"فن السيرة وأثره في الرواية المصرية" يكشف أنواع السير

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "فن السيرة وأثره في الرواية المصرية" يكشف أنواع السير

    "فن السيرة وأثره في الرواية المصرية" يكشف أنواع السير


    محمد السيد عيد يؤرخ لأحد أهم فنون السرد العربي.
    الأحد 2024/11/24
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    السيرة الشعبية درس في صناعة البطل (لوحة للفنان محمد عبلة)

    برع العرب في كتابة السير بأشكال مختلفة، وربما يعود ذلك إلى السيرة النبوية التي ألهمت الكثيرين لكتابة أنواع أخرى من السير، منها السير التاريخية مرورا بالسير الشعبية ووصولا إلى السير الذاتية والغيرية وحتى تلك التي تتناول شخصيات لا ملامح أو أفعال بطولة لها. لكن تبقى السير من أكثر الفنون تأثيرا في السرد الروائي.

    يقسم الناقد والسيناريست محمد السيد عيد كتابه “فن السيرة وأثره في الرواية المصرية” إلى السيرة النبوية، والسيرة التاريخية، والسيرة الشعبية، والسيرة الذاتية، وسيرة الإنسان العادي والهامشي.

    وينتقي لكل سيرة ما يناسبها من كتب وروايات للدلالة على ما يذهب إليه بشأن هذا التقسيم الذي أراه منطقيا ومواكبا للتسلسل الزمني الذي اتبعه الناقد.
    السيرة التاريخية


    إن السيرة في اللغة هي السنة أو الطريقة والحالة التي يكون عليها الإنسان وغيره. وهي باختصار فن حي، كان ولا يزال وسيبقى مؤثرا في فنون عديدة، ولذا يستحق منا الاهتمام.

    وكان من الطبيعي أن يبدأ عيد بالسيرة النبوية الشريفة، فهي بداية الطريق، وكانت في البداية فرعا من فروع الحديث النبوي، ثم تطور فن كتابة السيرة النبوية حتى وصل إلى ما وصلت إليه. وقد بدأ المسلمون كتابة السيرة النبوية منذ فترة مبكرة، ومن أشهر كتابها عبدالملك بن هشام، واعتنوا بإفراد ما يتعلق بالسير والمغازي في كتب خاصة عنيت بداية بذكر النسب الشريف للرسول، ونبوءات ما قبل الميلاد، ثم مولد النبي، وتربيته بعيدا عن أهله، وطفولته غير العادية، وشبابه غير العادي، وقصة حبه وزواجه من السيدة خديجة التي عاش معها دون أن يتزوج بغيرها، حتى توفاها الله، فحزن عليها حزنا شديدا، وظلت ذكراها تتردد بمنتهى التقدير والوفاء بعد وفاتها.

    كما تتحدث سيرة النبي عن مرحلة النبوة، ونبوءة الوفاة، ويؤكد عيد أن للسيرة النبوية سمة مهمة ترتبط بالطبيعة العربية، وهي سمة الاستشهاد بالشعر، ففي كل مناسبة نجد أحد الأبطال المساهمين في الحدث يلقي شعرا حول المناسبة، وسواء أكان هذا الشعر قد قيل ممن ينسب إليه أم لا، فالمهم أن الجمع بين الشعر والنثر يعتبر سمة من سمات السيرة، وهي التقاطة جيدة من المؤلف في محاولة منه لتأصيل هذا الأمر في السيرة العربية بصفة عامة.

    الكتاب يؤصل ويؤرخ لفن السيرة الذي يعد من أهم الفنون الروائية منذ أن بزغ فجر الرواية العربية

    وقبل أن نغادر السيرة النبوية أريد أن أوضح أن بنت الشاطئ (د. عائشة عبدالرحمن) رأت أن “على هامش السيرة” للدكتور طه حسين تعد رواية مكتملة الأركان وعظيمة.

    أما السيرة التاريخية فيؤكد عيد أنها فن نشأ في حضن الحديث النبوي، غير أنه لم يعد فيها مكان كبير للحديث عن المعجزات والنبوءات بل صارت أكثر ارتباطا بالوقائع التاريخية. والشيء الذي ميز بين السيرة النبوية والسيرة التاريخية هو الموضوع، فلم يعد الموضوع في السير التاريخية يتعلق بشخصية أو حياة النبي محمد، بل صار يتعلق بشخصية أو حياة أحد الخلفاء أو الحكام أو السلاطين، ممن يسوسون أمور البلاد والعباد، أو العلماء، أو الشخصيات التي تلعب أدوارا مهمة في المجتمع.

    وبناء على ذلك يتعرض عيد إلى كتاب “سيرة عمر بن عبدالعزيز” باعتباره نموذجا للسير التاريخية المبكرة، وهو من تأليف أبي عبدالله محمد بن عبدالحكم، وتحقيق أحمد عبيد.

    وقد لاحظ المؤلف أن اللغة في “سيرة عمر بن عبدالعزيز” لا تختلف عن لغة السيرة النبوية، من حيث بعدها عن الصنعة والتكلف. لكن “سيرة عمر بن عبدالعزيز” تخلو من الشعر تقريبا، بحيث لا يمكننا القول إن عبدالحكم جمع بين الشعر والنثر.

    وهناك “سيرة صلاح الدين” لبهاء الدين بن شداد، ويرى المؤلف أنها من أدق ما عرفنا عن هذا البطل وأفعاله وأحداث عصره. وهي لا تسجل حياة صلاح الدين، ووقائع عصره التي كانت من أهم وقائع ذاك الزمان فقط، بل إنها تسجل لنا أيضا الحياة السياسية والعسكرية لهذا العصر، كما تبين لنا الكثير من العادات الاجتماعية للفترة الأيوبية، وتسجل أسماء ملوك الفرنجة، والصراع بينهم، وبعض عاداتهم.

    وهنا يصل المؤلف إلى نتيجة مهمة، مؤداها أن السيرة صارت جزءا من تراث المسلمين التاريخي بعد أن كانت جزءا من تراثهم الديني وحده، وأنها قطعتْ شوطا كبيرا في تطور الكتابة التاريخية، بحيث إن السير التي حفظها لنا التاريخ استطاعت أن تكون وثائق تاريخية معتبرة حتى الآن.

    السيرة الشعبية فن عربي، عبرت فيه الأمة عن حلمها بالبطل الذي تريده مستفيدة من السيرة النبوية في بنائها

    غير أن هناك كتاب سيرة اتخذوا من الخيال والاختراع والتلفيق طريقا لنفاق حاكم معين مثل كتاب بدر العيني المسمى “السيف المهند في أخبار الملك المؤيد” التي يمكن القول إنها سيرة افتراضية صنع لها كاتبها إطارا فضفاضا من التاريخ والخيال، رغم عدم وجود وقائع تاريخية حقيقية في معظم ما كتبه.

    ويخلص عيد إلى أن السيرة التاريخية نشأت نشأة عربية إسلامية خالصة، في ظل السيرة النبوية والحديث الشريف، لكنها طورت نفسها بحيث صارتْ فنا له تميزه.

    أما السيرة الشعبية فقد استفادت أيضا من السيرة النبوية استفادة هائلة، ومن نماذج أبطالها: بطل السيرة المقاتل مثل عنترة بن شداد، والبطل الصوفي مثل الحلاج، والنموذج الجامع بين الاثنين مثل علي بن أبي طالب.

    وفي السيرة الشعبية يكون التركيز على النسب، ونبوءات المولد، ومولد البطل، والطفولة غير العادية، ومرحلة الشباب، وقصة الحب، ونبوءة الموت، وهي تقريبا نفس مراحل السيرة في السيرة النبوية، وفيها أيضا ملامح من السيرة التاريخية.

    وقد لاحظ المؤلف أن البطل في السيرة الشعبية ليس بشرا سويا، بل تميزه عن غيره قدرات جسدية، أو روحية خارقة، مثل عنترة بن شداد، والسيد البدوي، وذي النون المصري، وهكذا نجد أن السير الشعبية تتداخل مع الأساطير لتصبحا في النهاية أشبه بدائرتين متقاطعتين.

    ويخلص المؤلف إلى أن السيرة الشعبية فن عربي، عبرت فيه الأمة عن حلمها بالبطل الذي تريده مستفيدة من السيرة النبوية في بنائها، مضيفة إليها، ومطورة لنموذجها.
    السيرة والدراما




    لئن كانت السير السابقة سيرا غيرية، أي يكتبها كاتب عن شخصية أخرى، غيره، فإن السير الذاتية هي التي يكتبها أصحابها عن أنفسهم، مثل “المنقذ من الضلال” لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي. وابن خلدون في رحلته شرقا وغربا (وهنا نتذكر ابن بطوطة أيضا في رحلته).

    ومن خلال ما سبق نستطيع أن نتساءل عن العلاقة بين السيرة والدراما، والعلاقة بين رواية السيرة التاريخية والسيرة التاريخية نفسها.

    ويوضح عيد أن السيرة تختلف عن الدراما من حيث البناء، فالسيرة تقوم على الكتابة عن الشخصية لا عن فعل واحد، كما هو الحال في الدراما، وتختلف السيرة أيضا عن الدراما من حيث البناء، فالبناء الدرامي يعتمد على فعل واحد تام له مقدمة ووسط ونهاية، وينتظم هذا كله حبكة بسيطة أو مركبة من خلال أشخاص يفعلون.

    كما أن السير التاريخية المكتوبة روائيا تختلف عن السير التي يكتبها المؤرخون، وعن هذا الحياد الذي قد يلتزم به المؤرخ، وهذا أمر صعب بالنسبة إلى كاتب رواية السيرة الذي يتناول شخصية تاريخية، لأنه منحاز بالضرورة، وهذا الانحياز يبدأ منذ لحظة اختيار الشخصية التي سيكتب سيرتها.

    في الباب الثاني -من الكتاب الذي صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب وجاء في 300 صفحة- يتوقف المؤلف عند السيرة والأدب الروائي، وفي مجال السيرة التاريخية وجدنا نماذج الشخصية التاريخية موضوعا لرواية تقليدية مثل معظم روايات باكثير وسعيد العريان وعلي الجارم، كما أن هناك الشخصية التاريخية باعتبارها موضوعا لرواية تجريبية مثل “الزيني بركات” للغيطاني، و”الجد الأكبر منصور” لمحمد الرواي. وهنا يوضح عيد أن الروائيين قد لا يلتزمون عند كتابتهم لإحدى السير بذكر تفاصيل حياة البطل كاملة، بل قد يسقط الواحد منهم ما يتعلق بالنسب، أو المولد أو ينتهي بالسيرة، وقبل وفاة البطل، لأن الروائي يعبر عن رؤية فنية، وسيختار من سيرة الشخصية التاريخية ما يبرز هذه الرؤية ويسقط ما عداها.

    في مجال الشخصية التاريخية موضوعا لسيرة تقليدية، أشار المؤلف إلى روايات محمد سعيد العريان (1905 – 1964): قطر الندى، وعلى باب زويلة، وبنت قسطنطين، وشجرة الدر، ونلاحظ أن ثلاثا من هذه الروايات معنونة بأسماء نساء من التاريخ.

    وقد توقف المؤلف بالعرض والتحليل والنقد عند رواية “شجرة الدر” فيبدأ بالتعريف ببطلة العمل وخلفيتها التاريخية، ثم يتحدث عنها كشخصية روائية، حيث كانت هي الشخصية المحورية في الرواية، ولم تبتعد كثيرا عن الصورة التي جاءت في كتب التاريخ.

    وبخصوص الشخصية التاريخية موضوعا لسيرة تجريبية يتناول رواية “الزيني بركات” لجمال الغيطاني التي استلهم فيها شكل السيرة التاريخية. ورواية “الجد الأكبر منصور” لمحمد الراوي الذي ينطلق من عالم الصوفية إلى عالم الأسطورة، وقد لاحظ عيد أن الراوي استعان في مواضع عديدة بنصوص للنفري وجلال الدين الرومي في اعتماده على سيرة الحلاج، ولكن بصورة تجريبية، حيث لم نجد التزاما بسمات السيرة التاريخية المعروفة، بل وجدنا حركة واسعة في شكل السيرة.

    ليست السيرة مثل الدراما، إنهما مختلفتان في البناء؛ فالسيرة تقوم على الكتابة عن الشخصية لا عن فعل واحد

    وفي مجال السيرة الشعبية تحدث المؤلف عن رواية “ذات الهمة” لعباس خضر، وهي سيرة امرأة بطلة، ومن النوادر أن تكون بطلة السيرة امرأة. وقد قدمها خضر في ثوب عصري والتزم إلى حد بعيد بشخصيات السيرة وأحداثها.

    وفي الروايات التي تستلهم شخصية بطل السيرة الشعبية وأعمالها البطولية تناول روايتي فاروق خورشيد عن علي الزيبق، وهما: علي الزيبق، وملاعيب علي الزيبق. وفي الرواية الأولى تتفق الأحداث اتفاقا كبيرا مع أحداث السيرة، مع بعض التعديلات.

    والمؤلفات التي تستلهم السيرة الشعبية من ناحية الشكل فقط، تقدم روايات عن أبطال ليسوا هم أبطال السيرة المعروفين مثل رواية “سيرة الشيخ نورالدين” لأحمد شمس الدين الحجاجي التي تحمل الجانب الملحمي. في هذه الرواية لا نرى نورالدين وحده، بل نرى مصر كلها، وما طرأ عليها من تغيرات. ويرى عيد أن “سيرة الشيخ نورالدين” عمل روائي فذ، لم تشهد حياتنا الثقافية مثله منذ فترة غير قصيرة.

    في مجال السيرة الذاتية تناول المؤلف السيرة الذاتية لشخصية حقيقية، مثل “عودة الروح” لتوفيق الحكيم التي نرى فيها شخصية حميدة العالمة، ونلاحظ أن هذا الاسم (حميدة) تكرر عند نجيب محفوظ في زقاق المدق، وكانت حميدة هي الموديل الشعبي الرئيسي في عدد من لوحات رائد الفن التشكيلي محمود سعيد. وربما نجده في أعمال أخرى أيضا. ويشير محمد السيد عيد إلى أن فكرة “الكل في واحد” هي الفكرة المركزية المسيطرة على هذه الرواية، ابتداء من الاقتباس الذي أخذه الحكيم من نشيد الموتى عند الفراعنة وحتى حديث الطبيب للجماعة في آخر صفحة من الرواية.

    ويخلص عيد إلى أن الحكيم قدم لنا جزءا من سيرته الذاتية عبر تلك الرواية واعتمد على شخصيات حقيقية عرفها واحتك بها، وعلى أحداث حقيقية عاصرها، لكنه لم يقدم تسجيلا لحياته، بل قدم عملا فنيا جميلا، وقدم وأخر وغير وبدل وحذف وأضاف، لكنه في النهاية قدم عملا فنيا متميزا.

    السيرة التاريخية نشأت نشأة عربية إسلامية خالصة، في ظل السيرة النبوية والحديث الشريف، لكنها طورت نفسها بحيث صارتْ فنا له تميزه

    أما السيرة الذاتية المتخيلة لشخصية حقيقية فقد مثلتها رواية “من أوراق أبي الطيب المتنبي في مصر” لمحمد جبريل في شكل روائي مبتكر. ويرى عيد أن جبريل كان يريد بحكاياته عن المتنبي في هذه الرواية أن يعبر عن رأيه في ما فعله أنور السادات مع الإسرائيليين، بعد أن حاربهم وانتصر عليهم، وأنه -أي جبريل- يكرر ما فعله أمل دنقل في قصيدته الشهيرة “من مذكرات المتنبي في مصر” التي كتبها عام 1968 للتعبير عن رأيه في جمال عبدالناصر بعد هزيمة يونيو 1967. ومما يحسب لجبريل -وفق عيد- أنه قدم الشخصية المركبة لبطل سيرته.

    بينما السيرة الذاتية المتخيلة لشخصية خيالية تمثلها رواية “عزازيل” ليوسف زيدان التي تتحدث عن راهب عاش في عصر الصراع بين المسيحية والوثنية متمثلة في بقايا مكتبة الإسكندرية، وصراع المذاهب المسيحية بعضها ضد بعض. وقدمت لنا الرواية شخصية ابتكرها خيال كاتبها.

    وهناك أيضا روايات تحكي سيرة الإنسان العادي أو الإنسان المعاصر في كفاحه اليومي، ومن أمثلة ذلك: “حضرة المحترم” لنجيب محفوظ، التي يرى عيد أن هناك بعض وجوه الشبه بين بطلها عثمان بيومي وبين نجيب محفوظ نفسه. إن الرواية تعبر عن صراع بين البطل ونفسه. ويخلص عيد إلى أننا أمام رواية استلهمت السيرة باعتبارها تروي قصة حياة إنسان كاملة، إلا أنها استعاضت عن البطل التاريخي والبطل الشعبي، ببطل من زماننا، بطل من الطبقة الدنيا كافح ليكون من الطبقة الوسطى، ولم تخل السيرة من مغزى فلسفي، يقول إن الحياة عبث.

    وفي رواية “الأفندي” لمحمد ناجي استطاع الكاتب تقديم سيرة حياة إنسان عادي، من عصرنا، صور فيها فترة مهمة من عمر الوطن، وبين التغيرات التي أصابت المجتمع من جرائها، وهذا يبين قدرة شكل السيرة على التعبير.

    ويختتم محمد السيد عيد كتابه بنموذج فريد بين السير، يسخر من فن السيرة، ومن سيرة الإنسان العادي، وسيرة البطل التاريخي أيضا، ويقدم لنا سيرة إنسان هامشي مفعول به لا يفعل أي شيء أبدا، وهي رواية “التاريخ السري لنعمان عبدالحافظ” لمحمد مستجاب، التي استخدم فيها الكاتب أسلوب المناقشات والتقرير، وقال المؤلف إن هذا يعتبر شيئا جديدا أو نادرا في الرواية المصرية.
    ملاحظات شكلية




    لي بعض الملاحظات التي أريد أن أتوقف عندها في نهاية هذا العرض لكتاب “فن السيرة وأثره في الرواية المصرية” لمؤلفه محمد السيد عيد.

    – في ص 28 قال المؤلف عن الرباب وهي حامل بولدها جندبة إنها رأت نارا تخرج من بطنها، وشبهها في ذلك بالسيدة آمنة والدة الرسول محمد، في حين أنه من المعروف أن السيدة آمنة رأت نورا لا نارا أثناء حملها للنبي محمد، وهو ما يذكره المؤلف نفسه في ص 14 بأن السيدة آمنة رأت -حين حملت به (أي الرسول)- أنه خرج منها نور رأت به بصرى من أرض الشام.

    – في ص 57 ضرب الكاتب المثل برواية “من أوراق أبي الطيب المتنبي في مصر” على أنها من روايات السيرة الذاتية المتخيلة لشخصية حقيقية، وأنا أعتقد أنها سيرة غيرية وليست ذاتية. طبقا للمفهوم نفسه الذي يراه المؤلف، أن رواية السيرة الذاتية تكون عن الشخص نفسه، أما عندما يكتب عن الغير فتكون سيرة غيرية، وفي رواية جبريل كتب عن الغير الذي هو هنا أبو الطيب المتنبي، وليس عن الذات الكاتبة.

    – في ص 72 ذكر الكاتب أن علي سالم كتب مسرحية بعنوان “كوميديا أوديب” وأتذكر أن عنوان هذه المسرحية هو “انت اللي قتلت الوحش”.

    – في ص 96 أحال الكاتب الهامش 7 على الهامش 13، ولا يوجد ذكر للهامش 13 في الكتاب.

    – في ص 138 (السطر الرابع) قال الكاتب “قدم الأسواني” لغة سهلة، وربما يقصد عبدالوهاب الأسواني، أو عباس الأسواني الذي لا يوجد له ذكر في الكتاب، فالحديث كله كان عن عباس خضر الذي كان الفصل مخصصا لمناقشة روايته “ذات الهمة”.

    – في ص 258 يذكر المؤلف أن “نجيب محفوظ متمرس على كتابة الحوار الجيد، فقد كتب الحوار السينمائي ويعرف سمات الحوار القادر على توصيل المعنى،” وما نعرفه هو أن نجيب محفوظ لم يكتب الحوار السينمائي، وإنما كتب السيناريو السينمائي فقط، لأنه لم يكن يريد أن يكتب بالعامية، والحوار في هذه الأفلام يكون أغلبه -إن لم يكن كله- بالعامية المصرية. وسوف نلاحظ أن هناك كاتبا آخر معه هو الذي يكتب الحوار للأفلام التي يكتب لها محفوظ السيناريو، مثل السيد بدير والمخرج صلاح أبوسيف، وأحيانا صلاح جاهين، مثل فيلم “بين السماء والأرض”، وفي فيلم “أنا حرة”، وهو عن رواية إحسان عبدالقدوس، كتب نجيب محفوظ السيناريو وإحسان عبدالقدوس كتب حوار فيلمه. أما فيلم “فتوات الحسينية” فقد كتب السيناريو له نجيب محفوظ، والحوار كان للسيد بدير، وهكذا.

    وعلى الرغم من هذه الملاحظات الشكلية البحتة، فإن كتاب “فن السيرة وأثره في الرواية المصرية” لمحمد السيد عيد يعد من أهم الكتب التي أصّلت وأرّخت وتناولت هذا الفن الذي يعد من أهم الفنون الروائية منذ أن بزغ فجر الرواية العربية سواء على يد محمد حسين هيكل في “زينب” أو غيره من الكتاب والروائيين.

    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    أحمد فضل شبلول
    كاتب مصري
يعمل...
X