عبدالرزاق الرياني يوثق الذاكرة ويعيد إحياءها بأدق التفاصيل
الحياة الليبية من منظور تشكيلي بين المدرستين الرومانسية والواقعية.
استراحة محارب
بألوان زاهية ولمسة واقعية رومانسية تأتي بورتريهات الفنان التشكيلي عبدالرزاق الرياني لتعيد تصوير تفاصيل من الحياة اليومية في ليبيا، ومن خصوصياتها السلوكية والثقافية، وتخيل مشاهدها.
منذ بواكير حياته التشكيلية الأولى كان الفنان الليبي عبدالرزاق الرياني دائما يرتقي السلم على مهل، فهو شخص هادئ الطباع، تنعكس مشاعره المرهفة بشكل صادق في صفاء رؤيته وسكينة مفرداته التي ينجزها بالتوازي مع العمل المتواصل والدراسة والاطلاع على ما تم إنتاجه عبر مسيرة تاريخ فن الرسم خصوصا التصوير الزيتي. وشَكَّل عبر أعماله الفنية جزءًا جميلا من تاريخ ذاكرة الوطن في مشاهد أنيقة، خصوصا الركن المنسي في الذاكرة الشعبية من القصص وحياة الناس.
الرياني من الذين كرسوا حياتهم الفنية للمدرسة الواقعية الفائقة منذ تجاربه الأولى في بداية التسعينات من القرن الماضي، واتضح هذا في العديد من أعماله المرتبطة بالحياة الليبية والاحتفاء بالملابس التقليدية الشعبية، ورسم المدن القديمة وملامح من مدن أثرية ضاربة في عمق تاريخ ليبيا، مثل مدينة لبدة الكبرى وصبراتة؛ فقد استخدم مشاهد من هذه المدن كخلفيات لمواضيعه الفنية مع رجال ونساء ونشيج من قصص حياة الليبيين مع طابع الحشمة والتواضع في ملامح شخصياته المرشحة لأدوار قصصه المختلفة، في فترات بداياته الأولى كمراحل التجريب والتمرين على شحذ الذاكرة والتخيل، ودراسة الضوء والظل في معالجاته التي تمكن منها بمرور الوقت والموهبة الكبيرة التي يحملها الفنان مع شغفه الدائم بالرسم والتلوين.
حدث يومي في البيوت الليبية
وما يميز الفنان أنه كان يخرج أعماله بشكل سينمائي في العرض، من زاوية المنظور والرؤية التشكيلية من حيث الإضاءة والملابس والأجواء التي يصنعها والفترة التاريخية المستهدفة في صناعة اللوحة عنده.
كما أن المهارة الفائقة والعمل المتأني والخبرة التي تراكمت فيما بعد من الدراسة منذ تخرجه من كلية الفنون وعمله بدار الفنون كرسام متفرغ لفترة طويلة وإكمال دراسته العليا من ماجستير ودكتوراه في جمهورية مصر، كل هذه العوامل كان لها الدور الأساسي في تبلور تجربته الفنية.
كانت أعماله قد ساهمت في إحياء العديد من العادات والمشاهد التي اختفت واندثرت من اليوميات الليبية فاستعان الكثير من المخرجين للأعمال الدرامية الليبية في صياغة أعمالهم المرئية عبر الكثير من أعماله بالملابس والأثاث وكل التفاصيل التي تسردها بكل صدق قصصه التي يرويها عبر تلك اللوحات في مناخ فني راق.
واستخدم عبدالرزاق الرياني الألوان الترابية كنوع من الاقتراب أكثر من الواقع والتماهي مع تعليمات المدرسة الواقعية للفنان الفرنسي غوستاف كوربيه والابتعاد عن المثل العليا التي كانت تجسدها وتدعو إليها المدرسة الرومانسية، مع احتفاظ الفنان الرياني بالأناقة في الملابس والتعبيرات والحركات والإيماءات التي تشعرنا بها بورتريهاته المرسومة في أعماله الفنية التي نجح في أن يضفي عليها شيئا من المعاصرة مع اقتراب بعضها من أعمال الفنانين المستشرقين الأجانب، خصوصا الذين وفدوا إلى الجزائر والمغرب وتناولوا الحياة المغربية من وجهة نظرهم الخاصة في التركيز على جماليات الزي التقليدي في شمال أفريقيا من هذا الجانب الإيجابي عند الفنان الأوروبي مع العديد من الجوانب الأخرى التي اعترتها الأهواء الشخصية والصورة الذهنية المتخيلة وغير الصحيحة عن حياة الناس والمرأة خصوصا في المشرق بشكل عام في النظرة الأوروبية.
رغم هذا ما زال الفنان الرياني يحافظ على العلاقة الوطيدة بين الرومانسية والواقعية في موضوعاته الفنية، يتجه تارة نحو رصد حياة الناس وعاداتهم من ألعاب شعبية ومناسبات اجتماعية، وتارة أخرى يتجه إلى رسم البورتريهات للشخصيات العامة والخاصة من رجال ونساء وأطفال، فاللوحة عنده غالبا ما تكون ذات أجواء اجتماعية، حيث يجتمع فيها العديد من الأشخاص على قلب واحد مع الكثير من الألفة والمحبة، الصبيان حين يلعبون في طفولتهم في أشكال جماعية أو لقاء رجال في مراحل عمرية مختلفة على طاولة في مقهى قديم تجمعهم ألفة اللقاء ومودة حكايات الزمن الماضي، نساء ورجال وأطفال في بورتريهات حالمة، ذات نظرات فاحصة وتتشح بالعديد من المشاعر الإنسانية من دهشة وفرح وتأمل ومودة. أعماله امتازت بنبل مشاعر الإنسانية، يضفي عليها الكثير من الأناقة ودفء الداخل الإنساني من صدق التعبير من عند الفنان.
فتاة بالزي التقليدي
اهتم في تطوير تقنياته وإمكانياته في الرسم والتلوين بتمكين أدواته من التعبير بأبلغ ما يمكن في تقديم نصه البصري، على ألا يكون محاكاة مباشرة للواقع بل عملية ابتكار فنية تصنع جودة المستقل في عالم مواز للعالم الواقعي، الذي يستمد منه مواضيعه الفنية ومقترحاته التشكيلية بعد أن يعيد صياغتها وتشكيلها حسب رؤيته بشكل واقعي جديد من عنده.
رؤيته الخاصة تبلورت حسب ذائقته الفنية الشخصية وغير الخاضعة للمؤثرات العارضة والعابرة، بل امتلك وجهة نظر خاصة مكنته من التعبير بنبرة صوته الخاص داخل الحركة التشكيلية الليبية، واتخذ مكانا مرموقا بين صفوف التجارب المميزة، من حيث الجودة والاستمرار والكم الكبير من إنتاج الأعمال والرصد والتركيز على مواضيع مهمة في الذاكرة الشعبية الليبية التي أسس لها جانبا توثيقيا مهما في ذاكرة الوطن وصنع بصمته الخاصة في مواضيعه وطريقة تناوله لها.
واقتنى عميد جامعة روما للفنون الجميلة فابيو مونجيلي لوحة “سيدة متكئة على الأريكة” بعد أن فاز هذا العمل بجائزة الترتيب الأول في مسابقة التصوير الزيتي والنحت التي نظمتها جامعة روما بإيطاليا أثناء تحصيل الفنان درجة الماجستير بجامعة روما للفنون الجميلة سنة 2005.
عبدالرزاق الرياني من مواليد طرابلس عام 1968، متحصل على بكالوريوس اختصاص رسم وتصوير في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية جامعة طرابلس عام 1991، وعمل بها معيدا، مع عمله كرسام بشركة “دار الفنون” في الفترة الممتدة من 1994 إلى 1998، حصل على ماجستير فنون جميلة في جامعة روما للفنون الجميلة سنة 2005، وأكمل دراسة الدكتوراه في جامعة الفنون الجميلة بالإسكندرية في مصر سنة 2016، وهو عضو نقابة الفنانين الليبيين، وعضو الجمعية الليبية لإحياء التراث الثقافي، وله العديد من المعارض الشخصية في طرابلس ومصراتة ومصر وروما ومالطا، وشارك في الكثير من المعارض الجماعية داخل ليبيا وخارجها، وله أعمال مقتناة في العديد من مؤسسات الدولة الليبية.
عدنان بشير معيتيق
فنان تشكيلي من ليبيا
الحياة الليبية من منظور تشكيلي بين المدرستين الرومانسية والواقعية.
استراحة محارب
بألوان زاهية ولمسة واقعية رومانسية تأتي بورتريهات الفنان التشكيلي عبدالرزاق الرياني لتعيد تصوير تفاصيل من الحياة اليومية في ليبيا، ومن خصوصياتها السلوكية والثقافية، وتخيل مشاهدها.
منذ بواكير حياته التشكيلية الأولى كان الفنان الليبي عبدالرزاق الرياني دائما يرتقي السلم على مهل، فهو شخص هادئ الطباع، تنعكس مشاعره المرهفة بشكل صادق في صفاء رؤيته وسكينة مفرداته التي ينجزها بالتوازي مع العمل المتواصل والدراسة والاطلاع على ما تم إنتاجه عبر مسيرة تاريخ فن الرسم خصوصا التصوير الزيتي. وشَكَّل عبر أعماله الفنية جزءًا جميلا من تاريخ ذاكرة الوطن في مشاهد أنيقة، خصوصا الركن المنسي في الذاكرة الشعبية من القصص وحياة الناس.
الرياني من الذين كرسوا حياتهم الفنية للمدرسة الواقعية الفائقة منذ تجاربه الأولى في بداية التسعينات من القرن الماضي، واتضح هذا في العديد من أعماله المرتبطة بالحياة الليبية والاحتفاء بالملابس التقليدية الشعبية، ورسم المدن القديمة وملامح من مدن أثرية ضاربة في عمق تاريخ ليبيا، مثل مدينة لبدة الكبرى وصبراتة؛ فقد استخدم مشاهد من هذه المدن كخلفيات لمواضيعه الفنية مع رجال ونساء ونشيج من قصص حياة الليبيين مع طابع الحشمة والتواضع في ملامح شخصياته المرشحة لأدوار قصصه المختلفة، في فترات بداياته الأولى كمراحل التجريب والتمرين على شحذ الذاكرة والتخيل، ودراسة الضوء والظل في معالجاته التي تمكن منها بمرور الوقت والموهبة الكبيرة التي يحملها الفنان مع شغفه الدائم بالرسم والتلوين.
حدث يومي في البيوت الليبية
وما يميز الفنان أنه كان يخرج أعماله بشكل سينمائي في العرض، من زاوية المنظور والرؤية التشكيلية من حيث الإضاءة والملابس والأجواء التي يصنعها والفترة التاريخية المستهدفة في صناعة اللوحة عنده.
كما أن المهارة الفائقة والعمل المتأني والخبرة التي تراكمت فيما بعد من الدراسة منذ تخرجه من كلية الفنون وعمله بدار الفنون كرسام متفرغ لفترة طويلة وإكمال دراسته العليا من ماجستير ودكتوراه في جمهورية مصر، كل هذه العوامل كان لها الدور الأساسي في تبلور تجربته الفنية.
كانت أعماله قد ساهمت في إحياء العديد من العادات والمشاهد التي اختفت واندثرت من اليوميات الليبية فاستعان الكثير من المخرجين للأعمال الدرامية الليبية في صياغة أعمالهم المرئية عبر الكثير من أعماله بالملابس والأثاث وكل التفاصيل التي تسردها بكل صدق قصصه التي يرويها عبر تلك اللوحات في مناخ فني راق.
واستخدم عبدالرزاق الرياني الألوان الترابية كنوع من الاقتراب أكثر من الواقع والتماهي مع تعليمات المدرسة الواقعية للفنان الفرنسي غوستاف كوربيه والابتعاد عن المثل العليا التي كانت تجسدها وتدعو إليها المدرسة الرومانسية، مع احتفاظ الفنان الرياني بالأناقة في الملابس والتعبيرات والحركات والإيماءات التي تشعرنا بها بورتريهاته المرسومة في أعماله الفنية التي نجح في أن يضفي عليها شيئا من المعاصرة مع اقتراب بعضها من أعمال الفنانين المستشرقين الأجانب، خصوصا الذين وفدوا إلى الجزائر والمغرب وتناولوا الحياة المغربية من وجهة نظرهم الخاصة في التركيز على جماليات الزي التقليدي في شمال أفريقيا من هذا الجانب الإيجابي عند الفنان الأوروبي مع العديد من الجوانب الأخرى التي اعترتها الأهواء الشخصية والصورة الذهنية المتخيلة وغير الصحيحة عن حياة الناس والمرأة خصوصا في المشرق بشكل عام في النظرة الأوروبية.
أعمال الرياني الفنية جزء جميل من تاريخ ذاكرة الوطن في مشاهد أنيقة، خصوصا الركن المنسي في الذاكرة الشعبية
رغم هذا ما زال الفنان الرياني يحافظ على العلاقة الوطيدة بين الرومانسية والواقعية في موضوعاته الفنية، يتجه تارة نحو رصد حياة الناس وعاداتهم من ألعاب شعبية ومناسبات اجتماعية، وتارة أخرى يتجه إلى رسم البورتريهات للشخصيات العامة والخاصة من رجال ونساء وأطفال، فاللوحة عنده غالبا ما تكون ذات أجواء اجتماعية، حيث يجتمع فيها العديد من الأشخاص على قلب واحد مع الكثير من الألفة والمحبة، الصبيان حين يلعبون في طفولتهم في أشكال جماعية أو لقاء رجال في مراحل عمرية مختلفة على طاولة في مقهى قديم تجمعهم ألفة اللقاء ومودة حكايات الزمن الماضي، نساء ورجال وأطفال في بورتريهات حالمة، ذات نظرات فاحصة وتتشح بالعديد من المشاعر الإنسانية من دهشة وفرح وتأمل ومودة. أعماله امتازت بنبل مشاعر الإنسانية، يضفي عليها الكثير من الأناقة ودفء الداخل الإنساني من صدق التعبير من عند الفنان.
فتاة بالزي التقليدي
اهتم في تطوير تقنياته وإمكانياته في الرسم والتلوين بتمكين أدواته من التعبير بأبلغ ما يمكن في تقديم نصه البصري، على ألا يكون محاكاة مباشرة للواقع بل عملية ابتكار فنية تصنع جودة المستقل في عالم مواز للعالم الواقعي، الذي يستمد منه مواضيعه الفنية ومقترحاته التشكيلية بعد أن يعيد صياغتها وتشكيلها حسب رؤيته بشكل واقعي جديد من عنده.
رؤيته الخاصة تبلورت حسب ذائقته الفنية الشخصية وغير الخاضعة للمؤثرات العارضة والعابرة، بل امتلك وجهة نظر خاصة مكنته من التعبير بنبرة صوته الخاص داخل الحركة التشكيلية الليبية، واتخذ مكانا مرموقا بين صفوف التجارب المميزة، من حيث الجودة والاستمرار والكم الكبير من إنتاج الأعمال والرصد والتركيز على مواضيع مهمة في الذاكرة الشعبية الليبية التي أسس لها جانبا توثيقيا مهما في ذاكرة الوطن وصنع بصمته الخاصة في مواضيعه وطريقة تناوله لها.
واقتنى عميد جامعة روما للفنون الجميلة فابيو مونجيلي لوحة “سيدة متكئة على الأريكة” بعد أن فاز هذا العمل بجائزة الترتيب الأول في مسابقة التصوير الزيتي والنحت التي نظمتها جامعة روما بإيطاليا أثناء تحصيل الفنان درجة الماجستير بجامعة روما للفنون الجميلة سنة 2005.
عبدالرزاق الرياني من مواليد طرابلس عام 1968، متحصل على بكالوريوس اختصاص رسم وتصوير في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية جامعة طرابلس عام 1991، وعمل بها معيدا، مع عمله كرسام بشركة “دار الفنون” في الفترة الممتدة من 1994 إلى 1998، حصل على ماجستير فنون جميلة في جامعة روما للفنون الجميلة سنة 2005، وأكمل دراسة الدكتوراه في جامعة الفنون الجميلة بالإسكندرية في مصر سنة 2016، وهو عضو نقابة الفنانين الليبيين، وعضو الجمعية الليبية لإحياء التراث الثقافي، وله العديد من المعارض الشخصية في طرابلس ومصراتة ومصر وروما ومالطا، وشارك في الكثير من المعارض الجماعية داخل ليبيا وخارجها، وله أعمال مقتناة في العديد من مؤسسات الدولة الليبية.
عدنان بشير معيتيق
فنان تشكيلي من ليبيا