علي مصطفى رمضان المؤسس الرائد في المشهد التشكيلي الليبي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • علي مصطفى رمضان المؤسس الرائد في المشهد التشكيلي الليبي

    علي مصطفى رمضان المؤسس الرائد في المشهد التشكيلي الليبي


    شخصية ثقافية تدعم الفن في ليبيا والإعلام المحلي يتجاهلها.


    فنان أعطى الكثير لفن بلاده

    يحفل التشكيل الليبي بالكثير من الأسماء التي لمعت محليا وعربيا ولها تاريخ فني مهم يجمع بين الغرب والشرق وينهل من المدارس الفنية على اختلافها، ومن هؤلاء الفنان التشكيلي علي مصطفى رمضان ذو الأسلوب الفريد والمجدد والذي كان من أول المؤسسين للفن التشكيلي في ليبيا والداعمين للمواهب الشابة والمتميزة.

    الحديث عن الفنان الليبي علي مصطفى رمضان يعني الكلام عن العديد من الجوانب الفنية والثقافية من محطات تاريخ فن الرسم الليبي ومراحل تأسيسه للكثير من مؤسساته التي كان لها دور كبير في الدفع بالتشكيل وترقية الذائقة البصرية والفهم التشكيلي الخاص للناشئة من الفنانين الليبيين وللجمهور الفني منذ تأسست الدار الليبية للفنون رفقة المهندس خليفة المهدوي في نهاية الثمانينات من القرن الماضي، وبعدها دار الفنون في بداية التسعينات التي كانت وما زالت تعمل بجد إلى الوقت الراهن.

    قبل كل هذا ساهم الفنان في الكثير من المشاريع الثقافية المبكرة منذ الخمسينات والستينات من القرن الماضي كنادي الرسامين بطرابلس ومعرض جمعية الفكر رفقة الفنان إسماعيل إسكندر وعلي وريث ومحمد فريد سيالة ومحمود الخوجة في بداية الستينات ومعرض عام في منتصف السبعينات - شارع عمر المختار مع كل من الفنان محمد بركة ومحمد الأرناؤوطي وعلي العباني وعلي ارميص وفتحي الخراز وأسمهان الفرجاني والطاهر المغربي، وكان حاضرا في غيرها من النشاطات التابعة للعديد من المؤسسات الفنية والثقافية الليبية والمراكز الثقافية الأجنبية التي كانت تتبع لعدة سفارات أجنبية في ليبيا.

    ◙ الفنان علي رمضان استعمل مقولات مأثورة وآيات وقصائد شعرية تتخذ أشكالا هندسية متداخلة في صورة أعمدة متداخلة

    الفنان علي رمضان الذي أعطى الكثير من جهده وخبرته وعمره خدمة للمشهد التشكيلي الفني بشكل خاص والثقافي بشكل عام، لم يجد من يسرد تجربته الشخصية المليئة بالعطاءات رغم مرور كل هذه السنوات الطويلة عبر ثلاثة عهود من مراحل الدولة الليبية الحديثة والذي أعتبره من وجهة نظري الشخصية قد ساهم في إضفاء أجمل صورة على الوطن في عيون الليبيين والأجانب عبر نشاطاته وفنه وكتاباته المتنوعة من دراسات وكتب ترصد مواطن الجمال فيها، وتشير إلى هذه المجهودات في دراسة أو مقالة خاصة بإنجازاته هذه.

    كل ما كتب عن هذا الفنان في الصحف المحلية كان شحيحا جدا رغم أهمية هذه الشخصية الثقافية والفنية في ليبيا كفنان ومؤسس وجزء من أرشيف الحركة التشكيلية الليبية منذ تأسيسها الفعلي في مرحلة الخمسينات إلى يومنا هذا، فالأستاذ علي يحتفظ بكم كبير من الوثائق المصورة والمكتوبة والكثير من المعلومات التي عاصرها عن فنانين وتجارب تشكيلية ليبية وأخرى أجنبية كانت في مراحل الخمسينات والستينات والسبعينات وما تم عمله في فترة الثمانينات والتسعينات من معارض وأحداث ثقافية متنوعة.

    كنت قد زرته في بيته رفقة الفنان أحمد الغماري وتعرفت عن قرب على الكم الكبير من أعمال تشكيلية من فترات متباعدة لفنانين ليبيين وعرب وأجانب منذ ستينات القرن الماضي ما زال يحتفظ بها بين مقتنياته الخاصة، بالإضافة إلى مجموعاته الخاصة بأعماله التشكيلية الشخصية.
    تجربة في النحت



    نحات ومصمم شعارات


    علي رمضان شخصية ثقافية كبيرة، يمتلك علاقات واسعة مع الشخصيات المؤثرة في المجتمع، وكما أشرت كان له الدور الأكبر في ترسيخ فكرة الفن التشكيلي المعاصر بتأسيس قاعات خاصة متخصصة في العرض الفني بأدق المقاييس المتعارف عليها عالميا وإقامة معارض جماعية وفردية للعديد من التجارب التشكيلية في ليبيا، بمشاركة بعض الرواد من التشكيليين ورجال الأعمال الذين ساهموا في صناعة مؤسسات فنية دفعت بالكثير من التجارب التشكيلية الناضجة في الساحة التشكيلية على مدى أكثر من 40 عاما.

    علي رمضان هو أيضا نحات ومصمم شعارات عمل العديد من الأعمال الفنية في المؤسسات العامة في بداية الثمانينات من القرن الماضي، ومن أهمها منحوتة مستشفى العيون بطرابلس من المعدن بحجم كبير جدا حيث كان يرمز إلى عين بشكل مجرد عبارة عن خطوط منحنية تلتقي لتشكل عينا بشكل رمزي.


    ◙ انعكاس لعشق فطري للتراث الليبي


    وتتضح القطيعة مع المنجز التقليدي لفن لوحة الحامل التي هي الأخرى لم تتشكل ملامحها بشكل كامل في ليبيا خصوصا في فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وربما ما أتيح للفنان من دراسة في أحد أهم مراكز الفن الأوروبي في ذلك الوقت قد كان له دور كبير في تشكيل وعيه الفني وفهمه التشكيلي على هذا النحو من التجديد والمعاصرة خصوصا مقارنة مع من جاورهم من تجارب كانت أغلبها تتجه إلى التقليدية.

    الحركة الديناميكية وملامح التكنولوجيا والهندسة في صيغة أعماله تدعو إلى التفكير قبل التأمل. ومن أهم الفنانين الذين اتبعوا هذا الاتجاه هم المستقبليون وما يمكن أن يضيفه على هذه المقترحات الفنان رمضان هو أنفاس الخط العربي التي اتضحت في العديد من تصميماته وخاصة في أعماله الفنية المعدنية ذات التفكير الهندسي العلمي والتي لا تخلو من سيطرة التصميم الصناعي.

    حاول الفنان أن يضفي على هذه الكتل الحديدية المتحركة ملامح عربية بتبنيه الخط في صناعتها، فبالرغم من مصدر إلهامه الغربي إلا أنه نجح في أن يضفي عليها الحروف والخط العربي في حدود هذه المنحوتات الخارجية والتي تحدد أشكالها في حركات هندسية تعتمد على تفكير وهندسة دقيقة في صناعة مكوناتها الداخلية. فالفنان يصنع هياكلها بدقة ودراسة متأنية ويعتمد على قياسات هندسية فكل الخطوط الظاهرة في حقيقتها مكونة من مربعات حديدية متجاورة في أسلاك معدنية مشكلة حسب الحاجة التشكيلية للعمل المراد إنجازه.

    كذلك جاء العمل في مستشفى العيون بطرابلس والذي يرمز إلى عين بشكل مجردة فكانت الخطوط “الحواف” رشيقة ومختزلة إلى أبعد حد من مادة المعدن بحجم كبير جدا يناسب عرض الفضاءات الخارجية وما زال العمل موجودا إلى يومنا هذا في ساحة المستشفى.
    الأوب آرت



    ذاكرة مبدعة في مجالها


    “الأوب آرت” أو فن الخداع البصري هي أعمال فنية ذات خطوط ونقاط متباينة وذات تأثيرات متموجة تعمل على إحداث خداع بصري بين الألوان الصريحة المتقابلة أو الأبيض والأسود واستعمال أشكال في الغالب هندسية كخطوط وأعمدة ومربعات وغيرها. وكان من رواد هذا الفن الفرنسي فيكتور فازاريلي والأميركي ريتشارد جوزيف.

    الفنان علي رمضان استعمل مقولات مأثورة وآيات وقصائد شعرية تتخذ أشكالا هندسية متداخلة في صورة أعمدة متداخلة وتموجات يمكن أن تقرأ بعد مجهود كبير للعين في محاولات التعرف على الحروف والكلمات الموجودة في هذه الأعمال الفنية وأضاف نكهة الفن البصري المعاصر إليها في وقت مبكر من حياة التجارب التشكيلية العربية الخاصة بالحروفية وكانت هذه الأعمال في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، إلا أن الفنان قد توقف عن العمل الفني وتفرغ للتأسيس وإدارة الشؤون الفنية الخاصة بالمعارض منذ نهاية الثمانينات ولم تعرض هذه الأعمال بشكل كاف في معارض شخصية للفنان إلا في مطبوعات على هيئة مستنسخات تم تسويقها ونشرها في العديد من مؤسسات الدولة الليبية في الثمانينات وتسعينات القرن الماضي.


    ◙ فنان يستمد قوته من تاريخ بلاده


    للفنان الكثير من الدراسات والبحوث ومنها الصادرة في كتابه تأملات في المعمار الإسلامي في ليبيا، حيث يقول “في الضواحي القريبة لمدينة طرابلس ومنذ سنوات الطفولة الباكرة كانت المساجد القديمة والمباني الريفية الصغيرة تبدو لي من بعيد بجدرانها البيضاء المشعة من خلال أشجار النخيل والزيتون وتحت صفاء سماء بلادنا الدافئة، كان عشقي الفطري لهذه الأشكال المعمارية الجميلة يفوق كل وصف، حتى أن معظم محاولاتي التشكيلية الأولى جاءت جميعها انعكاس لهذا العشق الفطري وكانت المواضيع المعمارية لأزقة المدينة بحواريها الملتوية وطرقها المسدودة هي المادة الخصبة لهذه المحاولات المبكرة”.

    يذكر أن الفنان علي رمضان مواليد عام 1938 بطرابلس، درس فنون الرسم والنحت والتصوير عام 1967 بهولندا. وشارك أثناء دراسته بهولندا في عدد من المعارض الفنية إلى جانب كبار الفنانين، تخرج سنة 1974 وبقي في هولندا فترة من الزمن أقام فيها العديد من المعارض الفنية رفقة العديد من الفنانين الهولنديين وتم اقتناء العديد من أعماله في تلك الفترة في هولندا. وبعد رجوعه إلى ليبيا شارك في العديد من المعارض والملتقيات ومن أهمها معرض السنتين ببغداد سنة 1974 وشارك في معرض الفنون بالحمامات بتونس 1975 ومعرض السنتين للفنون البحر المتوسط بالإسكندرية 1976، واشتغل في التصميم الفني للكتب والمطبوعات والمجلات وصمم العديد من الشعارات.

    له الكثير من أعمال الرسم والنحت والتصوير في عدة أماكن بهولندا وطرابلس. وصدر للفنان كتاب “تأملات في المعمار الإسلامي في ليبيا” وكتاب مشترك مع الفنان الطاهر الأمين المغربي “أضواء وظلال عربية ليبية”، وأسس عدة قاعات ودور فنية منها الدار الليبية للفنون بالبرج رقم 3 بذات العماد والتي كانت ملكا لجمعية الدعوة الإسلامية العالمية وشركة أفريقيا للهندسة منذ 1989 إلى 1992 كما أشار الفنان أحمد الغماري، وشركة صفر للإنتاج الفني ودار الفنون بطريق السكة مع المهندس خليفة المهدوي وبعض الفنانين الليبيين.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    عدنان بشير معيتيق
    فنان تشكيلي من ليبيا
يعمل...
X