ساندرا هولر موهبة ألمانية استثنائية تصل إلى العالمية عن جدارة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ساندرا هولر موهبة ألمانية استثنائية تصل إلى العالمية عن جدارة

    ساندرا هولر موهبة ألمانية استثنائية تصل إلى العالمية عن جدارة


    ممثلة تجسد أدوارها ببراعة ساحرة ووعي كبير.
    الخميس 2024/11/21
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    أداء قوي لممثلة متمكنة

    يسحرنا الأداء التمثيلي المبهر أحيانا لبعض الممثلين، حتى أننا قد ننبهر ونحب شخصيات شريرة وقاسية وبسيكوباثية فقط لأن من أداها قدمها بطريقة ساحرة، وبعيدا عن تقييم ذلك في خانة السلبي أو الإيجابي، فإن الإجماع حاصل حول أهمية أداء الممثلين في نجاح الفيلم. فممثلة مثل الألمانية ساندرا هولر باتت تشكل نقطة فارقة في كل عمل سينمائي تشارك فيه.

    على الرغم من حصولها في العام 2006 على جائزة الدب الفضي لأفضل ممثلة من مهرجان برلين السينمائي عن دورها في فيلم “القداس” للمخرج الألماني هانز كريستيان شميد، والذي أدت فيه دور “ميكاييلا” الفتاة المصابة بالصرع، والتي اعتقد أعضاء الكنيسة في بلدتها أن مسا شيطانيا قد أصابها، إلا أن شهرة الممثلة الألمانية ساندرا هولر، لم تبدأ فعليا إلا في دورها في الفيلم الأماني “توني إيردمان” (2016).

    ترشح فيلم “توني إيردمان” وقتها لجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي ولم يفز بها، وأدت به ساندرا دور إينيس الفتاة التي تعمل في شركة نفط مقرها مدينة بوخارست في رومانيا، وتربطها علاقة سيئة مع والدها مدرس الموسيقى المتقاعد وينفريد أو توني إيردمان (بيتر سيونشيك) الرجل المطلق الذي يعيش لوحده بصحبة كلبته في ألمانيا والتي تقرر ابنته إينيس زيارتهُ فجأة لتنصدم بأسلوب عيشه العبثي غير المنظم الذي يصطدم مع شخصيتها الجادة، مما يضطرها لمغادرة ألمانيا بسرعة والعودة إلى رومانيا حيث عملها، وهي مستاءة مما شاهدتهُ من أبيها.

    تندم إينيس على تلك الزيارة وتعود للانهماك في عملها الذي لا يعنيها غيره في هذه الحياة، محاولة إثبات نفسها من خلاله أكثر بغية الترفع بالمناصب الإدارية، لكن والدها الخائب الحزين يفاجئها بزيارته لها محاولا إصلاح علاقته معها، ترفض وجوده بشدة وتشعر بالخجل من كونها ابنته أمام أصدقائها، الأمر الذي يحزنهُ كثيرا.
    هولر ومهرجان كان


    الممثلة تأتي دائما إلى البلاتوه مهيأة كليا للعمل بطاقة تدفع من يشاركونها إلى تقديم أقصى ما عندهم من أداء

    رغم الإشادة النقدية الكبيرة التي تلقاها هذا الفيلم إلا أنه لم يفز لا بجائزة السعفة الذهبية ولا بغيرها مما أثار تعجب الكثيرين من نقاد السينما لكنهُ توج نقديا وجماهيريا وبقي من أهم الأفلام الأوربية التي ظهرت في العقد الأخير.

    وبعد سبع سنوات على عرض توني إيردمان، وتحديدا في العام 2023 عادت ساندرا هولر للمشاركة في مهرجان كان السينمائي بفيلمين من بطولتها، والفيلمان حازا أهم جائزتين في المهرجان، الأول هو الفيلم الفرنسي “تشريح السقوط” للمخرجة جاستين تريت، في مشاركة هي الثانية لهولر معها في فيلم فالمرة الأولى كانت في فيلمها الكوميدي سيبيل (2019) والذي قالت عنه تريت لمجلة “بروميير” الفرنسية الشهرية بعد انبهارها هي وطاقم العمل بأداء هولر في الفيلم “أعرف أنها ممثلة كبيرة، لكن أداءها في هذا الفيلم يولد عندي شعورا برغبة في التعامل معها في مشاريع مقبلة، إنها تأتي دائما إلى البلاتوه مهيأة كليا للعمل، إلى حد أن الجميع يذهب معها إلى أي مكان من دون حدود.”

    أما الفيلم الثاني التي شاركت به فهو “منطقة الاهتمام” للمخرج البريطاني جوناثان غرايزر، والذي أدت به هولر دور “هيدويغ” زوجة الضابط النازي رودولف هوس، اللذين يعيشان سويا مع أولادهما في بولندا بمنزل قريب من معتقل أوشفتيز الشهير، محاولان هي وزوجها خلق حياة جميلة ومثالية لهما ولأطفالهما داخل هذا المنزل رغم مسؤولية الأب عن ارتكاب المجازر المريعة بحق البشر على بعد أمتار من هذا المكان.

    وعن شخصيتها هذه التي أدتها في الفيلم تقول هولر في الملحق الفني لجريدة “لوسوار”: “هناك أمثلة عدة في التاريخ نشاهد فيها ممثلا يحاول أنسنة شخصية شريرة أو ميكيافيلية، وهذا غير مقبول عندي، لذلك عليّ البحث عن وسيلة تحول دون أن أفعل هذا، عليّ التعامل مع هذه الشخصية بشكل مختلف من الخارج مع مسافة بيني وبينها، لذلك هناك مخاطرة بالعمل في فيلم يتناول المحرقة.”

    وعن اختيار المخرج غلايزر لها ولزميلها لبطولة هذا الفيلم تقول “لقد اختارنا لأننا ألمانيان ولأنه معجب بأدائنا.”

    وقد حصل الفيلم على الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي 2023 وهو فيلمها الثاني الذي يحصل على أهم جائزة في المهرجان بعد أن حصل فيلم “تشريح السقوط” على جائزة السعفة الذهبية في نفس الدورة ونالت عنه جائزة أفضل ممثلة في مهرجان الفيلم الأوربي في نفس العام، وترشحت عن دورها فيه لأهم الجوائز العالمية لفئة أفضل ممثلة في العام 2024 كجائزة غولدين غلوب الأميركية والبافتا البريطانية والأوسكار الأميركية التي تمنحها أكاديمية العلوم والفنون السينمائية في كاليفورنيا لكنها لم تفز بأي منها.
    الأداء المتقن


    هولر أدت دورها في «تشريح السقوط» بإتقان كبير فاستطاعت أن تكون المرأة الصلبة والحنون في الوقت نفسه

    أدت هولر دورها في “تشريح السقوط” بإتقان كبير فاستطاعت أن تكون المرأة الصلبة والحنونة في الوقت نفسه فصلابتها كانت تحتاجها للدفاع عن نفسها أمام المحكمة التي كانت جلساتها بمثابة مكاشفات وتشريح لعلاقة الزوجين من خلال التسجيلات أو بوح ساندرا للأسباب التي أدت لوقوع الخلاف بينهما، أما حنانها فقد احتاجته لمواساة ابنها المصدوم بموت والده بهذه الطريقة وباتهام أمه التي يحبها بمقتله.

    إننا إذا أمام امرأة جبارة وليس من قبيل الصدفة أن تكون هي العمود الصلب الذي يتكئ عليه ذلك المنزل. واستطاعت إدارة شؤونهم فكانت الزوجة والأم لزوجها رغم اتهامه لها بمصادرة وقته وإملاء رؤيتها للعيش عليه، لكنه لم يعرف أن هشاشته لا تحتويها سوى امرأة مثلها.

    ساندرا تعرف أنها بريئة حسب ادعائها لفنست المحامي، لكنها تترك التحقيق يسير بشكله الروتيني فها هم بدأوا بتشويه سمعتها وحاولوا إبعاد ابنها عنها بعد أن جعلوه يستمع إلى حديثها عن علاقتها المضطربة مع والده وقصة محاولة انتحاره بتناول حبوب الأسبرين قبل ستة أشهر، مما زاد من صدمة دانييل الصغير، لكنها مثلما كانت متأكدة من براءتها فإنها أيضا متأكدة من محبة ابنها لها وتعرف أنه لن يصدق كل ما قيل بحقها وبالفعل شهادته الأخيرة ستكون نهاية القضية وإعلان براءة ساندرا فوليبر لتعود وتحتسي كأس النصر كما يقول محاميها فنسان الذي لم يتركها لحظة منذ وفاة زوجها.

    مشهد واحد كان كفيلا بإثارة شكنا في براءتها وإعادة النظر فيها، فعندما تعود إلى المنزل تلك الليلة يكون دانييل نائما على الأريكة فتحمله بيديها وتصعد به على الدرج وتأخذه إلى غرفته، إذن هي تملك قوة بدنية كبيرة تؤهلها لأن تحمل زوجها وترميه من الطابق العلوي للمنزل، لا تقدم جاستين تريت جوابا وتتركنا أمام احتمالات مفتوحة فلا نستطيع أن نحدد إن كان صموئيل قد قتل على يد ساندرا أم انتحر.

    ولدت هولر عام 1978 في ألمانيا الشرقية، وبعد سقوط جدار برلين انتقلت للعيش فيها في عمر السابعة عشرة التحقت بمعهد “إرنست بوش” الشهير لفنون الدراما، حيث أتمت دراستها به، وبعد تخرجها أدت أدوارا مسرحية مهمة في بدايتها أهمها دور “غريتشن” في مسرحية فاوست لغوته، وفي العام 2003 اختارتها مجلة “المسرح اليوم” الألمانية الشهيرة كأفضل ممثلة شابة لذلك العام إلى أن بدأت في العام 2004 بالعمل في السينما الألمانية، لتصبح اليوم من أشهر الممثلات الأوربيات بفضل موهبتها وقدرتها على تجسيد أدوارها ببراعة.


    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    إلياس حموي
    كاتب سوري
يعمل...
X