لبنان يستضيف فيلم "نائلة والانتفاضة" ضمن مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"
الفيلم يخلط بين الوثائقي والسردي أو السيرة الذاتية أو قصة البطلة نائلة عايش بطلة الفيلم.
الثلاثاء 2024/11/05
فيلم يؤرخ لمرحلة نضال محورية
القبيات (لبنان) - بعد تعذر إقامة مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” في فلسطين، للسنة الثانية على التوالي، عرضت أفلام هذا المهرجان في مدن عدة في العالم، والقبيات اللبنانية واحدة منها.
وبمبادرة من “أفلامنا” ومن الصالون الثقافي في القبيات، عرض الفيلم المؤثر “نائلة والانتفاضة” للمخرجة جوليا باشا.
بداية كان الحضور على موعد مع كلمة ترحيب مقتضبة للدكتور أنطوان ضاهر الذي أعرب فيها عن “معاودة الأنشطة في رحاب معمل الحرير الثقافي السياحي، كنوع من المقاومة الثقافية في ظل وضع مأزوم”.
ومن ناحيته نوه المهندس جورج ضاهر، رئيس الصالون الثقافي، بأن “القضية الفلسطينية ما زالت حية وهي ليست حكرا على فئة معينة أو دين معين”، وكان التعريف بمهرجان “أيام فلسطين السينمائية” من الدكتور أنطونيو معيكي مفسرا “لماذا تم اختيار هذا الفيلم الذي يسرد مراحل نضال نسوي سلمي لعب دورا مهما في مرحلة مهمة من تاريخ فلسطين الحديث”.
الفيلم يسرد مراحل نضال نسوي سلمي لعب دورا مهما في مرحلة محورية من تاريخ فلسطين الحديث
يخلط الفيلم بين الوثائقي والسردي أو السيرة الذاتية أو قصة البطلة نائلة عايش بطلة الفيلم. ويركز على مرحلة الثورة الشعبية أو ما أطلق عليها مصطلح “الانتفاضة”، التي بدأت بالحراك الشعبي الذي سرعان ما توسع أفقيا وعموديا ليعم كل مناطق غزة والضفة الغربية والفلسطينيين داخل الخط الأخضر، بتتابع فريد في محطاته، بدأت في 8 ديسمبر 1987، وأطلق عليها اسم الانتفاضة الكبرى الأولى أو انتفاضة الحجارة، وسميت بهذا الاسم لأن الحجارة كانت أداة الهجوم والدفاع التي استخدمها المقاومون ضد عناصر الجيش الإسرائيلي، كما عرف الصغار من رماة الحجارة “بأطفال الحجارة”.
وعندما تندلع الانتفاضة تنخرط فيها كافة فئات الشعب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تجد فتاة من غزة نفسها مجبرة على الاختيار ما بين الحب والعائلة والحرية. وتتخذ قرارا شجاعا يشمل الخيارات الثلاثة، فتلتحق بشبكة نسائية سرية في إطار حركة تجبر العالم بأسره على الاعتراف بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم للمرة الأولى.
وباستخدام الرسوم المتحركة التعبيرية، والمقابلات المستفيضة، ومقاطع مصورة حصرية من الأرشيف، يكشف هذا الفيلم النقاب عن الناشطات الجسورات اللواتي ظلت حكاياتهن على هوامش التاريخ إلى الآن. ففي الوقت الذي ترتبط معظم الانطباعات حول الانتفاضة الأولى في الغالب بصورة غير مكتملة لشبان يلقون الحجارة، يروي هذا الفيلم الحكاية التي أغفلها التاريخ حول حركة نسائية كان عنوانها الإصرار والابتعاد عن العنف، في طليعة النضال الفلسطيني من أجل الحرية.
فيلم "نائلة والانتفاضة" يوثق لمرحلة أثّرت إيجابيا في حياة الشعب الفلسطيني بكل تفاصيلها
ومع أن الانتفاضة الأولى تشكل الجو العام للمرحلة التي تدور فيها أحداث “نائلة والانتفاضة”، إلا أن فيها من العبر والدروس ما يتخطى ذلك الزمان والمكان بحد ذاته. فعبر التجربة التي خاضها عدد لا حصر له من النساء من كافة الشرائح المجتمعية، نتعلم ما يمكن تحقيقه من مكاسب عندما تتصدر النساء دفة النضال من أجل الحقوق والعدالة – منذ انطلاق الحركة وحتى محادثات السلام – وما يمكن أن نخسره عندما تحرم النساء من القيام بأدوارهن.
أسوة بالنضالات في جميع أنحاء العالم، نشهد كذلك القوة الهائلة التي تكمن في التنظيم السلمي، فقد استطاعت اللجان النسائية، متبنية كافة مظاهر المقاومة الشعبية، أن تحشد مئات الآلاف للمشاركة في مسيرات ضخمة كانت تجوب الشوارع، وفي عيادات طبية متنقلة، ومدارس سرية، وحملات مقاطعة منظمة، ساهمت مجتمعة في إطالة عمر الانتفاضة وخلق اكتفاء ذاتي محلي.
في “نائلة والانتفاضة” نرى كيف تتمكن المقاومة الشعبية التي تقودها النساء من تحريك الجماهير، وممارسة الضغط على أصحاب النفوذ، وإحداث تغيير بنيوي حقيقي.
يوثق فيلم “نائلة والانتفاضة” لمرحلة أثّرت إيجابيا في حياة الشعب الفلسطيني بكل تفاصيلها، وأسست لفكر وثقافة عالية لمرتكزات نادرا ما تلتقطها في مراحل النضال الوطني في سبيل التحرر والاستقلال، وهي ثقافة لأداة جديدة اعتمدتها ومارستها شعوب قليلة للخلاص من الاحتلال ألا وهي “الانتفاضة الشعبية اللاعنفية”، التي انتصرت بها ثورة غاندي لتحرير الهند من الاحتلال البريطاني كمثال راسخ في التاريخ الحدث.
الانتفاضة كانت شكلا من أشكال الاحتجاج العفوي الشعبي الفلسطيني على الوضع العام المزري بالمخيمات وعلى انتشار البطالة وإهانة الشعور القومي والقمع اليومي الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين واستمرت حتى قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1993.
واستغرق إنتاج الفيلم من مخرجته جوليا باشا خمس سنوات لصعوبة الحصول على الوثائق بعد 30 عاما مرت على الحدث، ولم تكن في حينها وسائل التوثيق والصحافة والإعلام متوفرة أو متطورة كما هي الآن في عصر الثورة الرقمية والشبكة العنكبوتية. وبعد عرض الفيلم نظّم حوار وتفاعل مثمر بين المشاهدين حول تفاصيله وموضوعه.