علاج جيني لسمنة الأطفال يُخفف التهاب المفاصل
نُشر: 18:08-24 أكتوبر 2024 م ـ 21 ربيع الثاني 1446 هـ
TT
20
كشفت أحدث دراسة ناقشت التأثير الخطير للسمنة على صحة الأطفال عن الدور المهم للعلاج الجيني، في تقليل خطر الإصابة بمشكلات صحية أخرى مرتبطة بزيادة الوزن، خصوصاً التهاب المفاصل «arthritis»، وذلك من خلال استخدام طريقة جديدة لتحويل الأحماض الدهنية الضارة إلى أحماض دهنية مفيدة.
ونُشرت الدراسة في مجلة «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم» (Proceedings of the National Academy of Sciences) في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الاول) من العام الحالي، لباحثين من مستشفى «شراينرز للأطفال» بسانت لويس (Shriners Children's St. Louis) بالولايات المتحدة.
مخاطر السمنة الصحية
أوضح الباحثون أن خط العلاج الأول في التهاب المفاصل هو الحماية من زيادة الوزن، لأن ثقل الجسم يضغط على المفاصل ويساعد في تفاقم الالتهاب. ولذلك قام الفريق البحثي على مدار 4 سنوات بمحاولة إيجاد طريقة لمنع آثار السمنة على الأطفال.
وتبعاً لـ«مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأميركية» (CDC) فإن ما يقرب من 20 في المائة من الأطفال يعانون من السمنة ومضاعفاتها الخطيرة، بما في ذلك التهاب المفاصل وأمراض القلب ومرض السكري من النوع الثاني، واضطرابات الطعام والسكتة الدماغية بجانب آثارها السلبية على الصحة النفسية.
وقال الباحثون إن نوعية الطعام وليست فقط كميته هي التي تؤثر بالسلب على صحة الجسم. كما أن طبيعة النظام الغذائي للطفل يمكن أن تمثل ضرراً بالغاً عليه، إذ تلعب نوعية الأحماض الدهنية التي يستهلكها الأطفال دوراً مهماً في زيادة الوزن بغض النظر عن كميات الطعام ما يفسر سر سمنة بعض الأطفال الذين لا يتناولون كميات كبيرة من الطعام، أو الذين يتناولون وجبة واحدة فقط.
وتعتمد التقنية الجديدة التي تم استخدامها في فئران التجارب، على العلاج الجيني عن طريق استخدام فيروس غير نشط (adeno-associated virus) يقوم بتوصيل الجين لإنزيم معين في خلايا الجسم، ويقوم بتحويل أحماض «أوميغا 6» الدهنية (التي تلعب دوراً مهماً في الالتهاب) إلى أحماض دهنية جيدة «أوميغا 3» بشكل تلقائي مما يساعد في حماية الجسم من الالتهابات ويقوي مناعته.
وأوضح العلماء أن تناول الأطعمة التي تحتوي على أحماض «الأوميغا 6» بشكل طبيعي لا يؤثر على الصحة، ولكن الإفراط في تناولها يمنع «الأوميغا 3» من العمل. وفي الأغلب توجد «الأوميغا 6» بنسب كبيرة جداً في الزيوت النباتية مثل زيت الذرة وزيت عباد الشمس. وتدخل هذه الزيوت في تصنيع معظم الأطعمة الجاهزة والأطعمة المقلية والحلويات المصنعة، وتؤدي إلى تفاقم الالتهاب بشكل عام والتهاب المفاصل بشكل خاص. ولذلك من الضروري حفظ التوازن بين أحماض «أوميغا 6» الدهنية وأحماض «أوميغا 3» الجيدة لصحة الجسم. ولكن نظراً لانتشار الثقافة الغذائية الخاطئة التي تعتمد على الوجبات السريعة والأغذية غير الصحية يحدث الخلل في التوازن مما يؤدي إلى التهاب المفاصل.
العلاج الجيني قلل الالتهابات
وقال الباحثون إن العلاج الجيني تمكن من خفض عدد الخلايا المسؤولة عن الالتهابات، وبشكل خاص خفض نوعاً معيناً من التهاب المفاصل يُطلق عليه (التهاب مفاصل ما بعد الصدمات - post-traumatic arthritis). وهذا النوع شائع جداً بين الأطفال نتيجة لكثرة التصادم بسبب اللعب والمشاجرات والتدافع.
ويحدث في الأغلب بمفصل الركبة ويسبب تمزقاً في نسيج الغضروف المفصلي، ويسبب ألماً شديداً للطفل وتورماً في المفصل وعدم القدرة على الحركة، وفي بعض الأحيان النادرة على المدى الطويل يمكن أن يحدث تيبس في المفصل.
ووجد الفريق البحثي أن حقنة واحدة من العلاج الجيني في فئران التجارب قللت بشكل كبير من آثار النظام الغذائي الغني بالدهون و«الأوميغا 6» على صحة الجسم بشكل عام والتهاب المفاصل في الركبة بشكل خاص. وكان من المثير للاهتمام اكتشاف أن السمنة الناتجة عن النظام الغذائي تؤدي إلى ما يمكن اعتباره شيخوخة مبكرة لمفصل الركبة ما يؤدي إلى خشونتها وفقدان مرونتها.
كما لاحظوا أيضاً أن المفاصل في الفئران تعافت بشكل سريع جداً. وتبعاً للدراسة تزيد السمنة من التغيرات التي تحدث في مفاصل الركبة، وتؤدي إلى عجزها المبكر كلما كان العمر صغيراً ما يوضح ضرورة علاج السمنة مبكراً حتى يمكن تجنب هذه المخاطر.
20 % من الأطفال يعانون من السمنة ومضاعفاتها الخطيرة
تحويل الدهون السيئة إلى مفيدة
أكد العلماء أن الميزة الأكبر في العلاج الجيني الذي تم تطويره هي أنه يعمل في الجسم بشكل تلقائي بدون أدوية مكملة، أو أي إجراءات أخرى على تحويل أحماض «أوميغا 6» إلى أحماض «أوميغا 3» ما يحوّل الدهون السيئة إلى دهون جيدة، ويعمل على إعادة التوازن بينهما، ما يجعله مثالياً في حالة استخدامه على الأطفال، خصوصاً صغار السن، لأنه لا يحتاج إلى احتياطات خاصة، أو طريقة معينة لتناوله بترتيب زمني معين بعكس معظم العلاجات التي تعتمد بشكل أساسي على النظم الغذائية والرياضة والأدوية.
نصح الباحثون بضرورة تناول كميات كافية من «الأوميغا 3» في الجسم، لأنه يزيد من مستويات الدهون عالية الكثافة (الجيدة) لإعادة التوازن بينه وبين «أوميغا 6» عن طريق الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة منه مثل زيت الزيتون والمكسرات والأسماك الدهنية مثل التونة والسلمون، نظراً لدوره الكبير في حماية الجسم من الالتهابات ورفع المناعة وزيادة حساسية الإنسولين، والحماية من الإصابة بأمراض القلب وتقوية الذاكرة.
وقال الباحثون إن نتائج هذه الدراسة مهمة جداً وتعطي أملاً كبيراً في حماية ملايين الأطفال من مضاعفات السمنة، وبشكل خاص التهاب المفاصل في المستقبل القريب مع بدء التجارب السريرية على الأطفال.
- القاهرة: د. هاني رمزي عوض
نُشر: 18:08-24 أكتوبر 2024 م ـ 21 ربيع الثاني 1446 هـ
TT
20
كشفت أحدث دراسة ناقشت التأثير الخطير للسمنة على صحة الأطفال عن الدور المهم للعلاج الجيني، في تقليل خطر الإصابة بمشكلات صحية أخرى مرتبطة بزيادة الوزن، خصوصاً التهاب المفاصل «arthritis»، وذلك من خلال استخدام طريقة جديدة لتحويل الأحماض الدهنية الضارة إلى أحماض دهنية مفيدة.
ونُشرت الدراسة في مجلة «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم» (Proceedings of the National Academy of Sciences) في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الاول) من العام الحالي، لباحثين من مستشفى «شراينرز للأطفال» بسانت لويس (Shriners Children's St. Louis) بالولايات المتحدة.
مخاطر السمنة الصحية
أوضح الباحثون أن خط العلاج الأول في التهاب المفاصل هو الحماية من زيادة الوزن، لأن ثقل الجسم يضغط على المفاصل ويساعد في تفاقم الالتهاب. ولذلك قام الفريق البحثي على مدار 4 سنوات بمحاولة إيجاد طريقة لمنع آثار السمنة على الأطفال.
وتبعاً لـ«مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأميركية» (CDC) فإن ما يقرب من 20 في المائة من الأطفال يعانون من السمنة ومضاعفاتها الخطيرة، بما في ذلك التهاب المفاصل وأمراض القلب ومرض السكري من النوع الثاني، واضطرابات الطعام والسكتة الدماغية بجانب آثارها السلبية على الصحة النفسية.
وقال الباحثون إن نوعية الطعام وليست فقط كميته هي التي تؤثر بالسلب على صحة الجسم. كما أن طبيعة النظام الغذائي للطفل يمكن أن تمثل ضرراً بالغاً عليه، إذ تلعب نوعية الأحماض الدهنية التي يستهلكها الأطفال دوراً مهماً في زيادة الوزن بغض النظر عن كميات الطعام ما يفسر سر سمنة بعض الأطفال الذين لا يتناولون كميات كبيرة من الطعام، أو الذين يتناولون وجبة واحدة فقط.
وتعتمد التقنية الجديدة التي تم استخدامها في فئران التجارب، على العلاج الجيني عن طريق استخدام فيروس غير نشط (adeno-associated virus) يقوم بتوصيل الجين لإنزيم معين في خلايا الجسم، ويقوم بتحويل أحماض «أوميغا 6» الدهنية (التي تلعب دوراً مهماً في الالتهاب) إلى أحماض دهنية جيدة «أوميغا 3» بشكل تلقائي مما يساعد في حماية الجسم من الالتهابات ويقوي مناعته.
وأوضح العلماء أن تناول الأطعمة التي تحتوي على أحماض «الأوميغا 6» بشكل طبيعي لا يؤثر على الصحة، ولكن الإفراط في تناولها يمنع «الأوميغا 3» من العمل. وفي الأغلب توجد «الأوميغا 6» بنسب كبيرة جداً في الزيوت النباتية مثل زيت الذرة وزيت عباد الشمس. وتدخل هذه الزيوت في تصنيع معظم الأطعمة الجاهزة والأطعمة المقلية والحلويات المصنعة، وتؤدي إلى تفاقم الالتهاب بشكل عام والتهاب المفاصل بشكل خاص. ولذلك من الضروري حفظ التوازن بين أحماض «أوميغا 6» الدهنية وأحماض «أوميغا 3» الجيدة لصحة الجسم. ولكن نظراً لانتشار الثقافة الغذائية الخاطئة التي تعتمد على الوجبات السريعة والأغذية غير الصحية يحدث الخلل في التوازن مما يؤدي إلى التهاب المفاصل.
العلاج الجيني قلل الالتهابات
وقال الباحثون إن العلاج الجيني تمكن من خفض عدد الخلايا المسؤولة عن الالتهابات، وبشكل خاص خفض نوعاً معيناً من التهاب المفاصل يُطلق عليه (التهاب مفاصل ما بعد الصدمات - post-traumatic arthritis). وهذا النوع شائع جداً بين الأطفال نتيجة لكثرة التصادم بسبب اللعب والمشاجرات والتدافع.
ويحدث في الأغلب بمفصل الركبة ويسبب تمزقاً في نسيج الغضروف المفصلي، ويسبب ألماً شديداً للطفل وتورماً في المفصل وعدم القدرة على الحركة، وفي بعض الأحيان النادرة على المدى الطويل يمكن أن يحدث تيبس في المفصل.
ووجد الفريق البحثي أن حقنة واحدة من العلاج الجيني في فئران التجارب قللت بشكل كبير من آثار النظام الغذائي الغني بالدهون و«الأوميغا 6» على صحة الجسم بشكل عام والتهاب المفاصل في الركبة بشكل خاص. وكان من المثير للاهتمام اكتشاف أن السمنة الناتجة عن النظام الغذائي تؤدي إلى ما يمكن اعتباره شيخوخة مبكرة لمفصل الركبة ما يؤدي إلى خشونتها وفقدان مرونتها.
كما لاحظوا أيضاً أن المفاصل في الفئران تعافت بشكل سريع جداً. وتبعاً للدراسة تزيد السمنة من التغيرات التي تحدث في مفاصل الركبة، وتؤدي إلى عجزها المبكر كلما كان العمر صغيراً ما يوضح ضرورة علاج السمنة مبكراً حتى يمكن تجنب هذه المخاطر.
20 % من الأطفال يعانون من السمنة ومضاعفاتها الخطيرة
تحويل الدهون السيئة إلى مفيدة
أكد العلماء أن الميزة الأكبر في العلاج الجيني الذي تم تطويره هي أنه يعمل في الجسم بشكل تلقائي بدون أدوية مكملة، أو أي إجراءات أخرى على تحويل أحماض «أوميغا 6» إلى أحماض «أوميغا 3» ما يحوّل الدهون السيئة إلى دهون جيدة، ويعمل على إعادة التوازن بينهما، ما يجعله مثالياً في حالة استخدامه على الأطفال، خصوصاً صغار السن، لأنه لا يحتاج إلى احتياطات خاصة، أو طريقة معينة لتناوله بترتيب زمني معين بعكس معظم العلاجات التي تعتمد بشكل أساسي على النظم الغذائية والرياضة والأدوية.
نصح الباحثون بضرورة تناول كميات كافية من «الأوميغا 3» في الجسم، لأنه يزيد من مستويات الدهون عالية الكثافة (الجيدة) لإعادة التوازن بينه وبين «أوميغا 6» عن طريق الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة منه مثل زيت الزيتون والمكسرات والأسماك الدهنية مثل التونة والسلمون، نظراً لدوره الكبير في حماية الجسم من الالتهابات ورفع المناعة وزيادة حساسية الإنسولين، والحماية من الإصابة بأمراض القلب وتقوية الذاكرة.
وقال الباحثون إن نتائج هذه الدراسة مهمة جداً وتعطي أملاً كبيراً في حماية ملايين الأطفال من مضاعفات السمنة، وبشكل خاص التهاب المفاصل في المستقبل القريب مع بدء التجارب السريرية على الأطفال.