيات التي يشاهدها في السينما أو التلفزيون، ويريد أن يرى تفاصيل حياته مجسدة أمامه، فلقد ملّ من الأعمال التي تبالغ في التعبير عن شخصيات غريبة لا يتعرف عليها.”
قصص حب حقيقية
دعاء حلمي: سر نجاح هذه الاعمال هو بساطتها وعدم تكلّفها في معالجة الأحداث
وأكدت التيك توكر زينب علي، وتبث من خلال حسابها فيديوهات تعبر عن رأيها في ما تشاهده، وتنقله للجمهور الذي يتابعها بنكهة كوميدية محببة، أنها جعلت بعض الممثلين يتابعونها، وأحيانا يشاركون في التعليقات، خصوصا حينما تعلق على أعمالهم.
وقسمت زينب في حديثها لـ”العرب” الأعمال الفنية في السنوات الأخيرة إلى قسمين، الأول: أعمال فنية من المفترض أنها تعبر عن الشارع المصري ولا علاقة لها به، فهي تستعرض شخصيات لا نعرفها تتميز بالبلطجة وسفك الدماء والعنف، والثاني: أعمال تستعرض طبقة الأغنياء وحياتهم المرفهة وتوضح مظاهر البذخ والملابس العارية والسُكر، وهي أيضا لا تعبّر عن هذه الطبقة بشكل حقيقي.
وأضافت زينب أن القصص الحقيقية البسيطة السهلة التي تعبر عنا هي الخلطة التي يحتاجها المشاهد، وأن عمل مثل مسلسل “بالطو” وتم عرضه منذ عامين على إحدى المنصات، كان مأخوذا عن رواية “بالطو وفانلة وتاب” للطبيب المصري الشاب أحمد عاطف، عبّر من خلالها عن يومياته كطبيب نائب في إحدى القرى المصرية، فجاءت أحداث المسلسل معبرة عن مواقف حقيقية عاشها هذا الطبيب، في قالب كوميدي، فوصلت إلى الجمهور، وكان للعمل دور في إبراز نجومية الممثل عصام عمر.
تناولت الكثير من الأعمال الفنية قصص الحب، وربما تخللت الأحداث قصص جاءت على هامش التفاصيل، لكن مؤلفة ومخرجة فيلم “الهوى سلطان” هبة يسري اختارت أن تقدم قصة حُب واقعية بين بطلي الفيلم (منة شلبي وأحمد داوود).
ويستوقفنا هنا سؤال، هل يفضل الجمهور في هذه الفترة الأفلام الاجتماعية التي تتناول قصص الحب، أم الأفلام التي تتطرق لقصص حب مع نزعة كوميدية، أم فيلم رومانسي تدور من خلال أحداثه قصة حب في قالب كوميدي خفيف؟
ساهر السمري: نحن في حاجة إلى قصص حقيقية، تحاكي المجتمع
تبدو الرومانسية مطلوبة في بعض الأعمال من قبل الفنانين والمخرجين والمُتلقين أيضا، وقد نجد الفترة المقبلة أعمالا فنية تتميز بوجود قصة حب من الواقع.
وقالت الناقدة الفنية دعاء حلمي لـ”العرب” من وقت إلى آخر تظهر تجارب فردية لأفلام اجتماعية رومانسية، مثل فيلم “توأم روحي” وفيلم “هيبتا”، ثم “الهوى سلطان”، وسر نجاح هذه الاعمال هو بساطتها وعدم تكلّفها في معالجة الأحداث، ويتلقفها الجمهور الذي ملّ من الأعمال التي تعتمد على الأكشن والحركة والعنف والثأر والانتقام.
وذكرت حلمي أن تناول قضايا المرأة من منظور اجتماعي يقتصر على المشكلة، وتأتي علاقات الحب على الهامش، أصبح أمرا مملا فهذا يكفي، حيث يحتاج الجمهور إلى أعمال رومانسية واقعية، تروّح عنه في ظل الحروب والظروف الاقتصادية الصعبة.
بينما قال ساهر السمري لـ”العرب” إن جمهور الأعمال الرومانسية موجود منذ سنوات، والأفلام الرومانسية موجودة لكنها تُقدم بشكل مختلف من فترة إلى أخرى، منذ الخمسينات مع عرض فيلم “الوسادة الخالية” لعبدالحليم حافظ ولبنى عبدالعزيز، وفي الستينات مع فيلم “أغلى من حياتي” لصلاح ذوالفقار والمطربة شادية، ثم “حبيبي دائما” في الثمانينات لنور الشريف وبوسي.
وشدد على أن الجمهور يريد خلطة سحرية، تجمع الرومانسي مع الكوميدي، أو الاجتماعي مع الرومانسي، ولعبت على ذلك نوعية من الأفلام التي تم تقديمها في العقدين الماضيين، مع استهداف جمهور من الشباب والمراهقين، فقدم فيلم “الحب الأول” لمصطفى قمر ومنى زكي.
وأرجع ساهر السمري نجاح فيلم “الهوى سلطان” إلى أنه قدم قالبا رومانسيا واستطاع من خلاله صنع حالة خاصة مع المشاهد، مثلما فعل فيلم “هيبتا” من قبل، مؤكدا أن التوليفة الناجحة، في رأي صناع السينما، تقوم على تقديم قصة حب، ثم صدمة عاطفية أو مفاجأة، ثم فراق، ثم لقاء، مع إضافة أغنية تعلق في ذهن المشاهد.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
نجوى درديري
كاتبة مصرية