فرح أنطون إلياس أنطون Anton ، مفكر وأديب عربي لبناني، من أعلام النهضة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فرح أنطون إلياس أنطون Anton ، مفكر وأديب عربي لبناني، من أعلام النهضة

    انطون (فرح)

    Anton (Farah-) - Anton (Farah-)

    أنطون (فرح ـ)
    (1874ـ 1922)

    فرح بن أنطون بن إلياس أنطون، مفكر وأديب عربي لبناني، من أعلام النهضة ومن دعاة القومية العربية.
    ولد في طرابلس الشام، ولما بلغ الثانية عشرة من عمره أرسله أبوه إلى دير بكفتين في الكورة للدراسة. وهناك بقي حتى بلغ السادسة عشرة، وأنهى دراسته الابتدائية والثانوية بتفوق. وبعد أن ترك المدرسة عمل مع أبيه في تجارة الأخشاب، لكنه هجرها على ربحها المادي لعدم اتفاقها وطبيعته ومبادئه، ثم انتقل إلى سلك التعليم فعين مديرا لإحدى مدارس طرابلس وبقي فيها بضع سنين، انكب في أثنائها على التحصيل العلمي وتثقيف نفسه ذاتيا، مطلعا على منجزات عصره الفلسفية والاجتماعية والسياسية والأدبية، وقد مكنه من ذلك معرفته الجيدة باللغة الفرنسية. وكان إلى ذلك يراسل بعض المجلات والصحف التي كانت تصدر في مصر،كصحيفة «البلاغ المصري» التي كانت تصدر بالفرنسية، وجريدة «الأهالي» وجريدة «الأهرام» وكان يوقع فيها بإمضاء سلامة.
    وفي عام 1897هاجر إلى مصر، وكانت ثقافته قد اتسعت آفاقها باطلاعه على ما كتبه روسو Rousseau ولابرويير La bruyere وجول سيمون J.Simon، الذي كان له تأثير كبير في فرح أنطون بمبادئه الاجتماعية والأخلاقية. ومالبث أن أنشأ مجلة «الجامعة»، وأراد أن تكون منبرا لنشر آرائه الاجتماعية والسياسية، ومبادئه العلمية والعلمانية ومذهبه الاشتراكي. وكان يؤلف لها المقالات ويترجم ويباشر الطبع والنشر والتوزيع بنفسه. وقد وصفها بأنها مجلة علمية تهذيبية تاريخية صحية. وفي سنة 1906 ذهب إلى نيويورك ليتابع نشر مجلته بين المهاجرين العرب في أمريكة. و بقي هناك سنتين يصدر المجلة شهرياً، كما أصدر إلى جانبها جريدة يومية وأخرى أسبوعية. ولكنه لم يلبث أن عاد إلى مصر وبقي فيها إلى آخر أيام حياته، وتابع نشر مجلة «الجامعة» حقبة قصيرة، ثم احتجبت بعد ذلك، وكان قد مر على صدورها سبع سنوات.
    قضى فرح أنطون حياته ناشرا فكره النهضوي عن طريق الصحافة، استجابة للدعوة العربية لتحدي الغرب الاستعماري في مجال الفكر الاجتماعي والسياسي. وكان يعبر عن فكره بكتابة المقال والقصة والمسرحية، مشددا في أعماله على تربية المرأة تربية صالحة، وتنشئة الشباب على الخلق القويم. وقد أنشأ لشقيقته روز أنطون حداد مجلة «السيدات»، وكان يكتب فيها بتواقيع مستعارة.
    كان لفرح أنطون ريادة المنهجية العلمية في حقل العلوم الإنسانية في الفكر العربي الحديث، وهذا الاتجاه كان بتأثير ما كتبه أرنست رينان E.Renan، بنزعته العقلانية في الدين والعلم والمجتمع. وبحوث داروين Darwin وإيمانويل كنت Kant في علم الاجتماع وعلم النفس. وهذا ما دفعه إلى نشر فلسفة ابن رشد العقلانية، برهانا تاريخيا على أن الضرورة تقتضي اعتماد العقل في شؤون الدنيا، وبناء المجتمع السياسي على أسس علمية راسخة مع احترام الدين. وهي مسألة من صلب الحضارة العربية ومن نتاج أكبر مفكريها، وليست مسألة غربية دخيلة. وهذا ما أداه إلى الدخول في جدل فكري مع الشيخ محمد عبده والشيخ رشيد رضا، فكانت مجلتا «المنار» و«الجامعة» مسرحين لهذا الحوار. ولنزعته العلمية والعلمانية طالب فرح أنطون بالفصل بين السلطة الدينية والمدنية، فالدولة في رأيه شكل عقلي مادي نابع من حاجات البشر العلمية لا الدينية، أما الدين فهو في جوهره توحيد وعبادات ومبادئ أخلاقية تحضّ على الفضائل العامة والخير العام للإنسانية. أما نزعته الاشتراكية وانتصاره لتحقيق العدالة الاجتماعية ـ الاقتصادية فكانت لها سمة اجتماعية، قومية تتباين بتباين أحوال الأمم، ومبدؤها العام: أن الأمة هي المالكة الشرعية الوحيدة لمصادر الثروة ووسائل الإنتاج ورأس المال. أما ما يتصل باللغة فقد كان فرح أنطون يرى أن اللغة الفصحى الجديدة المتداولة في الصحف والمجلات، هي أنسب من الفصحى القديمة التي لا يفهمها كثير من الناس، كما أنها أفضل من العامية الرديئة.
    نشر أنطون سيرة الاسكندر الكبير المقدوني، وعبد الرحمن أمير أفغانستان، والسلطان عبد الحميد خان الثاني، وكذلك ترجمة حياة تولستوي Tolstoy وفلسفتة، وبعض روايات شاتوبريان Chateaubriand والمفكر جون روسكين J.Ruskin وقد اختصر رواية ألكسندر دوماس A.Dumas عن الثورة الفرنسية، تحت عنوان «نهضة الأسد» ولخص سيرة العالم الكيميائي برتلو Berthelot، والملك حمورابي إثر الاكتشافات البابلية، وما أثارته من شكوك حول صحة ما جاء في التوراة. وفي عام 1906 أنهى كتابة أهم رواياته: «الدين والعلم والمال أو المدن الثلاث»، و«الوحش»، وهي رواية أخلاقية رومنسية، و«أورشليم الجديدة أو فتح العرب بيت المقدس»، وهي رواية فلسفية تاريخية. كما ترك الكثير من المؤلفات والترجمات، منها ترجمته لمسرحية «الساحرة»، و«أوديب الملك» لسوفوكليس، و«تاريخ المسيح». كما ألف مسرحيات: «مصر الجديدة» و«أبو الهول يتحرك» و«السلطان صلاح الدين»، و«بنات الشوارع»، و«بنات الخدور». ومع كل ما ألفه لم يترك كتابا يلخص فيه نظرياته الاجتماعية العامة.
    كان فرح أنطون عزيز النفس، رضي الطبع، جلدا على العمل والتأليف، لم يسع إلى المال ورضي بما يكفيه. وكان دائب العمل في خدمة النهضة العربية. توفي فرح أنطون عن عمر ناهز الثمانية والأربعين في القاهرة ودفن فيها.

    حسان الأعسر
    مراجع للاستزادة
    ـ فرح أنطون، المؤلفات الفلسفية، ابن رشد وفلسفته، ط1 (دار الطليعة، بيروت1981).
    ـ حيدر الحاج إسماعيل، المجتمع والدين والاشتراكية، فرح أنطون (بيروت).
يعمل...
X