بعض الأفكار حول الحوريين من كتابنا الصادر حديثاً " تاريخ المشرق"
منذ أواخر مدة الفاعلية الأكدية في القرن الثاني والعشرين ق.م، انساحت جماعات أخرى من شرقي هضبة الأناضول واستوطنت في شرق نهر دجلة هم الحوريون.
تشير المعطيات الأثرية والتاريخية إلى تأسيس هؤلاء إمارةً في منطقة الخابور الأعلى بين القامشلي وعامودا في شمال شرق سوريا، في تل موزان، وهي "أوركيش"، ذات المساحة 130 هكتاراً.
ملك هذه الإمارة "أتال شين" لقب نفسه "ملك أوركيش ونوار"، نوار (تل براك). والدراسات تعتقد أنَّ أوركيش كانت مزدهرةً أواخر الألف الثالث ق.م، وكان عدد سكانها 10- 20 ألف نسمة.
في مدة الفاعلية الأمورية في ماري تبِعتْ أوركيش فاعلية ماري، وانتهت في منتصف الألف الثاني ق.م( ). يشار هنا إلى أنَّ الملك "توبكيش" تزوّجَ من ابنة ملك أكد "نارام سين".
شيء آخر يخصُّ الفاعليةَ الحوريةَ هو أنَّه بسقوط ماري انتشرَ الحوريون بين مناطق الفرات الأوسط ووادي البليخ حتى وادي العاصي. ووصلت نسبة الحوريين في الالاخ ما بين 1670 و1620 ق.م، إلى ما يقارب 30% من السكان، وقد ساعدَ تدمير يمحاض وخانا في انتشارهم في الغرب.
حوريون غرب نهر دجلة سرعان ما انتشروا في الجناح الشامي، وأصبح الميتانيون بمثابة الدولة الحورية الرئيسة منذ 1530 ق.م. وبينت المعطيات أنَّ الانتشارَ الحوري وصل حتى فلسطين، ففي عام 1450 ق.م كان الحوريون والهندو- آريين يشكلون نسبةً تصل إلى 37% من مجموع سكان فلسطين، كذلك نجد حضوراً لافتاً لهم في أجاريت.
الجدير بالذكر أنَّ أمنحوتب الثاني ملك مصر أطلق على فلسطين اسم "بلاد خارو". ويبدو من وثائق تل العمارنة أنَّهُ في نهاية القرن الخامس عشر ق.م كان هناك عددٌ كبير إلى حدٍّ مذهل من العائلات الملكية في مدن فلسطين وأواسط سوريا، تكشف عن أسماء هندو- أوربية، مع أنَّ الحقيقة تقول: إن حامليها كانوا يتحدثون الكنعانية.( )
فالحوريون امتلكوا أدوات التفاعل إلى حد ما، وبقوا، بحضورهم في الجزيرة السورية، على اتصال بقبائلهم إلى الشرق من القوقاز والجبال المحاذية لهضبة الأناضول من الشرق. يهاجرون إليها عندما يجدون الفرصة المناسبة، حتى أسسوا مملكتهم في القرن السادس عشر ق.م، وأطلقوا عليها مملكة ميتاني بعاصمتها واشوكاني قرب منابع الخابور( ).
الدراسات تنظر إلى دور الحوريين في الوساطة في نقل الحضارة إلى الشمال وإلى غرب الشرق الأدنى، حتى إنَّهُ في عصر "زمري ليم" ملك ماري عُثِرَ على نصوص مشرقية مترجمة إلى الحورية بهدف استعمالها من قبل الحوريين، وذكرت وثائق ماري وجودَ دويلات حورية شمال سوريا (أورشوم- خاشوم) وشمال الرافدين أيضاً، وفي منطقة شرق دجلة وجبال زاغروس. كما قدمت لُقى العاصمة الحثية "حاتوشا" رُقماً طينية لملحمة جلجامش مترجمةً إلى اللغة الحورية.( )
قِدَمُ الحضور الحوري إلى الألف الثالث ق.م نجده في أخبار الملك "شولجي" ملك أور 2094- 2047 ق.م حين شنَّ حملات عسكرية إلى مناطق شمال شرق نهر دجلة، ومن نتائجها: نقل أسرى حوريين إلى الجنوب الرافدي.
مضامين التفاعل والنشاط الحوري نجدها في مدينة الالاخ؛ إذ حوى أرشيف السوية السابعة أسماء أشهر باللغة الحورية وكذلك أسماء أعلام كثيرة.
قيادات الحوريين في البداية كانت من طبقة الأشراف الذين يقاتلون على العربات "فرسان الخيول"، واشتهرت هذه الطبقة بتربية الخيول.
المعطيات في هذه الحقبة تختلط بين مفهومي "حوري" و"ميتاني"، والفاعلية الميتانية رُكِّزَت في القرن الخامس عشر والرابع عشر ق.، وأشارت إلى دولة واسعة الأطراف تمتد من زاغروس إلى البحر المتوسط، ومن بحر وان إلى آشور و"أراشّا" الواقعة إلى الشرق من نهر دجلة، كما تبين أنَّ ملوك ميتاني كانوا يحملون أسماء غير حورية، وبعضهم حمل أسماء هندو أوروبية.
يذكر مورتكات أنَّ المملكة الميتانية كانت مركزَ الدولة الحورية في شمال ما بين النهرين وانضمت تحتَ لوائها الدويلاتُ الصغيرة الأخرى من الشرق والغرب.
اللغة الحورية نجدها في نصوص أجاريت إلى جانب لغات أخرى.
بشار خليف
ملاحظة: لا يعني كل هذا وجود رابط بين الحوريين والأكراد
منذ أواخر مدة الفاعلية الأكدية في القرن الثاني والعشرين ق.م، انساحت جماعات أخرى من شرقي هضبة الأناضول واستوطنت في شرق نهر دجلة هم الحوريون.
تشير المعطيات الأثرية والتاريخية إلى تأسيس هؤلاء إمارةً في منطقة الخابور الأعلى بين القامشلي وعامودا في شمال شرق سوريا، في تل موزان، وهي "أوركيش"، ذات المساحة 130 هكتاراً.
ملك هذه الإمارة "أتال شين" لقب نفسه "ملك أوركيش ونوار"، نوار (تل براك). والدراسات تعتقد أنَّ أوركيش كانت مزدهرةً أواخر الألف الثالث ق.م، وكان عدد سكانها 10- 20 ألف نسمة.
في مدة الفاعلية الأمورية في ماري تبِعتْ أوركيش فاعلية ماري، وانتهت في منتصف الألف الثاني ق.م( ). يشار هنا إلى أنَّ الملك "توبكيش" تزوّجَ من ابنة ملك أكد "نارام سين".
شيء آخر يخصُّ الفاعليةَ الحوريةَ هو أنَّه بسقوط ماري انتشرَ الحوريون بين مناطق الفرات الأوسط ووادي البليخ حتى وادي العاصي. ووصلت نسبة الحوريين في الالاخ ما بين 1670 و1620 ق.م، إلى ما يقارب 30% من السكان، وقد ساعدَ تدمير يمحاض وخانا في انتشارهم في الغرب.
حوريون غرب نهر دجلة سرعان ما انتشروا في الجناح الشامي، وأصبح الميتانيون بمثابة الدولة الحورية الرئيسة منذ 1530 ق.م. وبينت المعطيات أنَّ الانتشارَ الحوري وصل حتى فلسطين، ففي عام 1450 ق.م كان الحوريون والهندو- آريين يشكلون نسبةً تصل إلى 37% من مجموع سكان فلسطين، كذلك نجد حضوراً لافتاً لهم في أجاريت.
الجدير بالذكر أنَّ أمنحوتب الثاني ملك مصر أطلق على فلسطين اسم "بلاد خارو". ويبدو من وثائق تل العمارنة أنَّهُ في نهاية القرن الخامس عشر ق.م كان هناك عددٌ كبير إلى حدٍّ مذهل من العائلات الملكية في مدن فلسطين وأواسط سوريا، تكشف عن أسماء هندو- أوربية، مع أنَّ الحقيقة تقول: إن حامليها كانوا يتحدثون الكنعانية.( )
فالحوريون امتلكوا أدوات التفاعل إلى حد ما، وبقوا، بحضورهم في الجزيرة السورية، على اتصال بقبائلهم إلى الشرق من القوقاز والجبال المحاذية لهضبة الأناضول من الشرق. يهاجرون إليها عندما يجدون الفرصة المناسبة، حتى أسسوا مملكتهم في القرن السادس عشر ق.م، وأطلقوا عليها مملكة ميتاني بعاصمتها واشوكاني قرب منابع الخابور( ).
الدراسات تنظر إلى دور الحوريين في الوساطة في نقل الحضارة إلى الشمال وإلى غرب الشرق الأدنى، حتى إنَّهُ في عصر "زمري ليم" ملك ماري عُثِرَ على نصوص مشرقية مترجمة إلى الحورية بهدف استعمالها من قبل الحوريين، وذكرت وثائق ماري وجودَ دويلات حورية شمال سوريا (أورشوم- خاشوم) وشمال الرافدين أيضاً، وفي منطقة شرق دجلة وجبال زاغروس. كما قدمت لُقى العاصمة الحثية "حاتوشا" رُقماً طينية لملحمة جلجامش مترجمةً إلى اللغة الحورية.( )
قِدَمُ الحضور الحوري إلى الألف الثالث ق.م نجده في أخبار الملك "شولجي" ملك أور 2094- 2047 ق.م حين شنَّ حملات عسكرية إلى مناطق شمال شرق نهر دجلة، ومن نتائجها: نقل أسرى حوريين إلى الجنوب الرافدي.
مضامين التفاعل والنشاط الحوري نجدها في مدينة الالاخ؛ إذ حوى أرشيف السوية السابعة أسماء أشهر باللغة الحورية وكذلك أسماء أعلام كثيرة.
قيادات الحوريين في البداية كانت من طبقة الأشراف الذين يقاتلون على العربات "فرسان الخيول"، واشتهرت هذه الطبقة بتربية الخيول.
المعطيات في هذه الحقبة تختلط بين مفهومي "حوري" و"ميتاني"، والفاعلية الميتانية رُكِّزَت في القرن الخامس عشر والرابع عشر ق.، وأشارت إلى دولة واسعة الأطراف تمتد من زاغروس إلى البحر المتوسط، ومن بحر وان إلى آشور و"أراشّا" الواقعة إلى الشرق من نهر دجلة، كما تبين أنَّ ملوك ميتاني كانوا يحملون أسماء غير حورية، وبعضهم حمل أسماء هندو أوروبية.
يذكر مورتكات أنَّ المملكة الميتانية كانت مركزَ الدولة الحورية في شمال ما بين النهرين وانضمت تحتَ لوائها الدويلاتُ الصغيرة الأخرى من الشرق والغرب.
اللغة الحورية نجدها في نصوص أجاريت إلى جانب لغات أخرى.
بشار خليف
ملاحظة: لا يعني كل هذا وجود رابط بين الحوريين والأكراد