الليبي علي سعيد قانة: الحارس الأمين على جمال الوطن بأسره

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الليبي علي سعيد قانة: الحارس الأمين على جمال الوطن بأسره

    الليبي علي سعيد قانة: الحارس الأمين على جمال الوطن بأسره


    فنان جمع بين الموهبة والتكوين الأكاديمي فأرخ بريشته لمعالم بلاده.


    فنان تفنن في تصوير تاريخ بلاده

    تدرك الأوساط التشكيلية في ليبيا أهمية بعض الأسماء دون غيرها، ومنها أسماء الفنانين الرواد الذين أسسوا للفن ومدارسه في البلاد ووضعوا بصمتهم الخالدة عليه، ملتزمين بهويتهم المنفتحة على كل التجارب التشكيلية، ومن هؤلاء علي سعيد قانة الذي يعدّ واحدا من أهم رواد الفن التشكيلي والذي تتلمذت على يديه أجيال من الفنانين الشبان والفاعلين حتى الآن.

    يمكن لأي مشهد أن يصبح عملا فنيا خالصا عندما يتكئ الفنان على طبيعته الداخلية، خبرته ووعيه بالأشياء وإحساسه بالمكان والموجودات، بالضوء الساقط على هذه الموجودات وعلاقته بتحولات أمزجة الألوان والخطوط والظلال، مساحات مضيئة وأخرى معتمة وشروط التكوين الكلاسيكية الأولى في بناء العمل الفني وإدراك الفنان نفسه لكل هذه الموجودات.

    والعمل الفني بمثابة بحث متواصل لكل هذه العلاقات وانتباه مستمر بل هو حياة كاملة يعيشها المبدع في عالمين متجاورين، الواقع المعاش وما به من مواضيع يمكن التقاطها والمناطق المتخيلة التي تتجسد كواقع آخر على سطح أعماله الفنية بعد أن ينقل لها كل ما تم التقاطه من محيطه وبيئته وحياته بحساسية مفرطة غير التي يمتلكها الإنسان العادي.

    والفنان الذي يؤمن بأن الرسم تعبير عن جماليات الكون وبعد كل هذا بما يهمه من المتعة والراحة في الأداء والركون النفسي إلى عالم من الجمال الخالص، وليس ذلك الكائن الذي تدفعه ارتدادات ردود الأفعال من ضنك الشعور بالتدني والخسارة في بعض الأحيان إلى فعل شيء عابر وباهت في خارطة التشكيل الليبي بل هو العمل الأصيل الذي لا يمكن أن يمحى من الذاكرة والوجدان.

    ويعدّ الفنان الليبي علي سعيد قانة أحد أهم رواد الفن التشكيلي في ليبيا والتجارب التشكيلية الأنيقة التي كانت تضيء سماء التشكيل في ليبيا منذ أكثر من نصف قرن كفنان وأستاذ في كلية الفنون بطرابلس وكلية الهندسة المعمارية، وكذلك حارس التراث الليبي من فنون وحكايات وما يهتم به من توثيق صور التراث المعماري كأنه أرشيف للوطن، إذ تنضح خزائنه ومكتباته بالمقالات والوثائق لكل المدن الليبية القديمة وأنماط الحياة الشعبية التي كانت في أرجاء الوطن. ومنذ تخرجه من روما إلى أن تقاعد من المهنة وهو في حالة شغف دائم، ينعكس هذا كله في أعماله المرسومة والمكتوبة من مقالات ودراسات متنوعة.


    علي قانة يلقب بالمعلم لأنه فنان بالدرجة الأولى ومتخصص دارس لأصول الرسم والنحت والخزف والطباعة


    ومن سمات تجربة الفنان علي قانة التشكيلية في فن الوجوه، اهتمامه بالتفاصيل والتأكيد على الملامح الخاصة لكل بورتريه ولكل لوحة، فكان الفنان من أهم الذين أتقنوا فن الرسم الأكاديمي بين زملائه من الرسامين ومن رواد فن البورتريه.

    لكن غايته من اتباع هذا النمط التشكيلي تتمثل في الصعوبة لأنه يحتاج من الفنان التماهي مع كل شخصية يرسمها حتى يمكن الوصول إلى داخل النفس البشرية لكل وجه يراد رسمه، فالفنان قانة رغم أنه واقعي رومانسي إلا أنه كان يتقن إضفاء ملامح وأحاسيس عميقة بالكثير من الطَلاوة على بورتريهاته المرسومة التي كانت تتخذ في العديد منها أوضاع “منظور ثلاثة أرباع” صعبة التنفيذ، وإن تم تنفيذها فمن الصعب إتقانها كما يفعل الفنان في تلك الفترات من الستينات التي كان الرسم فيها يحبو على أطراف أصابع قدميه.

    رسم الفنان الليبي الخيول، والبيوت والمدن العتيقة برائحة الأمكنة الأولى، وجوه الأحبة، والطبيعة الصامتة التي كانت انعكاسا عميقا لحالته النفسية، بدءا من ملامح السكون والألفة والكثير من الرومانسية في لوحات حالمة للجدات والنساء الجميلات وبعض الرجال والفتية والكثير من الزهور وباقاتها في تكوينات كلاسيكية من لوحات الطبيعة الصامتة التي اتخذت مكان الأعمال الخالدة المتلازمة مع كل نهضة فنية لكل بلد، فهي بمثابة أعمال عصر نهضة ليبيا، وكل هذه الأعمال تم تنفيذها بالرسم الزيتي وبعض منها بالطباعة الأحادية وبعض الأعمال الخزفية المتنوعة.

    الفنان علي قانة يلقبه طلابه بالمعلم الذي رسّخ فكرة التعليم الأكاديمي الصحيح، لأنه فنان بالدرجة الأولى ومتخصص دارس لأصول الرسم والنحت والخزف والطباعة وهذا مهم أيضا لمعلم الفنون والأهم هو روحه المرحة ورقي تعامله مع طلابه ومريديه من الذين كانوا يستفيدون من علمه ومعارفه المختلفة في الفنون والعمارة، وهنا أذكر لقائي الوحيد في ملامسة أنيقة جدا لهذا الفنان الحاضر الغائب في زيارته لمعرضي الثنائي مع الفنان محمد بن لامين في برج طرابلس رفقة الفنان علي الزويك سنة 2000 بتعامله الراقي وكلامه الموزون وانطباعه الجميل تجاه الأعمال المعروضة ومدى دهشته لاختلافها عن المطروح والسائد في تلك الأيام ودفعه وتشجيعه للمضي قدما في مجال الفن.◙


    ◙ الفنان المعلم بجدارة لأبنائه والحارس الأمين على جمال الوطن بأسره


    إنه الفنان المعلم بجدارة لأبنائه والحارس الأمين على جمال الوطن بأسره. في كل ركن من قلبه الكبير ستجد صورة، من ملامح ليبيا في أبهى صورها، من زخارف غدامسية أو أقواس وبيوت طرابلسية، من صور الصحاري والغابات، من الملامح الجبلية وحياة الناس في نصوص بصرية مرسومة أو دراسات ومقالات مكتوبة بالكثير من الحب والمعرفة.

    ويذكر أن الفنان علي قانة من مواليد مدينة طرابلس سنة 1936 وتوفي سنة 2006، التحق سنة 1957 بأكاديمية الفنون الجميلة بروما، وتخصص في النحت بمدرسة سان جاكومو للفنون الجميلة، ودعم قدراته الفنية بدورات تخصصية في مجالات الرسم الزيتي والطباعة والسباكة. درس تقنية الفريسكو الجدارية، والطباعة الفنية، صب البرونز في روما.

    بعد التخرج من روما التحق بمجال التدريس ومن أهم محطاته المهنية: عضو هيئة تدريس من 1964 إلى 1974 في العديد من مدارس طرابلس، وفي سنة 1974عضو هيئة تدريس بقسم العمارة والتخطيط العمراني بكلية الهندسة، جامعة طرابلس، لمادتي أُسس التصميم والرسم الحر. واستمر عطاؤه في هذا المجال حتى تقاعده سنة 2001.


    المرأة كما رآها علي قانة


    من سنة 1993 إلى سنة 1996، كان عضو هيئة تدريس بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية لمادة النحت الخزفي وصناعة القوالب. وفي نفس الوقت كان مستشارا للشؤون الفنية بجهاز تنظيم وإدارة المدينة القديمة طرابلس من سنة 1994 إلى سنة 2001، ثم عضوا مؤسسا للدار الليبية للفنون 1989. عضو مؤسس لدار الفنون سنة 1993. عضو مؤسس لجمعية الخزافين.

    ومنح الفنان سنة 1992 درجة الماجستير الفخرية من كلية الهندسة جامعة طرابلس تقديراً لعطائه العلمي والفني المميز ولمساهمته المهمة في إيجاد صيغة معاصرة لمفهوم وتطبيقات التراث المعماري والحرفي في شتى نواحي الحياة اليومية.

    وكانت للفنان مشاركات عديدة في فعاليات تشكيلية خارج ليبيا، منها مشاركته في مهرجان الفنون الأفريقية بالجزائر، ومشاركته في معرض مقامات من الرسم المغاربي. كما شارك في مهرجان فنون الجزائر سنة 1969، وفي معرض الأربعة بدار الفنون طرابلس 1993.

    ونحت علي قانة تمثالين رأسيين للشاعرين أحمد الشارف وأحمد رفيق المهداوي، وهو مصمم هدية الفارس الليبي والمشرف على تنفيذها، ومصمم المحتوى البصري (الشخصيات) الخاص بمنهج اللغة الفرنسية للمرحلة الثانوية. وهو من أنجز منحوتة “الطاقة” لمعرض طرابلس الدولي سنة 1969.

    وفي رصيد الراحل العديد من الدراسات لمؤسسات فنية، منها دراسات تأسيس متحف الفن الليبي للفنون الحديثة، ودراسات تأسيس كلية العمارة والفنون، ودراسات للزخارف الداخلية للفندق الكبير على الطراز الغدامسي. ودراسات لونية لجدران المدينة القديمة طرابلس، ودراسات لصندوق العروسة، ودراسات الأواني النحاسية، ودراسات للكانون التقليدي المصنوع من الفخار المحلي.


    ◙ الفنان الليبي رسم الخيول والمدن العتيقة، وجوه الأحبة، والطبيعة الصامتة التي كانت انعكاسا عميقا لحالته النفسية


    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    عدنان بشير معيتيق
    فنان تشكيلي من ليبيا
يعمل...
X