علاقة مصيرية بين تغيرات المناخ والصحة العقلية
تهديد تغير المناخ للعافية النفسية يختلف من الضيق العاطفي إلى القلق والاكتئاب والسلوك الانتحاري.
تغير المناخ يفرض أعباء هائلة على الصحة النفسية
تفاقم أزمة المناخ المشاكل النفسية للأشخاص وقد تصل تلك المشاكل حد التفكير في الانتحار. ويجري توزيع آثار تغير المناخ على الصحة العقلية بشكل غير متكافئ تبعاً لعوامل مثل الحالة الاجتماعية والاقتصادية ونوع الجنس والعمر. ويضاعف تأثير تغير المناخ من الوضع الصعب للغاية أصلاً الذي تشهده الصحة النفسية للأفراد على مستوى العالم.
سانت لوسيا (جزر الكارييبي) - يؤدي تغير المناخ إلى أزمات صحية عقلية ويسرّع القلق البيئي. وتقود الدكتورة إيما لورانس برنامج كلايمات كيرز التابع لكلية لندن الإمبراطورية، وهو مركز مخصص للبحوث حول تغير المناخ في مجال الصحة العقلية. وتحدثت إلى خدمة إنتر برس عن الحاجة إلى معالجة هذا القلق المتزايد.
وقالت إيما لخدمة إنتر برس من منزل عائلتها في أستراليا إن الشباب “يعيشون اليوم حالة غموض هائل بشأن مستقبلهم. وتغير المناخ هو محرك عدم اليقين الرئيسي. لكننا لا نتحدث كما يجب عن كيفية تأثير أزمة المناخ على الصحة العقلية”.
وتسود الأخبار القاتمة كل تقرير مناخي في عصر يحدده القلق البيئي المتزايد. وتقود لورانس الأبحاث في نقطة ملحة لم يهتم بها الكثيرون، وهي تقاطع تغير المناخ والصحة العقلية. ويمتد مسارها الوظيفي من الفيزياء وعلم الأعصاب إلى الصحة العقلية. وتمكّنها خبرتها من تسليط الضوء على طبيعة رفاهية الإنسان وصحة الكوكب المتشابكة والعميقة.
وقالت وهي تتذكر نشأتها في تلال أديلايد في جنوب أستراليا “طالما كنت على اتصال عميق بالطبيعة. لقد نشأت مع الأشجار والكوالا والطيور. لطالما كنت على وعي بعلاقتنا بالطبيعة، كما كان واضحا لي ارتباط صحتنا ورفاهيتنا ارتباطا وثيقا بصحة الكوكب”.
وعملت لورانس في مجال التواصل العلمي وتنقلت عبر أستراليا، حيث نشرت الوعي في المدارس، واستغلت فرص زيارة مجتمعات السكان الأصليين النائية.
وقاد حبّها المبكر لعالم الطبيعة اهتماماتها الأكاديمية في الفيزياء والكيمياء، حيث فهمت مخاطر حرق الوقود الأحفوري وآثاره الكارثية على المناخ. لكن رحلتها لم تقتصر على العلوم البيئية، وشملت تعقيدات الصحة العقلية، وهو مجال شكلته تجربتها الشخصية وأبحاثها الأكاديمية.
النقاط الرئيسية التي تطرق إليها الباحثون خلال هذا الحدث شملت الحاجة إلى الاستثمار في دعم الصحة العقلية المجتمعية
لقد عانت خلال مراهقتها مشاكل نفسية. وشكلت تلك الفترة بعمق نظرتها للعالم وحفزتها على المشاركة في تأسيس جمعية خيرية تُعنى بصحة الشباب العقلية. وأكدت أن هذه المبادرة كانت تهدف إلى تزويد الشباب بمنصة لتبادل قصص الأمل، وتحسيس الذين يواجهون مشاكل بأنهم ليسوا وحدهم.
وصرّحت “شعرت بكون الصحة النفسية والتواصل الاجتماعي حيويين، خاصة خلال فترات عدم اليقين. ودعمت أبحاثي في علم الأعصاب رأيي لاحقا”. وتركّزت خلال دراساتها العليا في أكسفورد عن كيفية تعامل الدماغ مع عدم اليقين وكيف يمكن لحالات الصحة النفسية، مثل القلق، أن تغير عملية صنع القرار. ووضّحت “تتغير طريقة تعاملنا مع القرارات عندما تغيب عنا معلومات مهمة. وغالبا ما يفاقم القلق هذه الآثار”.
وركزت في عملها بكلية لندن الإمبراطورية على الأزمات النفسية المتزايدة بين الشباب. وأدركت لورانس وجود فجوة صارخة في المحادثة مع ارتفاع معدلات الاضطراب العاطفي والقلق والاكتئاب. ووجهت نظرها إلى القلق المناخي.
ويسلط بحث لورانس الضوء على حلقة مفرغة، حيث تفاقم أزمة المناخ المشاكل النفسية. ويجد أولئك الذين يعانون من ضائقة نفسية صعوبة في الانخراط في العمل المناخي. وقالت إن “الناس يحتاجون إلى المرونة النفسية لمواجهة هذه التحديات. لكن التوتر والقلق الناجمين عن تغير المناخ، مثل صدمة مشاهدة الدمار البيئي، يمكن أن يقوض هذه المرونة”.
وبرز عملها خلال حدث كونكتينغ كلايمت ميندز العالمي في بربادوس هذا العام. وكان هذا حدثا بارزا جمع الخبراء والناشطين وصانعي السياسات من جميع أنحاء العالم لمناقشة تقاطع تغير المناخ والصحة العقلية. وقالت لورانس إن النقاط الرئيسية التي تطرق إليها الباحثون خلال هذا الحدث شملت الحاجة إلى الاستثمار في دعم الصحة العقلية المجتمعية، وخاصة في المناطق الأكثر تضررا من تغير المناخ.
وأكدت أن قوة المجتمعات تحدد في الكثير من الأحيان ما إذا سيزدهر الشخص أم سيقع تحت وطأة تغير المناخ. وترى أن بناء مجتمعات مرنة يساعد الأفراد على التأقلم ويعدّهم لاتخاذ الخطوات اللازمة لمواجهة الأزمات.
قوة المجتمعات تحدد في الكثير من الأحيان ما إذا سيزدهر الشخص أم سيقع تحت وطأة تغير المناخ
ودعت لورانس المشرعين إلى التركيز على إنشاء أنظمة تعالج الطبيعة والمناخ والصحة العقلية المتشابكة. وقالت “يجب أن نشهد المزيد من الوعي حول الروابط بين صحة الناس وصحة الكوكب. ويجب أن يدرك واضعو السياسات العلاقة بين تعزيز الاستدامة البيئية ومرونة الصحة النفسية”.
وتشمل الأمثلة على ذلك مشكلة الحرارة الشديدة المتزايدة التي تؤثر على الصحة البدنية ويمكن أن تخلّف آثارا نفسية عميقة، تمسّ خاصة الذين يعانون من مشاكل سابقة. وقالت لورانس “يكون الناس في أجزاء كثيرة من العالم محاصرين في منازلهم بسبب الحرارة الشديدة، مما يضيف عبئا هائلا على صحتهم العقلية. ويحتاج صانعو السياسات إلى أخذ هذا بعين الاعتبار عند صياغة استجاباتهم المصممة لدعم الصحة العامة، وضمان تزويد المجتمعات بالموارد والمعلومات اللازمة لإدارة الآثار على الصحة البدنية والنفسية”.
ولا تزال لورانس متفائلة بالمستقبل رغم كل هذا. وتصوّر الروابط التي أقيمت في حدث بربادوس وعملها المستمر في كلية لندن الإمبراطورية لها مخططا لمعالجة الأزمتين التوأمين، تغير المناخ والصحة النفسية.
وقالت “نحتاج إلى الاستثمار في الاتصال عبر السياسات والمجتمعات والمناطق. نجد العديد من المبادرات العظيمة التي تأسست بالفعل. لكننا نحتاج إلى توسيع نطاقها. إن الحلول موجودة، لكننا في حاجة إلى التعاون لتحقيقها”.
بناء مجتمعات مرنة يساعد الأفراد على التأقلم ويعدّهم لاتخاذ الخطوات اللازمة لمواجهة الأزمات
وتبقى لورانس في طليعة هذه المحادثة الحيوية. ويقدم عملها تحذيرا ودعوة للعمل مع تزايد القلق المناخي، فهو يؤكد أن الصحة العقلية ترتبط ارتباطا وثيقا بصحة الكوكب. ويجب تضخيم صوت هذه المحادثة.
وخلص تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية ودُشن في مؤتمر “ستوكهولم +50” إلى أن تغير المناخ يسبب مخاطر جسيمة على الصحة النفسية والعافية. ولذلك، تحث المنظمة البلدان على إدراج دعم الصحة النفسية في استجابتها لأزمة المناخ، مستشهدة بأمثلة حققت فيها ذلك بضعة بلدان رائدة بفاعلية.
وتتفق هذه النتائج مع تقرير صدر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (هيئة المناخ)، ونُشر في فبراير من عام 2022. وكشفت هيئة المناخ عن أن تغير المناخ الذي يتزايد بسرعة يشكل تهديدا متصاعدا للصحة النفسية والعافية النفسية الاجتماعية؛ من الضيق العاطفي إلى القلق والاكتئاب والأسى والسلوك الانتحاري.
وقالت الدكتورة ماريا نيرا، مديرة إدارة البيئة وتغير المناخ والصحة في المنظمة، “يتزايد تحول آثار تغير المناخ إلى جزء من حياتنا اليومية، ولا يوجد سوى القليل جدا من الدعم المخصص للصحة النفسية الذي يتاح للأشخاص والمجتمعات التي تتعامل مع المخاطر المرتبطة بالمناخ والمخاطر طويلة الأجل”.
ويجري توزيع آثار تغير المناخ على الصحة العقلية بشكل غير متكافئ مع تأثر بعض المجموعات بشكل غير متناسب تبعاً لعوامل مثل الحالة الاجتماعية والاقتصادية ونوع الجنس والعمر. ومع ذلك، فمن الواضح أن تغير المناخ يؤثر على العديد من المحددات الاجتماعية التي تؤدي بالفعل إلى فرض أعباء هائلة على الصحة النفسية على مستوى العالم. وقد خلص مسح أجرته المنظمة في عام 2021 على 95 بلدا إلى أن 9 بلدان فقط هي التي أدرجت حتى الآن الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في خططها الوطنية للصحة وتغير المناخ.
وقالت ديفوار كيستل، مديرة إدارة الصحة النفسية ومكافحة إساءة استعمال المواد في المنظمة، “إن تأثير تغير المناخ يضاعف من الوضع الصعب للغاية أصلاً الذي تشهده الصحة النفسية وخدمات الصحة النفسية على مستوى العالم. ويوجد ما يقرب من مليار شخص يعانون من اعتلالات الصحة النفسية، ومع ذلك، لا تُتاح الخدمات الضرورية إلا لـ3 من أصل 4 أشخاص في البلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل. ومن خلال تكثيف الدعم المقدم للصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في إطار الحد من مخاطر الكوارث والعمل المناخي، يمكن للبلدان أن تفعل المزيد للمساعدة في حماية أشد الأشخاص عرضة للخطر.”
انشرWhatsAppTwitterFacebook
تهديد تغير المناخ للعافية النفسية يختلف من الضيق العاطفي إلى القلق والاكتئاب والسلوك الانتحاري.
تغير المناخ يفرض أعباء هائلة على الصحة النفسية
تفاقم أزمة المناخ المشاكل النفسية للأشخاص وقد تصل تلك المشاكل حد التفكير في الانتحار. ويجري توزيع آثار تغير المناخ على الصحة العقلية بشكل غير متكافئ تبعاً لعوامل مثل الحالة الاجتماعية والاقتصادية ونوع الجنس والعمر. ويضاعف تأثير تغير المناخ من الوضع الصعب للغاية أصلاً الذي تشهده الصحة النفسية للأفراد على مستوى العالم.
سانت لوسيا (جزر الكارييبي) - يؤدي تغير المناخ إلى أزمات صحية عقلية ويسرّع القلق البيئي. وتقود الدكتورة إيما لورانس برنامج كلايمات كيرز التابع لكلية لندن الإمبراطورية، وهو مركز مخصص للبحوث حول تغير المناخ في مجال الصحة العقلية. وتحدثت إلى خدمة إنتر برس عن الحاجة إلى معالجة هذا القلق المتزايد.
وقالت إيما لخدمة إنتر برس من منزل عائلتها في أستراليا إن الشباب “يعيشون اليوم حالة غموض هائل بشأن مستقبلهم. وتغير المناخ هو محرك عدم اليقين الرئيسي. لكننا لا نتحدث كما يجب عن كيفية تأثير أزمة المناخ على الصحة العقلية”.
وتسود الأخبار القاتمة كل تقرير مناخي في عصر يحدده القلق البيئي المتزايد. وتقود لورانس الأبحاث في نقطة ملحة لم يهتم بها الكثيرون، وهي تقاطع تغير المناخ والصحة العقلية. ويمتد مسارها الوظيفي من الفيزياء وعلم الأعصاب إلى الصحة العقلية. وتمكّنها خبرتها من تسليط الضوء على طبيعة رفاهية الإنسان وصحة الكوكب المتشابكة والعميقة.
وقالت وهي تتذكر نشأتها في تلال أديلايد في جنوب أستراليا “طالما كنت على اتصال عميق بالطبيعة. لقد نشأت مع الأشجار والكوالا والطيور. لطالما كنت على وعي بعلاقتنا بالطبيعة، كما كان واضحا لي ارتباط صحتنا ورفاهيتنا ارتباطا وثيقا بصحة الكوكب”.
وعملت لورانس في مجال التواصل العلمي وتنقلت عبر أستراليا، حيث نشرت الوعي في المدارس، واستغلت فرص زيارة مجتمعات السكان الأصليين النائية.
وقاد حبّها المبكر لعالم الطبيعة اهتماماتها الأكاديمية في الفيزياء والكيمياء، حيث فهمت مخاطر حرق الوقود الأحفوري وآثاره الكارثية على المناخ. لكن رحلتها لم تقتصر على العلوم البيئية، وشملت تعقيدات الصحة العقلية، وهو مجال شكلته تجربتها الشخصية وأبحاثها الأكاديمية.
النقاط الرئيسية التي تطرق إليها الباحثون خلال هذا الحدث شملت الحاجة إلى الاستثمار في دعم الصحة العقلية المجتمعية
لقد عانت خلال مراهقتها مشاكل نفسية. وشكلت تلك الفترة بعمق نظرتها للعالم وحفزتها على المشاركة في تأسيس جمعية خيرية تُعنى بصحة الشباب العقلية. وأكدت أن هذه المبادرة كانت تهدف إلى تزويد الشباب بمنصة لتبادل قصص الأمل، وتحسيس الذين يواجهون مشاكل بأنهم ليسوا وحدهم.
وصرّحت “شعرت بكون الصحة النفسية والتواصل الاجتماعي حيويين، خاصة خلال فترات عدم اليقين. ودعمت أبحاثي في علم الأعصاب رأيي لاحقا”. وتركّزت خلال دراساتها العليا في أكسفورد عن كيفية تعامل الدماغ مع عدم اليقين وكيف يمكن لحالات الصحة النفسية، مثل القلق، أن تغير عملية صنع القرار. ووضّحت “تتغير طريقة تعاملنا مع القرارات عندما تغيب عنا معلومات مهمة. وغالبا ما يفاقم القلق هذه الآثار”.
وركزت في عملها بكلية لندن الإمبراطورية على الأزمات النفسية المتزايدة بين الشباب. وأدركت لورانس وجود فجوة صارخة في المحادثة مع ارتفاع معدلات الاضطراب العاطفي والقلق والاكتئاب. ووجهت نظرها إلى القلق المناخي.
ويسلط بحث لورانس الضوء على حلقة مفرغة، حيث تفاقم أزمة المناخ المشاكل النفسية. ويجد أولئك الذين يعانون من ضائقة نفسية صعوبة في الانخراط في العمل المناخي. وقالت إن “الناس يحتاجون إلى المرونة النفسية لمواجهة هذه التحديات. لكن التوتر والقلق الناجمين عن تغير المناخ، مثل صدمة مشاهدة الدمار البيئي، يمكن أن يقوض هذه المرونة”.
وبرز عملها خلال حدث كونكتينغ كلايمت ميندز العالمي في بربادوس هذا العام. وكان هذا حدثا بارزا جمع الخبراء والناشطين وصانعي السياسات من جميع أنحاء العالم لمناقشة تقاطع تغير المناخ والصحة العقلية. وقالت لورانس إن النقاط الرئيسية التي تطرق إليها الباحثون خلال هذا الحدث شملت الحاجة إلى الاستثمار في دعم الصحة العقلية المجتمعية، وخاصة في المناطق الأكثر تضررا من تغير المناخ.
وأكدت أن قوة المجتمعات تحدد في الكثير من الأحيان ما إذا سيزدهر الشخص أم سيقع تحت وطأة تغير المناخ. وترى أن بناء مجتمعات مرنة يساعد الأفراد على التأقلم ويعدّهم لاتخاذ الخطوات اللازمة لمواجهة الأزمات.
قوة المجتمعات تحدد في الكثير من الأحيان ما إذا سيزدهر الشخص أم سيقع تحت وطأة تغير المناخ
ودعت لورانس المشرعين إلى التركيز على إنشاء أنظمة تعالج الطبيعة والمناخ والصحة العقلية المتشابكة. وقالت “يجب أن نشهد المزيد من الوعي حول الروابط بين صحة الناس وصحة الكوكب. ويجب أن يدرك واضعو السياسات العلاقة بين تعزيز الاستدامة البيئية ومرونة الصحة النفسية”.
وتشمل الأمثلة على ذلك مشكلة الحرارة الشديدة المتزايدة التي تؤثر على الصحة البدنية ويمكن أن تخلّف آثارا نفسية عميقة، تمسّ خاصة الذين يعانون من مشاكل سابقة. وقالت لورانس “يكون الناس في أجزاء كثيرة من العالم محاصرين في منازلهم بسبب الحرارة الشديدة، مما يضيف عبئا هائلا على صحتهم العقلية. ويحتاج صانعو السياسات إلى أخذ هذا بعين الاعتبار عند صياغة استجاباتهم المصممة لدعم الصحة العامة، وضمان تزويد المجتمعات بالموارد والمعلومات اللازمة لإدارة الآثار على الصحة البدنية والنفسية”.
ولا تزال لورانس متفائلة بالمستقبل رغم كل هذا. وتصوّر الروابط التي أقيمت في حدث بربادوس وعملها المستمر في كلية لندن الإمبراطورية لها مخططا لمعالجة الأزمتين التوأمين، تغير المناخ والصحة النفسية.
وقالت “نحتاج إلى الاستثمار في الاتصال عبر السياسات والمجتمعات والمناطق. نجد العديد من المبادرات العظيمة التي تأسست بالفعل. لكننا نحتاج إلى توسيع نطاقها. إن الحلول موجودة، لكننا في حاجة إلى التعاون لتحقيقها”.
بناء مجتمعات مرنة يساعد الأفراد على التأقلم ويعدّهم لاتخاذ الخطوات اللازمة لمواجهة الأزمات
وتبقى لورانس في طليعة هذه المحادثة الحيوية. ويقدم عملها تحذيرا ودعوة للعمل مع تزايد القلق المناخي، فهو يؤكد أن الصحة العقلية ترتبط ارتباطا وثيقا بصحة الكوكب. ويجب تضخيم صوت هذه المحادثة.
وخلص تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية ودُشن في مؤتمر “ستوكهولم +50” إلى أن تغير المناخ يسبب مخاطر جسيمة على الصحة النفسية والعافية. ولذلك، تحث المنظمة البلدان على إدراج دعم الصحة النفسية في استجابتها لأزمة المناخ، مستشهدة بأمثلة حققت فيها ذلك بضعة بلدان رائدة بفاعلية.
وتتفق هذه النتائج مع تقرير صدر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (هيئة المناخ)، ونُشر في فبراير من عام 2022. وكشفت هيئة المناخ عن أن تغير المناخ الذي يتزايد بسرعة يشكل تهديدا متصاعدا للصحة النفسية والعافية النفسية الاجتماعية؛ من الضيق العاطفي إلى القلق والاكتئاب والأسى والسلوك الانتحاري.
وقالت الدكتورة ماريا نيرا، مديرة إدارة البيئة وتغير المناخ والصحة في المنظمة، “يتزايد تحول آثار تغير المناخ إلى جزء من حياتنا اليومية، ولا يوجد سوى القليل جدا من الدعم المخصص للصحة النفسية الذي يتاح للأشخاص والمجتمعات التي تتعامل مع المخاطر المرتبطة بالمناخ والمخاطر طويلة الأجل”.
ويجري توزيع آثار تغير المناخ على الصحة العقلية بشكل غير متكافئ مع تأثر بعض المجموعات بشكل غير متناسب تبعاً لعوامل مثل الحالة الاجتماعية والاقتصادية ونوع الجنس والعمر. ومع ذلك، فمن الواضح أن تغير المناخ يؤثر على العديد من المحددات الاجتماعية التي تؤدي بالفعل إلى فرض أعباء هائلة على الصحة النفسية على مستوى العالم. وقد خلص مسح أجرته المنظمة في عام 2021 على 95 بلدا إلى أن 9 بلدان فقط هي التي أدرجت حتى الآن الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في خططها الوطنية للصحة وتغير المناخ.
وقالت ديفوار كيستل، مديرة إدارة الصحة النفسية ومكافحة إساءة استعمال المواد في المنظمة، “إن تأثير تغير المناخ يضاعف من الوضع الصعب للغاية أصلاً الذي تشهده الصحة النفسية وخدمات الصحة النفسية على مستوى العالم. ويوجد ما يقرب من مليار شخص يعانون من اعتلالات الصحة النفسية، ومع ذلك، لا تُتاح الخدمات الضرورية إلا لـ3 من أصل 4 أشخاص في البلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل. ومن خلال تكثيف الدعم المقدم للصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في إطار الحد من مخاطر الكوارث والعمل المناخي، يمكن للبلدان أن تفعل المزيد للمساعدة في حماية أشد الأشخاص عرضة للخطر.”
انشرWhatsAppTwitterFacebook