بوبو (مسعود)
Popo (Masoud-) - Popo (Masoud-)
بوبو (مسعود)
(1938 ـ 1999م)
مسعود بوبو أديب ولغوي وباحث، وأستاذ جامعي. ولد في قرية «المزرعة» منطقة «البسيط» لأبوين فقيرين يتدبران رزق أسرتهما يوماً بيوم، وبعد عام من ولادته انتقلت الأسرة إلى قرية «بيت الشيخ ويلي»، ولما توفي والده عام 1940م، مخلفاً وراءه أرملة وستة أطفال، طلب «الآغا» من الأم أن ترحل بأطفالها عن أرضه، فتوجّهت بهم إلى قرية «وادي الرميم»، ودفعت بهم إلى العمل في أملاك الموسرين. وبعد ثلاثة أعوام استقرت الأسرة في قرية «ماخوس» قرابة عشر سنوات، قضى طرفاً يسيراً منها في بيت خاله في قرية «حبشكه». ولم تلبث الأسرة أن انتقلت إلى قرية صغيرة واقعة على القمة الغربية من قمم «بللوران» هي قرية «قنديل جوك» المكلّلة بأشجار الصنوبر. وفي هذه القرية بدأ مسعود يرعى بعض الأغنام لقاء أجر زهيد وتحفيظه أجزاء من القرآن الكريم. ثم التحق بمدرسة «مشقيتا»، فأظهر تفوقاً ملحوظاً دفع مدير المدرسة إلى ترفيعه في نهاية العام إلى الصف الرابع.
وفي عام 1951م نال الشهادة الابتدائية، ونزحت الأسرة بعدها لتستقر في مدينة اللاذقية، فتوزع الأبناء بين الجيش والمهن الحرة، والتحق مسعود بثانوية التجهيز (جول جّمال حالياً) يستكمل دراسته الإعدادية. وبدأت مداركه تتسع بالتعرف على مجتمع المدينة، وبالاتصال بكثير من الأصدقاء الجدد، وكانت اللاذقية حينئذٍ تمور بالعمل السياسي ونشاط الأحزاب، فانتسب إلى «حزب البعث العربي الاشتراكي»، ومضى يشارك رفاقه في مظاهرات الطلبة ونضال الحزب عامة. وبعد حصوله على الشهادة الإعدادية تطوع في الجيش. وإبّان خدمته العسكرية حصل على شهادة الدراسة الثانوية سنة 1963م، فاستقال من الجيش والتحق بقسم اللغة العربية في جامعة دمشق، ومضى يجمع بين الدراسة والعمل في التعليم مؤقتاً والعمل الحزبي حتى حصل على الإجازة الجامعية عام 1967م، فعين مديراً لإعدادية الحرس القومي في قرية «القنجرة» مدة قصيرة، ثم عُيّن مدرساً في ثانويات اللاذقية ومديراً لإعدادية «الحرس القومي» في اللاذقية، وفي نهاية عام 1969 عُيّن معيداً في قسم اللغة بجامعة دمشق، فقضى فيه سنة دراسية، ثم أوفد إلى فرنسة للحصول على الدكتوراه، فقضى فيها سنة، ثم حوّل إيفاده إلى جامعة الاسكندرية في جمهورية مصر العربية، وفي هذا الوقت تخلى عن العمل السياسي وانصرف انصرافاً كاملاً إلى طلب العلم وتحصيله. وبعد حصوله على الدكتوراه في علوم اللغة العربية عام 1980م عين مدرساً في قسم اللغة العربية بجامعة دمشق، وبعد ثلاثة أعوام أعير إلى جامعة صنعاء فقضى فيها أربعة أعوام دراسية. وعاد بعد انتهاء إعارته إلى جامعة دمشق يواصل نشاطه العلمي، ويشارك في الأنشطة الثقافية المختلفة. درّس في جامعتي صنعاء ودمشق ثلاثة عشر عاماً رقي بعد الخمس الأولى منها إلى رتبة أستاذ مساعد 1985م، وبعد الخمس التي تلتها إلى رتبة أستاذ 1990م. وفي عام 1993م عيّن رئيساً لقسم اللغة العربية مدة وجيزة، عُين بعدها مديراً عاماً مساعداً لهيئة الموسوعة العربية، وفي عام 1997 أصبح مديراً عاماً لها. وفي العام نفسه صدر مرسوم جمهوري بتعيينه عضواً عاملاً في مجمع اللغة العربية بناء على انتخاب مجلس المجمع له ليخلف أستاذه الراحل أحمد راتب النّفاخ.
لقد كان إيمانه بالقومية العربية إيماناً راسخاً لا تزعزعه الهزائم والانكسارات، وكان هذا الإيمان مقروناً بإيمان آخر يضارعه قوة ورسوخاً هو إيمانه بالمحتوى الاجتماعي التقدمي لهذه القومية. لقد ترك صفوف الحزب، ولكن مبادئه ظلّت حيّة راسخة في ضميره وقلبه وعقله، فمضى يجاهد لعلّه يستطيع أن يحقق بالثقافة ما عجز عن تحقيقه بالسياسة. كان يقضي وجه نهاره في الموسوعة والمجمع والكلية، فإذا انتهى من ذلك انقلب إلى منزله يستأنف القراءة والعمل. لقد رزق قدرة فائقة على ضبط الوقت وتوظيفه، كما رزق حبّ القراءة وموهبة الكتابة حتى ليكاد المرء يظن أن هذه الأمور جميعاً كانت طبيعة مركوزة في نفسه لا سبيل إلى التحرر منها أو تغييرها. فقد كان الأستاذ بكلية الآداب والمدير العام لهيئة الموسوعة، وعضو مجمع اللغة العربية، وعضو اتحاد الكتاب، والمشارك مشاركة واسعة في ميدان الثقافة العامة، واستطاع أن يلبي متطلبات هذه المهام جميعاً لا يكاد يخرم منها شيئاً. لقد أشرف مسعود بوبو على عدد كبير من الرسائل العلمية، وناقش عشرات منها، وخصّ الإذاعة بطرف من وقته، فكان يقدّم على امتداد الأشهر الطوال زاوية لغوية يومية عنوانها «لسان العرب». وشارك في ندوات تلفزيونية وإذاعية شتى حول اللغة العربية وهمومها ومشاكلها، كما شارك في عدد من مؤتمرات «النقد الأدبي» ومؤتمرات «التعريب». وكان عضو لجنة قراءة «المخطوطات» ولجنة «البحوث والدراسات» في «اتحاد الكتاب العرب». وقد أهلته قراءاته الواسعة، ومواهبه ونشاطه المتواصل أن يبرّز في فنون من القول، فكتب عشرات المقالات والخواطر وأمثالها في الدوريات والصحف بأسلوب تصويري، وأداء رشيق، ولغة شاعرية، وكتب البحوث النفسية في المجال اللغوي، وكتب عدداً من البحوث العلمية الرصينة المطولة في الدراسات اللغوية التاريخية، ولعل أبرزها سلسلة بحوثه في «تاريخ اللغة العربية». له من المؤلفات «أثر الدخيل على العربية الفصحى في عصر الاحتجاج»، و«في فقه اللغة العربية»، و«أبحاث في اللغة والأدب» و«الصوت والصدى».
توفي في شهر أيلول إثر مرض عضال، وشيع في موكب مهيب ودفن في اللاذقية.
وهب رومية
للوفاء والذكرى ـ كتاب أصدرته هيئة الموسوعة العربية.
Popo (Masoud-) - Popo (Masoud-)
بوبو (مسعود)
(1938 ـ 1999م)
مسعود بوبو أديب ولغوي وباحث، وأستاذ جامعي. ولد في قرية «المزرعة» منطقة «البسيط» لأبوين فقيرين يتدبران رزق أسرتهما يوماً بيوم، وبعد عام من ولادته انتقلت الأسرة إلى قرية «بيت الشيخ ويلي»، ولما توفي والده عام 1940م، مخلفاً وراءه أرملة وستة أطفال، طلب «الآغا» من الأم أن ترحل بأطفالها عن أرضه، فتوجّهت بهم إلى قرية «وادي الرميم»، ودفعت بهم إلى العمل في أملاك الموسرين. وبعد ثلاثة أعوام استقرت الأسرة في قرية «ماخوس» قرابة عشر سنوات، قضى طرفاً يسيراً منها في بيت خاله في قرية «حبشكه». ولم تلبث الأسرة أن انتقلت إلى قرية صغيرة واقعة على القمة الغربية من قمم «بللوران» هي قرية «قنديل جوك» المكلّلة بأشجار الصنوبر. وفي هذه القرية بدأ مسعود يرعى بعض الأغنام لقاء أجر زهيد وتحفيظه أجزاء من القرآن الكريم. ثم التحق بمدرسة «مشقيتا»، فأظهر تفوقاً ملحوظاً دفع مدير المدرسة إلى ترفيعه في نهاية العام إلى الصف الرابع.
لقد كان إيمانه بالقومية العربية إيماناً راسخاً لا تزعزعه الهزائم والانكسارات، وكان هذا الإيمان مقروناً بإيمان آخر يضارعه قوة ورسوخاً هو إيمانه بالمحتوى الاجتماعي التقدمي لهذه القومية. لقد ترك صفوف الحزب، ولكن مبادئه ظلّت حيّة راسخة في ضميره وقلبه وعقله، فمضى يجاهد لعلّه يستطيع أن يحقق بالثقافة ما عجز عن تحقيقه بالسياسة. كان يقضي وجه نهاره في الموسوعة والمجمع والكلية، فإذا انتهى من ذلك انقلب إلى منزله يستأنف القراءة والعمل. لقد رزق قدرة فائقة على ضبط الوقت وتوظيفه، كما رزق حبّ القراءة وموهبة الكتابة حتى ليكاد المرء يظن أن هذه الأمور جميعاً كانت طبيعة مركوزة في نفسه لا سبيل إلى التحرر منها أو تغييرها. فقد كان الأستاذ بكلية الآداب والمدير العام لهيئة الموسوعة، وعضو مجمع اللغة العربية، وعضو اتحاد الكتاب، والمشارك مشاركة واسعة في ميدان الثقافة العامة، واستطاع أن يلبي متطلبات هذه المهام جميعاً لا يكاد يخرم منها شيئاً. لقد أشرف مسعود بوبو على عدد كبير من الرسائل العلمية، وناقش عشرات منها، وخصّ الإذاعة بطرف من وقته، فكان يقدّم على امتداد الأشهر الطوال زاوية لغوية يومية عنوانها «لسان العرب». وشارك في ندوات تلفزيونية وإذاعية شتى حول اللغة العربية وهمومها ومشاكلها، كما شارك في عدد من مؤتمرات «النقد الأدبي» ومؤتمرات «التعريب». وكان عضو لجنة قراءة «المخطوطات» ولجنة «البحوث والدراسات» في «اتحاد الكتاب العرب». وقد أهلته قراءاته الواسعة، ومواهبه ونشاطه المتواصل أن يبرّز في فنون من القول، فكتب عشرات المقالات والخواطر وأمثالها في الدوريات والصحف بأسلوب تصويري، وأداء رشيق، ولغة شاعرية، وكتب البحوث النفسية في المجال اللغوي، وكتب عدداً من البحوث العلمية الرصينة المطولة في الدراسات اللغوية التاريخية، ولعل أبرزها سلسلة بحوثه في «تاريخ اللغة العربية». له من المؤلفات «أثر الدخيل على العربية الفصحى في عصر الاحتجاج»، و«في فقه اللغة العربية»، و«أبحاث في اللغة والأدب» و«الصوت والصدى».
توفي في شهر أيلول إثر مرض عضال، وشيع في موكب مهيب ودفن في اللاذقية.
وهب رومية
مراجع للاستزادة: |