مصطفى رعدون
الحابوسة ،،،
أم القصص
شد أبوعمر الحلبي على راحلته سرجها ، وطلب من معاونيه أن يمشوا فجرا في مجموعة البغال والكدش التي إستطاع شراءها للتجارة ، مربوطة كل واحدة برسنها ، وكل من معاونيه يشرف على سير مجموعة منها ، وهو يسير معهم على الطريق الترابي المتعرج الذي يصل المعرة بقلعة المضيق ،
قد تكون عشرة أو أكثر بقليل ،
كانت مجمعة في إصطبل واحد ،،
إنه متفائل بأن يقيم في الحابوسة بازارا طيبا ،
فكل فلاح هناك ، عليه أن يكون لديه فدان ( جوز بغال أو كدش ) مع الصمد والمساس وتوابعه ، ليقوم بأود أرضه ، فلاحة وحصادا ودراسا ونقل المحاصيل حيث يريد ،
وكذلك خدمة بيته من نقل للأشخاص ، وشمبل الحنطة إلى الطاحون ، وجلب القش والحطب والجللي وباقات القصب والزل التي يمكن أن يستخدمها، في قبو بيته ، مكان المؤونه لكل تلك الأشياء التي سيحتاجها في الشتاء ،
بالإضافة إلى خم ، أو قن بابه للخارج ، يربي به مجموعة من طيور الدجاج البلدي والديوك ،،
كانت الدواب دولاب حركة النقل في البيت ، وصلة الوصل بين السهول والبيوت ،
وكان أهل الدار يتركونها مع ( الرعية ) لتسرح في البراري والحقول مع راعي الطرش القبضاي ،
ويدفعون له أجرة رغيف خبز عن كل رأس يسرح معه ،
وسلاحه في جولته اليومية عصاه التي يهش بها دوابه ،
ويتوكئ عليها ، ويصد بها أي هجوم يتعرض إليه من ضواري السفوح والتلال والوديان البعيدة ،
وكان يجلب الطرش الى البركة من جهة الشرق ليشرب براحته ،
ويستريح قليلا ،
و يتبورد وقد سمي هذا المكان من البركة ،( المقيل ) ،
وصل أبو عمر إلى الحابوسة ، وعرض بضاعته من خيول متنوعة في جانبها الشرقي ، وبدأ الناس الذين يودون شراء بعضها في التحلق حول تلك الخيول ، متفحصين ومستمتعين برؤيتها مجتمعة في بازار واحد ،
في الزقاق المبلط الذي يتجه شمالا من وسط الحابوسة ،
ثمة رجل يمشي الهوينا ، قادما الى الحابوسة من بيته ،
إنه المواطن ( ملحم الحميدي ) وكان قد أضاع في الوديان الشرقية منذ سنين مضت كديشا أسودا ذو همة وإقتدار ، وبحث عنه كثيرا ولم يجده ،
عندما وصل ملحم إلى الحابوسة راعه منظر الخيول المجتمعة ،
في بازارها المنعقد بين الناس ،
وبغريزته البسيطة تعرف على كديشه الأسود الضائع منذ سنوات ،
وشهد عليه بعض أصدقائه وجيرانه ،
وحدثت بلبلة مع أبو عمر راعي الخيول ،
وحلف له بأن هذا الكديش هو له ، وقد ضاع منذ بعض السنين ، وأبو عمر يورد لهم من أين إستحوز عليه بالمال ،
وبعد جدل وحوار ساخن ،
تدخل أحد العقلاء ، وقال للجميع :
إذا كان هذا الكديش للحج ملحم ، فإن ذلك سيظهر ،
وقد فوض من قبل الجميع لحل هذه المشكلة ،،
فجلبه إلى تم الزقاق المبلط المؤدي لبيت الحج ملحم ، وضربه ،،،
فتوجه الكديش شمالا ،،،
وسار بهدوء ،،
والناس تتبعه من الخلف ،،
الى أن وصل الى مفترق زقاقين ، فتوجه بالزقاق الصحيح ،
وعندما وصل إلى دار الحج ملحم ،توجه الى باب قبوهم ،
وكان ينزل بدرجات قليلة خفيفة ،
ودفع بابه ودخل إلى جرنه القديم ،،
فضج الناس الحاضرين بالتصفيق ،
وعلت زغرودة من زوجة الحج ملحم ،،
فالآن حصحص الحق وظهر ،،
وقد عرف الكديش الأسود جرنه القديم بعد أن غاب عنه سنين عديدة ،
مصطفى رعدون
Jabber Ahmad، مصطفى رعدون
- هاشم قاسم
سرد جميل لحكاية واقعية من الماضي البسيط الجميل والاجمل المسميات كما هي ذكريات لا يمحوها النسيان الله يديم عليك الصحة والعافية تحياتي العاطرة أبا شام