أميّة بن أبي الصلت al-Saltt يمتاز بالأصالة الشاعرية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أميّة بن أبي الصلت al-Saltt يمتاز بالأصالة الشاعرية

    اميه صلت

    Omamayah bin Abi al-Saltt - Omamayah bin Abi al-Saltt

    أميّة بن أبي الصلت
    (... - 2هـ/... - 624م)

    شاعر عربي جاهلي، واسم أبيه أبو الصلت: عبد الله بن أبي ربيعة بن عوف، ومن قبيلة ثقيف. ولد في الطائف في بيت يجمع العزّ والشرف ويمتاز بالأصالة الشاعرية، فأبوه شاعر وسيد في قومه ووالدته رقيّة بنت عبد شمس بن عبد مَناف من شريفات قريش، وبذلك ضم أمية شرف ثقيف إلى شرف قريش.
    سيرة أمية بن أبي الصلت في كتب التاريخ والأدب أقرب إلى الأساطير، فليس فيها أخبار واضحة عن نشأته وحياته، ولكن من المرجح أنه عمّر طويلاً، تأثرت شخصيته بعوامل كثيرة منها: أسرته المثقفة، وقبيلته التي اشتهرت بالفصاحة والمركز الديني المرموق، وتذكر المصادر القديمة أنه قرأ الكتب السماوية وتأثّر بها.
    لم يكن أمية في شبابه صاحب مجون، وإن كان في شعره شيء منه، ويبدو أنه اشتغل بالتجارة، وإن لم يكن صاحب مال وثراء، وكان يصحب أبا سفيان في بعض أسفاره إلى الشام للتجارة، ويتلمس أنباء الدين في الكنائس والأديرة والبيع التي يمر بها فيجالس الرهبان ويقرأ الكتب الدينية.
    أما في كهولته فقد انصرف إلى التأله وقول الشعر في الموضوعات الدينية والحكمة وغيرها، واتصف بالرزانة والوقار. وقد اختلف الدارسون المحدثون في عقيدة الشاعر فجعله بعضهم نصرانياً ومنهم من عدّه يهودياً، ولكن شعره يخالف ذلك ويثبت أنه كان حنيفياً وقد ذكروا أنه نظر في الكتب وقرأها ولبس المسوح تعبداً، وكان ممن ذكر إبراهيم وإسماعيل والحنيفية وحرّم الخمر وشكّ في الأوثان. وحين سمع الرسول e أبياته التي أولها:
    الحمد لله مُمسانا ومُصبحنا بالخير صَبَّحنا ربي ومسَّانا
    قال: إن كاد أمية ليُسلم.
    وقد طمع أمية في النبوة ولما بُعِث النبيe حسده أمية وقال: «إنما كنت أرجو أن أكونه»، ولم يذعن للرسول، ولم يعلن إسلامه.
    اختلفت آراء النقاد المحدثين في شعره الديني الذي تقوم عليه شهرته، فمنهم من يوثقه كله ومنهم من يذهب إلى انتحال كثير منه، وبعضهم يزعم أن شعر أمية موضوع كله. ومن المؤكد أن المنحول في هذا الشعر كثير، ولكن الدارس الموثق لشعر أمية البعيد عن الإسفاف يميّز الطابع الخاص لهذا الشعر الذي تبدو فيه موضوعات عن التوحيد ونبذ الشرك وحتمية الموت على الناس وفكرة خلود الله وفناء الناس والبعث والحساب ولفت الأنظار إلى الطبيعة وتحريم الخمر وانتشار الحكمة والروح القصصية فيه كأسطورة طوفان نوح والحمامة التي أرسلت لتكتشف البر، وأسطورة الحية التي أغوت آدم وقصة الديك والغراب اللذين شربا الخمر. كما يصور شعره بعض شعائر الحنيفية كالحج والختان وغيرها، ولاشك في أن كثيراً من شعر أمية قد ضاع.
    وللشاعر قصائد في الحكمة، وهي ذات اتصال وثيق بشعره الديني ولها طابع اجتماعي إنساني. وحكمته أصيلة تصوّر تجاربه الكثيرة وثقافته الواسعة وتفكيره وحياته. وقد استهلّ بعض قصائده بالحكمة مخالفاً بذلك عادة الشعراء الجاهليين، وقد ترد الحكمة في تضاعيف قصائده أو تعقيباً على القصيدة كلها.
    تناول باقي شعره معظم الموضوعات الجاهلية كالمدح والرثاء والعتاب والنسيب والفخر والوصف، وأخضع هذه الموضوعات جميعاً لطبيعته الخاصة الذاتية، فمدح عبد الله بن جدعان، وكان رجلاً صالحاً وسيداً جواداً من قريش، فكان في مدحه بعيداً عن إراقة ماء الوجه، يمدح على استحياء وينال على خجل، ولا يظهر في مديحه النزوع إلى التكسب. وقد جدّد في بعض معاني المديح، فسار على هديها بعض فحول الشعراء كأبي تمام والمتنبي. أما هجاؤه فنادر لأن الهجاء لا يوافق مزاج الشاعر وخلقه القويم. وفي غزوة بدر قُتل عتبة وشَيبة ابنا خال الشاعر فرثاهما ورثى قتلى قريش. أما الوصف فقد تخلل موضوعاته كلها، فوصف الطبيعة الصامتة والحية، كالسفينة والأطلال والنجوم والنبات والفرس والقحط والمطر، وهو في وصفه رسّام بارع يقلّب النظر في موضوعه ثم يتجه إليه بعينه وأذنه وحواسه فيأتي بصور تنبض بالحياة. ويلاحظ في صوره عدد من العناصر الفنية كالدقة والاستقصاء والحركة والألوان والزمان والمكان، وهو يعتمد اللقطات الموفقة من الموصوف ثم يرسمها بدقة. كما يصف الشاعر العالم الداخلي للنفس البشرية وصفاً دقيقاً مؤثراً ومثال ذلك قصيدته في عتاب ولده التي يقول في مطلعها:
    غَذوتُك مولوداً وعُلتُك يافعاً تُعَلُّ بما أُدني عليك وتَنْهَلُ
    فيصور الحنان والحبّ والعقوق والقسوة والطيبة والجرأة والغدر والعدوان.
    ومعاني الشاعر تتصف بالوضوح والبساطة والبعد عن الغلو والمبالغة، وهي مستمدة من البيئة، أما ألفاظه فملائمة للمعنى تحقق لشعره جرساً موسيقياً يلون شعره، وفيها ألفاظ أعجمية منقولة أو معربة أو مقتبسة لا يعرفها العرب؛ ولهذا امتنع بعض العلماء من الاحتجاج بشعره كابن قتيبة، وإن كان هذا لا يطعن في منزلته الشعرية فقد نقل عن أبي عبيدة قوله: «اتفقت العرب على أن أشعر أهل المدن أهل يثرب، ثم عبد القيس، ثم ثقيف وأن أشعر ثقيف أمية بن أبي الصَّلت».
    ثريا العمري
    الموضوعات ذات الصلة
    الحنيفية.
    مراجع للاستزادة
    ـ عبد الحفيظ السطلي، ديوان أمية بن أبي الصلت، تحقيق ودراسة (دمشق 1974).
    ـ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، ج4 (دار الكتب).
يعمل...
X