درس في اليمن وعاش وتوفي في العراق.. جابر بن حيان “أبو الكيمياء” الذي مهّد لاختراع القنبلة الذرية
عاش فترة طويلة من حياته في عاصمة الخلافة العباسية بغداد؛ ويُقال إنّه اضطرّ إلى إفشاء البعض من أسرار تجاربه الكيميائية إلى هارون الرشيد، ووزيره يحيى البرمكي، ما زاد في ثرواتهم المالية.
عربي بوستتم النشر: 2023/02/03م
أول من استخدم الكيمياء عملياً في التاريخ/ مواقع التواصلفي وقتٍ ارتبطت فيه الكيمياء بالكثير من الأساطير والخرافات، جاء جابر بن حيان ليسطّر اسمه كأحد أهم العلماء على مرّ العصور، وأول من استخدم الكيمياء عملياً في التاريخ.
يطلق المؤرخون والعلماء على جابر بن حيان لقب "أبي الكيمياء"؛ فقد كان أول من قام بالتجارب العلمية للتأكد والتحقق من النظريات الكيميائية، التي كانت متداولة في الكتب القديمة، والتي كان الكثير منها عبارة عن دجلٍ وشعوذة.
عمل ابن حيان على تأكيد حقيقتها أو تكذيبها، كما اكتشف الكثير من المواد والعناصر الكيميائية المُستعملة في عصرنا الحديث. فكان أول من اكتشف حمض الكبريتيك، وحمض النيتريك، والأكوا ريجيا، كما كان أول من فصل الزرنيخ والأنتيمون عن الكبريتيدات.
إلى جانب كلّ ذلك، ينظر إليه بعض العلماء على أنه الممهّد الأول لاختراع القنبلة الذرية. ولعلّ هذا ما جعل اسمه خالداً في التاريخ.
اقرأ أيضاً
خطة مضادة من الدعم السريع لمنع تصدير السلع إلى مصر.. لماذا تم إغلاق الحدود الغربية للسودان؟
عودة “شرطة الآداب”.. انقسام في ليبيا حول تصريحات وزير الداخلية، وهذه أبرز المخاوف والأسباب
من هو "أبو الكيمياء" جابر بن حيان؟
اسمه الكامل أبو عبد الله جابر بن حيان بن عبد الله الأزدي. اختلفت الروايات حول تاريخ ومكان ولادته، ولكن أكثرها تداولاً تشير إلى أنه وُلد عام 721 في الكوفة العراقية. وهناك مصادر تقول إنه قد يكون وُلد في حران ببلاد ما بين النهرين (تركيا حالياً)، أو في خراسان (إيران حالياً).
نما بداخله حبّ الطب والصيدلة من والده، حيان بن عبد الله الأزدي، الذي كان يعمل عطاراً صيدلانياً. ووفقاً لموقع إسلام أون لاين،فإنّ أصل جابر بن حيان من اليمن، وقد هاجر والده إلى الكوفة في أواخر عصر الخلافة الأموية.
وتقول المعلومات إنه، عندما ظهرت دعوة العباسيين، ساندهم حيان الوالد؛ فأرسلوه إلى خراسان للمساهمة في نشر دعوتهم، وهناك وُلد جابر بن حيان. ولكن عندما شعر الأمويون بخطر نشاط حيان بن عبد الله الأزدي في بلاد فارس، ألقوا القبض عليه وقتلوه.
فاضطرت عائلة حيان أن تعود إلى قبيلة "الأزد" في اليمن، حيث ترعرع جابر بن حيان، وتعلم اللغة اليمنية القديمة على يد أستاذه حربي الحميري، الذي درّسه أيضاً العلوم الكيميائية والمعادن والرياضيات.
لاحقاً، عندما أطاح العباسيون ببني أمية وسيطروا على الكوفة عام 132هـ، عادت عائلة ابن حيان إلى الكوفة، فانضمّ جابر إلى حلقات الإمام جعفر الصادق الذي تعلم عنده العلوم الشرعية، واللغوية، والرياضيات، إضافةً إلى الفيزياء، والفلك، والطب، والكيمياء.
خلال تلك الفترة، تزوج ابن حيان من فتاةٍ تُدعى "ذهب"، وأنجبا ثلاثة أبناء، هم: موسى، وعبد الله، وإسماعيل.
رسم تصوري لـ"بن حيان"/ مواقع التواصل
تعمّق جابر بن حيان في دراسة علوم الكيمياء، من خلال مؤلفات ومصنفات خالد بن يزيد بن معاوية، حتى نبغ في هذا المجال ووضع أسس الكيمياء الحديثة من دون أي مبالغة. فأُطلق عليه لقب "أبي الكيمياء".
عاش فترة طويلة من حياته في عاصمة الخلافة العباسية بغداد، أثناء حكم هارون الرشيد؛ ويُقال إنّه اضطرّ إلى إفشاء البعض من أسرار تجاربه الكيميائية إلى الخليفة، ووزيره يحيى البرمكي، وابنيه الفضيل وجعفر، ما زاد في ثرواتهم المالية.
في شيخوخته، عاد ابن حيان للعيش بمدينة الكوفة عام 803، عقب "نكبة البرامكة" التي فتك خلالها هارون الرشيد بكل آل برمك ومن والاهم وآواهم، بسبب دسائس ومكائد أوقعت بين الخليفة ووزرائه البرامكة.
هرب جابر بن حيان إلى الكوفة خوفاً من "بطش" الخليفة هارون الرشيد، بحكم العلاقة الوطيدة التي كانت تربطه بآل برمك الفارسيين.
وظلّ العالم الكيميائي الكبير مُرتحلاً بين مدينتي الكوفة وطوس، إلى أن وافته المنية بالمدينة العراقية عن عمر يناهز 95 سنة، وقد مشى في جنازته جمعٌ كبير من العامة والعلماء.
يُقال إنّ الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد قد زار ابن حيان في مدينة طوس، لما كان يبلغ من العمر 93 سنة. وبحسب موقع "أبحاث نت"، فإنّ جابر قال للخليفة وتلميذه عز الدين خلال تلك الزيارة: "خذوا الكتب التي عندي، فلا يهمّني أمرها الآن". فردّ المأمون: "خذها يا عز الدين وضعها في مكتبة بيت الحكمة في بغداد"، ثم قبَّلا جبين ابن حيان وغادرا البيت.