"أرض الانتقام" فيلم جزائري يبحث عن العدالة المفقودة في مهرجان القاهرة السينمائي
الفيلم من بطولة سمير الحكيم ومحمد موفق ومحمد تكيرات وزهرة فيضي وحميد كريم، ومن تأليف وإخراج أنيس جعاد.
السبت 2024/11/23
ShareWhatsAppTwitterFacebook
اهتمام بتفاصيل الشخصية وتعابيرها
يعالج الفيلم الجزائري “أرض الانتقام” للمخرج أنيس جعاد قضية العلاقات العائلية المتشابكة والبحث عن العدالة ويبعث برسالة أمل مفادها أن النهايات غالبا ما تكون سعيدة، مع التأكيد على أن الانتقام لا يؤدي إلى نتائج محمودة.
القاهرة - عندما يفقد الإنسان كرامته الاجتماعية وتهدر سنين عمره وراء القضبان ربما لا يجد سوى الانتقام سبيلا لاسترداد بعض مما سلب منه، لكن الفيلم الجزائري “أرض الانتقام” يسير عبر طريق مختلف لتصفية حسابات الماضي والوصول إلى عدالة ربما تتحقق وربما لا.
الفيلم من بطولة سمير الحكيم ومحمد موفق ومحمد تكيرات وزهرة فيضي وحميد كريم، ومن تأليف وإخراج أنيس جعاد.
وهو ثاني الأفلام الروائية الطويلة للمخرج الذي يملك أيضا في رصيده مجموعة من الأفلام القصيرة، وينافس الفيلم ضمن مسابقة “آفاق السينما العربية” في الدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي يختتم فعالياته الجمعة.
واستهل المخرج العمل بمشهد للبحر وأنهاه بنفس المشهد كذلك، ليبعث رسالة أمل للمشاهد الذي يحظى طيلة عمر العمل برحلة ممتعة في طبيعة مستغانم الخلابة.
ويسرد الفيلم في 96 دقيقة قصة جمال الذي خرج من السجن عاقدا آماله على تلقي مبلغ من المال من رئيسه السابق في العمل مقابل دخول السجن بدلا منه، لكنه يتلقى الصدمة الأولى حينما يعود إلى منزله فيجد زوجته مريم قد هجرته واستولت على حساباته البنكية واختفت مع ابنهما عادل بلا أثر.
أنيس جعاد: الفيلم "تجربة أخرى عن الانتقام، ليس الانتقام العنيف… نوع آخر من الانتقام"
ولا يجد جمال خيارا إلا التوجه إلى بيت أخته يامنة للعيش معها حتى يحل أزمته، ويتوجه بالفعل إلى رئيسه في العمل الذي يعده بسداد ما عليه من المال، إلا أنه لا يفي بوعده.
تنصحه يامنة بالتخلي عن هذا المال لأنه “مال حرام” لكنه يقرر ترك حياة المدينة والعودة إلى قريته الريفية التي نشأ فيها للبحث عن زوجته وكذلك لتصفية حسابات قديمة مع أشخاص من قريته.
ووسط هذا النسج الدرامي، عالج المخرج مسألة العلاقات العائلية والميراث الذي يسبب العداوات بين الأسر، وأظهر جانبا من مشكل الفساد الإداري الذي أساسه الرشوة والابتزاز، إذ قدم الفنان محمد تكيرات دور “قادة” الذي تلقى رشوة من جمال عند استلام ملف الترخيص، ولكنه لم ينجز شيئا لأن التوقيع بيد المدير غريم البطل.
ويلعب “قادة” دورا مهما في كشف حقيقة المسؤول ابن عم جمال، ويكون له الفضل لاحقا في معرفة مصير زوجته السابقة، التي تقرر العودة إلى جمال، لتنهي دوامة الانتقام، فيعود الأمل من جديد إلى قلب الرجل الذي يستقر أخيرا رفقتها هي وابنه في أرضه.
ورغم أن العمل صور جانبا من واقع يعيشه البعض، إلا أن المخرج أراد أن يبعث برسالة أمل مفادها أن النهايات غالبا ما تكون سعيدة، مع التأكيد على أن الانتقام لا يؤدي إلى نتائج محمودة. ونقل هذه الرسالة بتصوير متقن قارب الجانب السياحي لمستغانم من بحرها وسهولها وغاباتها، والأجمل هو مرافقة هذه الجمالية الفنية بمقاطع غنائية لعميد الأغنية البدوية “الجيلالي عين تادلس”، ومقاطع من أشهر أغنية عن المدينة وهي “صلامان وبرد الحال”.
وعن فكرة الفيلم، قال المخرج أنيس جعاد قبل العرض إن الفيلم “تجربة أخرى عن الانتقام، ليس الانتقام العنيف… نوع آخر من الانتقام.”
وذكر باللغة الفرنسية في حلقة نقاشية عقب الفيلم أنه يكتب استنادا إلى الموسيقى التي يستمع إليها وأنها “المحرك” الرئيسي لتفكيره في القصة والأحداث في أفلامه، وذلك عند سؤاله عما إذا كان هناك تماس بين هذا الفيلم والفيلم الأميركي الشهير “الأب الروحي” (ذا جاد فاذر) لاستخدامه موسيقى الفيلم التي وضعها نينو روتا.
أما عن أسلوب جعاد في الاعتماد على الكاميرا الثابتة “ستيدي كام” في تصوير معظم المشاهد، فقال إنه متأثر بالمدارس السينمائية الإيرانية والروسية وإن هذا الأسلوب مستخدم في معظم أفلامه، وإنه يدري أن البشر يتحركون في المطلق “لكننا كمشاهدين في حالة أكثر ثباتا.”
المخرج عالج مسألة العلاقات العائلية والميراث الذي يسبب العداوات بين الأسر
وأضاف أنه يفضل هذا الأسلوب لأنه يتيح للممثلين فرصة ومساحة للتصرف بطبيعية وراحة أكثر للتعبير عما يشعرون به أمام الكاميرا، لأن كثرة الحركة قد تلهيهم عن التركيز على الإحساس والدور.
ويختار الفيلم التقشف في الحوار، والاهتمام بتفاصيل الشخصية وتعابيرها، من غير إسهاب في الكلام والشرح، تاركا للمشاهد محاولة التنبؤ بردود أفعال شخصياته، مع إتاحة أدوات له بين الحين والآخر، لتساعده على إدراك نفسياتهم ودوافعهم.
وتحدث الممثل سمير الحكيم الذي جسد شخصية البطل قائلا قبل عرض الفيلم إن الدور “عنده مكان عزيز في قلبي لأنه أول دور رئيسي… في الكاريير تاعي (مسيرتي المهنية).”
وأضاف أن شخصية جمال “معقدة كتير لأنه لما خرج من السجن خرج من أجل تحقيق أهداف… فقد مكانته في المجتمع… بالتالي خرج باش (من أجل) يحقق أهداف، لكن أهداف ما قدرش يحققها، بالتالي إحنا في حلقة مغلقة. جمال لما انتهى الفيلم بدأ من البداية.”
وشارك هذا الفيلم، في المسابقة الرسمية من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، الذي عقدت دورته الـ12 ما بين 4-10 أكتوبر الماضي، وتوج بطله سمير الحكيم بجائزة أفضل ممثل في المهرجان الذي عاد بعد 6 سنوات من الغياب، إلى هذه المدينة الساحلية الباهية، كما يطلق عليها.
وعُرض “أرض الانتقام” في المسابقة الرئيسية للأفلام الروائية الطويلة مع 11 فيلما عربيا، متنافسا مع فيلم آخر من الجزائر، وأفلام من العراق وموريتانيا والأردن والسعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة ولبنان واليمن وتونس.
أما مخرج الفيلم وكاتبه أنيس جعاد، فهو أيضا صحفي وروائي، وقد أخرج 4 أفلام قصيرة، وفيلما روائيا طويلا واحدا عام 2021، وهو “الحياة ما بعد”، ويدور حول قصة هاجر وابنها اللذين يحاولان إعادة بناء حياتهما ونفسيهما، بعد اغتيال الزوج على يد جماعة إرهابية.
هذا الوضع الاجتماعي الجديد، وحالة الأرملة المتواضعة في قريتها النائية غربي البلاد، يضعانها في مواجهة كل صعوبات الحياة الجديدة. وقد نال الفيلم جائزة العمل الأول في مهرجان قرطاج.
ShareWhatsAppTwitterFacebook
الفيلم من بطولة سمير الحكيم ومحمد موفق ومحمد تكيرات وزهرة فيضي وحميد كريم، ومن تأليف وإخراج أنيس جعاد.
السبت 2024/11/23
ShareWhatsAppTwitterFacebook
اهتمام بتفاصيل الشخصية وتعابيرها
يعالج الفيلم الجزائري “أرض الانتقام” للمخرج أنيس جعاد قضية العلاقات العائلية المتشابكة والبحث عن العدالة ويبعث برسالة أمل مفادها أن النهايات غالبا ما تكون سعيدة، مع التأكيد على أن الانتقام لا يؤدي إلى نتائج محمودة.
القاهرة - عندما يفقد الإنسان كرامته الاجتماعية وتهدر سنين عمره وراء القضبان ربما لا يجد سوى الانتقام سبيلا لاسترداد بعض مما سلب منه، لكن الفيلم الجزائري “أرض الانتقام” يسير عبر طريق مختلف لتصفية حسابات الماضي والوصول إلى عدالة ربما تتحقق وربما لا.
الفيلم من بطولة سمير الحكيم ومحمد موفق ومحمد تكيرات وزهرة فيضي وحميد كريم، ومن تأليف وإخراج أنيس جعاد.
وهو ثاني الأفلام الروائية الطويلة للمخرج الذي يملك أيضا في رصيده مجموعة من الأفلام القصيرة، وينافس الفيلم ضمن مسابقة “آفاق السينما العربية” في الدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي يختتم فعالياته الجمعة.
واستهل المخرج العمل بمشهد للبحر وأنهاه بنفس المشهد كذلك، ليبعث رسالة أمل للمشاهد الذي يحظى طيلة عمر العمل برحلة ممتعة في طبيعة مستغانم الخلابة.
ويسرد الفيلم في 96 دقيقة قصة جمال الذي خرج من السجن عاقدا آماله على تلقي مبلغ من المال من رئيسه السابق في العمل مقابل دخول السجن بدلا منه، لكنه يتلقى الصدمة الأولى حينما يعود إلى منزله فيجد زوجته مريم قد هجرته واستولت على حساباته البنكية واختفت مع ابنهما عادل بلا أثر.
أنيس جعاد: الفيلم "تجربة أخرى عن الانتقام، ليس الانتقام العنيف… نوع آخر من الانتقام"
ولا يجد جمال خيارا إلا التوجه إلى بيت أخته يامنة للعيش معها حتى يحل أزمته، ويتوجه بالفعل إلى رئيسه في العمل الذي يعده بسداد ما عليه من المال، إلا أنه لا يفي بوعده.
تنصحه يامنة بالتخلي عن هذا المال لأنه “مال حرام” لكنه يقرر ترك حياة المدينة والعودة إلى قريته الريفية التي نشأ فيها للبحث عن زوجته وكذلك لتصفية حسابات قديمة مع أشخاص من قريته.
ووسط هذا النسج الدرامي، عالج المخرج مسألة العلاقات العائلية والميراث الذي يسبب العداوات بين الأسر، وأظهر جانبا من مشكل الفساد الإداري الذي أساسه الرشوة والابتزاز، إذ قدم الفنان محمد تكيرات دور “قادة” الذي تلقى رشوة من جمال عند استلام ملف الترخيص، ولكنه لم ينجز شيئا لأن التوقيع بيد المدير غريم البطل.
ويلعب “قادة” دورا مهما في كشف حقيقة المسؤول ابن عم جمال، ويكون له الفضل لاحقا في معرفة مصير زوجته السابقة، التي تقرر العودة إلى جمال، لتنهي دوامة الانتقام، فيعود الأمل من جديد إلى قلب الرجل الذي يستقر أخيرا رفقتها هي وابنه في أرضه.
ورغم أن العمل صور جانبا من واقع يعيشه البعض، إلا أن المخرج أراد أن يبعث برسالة أمل مفادها أن النهايات غالبا ما تكون سعيدة، مع التأكيد على أن الانتقام لا يؤدي إلى نتائج محمودة. ونقل هذه الرسالة بتصوير متقن قارب الجانب السياحي لمستغانم من بحرها وسهولها وغاباتها، والأجمل هو مرافقة هذه الجمالية الفنية بمقاطع غنائية لعميد الأغنية البدوية “الجيلالي عين تادلس”، ومقاطع من أشهر أغنية عن المدينة وهي “صلامان وبرد الحال”.
وعن فكرة الفيلم، قال المخرج أنيس جعاد قبل العرض إن الفيلم “تجربة أخرى عن الانتقام، ليس الانتقام العنيف… نوع آخر من الانتقام.”
وذكر باللغة الفرنسية في حلقة نقاشية عقب الفيلم أنه يكتب استنادا إلى الموسيقى التي يستمع إليها وأنها “المحرك” الرئيسي لتفكيره في القصة والأحداث في أفلامه، وذلك عند سؤاله عما إذا كان هناك تماس بين هذا الفيلم والفيلم الأميركي الشهير “الأب الروحي” (ذا جاد فاذر) لاستخدامه موسيقى الفيلم التي وضعها نينو روتا.
أما عن أسلوب جعاد في الاعتماد على الكاميرا الثابتة “ستيدي كام” في تصوير معظم المشاهد، فقال إنه متأثر بالمدارس السينمائية الإيرانية والروسية وإن هذا الأسلوب مستخدم في معظم أفلامه، وإنه يدري أن البشر يتحركون في المطلق “لكننا كمشاهدين في حالة أكثر ثباتا.”
المخرج عالج مسألة العلاقات العائلية والميراث الذي يسبب العداوات بين الأسر
وأضاف أنه يفضل هذا الأسلوب لأنه يتيح للممثلين فرصة ومساحة للتصرف بطبيعية وراحة أكثر للتعبير عما يشعرون به أمام الكاميرا، لأن كثرة الحركة قد تلهيهم عن التركيز على الإحساس والدور.
ويختار الفيلم التقشف في الحوار، والاهتمام بتفاصيل الشخصية وتعابيرها، من غير إسهاب في الكلام والشرح، تاركا للمشاهد محاولة التنبؤ بردود أفعال شخصياته، مع إتاحة أدوات له بين الحين والآخر، لتساعده على إدراك نفسياتهم ودوافعهم.
وتحدث الممثل سمير الحكيم الذي جسد شخصية البطل قائلا قبل عرض الفيلم إن الدور “عنده مكان عزيز في قلبي لأنه أول دور رئيسي… في الكاريير تاعي (مسيرتي المهنية).”
وأضاف أن شخصية جمال “معقدة كتير لأنه لما خرج من السجن خرج من أجل تحقيق أهداف… فقد مكانته في المجتمع… بالتالي خرج باش (من أجل) يحقق أهداف، لكن أهداف ما قدرش يحققها، بالتالي إحنا في حلقة مغلقة. جمال لما انتهى الفيلم بدأ من البداية.”
وشارك هذا الفيلم، في المسابقة الرسمية من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، الذي عقدت دورته الـ12 ما بين 4-10 أكتوبر الماضي، وتوج بطله سمير الحكيم بجائزة أفضل ممثل في المهرجان الذي عاد بعد 6 سنوات من الغياب، إلى هذه المدينة الساحلية الباهية، كما يطلق عليها.
وعُرض “أرض الانتقام” في المسابقة الرئيسية للأفلام الروائية الطويلة مع 11 فيلما عربيا، متنافسا مع فيلم آخر من الجزائر، وأفلام من العراق وموريتانيا والأردن والسعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة ولبنان واليمن وتونس.
أما مخرج الفيلم وكاتبه أنيس جعاد، فهو أيضا صحفي وروائي، وقد أخرج 4 أفلام قصيرة، وفيلما روائيا طويلا واحدا عام 2021، وهو “الحياة ما بعد”، ويدور حول قصة هاجر وابنها اللذين يحاولان إعادة بناء حياتهما ونفسيهما، بعد اغتيال الزوج على يد جماعة إرهابية.
هذا الوضع الاجتماعي الجديد، وحالة الأرملة المتواضعة في قريتها النائية غربي البلاد، يضعانها في مواجهة كل صعوبات الحياة الجديدة. وقد نال الفيلم جائزة العمل الأول في مهرجان قرطاج.
ShareWhatsAppTwitterFacebook