في سماء الأدب.. كواكب لا تدور حول الشمس
"الروائي والعاصمة" كتاب عن الأدباء المتحققين في مصر بعيدا عن القاهرة.
السبت 2024/11/02
عوالم منسية خارج القاهرة (لوحة للفنان محمد عبلة)
لا تشذ مصر عن بقية الدول العربية التي تفرض على الكتّاب الراغبين في تحقيق مسيرة ناجحة الإقامة في العاصمة، فكانت القاهرة قبلة كل كاتب لنحت تجربته وتحقيق تواجده، بينما ظل كتاب المناطق الداخلية يعانون لعقود من قلة الحضور، واقع ساهمت في تغييره ولو جزئيا وسائل التواصل الاجتماعي.
القاهرة- هرع الكاتب إبراهيم عبدالمجيد إلى رجلين يمشيان نحوه، وابتسامة ود قديم أضاءت وجوههم جميعا حتى التقوا في عناق حار، وانضمت إليهم في الموعد سيدتان.. “آه.. عمار يا اسكندرية” قالتها ريم بسيوني مع تنهيدة حارة، وفي أثرها أسرعت دعاء إبراهيم، التي لم تتوقف عن اللهاث المصاحب لخطوتها السريعة، فقد جاءت من اليابان خصيصا لحضور قمة “الإسكندرية الروائية”. تنهيدة ريم ولهاث دعاء انسجما تماما مع إرهاق الطريق الذي ظهر على وجهي الكبيرين سعيد سالم ومصطفى نصر.
مشهد سردي خيالي، أبطاله أدباء كبار من الإسكندرية، عروس البحر المتوسط التي ترقد في دلال على ساحل مصر في أقصى الشمال، يفتتح به الناقد الأكاديمي المصري محمد أبوالسعود الخياري أول فصول كتابه “الروائي والعاصمة.. كواكب لا تدور حول الشمس” الصادر عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة.
خارج أضواء العاصمة
يختتم المشهد بما يمهد لموضوع الكتاب، قائلا “حاول إبراهيم عبدالمجيد تقمص دور صاحب البيت، وتحدث لصبي المقهى بحماس وبساطة صاحب المكان، لكن الغربة كانت بادية عليه أكثر من صديقيه (سعيد سالم ومصطفى نصر) رغم إرهاقهما وراحته. واختلس السكندريان المقيمان نظرة إشفاق لحال رفيقهما الذي حقق في القاهرة كل شيء، بيد أنه على ما يبدو ما يزال قلقا في البلدة الأخرى رغم تراكم الجوائز وتسلل سنوات العمر”.
بهذه الطريقة السردية المبتكرة يدخل كتاب “الروائي والعاصمة” إلى موضوع دراسته النقدية حول جدلية العلاقة بين المبدعين والعاصمة، مؤكدا ذلك الأثر الكبير الذي يصيب المبدع بإقامته في عاصمة وطنه، والتوهج الذي يدب حوله بفعل تأثير الوجود وسط مركز الأحداث والاهتمام الإعلامي المتنوع.
تستعرض الدراسة ظاهرة الروائيين المتحققين في أنحاء مصر بمعزل عن عاصمة الأضواء والتوهج (القاهرة)، وتشير إلى أن انتشار ثقافة التواصل الاجتماعي والإنترنت منح بعض الأمل في إزالة الفجوة بين العالمين، وهو ما تحقق بنسبة ضئيلة.
الناقد الأكاديمي محمد أبوالسعود الخياري حصل على جائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2020 لأفضل كتاب في النقد الأدبي عن كتابه “اتجاهات السرد في الرواية المصرية المعاصرة”، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
ويقطع كتاب “الروائي والعاصمة” رحلة طويلة في البحث عن الكواكب التي تخلصت من تأثير الشمس، واختارت ألا تدور حولها، متمثلة في الأدباء الذين أبدعوا وأنجزوا دون أن يغادروا مدنهم وقراهم، فتحققوا وبرزوا بعيدا عن وهج أضواء المركز في العاصمة.
ويدرس الخياري في كتابه المنجز الروائي لحوالي ثلاثين كاتبا توزعوا في ربوع مصر، عبر خمسة فصول جاءت عناوينها: “روائيون من كوكب الإسكندرية”، و”روايات في شباك الصيادين” عن الروائيين في شمال الدلتا ودمياط، و”روائيون من جزيرة الورد” عن مبدعي المنصورة بمحافظة الدقهلية، و”حلوى وحكايات على رصيف طنطا”، و”كيف تبدو الروايات تحت الشمس المحرقة؟” عن أدباء الصعيد.
يضم كتاب “الروائي والعاصمة” دراسات حول أعمال كل من سعيد سالم ومصطفى نصر وريم بسيوني ودعاء إبراهيم من كتاب الإسكندرية، وسمير المنزلاوي وفكري داوود ومحسن يونس وانتصار عبدالمنعم من شمال الدلتا ودمياط. ومن طنطا أحمد خالد توفيق وعادل عصمت ونورا ناجي. ومن المنصورة فؤاد حجازي وأحمد صبري أبوالفتوح وإبراهيم جادالله ورضا البهات وعمرو عبدالحميد وداليا أصلان ورضا عودة وفكري عمر، ومن الصعيد (جنوب مصر) يحي الطاهر عبدالله وحمدي البطران وأحمد أبوخنيجر وحجاج أدول وجمالات عبداللطيف وشطبي ميخائيل وعبدالنبي فرج ومصطفى البلكي وأيمن رجب طاهر.
تشير الدراسة إلى تفرد الكاتب أحمد صبري أبوالفتوح في توظيف الخاص لخدمة العام في الرواية التاريخية، على خلاف روائيي مصر الذين يكتبون هذا النوع من الروايات، منوهة بالبصمة الواضحة له في خماسيته “ملحمة السراسوة” التي نهلت من الشكل الفني للرواية التاريخية غير أنه لم يستسلم للتاريخ ولم يضحِّ بالسرد وجودته. وبدا النَفَس السردي الطويل سمة باهرة في كتابته، واستطاع التغلب على كثرة المعلومات التاريخية بالتدفق السردي.
قارنت الدراسة بين نوعين من السرد في إقليم واحد (الإسكندرية)، عبر رصد ما تقدمه ريم بسيوني في مقابل ما تكتبه دعاء إبراهيم في الفترة الزمنية نفسها، لتؤكد أن الروائيتين تمثلان تيارين شديدي التباين والاختلاف، فدعاء تمثل تيار الواقعية السحرية في خفة سردية لافتة، قادرة على صنع العالم السردي من الأوهام والظنون والوساوس والذكريات والتوهمات، أما ريم فقد غرست رايتها في أرض التاريخ ودأبت على تقديم الرواية التاريخية من تاريخ مصر في عصور متعاقبة، كمن تحمل مشروعا للرواية التاريخية المصرية.
وعبر العام 2023 كما تؤكد الدراسة عن الاختلاف الحاد بين التيارين أو المدرستين، فقدمت ريم بسيوني في “ماريو وأبوالعباس” سردا تاريخيا يتخلله التخييل المحدود، وقدمت دعاء إبراهيم “حبة بازلاء تنبت في كفي” لتؤذن بمرحلة جديدة جامحة لسرد متدفق غير قابل للسيطرة عليه.
ويرى الخياري أن مشروع دعاء إبراهيم قابل للتجدد والتطور والإبهار، أما مشروع ريم بسيوني فيعوزه إفساح المجال للتخييل حتى تسري حرارة السرد في أوصال التاريخ البارد.
جوائز وريادة
تصل الدراسة النقدية في خاتمتها إلى عدد من النتائج حول الكُتاب الذين ناقشت أعمالهم، ومدى تحققهم وتأثيرهم في الحياة الثقافية والمنجز الروائي المصري بشكل عام، منها أن الجوائز قد عرفت طريقها إلى هؤلاء الروائيين رغم الظل.
فحصد سعيد سالم وسام الدولة وجائزة الدولة التقديرية، وفاز أيمن رجب بجائزة كتارا في الرواية، ونال أحمد أبوخنيجر ورضا البهات وأحمد صبري أبوالفتوح وحجاج أدول جائزة ساويرس الثقافية، كما نال عادل عصمت وريم بسيوني جائزة نجيب محفوظ، وحصلت انتصار عبدالمنعم ونورا ناجي على جائزة الدولة التشجيعية، واختير مصطفى نصر وسمير المنزلاوي للتكريم بواسطة دائرة الشارقة الثقافية، ووصلت داليا أصلان ودعاء إبراهيم إلى القائمة القصيرة لجائزة كتارا، وفاز فكري عمر بجائزة المجلس الأعلى للثقافة في مصر.
كما تشير الدراسة إلى الانتشار الواسع الذي حققه بعض الروائيين بالرغم من بعدهم عن العاصمة، والمثال البارز لذلك أحمد خالد توفيق الذي ظل لسنوات الأعلى مبيعا والأكثر قراءة، ومن بعده استحوذ عمرو عبدالحميد بروايته “أرض زيكولا” على لقب الأعلى مبيعا، فضلا عما اتسم به بعض الروائيين من غزارة الإنتاج مثل سعيد سالم ومصطفى نصر وأيمن رجب طاهر وحمدي البطران ومحسن يونس وحجاج أدول.
الأكثر من ذلك أن ريادة بعض الاتجاهات الروائية قد اتجهت لروائيين من المنتمين إلى مدن الظل كما يسميها الخياري، مثل ريادة أحمد صبري أبوالفتوح وبعده ريم بسيوني للرواية التاريخية.
وتميز السرد الروائي في بعض إبداعات هؤلاء الأدباء بالاحتفاء ببيئته، فظهرت روايات تعنى بتصوير إقليمها بشكل خاص مثل روايات “العمة أخت الرجال ويا عزيز عيني والعدة والكرباج” وغيرها، كما ظهر التأكيد على التمسك بالإقليم والاعتزاز بجعله فضاء سرديا للرواية أو تناول سيرته، “مثل روايات: جوكات ونافذة على بحر طناح ويهود الإسكندرية والمختلط وغيرها”.
يقدم الأكاديمي محمد أبوالسعود الخياري النقد بلغة بسيطة شارحة تكشف للقارئ العادي خفايا وجماليات الأدب وما بين سطوره دون مصطلحات علمية ملغزة، وصدر له عام 2021 كتاب “كرسي في البلكونة.. تأملات في الرواية العربية” عن دار غراب للنشر والتوزيع، بالإضافة إلى بعض الدراسات النقدية المنشورة في الصحف والمجلات، منها “الرواية والثورة” و”عشرة أسباب تنزع الأسطورة عن (لا تصالح)” و”أحزان أمير الشعراء” و”مغامرة العقاد التي أربكت مسيرة الشعر العربي”.
محمد شعير
كاتب مصري
"الروائي والعاصمة" كتاب عن الأدباء المتحققين في مصر بعيدا عن القاهرة.
السبت 2024/11/02
عوالم منسية خارج القاهرة (لوحة للفنان محمد عبلة)
لا تشذ مصر عن بقية الدول العربية التي تفرض على الكتّاب الراغبين في تحقيق مسيرة ناجحة الإقامة في العاصمة، فكانت القاهرة قبلة كل كاتب لنحت تجربته وتحقيق تواجده، بينما ظل كتاب المناطق الداخلية يعانون لعقود من قلة الحضور، واقع ساهمت في تغييره ولو جزئيا وسائل التواصل الاجتماعي.
القاهرة- هرع الكاتب إبراهيم عبدالمجيد إلى رجلين يمشيان نحوه، وابتسامة ود قديم أضاءت وجوههم جميعا حتى التقوا في عناق حار، وانضمت إليهم في الموعد سيدتان.. “آه.. عمار يا اسكندرية” قالتها ريم بسيوني مع تنهيدة حارة، وفي أثرها أسرعت دعاء إبراهيم، التي لم تتوقف عن اللهاث المصاحب لخطوتها السريعة، فقد جاءت من اليابان خصيصا لحضور قمة “الإسكندرية الروائية”. تنهيدة ريم ولهاث دعاء انسجما تماما مع إرهاق الطريق الذي ظهر على وجهي الكبيرين سعيد سالم ومصطفى نصر.
مشهد سردي خيالي، أبطاله أدباء كبار من الإسكندرية، عروس البحر المتوسط التي ترقد في دلال على ساحل مصر في أقصى الشمال، يفتتح به الناقد الأكاديمي المصري محمد أبوالسعود الخياري أول فصول كتابه “الروائي والعاصمة.. كواكب لا تدور حول الشمس” الصادر عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة.
خارج أضواء العاصمة
يختتم المشهد بما يمهد لموضوع الكتاب، قائلا “حاول إبراهيم عبدالمجيد تقمص دور صاحب البيت، وتحدث لصبي المقهى بحماس وبساطة صاحب المكان، لكن الغربة كانت بادية عليه أكثر من صديقيه (سعيد سالم ومصطفى نصر) رغم إرهاقهما وراحته. واختلس السكندريان المقيمان نظرة إشفاق لحال رفيقهما الذي حقق في القاهرة كل شيء، بيد أنه على ما يبدو ما يزال قلقا في البلدة الأخرى رغم تراكم الجوائز وتسلل سنوات العمر”.
بهذه الطريقة السردية المبتكرة يدخل كتاب “الروائي والعاصمة” إلى موضوع دراسته النقدية حول جدلية العلاقة بين المبدعين والعاصمة، مؤكدا ذلك الأثر الكبير الذي يصيب المبدع بإقامته في عاصمة وطنه، والتوهج الذي يدب حوله بفعل تأثير الوجود وسط مركز الأحداث والاهتمام الإعلامي المتنوع.
تستعرض الدراسة ظاهرة الروائيين المتحققين في أنحاء مصر بمعزل عن عاصمة الأضواء والتوهج (القاهرة)، وتشير إلى أن انتشار ثقافة التواصل الاجتماعي والإنترنت منح بعض الأمل في إزالة الفجوة بين العالمين، وهو ما تحقق بنسبة ضئيلة.
الناقد الأكاديمي محمد أبوالسعود الخياري حصل على جائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2020 لأفضل كتاب في النقد الأدبي عن كتابه “اتجاهات السرد في الرواية المصرية المعاصرة”، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
ويقطع كتاب “الروائي والعاصمة” رحلة طويلة في البحث عن الكواكب التي تخلصت من تأثير الشمس، واختارت ألا تدور حولها، متمثلة في الأدباء الذين أبدعوا وأنجزوا دون أن يغادروا مدنهم وقراهم، فتحققوا وبرزوا بعيدا عن وهج أضواء المركز في العاصمة.
ويدرس الخياري في كتابه المنجز الروائي لحوالي ثلاثين كاتبا توزعوا في ربوع مصر، عبر خمسة فصول جاءت عناوينها: “روائيون من كوكب الإسكندرية”، و”روايات في شباك الصيادين” عن الروائيين في شمال الدلتا ودمياط، و”روائيون من جزيرة الورد” عن مبدعي المنصورة بمحافظة الدقهلية، و”حلوى وحكايات على رصيف طنطا”، و”كيف تبدو الروايات تحت الشمس المحرقة؟” عن أدباء الصعيد.
يضم كتاب “الروائي والعاصمة” دراسات حول أعمال كل من سعيد سالم ومصطفى نصر وريم بسيوني ودعاء إبراهيم من كتاب الإسكندرية، وسمير المنزلاوي وفكري داوود ومحسن يونس وانتصار عبدالمنعم من شمال الدلتا ودمياط. ومن طنطا أحمد خالد توفيق وعادل عصمت ونورا ناجي. ومن المنصورة فؤاد حجازي وأحمد صبري أبوالفتوح وإبراهيم جادالله ورضا البهات وعمرو عبدالحميد وداليا أصلان ورضا عودة وفكري عمر، ومن الصعيد (جنوب مصر) يحي الطاهر عبدالله وحمدي البطران وأحمد أبوخنيجر وحجاج أدول وجمالات عبداللطيف وشطبي ميخائيل وعبدالنبي فرج ومصطفى البلكي وأيمن رجب طاهر.
تشير الدراسة إلى تفرد الكاتب أحمد صبري أبوالفتوح في توظيف الخاص لخدمة العام في الرواية التاريخية، على خلاف روائيي مصر الذين يكتبون هذا النوع من الروايات، منوهة بالبصمة الواضحة له في خماسيته “ملحمة السراسوة” التي نهلت من الشكل الفني للرواية التاريخية غير أنه لم يستسلم للتاريخ ولم يضحِّ بالسرد وجودته. وبدا النَفَس السردي الطويل سمة باهرة في كتابته، واستطاع التغلب على كثرة المعلومات التاريخية بالتدفق السردي.
قارنت الدراسة بين نوعين من السرد في إقليم واحد (الإسكندرية)، عبر رصد ما تقدمه ريم بسيوني في مقابل ما تكتبه دعاء إبراهيم في الفترة الزمنية نفسها، لتؤكد أن الروائيتين تمثلان تيارين شديدي التباين والاختلاف، فدعاء تمثل تيار الواقعية السحرية في خفة سردية لافتة، قادرة على صنع العالم السردي من الأوهام والظنون والوساوس والذكريات والتوهمات، أما ريم فقد غرست رايتها في أرض التاريخ ودأبت على تقديم الرواية التاريخية من تاريخ مصر في عصور متعاقبة، كمن تحمل مشروعا للرواية التاريخية المصرية.
وعبر العام 2023 كما تؤكد الدراسة عن الاختلاف الحاد بين التيارين أو المدرستين، فقدمت ريم بسيوني في “ماريو وأبوالعباس” سردا تاريخيا يتخلله التخييل المحدود، وقدمت دعاء إبراهيم “حبة بازلاء تنبت في كفي” لتؤذن بمرحلة جديدة جامحة لسرد متدفق غير قابل للسيطرة عليه.
ويرى الخياري أن مشروع دعاء إبراهيم قابل للتجدد والتطور والإبهار، أما مشروع ريم بسيوني فيعوزه إفساح المجال للتخييل حتى تسري حرارة السرد في أوصال التاريخ البارد.
جوائز وريادة
تصل الدراسة النقدية في خاتمتها إلى عدد من النتائج حول الكُتاب الذين ناقشت أعمالهم، ومدى تحققهم وتأثيرهم في الحياة الثقافية والمنجز الروائي المصري بشكل عام، منها أن الجوائز قد عرفت طريقها إلى هؤلاء الروائيين رغم الظل.
فحصد سعيد سالم وسام الدولة وجائزة الدولة التقديرية، وفاز أيمن رجب بجائزة كتارا في الرواية، ونال أحمد أبوخنيجر ورضا البهات وأحمد صبري أبوالفتوح وحجاج أدول جائزة ساويرس الثقافية، كما نال عادل عصمت وريم بسيوني جائزة نجيب محفوظ، وحصلت انتصار عبدالمنعم ونورا ناجي على جائزة الدولة التشجيعية، واختير مصطفى نصر وسمير المنزلاوي للتكريم بواسطة دائرة الشارقة الثقافية، ووصلت داليا أصلان ودعاء إبراهيم إلى القائمة القصيرة لجائزة كتارا، وفاز فكري عمر بجائزة المجلس الأعلى للثقافة في مصر.
كما تشير الدراسة إلى الانتشار الواسع الذي حققه بعض الروائيين بالرغم من بعدهم عن العاصمة، والمثال البارز لذلك أحمد خالد توفيق الذي ظل لسنوات الأعلى مبيعا والأكثر قراءة، ومن بعده استحوذ عمرو عبدالحميد بروايته “أرض زيكولا” على لقب الأعلى مبيعا، فضلا عما اتسم به بعض الروائيين من غزارة الإنتاج مثل سعيد سالم ومصطفى نصر وأيمن رجب طاهر وحمدي البطران ومحسن يونس وحجاج أدول.
الأكثر من ذلك أن ريادة بعض الاتجاهات الروائية قد اتجهت لروائيين من المنتمين إلى مدن الظل كما يسميها الخياري، مثل ريادة أحمد صبري أبوالفتوح وبعده ريم بسيوني للرواية التاريخية.
الكاتب أحمد صبري أبوالفتوح تفرد في توظيف الخاص لخدمة العام في الرواية التاريخية، على خلاف روائيي مصر الذين يكتبون هذا النوع من الروايات
وتميز السرد الروائي في بعض إبداعات هؤلاء الأدباء بالاحتفاء ببيئته، فظهرت روايات تعنى بتصوير إقليمها بشكل خاص مثل روايات “العمة أخت الرجال ويا عزيز عيني والعدة والكرباج” وغيرها، كما ظهر التأكيد على التمسك بالإقليم والاعتزاز بجعله فضاء سرديا للرواية أو تناول سيرته، “مثل روايات: جوكات ونافذة على بحر طناح ويهود الإسكندرية والمختلط وغيرها”.
يقدم الأكاديمي محمد أبوالسعود الخياري النقد بلغة بسيطة شارحة تكشف للقارئ العادي خفايا وجماليات الأدب وما بين سطوره دون مصطلحات علمية ملغزة، وصدر له عام 2021 كتاب “كرسي في البلكونة.. تأملات في الرواية العربية” عن دار غراب للنشر والتوزيع، بالإضافة إلى بعض الدراسات النقدية المنشورة في الصحف والمجلات، منها “الرواية والثورة” و”عشرة أسباب تنزع الأسطورة عن (لا تصالح)” و”أحزان أمير الشعراء” و”مغامرة العقاد التي أربكت مسيرة الشعر العربي”.
محمد شعير
كاتب مصري