قصص مراوغة تستكشف الأبعاد المعقدة للتجربة الإنسانية المعاصرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصص مراوغة تستكشف الأبعاد المعقدة للتجربة الإنسانية المعاصرة

    قصص مراوغة تستكشف الأبعاد المعقدة للتجربة الإنسانية المعاصرة


    من خلال تسع قصص متنوعة ومتداخلة أيضا يستكشف احجيوج أسئلة جوهرية حول طبيعة الوجود والهوية والحقيقة.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    رؤية عميقة ومعقدة للواقع المعاصر (لوحة للفنان إبراهيم الحسون)

    بيروت- تضم المجموعة القصصية “الرحلة إلى جبل قاف” للكاتب المغربي محمد سعيد احجيوج تسع قصص، تمثل رحلة أدبية فريدة في عوالم السرد والخيال، وتقدم للقارئ رؤية عميقة ومعقدة للواقع المعاصر، حيث تتشابك الهويات وتتداخل العوالم في نسيج سردي متميز.

    من خلال تسع قصص متنوعة، ومتداخلة أيضا، يستكشف احجيوج أسئلة جوهرية حول طبيعة الوجود والهوية والحقيقة، مستخدمًا أساليب سردية مبتكرة تدفع حدود الكتابة القصصية إلى آفاق جديدة.

    في قصة “الظهور الثاني لكتاب الرمل” يتناول احجيوج فكرة اللانهائية من خلال استعارة الكتاب السحري من بورخيس. هذه القصة تفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول طبيعة المعرفة وحدودها. كيف يمكن للإنسان أن يتعامل مع فكرة اللانهائي؟ وما هي انعكاسات ذلك على فهمنا للواقع والحقيقة؟ هنا نجد أنفسنا في متاهة زمنية حيث يلتقي الماضي بالحاضر والمستقبل. الكتاب هنا ليس مجرد وعاء للمعرفة، بل هو كيان حي يتحدى فهمنا للزمن والواقع. كأننا نقف أمام مرآة سحرية تعكس صورًا متداخلة لذواتنا وعوالمنا.


    أسئلة جوهرية حول طبيعة الوجود والهوية والحقيقة


    في “نبوءة المجوس وحكاية عن تأويل الأحلام والقصة الحقيقية لقتل شهريار زوجته”، كما في قصص أخرى، يعيد احجيوج صياغة حكايات “ألف ليلة وليلة” بطريقة مبتكرة وعصرية. من خلال هذه المعالجة الجديدة يستكشف الكاتب قضايا معاصرة مثل السلطة والجنس والعنف في المجتمعات العربية. كيف يمكن للتراث أن يكون أداة لفهم الحاضر ونقده؟ وما هي العلاقة بين الماضي والحاضر في تشكيل هويتنا الثقافية؟

    وتبرز قصة “الجنازة الثانية لابن رشد” كمثال على قدرة احجيوج على توظيف التراث الفلسفي والثقافي العربي الإسلامي في سياق معاصر. من خلال استحضار شخصية ابن رشد، يطرح الكاتب أسئلة حول العلاقة بين العقل والنقل، بين العلم والإيمان، في واقعنا المعاصر.

    وتتميز لغة احجيوج في هذه المجموعة بكونها أداة للتفكيك والبناء في آن واحد. فهي لا تكتفي بنقل المعنى، بل تخلق واقعها الخاص المليء بالتناقضات والمفارقات. من خلال هذا الاستخدام المبتكر للغة، يدعونا الكاتب إلى إعادة النظر في علاقتنا بالكلمات والمعاني، وفي الطريقة التي نفهم بها العالم من حولنا.

    تطرح “الرحلة إلى جبل قاف” أيضًا أسئلة عميقة حول طبيعة الزمن وعلاقتنا به. في قصة “شهريار يحلم بالصيَّاد الذي يحلم أنه شهريار”، يتداخل الماضي مع الحاضر والمستقبل في لعبة سردية معقدة. هذا التداخل الزمني يدفعنا إلى التفكير في كيفية تأثير الماضي على حاضرنا، وكيف يمكن لتصوراتنا عن المستقبل أن تشكل واقعنا الحالي.

    ثم تأتي القصة التي تحمل عنوان المجموعة “الرحلة إلى جبل قاف” لتختتم هذه الرحلة الأدبية الاستثنائية. هنا نصل إلى ذروة البحث عن المعنى والحقيقة، لنكتشف أن الرحلة نفسها هي الغاية. هنا يستدعي العنوان صورة الجبل الأسطوري في التراث العربي والإسلامي، ذلك الجبل الذي يحيط بالعالم ويمثل حدود المعرفة البشرية. لكن احجيوج لا يكتفي بالوصول إلى قاف، بل يتجاوزه، مستكشفًا ما وراء الحدود المعروفة للواقع والخيال.

    تمثل “الرحلة إلى جبل قاف” محاولة جادة لاستكشاف الأبعاد المعقدة للتجربة الإنسانية المعاصرة. من خلال الجمع بين التراث والحداثة، وتوظيف أساليب سردية مبتكرة، يقدم احجيوج رؤية عميقة لعالم يتسم بالتشظي والتناقض. إنها دعوة للقارئ إلى إعادة النظر في مفاهيمه عن الواقع والهوية والحقيقة، والانخراط في رحلة فكرية عميقة في أعماق الذات والوجود.



    ووفق ما جاء في الغلاف الخلفي للمجموعة، الصادرة مؤخرا عن دار مرفأ للنشر والتوزيع (بيروت – إسطنبول)، فإنه “في قصص مجموعة ‘الرحلة إلى جبل قاف’ ينجح الكاتب محمد سعيد احجيوج في تقديم تجربة سردية متفردة، تتميز بفيض من التجريب والتجاوز للمألوف والانفتاح على المجهول. وهي تجربة لا تكتفي بالإمتاع الفني والفكري فقط، بل تخاطب هواجس الإنسان المعاصر ومعاناته في عالم بالغ التعقيد والتشظي، حيث تبدو معالم الذات والحقيقة غائمة ومراوغة”.

    ويضيف الناشر “عبر تسعة نصوص متنوعة، تسير على خط رفيع بين القص التقليدي والحداثي، يأخذنا احجيوج إلى فضاءات سردية غير مطروقة، يلتبس فيها الواقع بالحلم والفانتازيا، وتتداخل فيها الهويات والأصوات والأزمنة، مستلهما التراث العربي بذكاء واقتدار، ومتحاورا مع نصوص إنسانية كبرى، في تناص خلاق يثري النصوص ويعمق من أبعادها”.

    ويواصل “لعل ما يميز هذه المجموعة، أكثر من أي شيء آخر، هو قدرتها الفائقة على المراوغة، وخلخلة كل يقين، ورفض الاستقرار على معنى نهائي يطمئن إليه القارئ، تماما كما هو حال الذات الإنسانية في رحلة بحثها المضنية عن هويتها في زمن متشظ. هكذا تغدو كتابة احجيوج ذاتها، في أعلى تجلياتها، معادلا فنيا لأزمة الإنسان المعاصر وضياعه، كما لقلقه الوجودي العميق، في عالم يكاد ينفلت من كل منطق ومعقولية، عالم لا تبدو فيه الحقائق إلا سرابا أو وهما”.

    يُذكر أن محمد سعيد احجيوج كاتب مغربي يجمع بين أساليب السرد التقليدية والرؤى المعاصرة، مع تعمق في الفلسفة وعلم النفس. بدأت رحلته الأدبية مع روايته الأولى “كافكا في طنجة” التي حظيت باهتمام دولي وتُرجمت إلى الإنجليزية واليونانية مع مقتطفات إلى الإيطالية والعبرية. تلتها رواية “أحجية إدمون عمران المالح”، التي تأهلت إلى القائمة القصيرة لجائزة غسان كنفاني للرواية العربية عام 2022. في عام 2022 صدرت روايته “ليل طنجة” التي سبق أن فازت بجائزة إسماعيل فهد إسماعيل للرواية القصيرة عام 2019. كما أصدر “متاهة الأوهام” و”كهف الألواح”.
يعمل...
X