تويت
في المشرق وأقصد الرافدين وبلاد الشام لا تختلف المعطيات الحدسية العلمية من وجود نشاط موسيقي ما ولكن لم تسعفنا التنقيبات حتى الآن بمعطيات ما قبل التأريخ.
ولكن حين ندخل الألف الثالث قبل الميلاد سنجد أننا أمام تبلور لنشاط موسيقي، دل على ذلك العثور على قيثارة أور في المدفن الملكي بالإضافة إلى وجود ضحايا بشرية من عازفات مع آلاتهن الموسيقية بجوار الضريح الملكي، هذا المعطى المادي يدل على تطور موسيقي مبكر ومتبلور حتماً هو مستند على تطور تدريجي منذ عصر الزراعة صعوداً مع الزمن.
الأدلة الوثائقية تشير إلى رقم رافدية تعود إلى حوالي 1800 ق.م، قدمت معلومات عن الموسيقا وآلاتها آنذاك، فيما بعد جرى الاستفادة منها في اكتشاف رقيم في مدينة أجاريت والوصول إلى تحقيق فك طلاسمه الموسيقية بمعنى أن رقيم أجاريت ليس إلا تطبيقاً لمعلومات الرقم الرافدية وذلك في حوالي منتصف الألف الثاني ق.م.
حتى أن الأعمال الفنية من نقوش وغيرها دلت على أنواع الآلات المستخدمة مثل الناي والقانون ومزامير القرب والطبول وقرون ومزامير وصنوج.
وجاء اكتشاف مدينة ماري، لتقدم وثائقها في الألف الثاني ق.م والتي بالحتم تستند على نشاطات موسيقية سابقة في الألف الثالث ق.م.
فالوثائق منحتنا رؤية شاملة لعالم موسيقي شامل، مدارس موسيقية، فرق موسيقية وعازفين وعازفات وحتى راقصات، لا تتصوري أن من عاش قبلنا لم يكن مثلنا، وسأورد لك أمثلة من ماري ووثائق إبلا لارتباطهما الحياتي سلباً وإيجاباً:
أشارت وثائق إبلا إلى انتقال فرقة موسيقية من ماري / حوالي 23 عازفاً مع مديرهم / مع آلاتهم إلى إبلا، نحن إذاً أمام شيء من مكونات مؤسسة تهتم بالموسيقى ونشاطاتها.
ومن طرائف وثائق ماري، تلك الرسالة التي يطلب فيها شمشي أدد من ابنه يسمع أدد حاكم ماري، أن يتمَّ تعليم بنات ملك ماري المقتول يخدون ليم، الموسيقا، وحيث أنه تمّت التوصية على خمس قيثارات، ولكن حصل تباطؤ في صنعها، ما استوجب تنبيه المسؤول عن ذلك.
وتذكر الوثائق أيضاً، إقامة حفلات موسيقية في قصر ماري، حيث يُذكر مكان فرقة العزف ووجود مغنين ومغنيات، لا تنسي تمثال المغنية أورنينا مثلاً.
ونقرأ رسالة من زمري ليم\ ملك ماري إلى زوجته الحلبية شيبتو من أجل أن تختار من ثلاثين فتاة، من يليق بهن أن يكنّ في فرقة رقص.
نحن هنا في حضرة الرقص أيضاً منذ أوائل الألف الثاني ق.م.
ثم من طرائف الوثائق أيضاً أن مدينة ايمار احتجزت مدير فرقة موسيقية من ماري مع آلاتها كانت في طريقها لإحياء حفلات في حلب\ يمحاض والسبب أن هناك ديون على ماري يستوجب دفعها، تدخل ملك ماري وسدد وتم الافراج عن الفرقة.
كل هذا يعطينا عرضاً بانورامياً للحياة الموسيقية في المشرق مع الإشارة إلى نقطتين مهمتين:
الأولى: هو أن رقم أجاريت تشكل الأساس في علم الموسيقا الغربي الذي أقامه فيثاغورس عام 500 ق. م.
الثانية: وتبعاً للتواصلية الحضارية المشرقية الثقافية فإن شجرة الموسيقى المشرقية لا بد أن تظلل العالم القديم ، المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي أشار إلى أن الأسلوب البيزنطي في الموسيقا والشعر الابتهالي الذي أصبح المُلك المشترك لجميع الشعوب الشرقية الأرثوذكسية وضعه سوري مسيحي (خلقدوني) هو رومانس (480 ـــ 550) م وقد كتب رومانس أشعاره بالكويني الاتيكية القديمة لكن تفاعيله وأناشيده كانت سوريّة، ويشير توينبي إلى أن هذه الخطوة بالنسبة إلى الموسيقا والشعر اليونايين كانت منطلقاً جديداً منعشاً.
بشار خليف
ولكن حين ندخل الألف الثالث قبل الميلاد سنجد أننا أمام تبلور لنشاط موسيقي، دل على ذلك العثور على قيثارة أور في المدفن الملكي بالإضافة إلى وجود ضحايا بشرية من عازفات مع آلاتهن الموسيقية بجوار الضريح الملكي، هذا المعطى المادي يدل على تطور موسيقي مبكر ومتبلور حتماً هو مستند على تطور تدريجي منذ عصر الزراعة صعوداً مع الزمن.
الأدلة الوثائقية تشير إلى رقم رافدية تعود إلى حوالي 1800 ق.م، قدمت معلومات عن الموسيقا وآلاتها آنذاك، فيما بعد جرى الاستفادة منها في اكتشاف رقيم في مدينة أجاريت والوصول إلى تحقيق فك طلاسمه الموسيقية بمعنى أن رقيم أجاريت ليس إلا تطبيقاً لمعلومات الرقم الرافدية وذلك في حوالي منتصف الألف الثاني ق.م.
حتى أن الأعمال الفنية من نقوش وغيرها دلت على أنواع الآلات المستخدمة مثل الناي والقانون ومزامير القرب والطبول وقرون ومزامير وصنوج.
وجاء اكتشاف مدينة ماري، لتقدم وثائقها في الألف الثاني ق.م والتي بالحتم تستند على نشاطات موسيقية سابقة في الألف الثالث ق.م.
فالوثائق منحتنا رؤية شاملة لعالم موسيقي شامل، مدارس موسيقية، فرق موسيقية وعازفين وعازفات وحتى راقصات، لا تتصوري أن من عاش قبلنا لم يكن مثلنا، وسأورد لك أمثلة من ماري ووثائق إبلا لارتباطهما الحياتي سلباً وإيجاباً:
أشارت وثائق إبلا إلى انتقال فرقة موسيقية من ماري / حوالي 23 عازفاً مع مديرهم / مع آلاتهم إلى إبلا، نحن إذاً أمام شيء من مكونات مؤسسة تهتم بالموسيقى ونشاطاتها.
ومن طرائف وثائق ماري، تلك الرسالة التي يطلب فيها شمشي أدد من ابنه يسمع أدد حاكم ماري، أن يتمَّ تعليم بنات ملك ماري المقتول يخدون ليم، الموسيقا، وحيث أنه تمّت التوصية على خمس قيثارات، ولكن حصل تباطؤ في صنعها، ما استوجب تنبيه المسؤول عن ذلك.
وتذكر الوثائق أيضاً، إقامة حفلات موسيقية في قصر ماري، حيث يُذكر مكان فرقة العزف ووجود مغنين ومغنيات، لا تنسي تمثال المغنية أورنينا مثلاً.
ونقرأ رسالة من زمري ليم\ ملك ماري إلى زوجته الحلبية شيبتو من أجل أن تختار من ثلاثين فتاة، من يليق بهن أن يكنّ في فرقة رقص.
نحن هنا في حضرة الرقص أيضاً منذ أوائل الألف الثاني ق.م.
ثم من طرائف الوثائق أيضاً أن مدينة ايمار احتجزت مدير فرقة موسيقية من ماري مع آلاتها كانت في طريقها لإحياء حفلات في حلب\ يمحاض والسبب أن هناك ديون على ماري يستوجب دفعها، تدخل ملك ماري وسدد وتم الافراج عن الفرقة.
كل هذا يعطينا عرضاً بانورامياً للحياة الموسيقية في المشرق مع الإشارة إلى نقطتين مهمتين:
الأولى: هو أن رقم أجاريت تشكل الأساس في علم الموسيقا الغربي الذي أقامه فيثاغورس عام 500 ق. م.
الثانية: وتبعاً للتواصلية الحضارية المشرقية الثقافية فإن شجرة الموسيقى المشرقية لا بد أن تظلل العالم القديم ، المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي أشار إلى أن الأسلوب البيزنطي في الموسيقا والشعر الابتهالي الذي أصبح المُلك المشترك لجميع الشعوب الشرقية الأرثوذكسية وضعه سوري مسيحي (خلقدوني) هو رومانس (480 ـــ 550) م وقد كتب رومانس أشعاره بالكويني الاتيكية القديمة لكن تفاعيله وأناشيده كانت سوريّة، ويشير توينبي إلى أن هذه الخطوة بالنسبة إلى الموسيقا والشعر اليونايين كانت منطلقاً جديداً منعشاً.
بشار خليف